عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 فبراير 2011

هــل الأمير هشـــام ضد الملك محمد الســـادس؟‮!


الأمير هشام مدافع شرس عن العرش العلوي‮. ‬ولم‮ ‬يعلن مطلقا وإلى الآن،‮ ‬كما لم‮ ‬يدع بوضوح إلى‮ "‬الملكية البرلمانية‮". ‬مقالاته الأكاديمية ترمي‮ ‬ببعض الظلال،‮ ‬وبآفاق تميزه عن‮ ‬غيره،‮ ‬والملك محمد السادس نفسه أعلن في‮ ‬وقت سابق أن نموذجه هو إسبانيا قبل توليه العرش لتمييزه عن أبيه‮ (‬المرحوم الحسن الثاني‮).‬
مولاي‮ ‬هشام لن‮ ‬يوضح مواقفه لأكثر من سبب‮ : ‬
أولا‮ ‬ إعلان محمد السادس عن تبني‮ ‬الملكية البرلمانية نهاية أي‮ ‬حلم ولو قليل لمولاي‮ ‬هشام وإلى الأبد‮.‬
ثانيا‮ ‬ مولاي‮ ‬هشام‮ ‬يدافع كمحمد السادس عن الملكية الدستورية ؛ من جهة،‮ ‬لأنها تظهر أن الأمير‮ ‬يدافع عن ابن عمه،‮ ‬وأن لا طموح له في‮ ‬العرش،‮ ‬وهكذا‮ ‬يحافظ على الحد الأدنى من علاقته مع أسرته الحاكمة،‮ ‬وعلى استقرار العرش‮. ‬ومن جهة أخرى،‮ ‬لا‮ ‬يرفع السقف حاليا حتى‮ ‬يتمكن من إعطاء شيء مختلف في‮ ‬أي‮ ‬فترة انتقالية‮.‬
مولاي‮ ‬هشام لطبيعته الأكاديمية ونشاطاته في‮ ‬الأمم المتحدة مهووس بإدارة الفترات الانتقالية،‮ ‬ويضع نفسه‮ ‬ نظريا‮ ‬ رجل هذه المرحلة كلما لاح بريقها في‮ ‬وطنه،‮ ‬مدافعاً‮ ‬بشراسة ليبقى العرش العلوي‮ ‬في‮ ‬مكانه،‮ ‬وهذه معركته الوجودية إلى جانب كل الأمراء،‮ ‬ومعركته السياسية تظهر في‮ ‬كل مفترق‮ ‬يمكن أن‮ ‬يشكل مرحلة انتقالية،‮ ‬حينها‮ ‬يؤكد على وجوده واستعداده ليكون‮ "‬عراب الانتقال‮" ‬إلى جانب بن عمه أو أي‮ ‬طرف‮ ‬يقود هذا الانتقال‮.‬

مولاي‮ ‬هشام ليس خطرا أمنيا،‮ ‬لأنه ليس قريبا من الجيش ولا من التنظيم المليوني‮ : ‬العدل والإحسان

بإجماع المحللين الأمنيين‮ ‬ الغربيين تحديداً‮ ‬ ليس الأمير هشام قريبا من الجيش،‮ ‬لكن تحالف الجيش إلى جانب الشعب في‮ ‬ثورتي‮ ‬تونس ومصر،‮ ‬وبضغط شديد من أمريكا كشف عن إمكانية جديدة تدعو إلى إسقاط النظام،‮ ‬فطار مبارك وبن علي‮ ‬وبقي‮ ‬جزء آخر من النظام تحت حماية الجيوش لقيادة المرحلة الانتقالية،‮ ‬لقد ظهر في‮ ‬البلد ما‮ ‬يدعو إلى‮ (‬غياب القائد‮) ‬والبرنامج السياسي‮ ‬أو القدرة على تحمل مسؤولية المجتمع بعد ذهاب الرئيس‮.‬
الضغط الأمريكي‮ ‬لوضع الجيش إلى جانب الشعب وخروج القائد في‮ ‬نهاية المعركة من الحكم،‮ ‬تطور‮ ‬يفرض من جهة أخرى التساؤل عن قدرة الشعب عبر شبابه وعبر تنظيماته المليونية من النزول إلى الشارع والدعوة إلى نفس الشعار‮ (‬الشعب‮ ‬يريد إسقاط النظام‮). ‬التساؤل مشروع،‮ ‬والقياس معلوم‮ : ‬الإخوان المسلمون لم‮ ‬يؤمنوا بالعنف كالعدل والإحسان في‮ ‬المغرب،‮ ‬والمشاركة والنزول إلى الشارع خيار استراتيجي‮ ‬للتغيير في‮ ‬نظر عبد السلام‮ ‬ياسين تحت عنوان‮ (‬القومة‮)‬،‮ ‬وما وقع في‮ ‬تونس‮ (‬حركة بطولية لشعب عظيم‮) ‬ونموذج‮ ‬يحتذى،‮ ‬بتعبير الأمير‮.‬
يضع هشام بن عبد الله العلوي‮ ‬حركة الشعب‮ (‬السلمية والقوية‮) ‬لإسقاط الديكتاتوريات أهم من أي‮ ‬شيء آخر،‮ ‬فهو لم‮ ‬يذكر تعاون الجيش،‮ ‬بل جعل أمريكا ضد الثورات الديمقراطية الجديدة‮. ‬وهذا‮ ‬يشكل أحد أمرين‮ : ‬قصور في‮ ‬النظرة الاستراتيجية،‮ ‬أو محاولة إخفاء ما وقع في‮ ‬مصر ودافع عنه أوباما‮.‬
إبعاد واشنطن عن كل ما جرى مقصود كي‮ ‬تتشجع الشعوب على صنع مصيرها من خلال الشارع‮.‬
هذه اللحظة البطولية للشعوب من أجل التغيير لا‮ ‬يمارس فيها الإسلاميون أي‮ ‬هيمنة‮ ‬،‮ ‬ودخول الإسلاميين المعتدلين إلى اللعبة الديمقراطية‮ ‬يزيد من تهميش الإسلاميين الجذريين‮.‬
حزب النهضة‮ (‬في‮ ‬تونس‮) ‬والإخوان المسلمون‮ (‬في‮ ‬مصر‮) ‬لن‮ ‬يترشحوا إلى الانتخابات الرئاسية وهذا التقدير‮ ‬يجعل كل الإسلاميين على نفس الطريق‮.‬
الإسلاميون‮ ‬يدركون الأحجام الداخلية للتغيير ويعلمون‮ "‬متطلبات المرحلة‮"‬،‮ ‬وقرارهم العقلاني‮ ‬وتموقعهم في‮ ‬الفترة الانتقالية ذكي‮ ‬إلى حد بعيد،‮ ‬لأن الطريق إلى البرلمان في‮ ‬المرحلة الأولى تأهيل لهم لمرحلة أخرى‮.‬
سقوط الديكتاتوريات سقوط لعائلات حاكمة أرادت أن ترث الرئاسة ضد قواعد النظام الجمهوري،‮ ‬فليلى الطرابلسي‮ ‬وجمال مبارك أفسدا اللعبة،‮ ‬والعملية في‮ ‬مجملها رفض لسيطرة العائلة على النظام‮.‬
تواجد شبكة قوية مؤسسة على السرقة والرشوة،‮ ‬وأسرة أرادت أن تسيطر على النظام خاصيتان خطيرتان دفعتا إلى إفلاس نظامي‮ ‬بن علي‮ ‬ومبارك،‮ ‬وتجمعان النظام الجمهوري‮ ‬والملكي،‮ ‬لكن شبكة المغرب حسب الأمير مختلفة لأنها‮ (‬شبكة أكثر توسعاً‮ ‬وتعقيداً‮).‬
مولاي‮ ‬هشام لا‮ ‬يبشر بمرحلة ملكية أخرى‮ ‬يزايد بها عن بن عمه،‮ ‬لكنه‮ ‬يضع نفسه جندياً‮ ‬للعرش لإدارة مرحلة انتقالية لحماية النظام الملكي‮ ‬في‮ ‬المغرب‮.‬
أمير‮ ‬ينطلق من نفس ما هو موجود‮ (‬الملكية الدستورية‮) ‬لكن هل الدستور المقبول من الأمير ممنوح أو منطلق من لجنة تأسيسية‮. ‬هذه الإجابة تفرضها المرحلة الانتقالية وليس الظروف الطبيعية التي‮ ‬لا‮ ‬يمثل فيها سوى أمير منتسب إلى الأسرة‮.‬
مولاي‮ ‬هشام عراب الانتقال أو رجل المرحلة الانتقالية مهما تكن،‮ ‬ولن‮ ‬يسلِّمَ‮ ‬شيئاً‮ ‬إلا إن اضطرته الظروف وبقسوة لفعل ذلك‮.‬
أمير لا‮ ‬يمارس الدعاية،‮ ‬ولا‮ ‬يزايد ولا‮ ‬يزيد عن ملكه ويضع نفسه بوضوح ومن‮ ‬غير التباس عجلة احتياط في‮ ‬سيارة الملكية،‮ ‬من جانب،‮ ‬يخاف ظهور الأسرة الملكية أقوى من النظام الملكي،‮ ‬ويخاف من جانب آخر نفوذ أي‮ ‬شبكة تضع الأسرة الحاكمة رهينة لها،‮ ‬والعاملان أسقطا مبارك وبن علي‮.‬

الأمير‮ ‬يخاف على عرش أجداده
الانتفاضات الجديدة‮ ‬في‮ ‬تونس ومصر تدعو إلى‮ "‬إسقاط النظام‮" ‬والجيوش تستجيب،‮ ‬والتخوف من اتجاه المطالب إلى الكثير من التجذير والراديكالية،‮ ‬لذلك على النظام أن‮ ‬يسلم جزءاً‮ ‬من سلطاته للشعب للحفاظ على نفسه وطابعه‮ ‬ حسب وصفة الأمير‮ -‬
الإحساس بتطور المراحل في‮ ‬علاقة العرش والشعب‮ (‬الموثوقة‮) ‬هو الجزء القادر على صناعة التحول المشترك‮. ‬لا‮ ‬يهم تحت أي‮ ‬مسمى‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعلن فيه الملك التخلي‮ ‬عن بعض صلاحياته لصالح‮  ‬مؤسسات أخرى‮.‬
المتفق عليه من تحت الحجاب أن الملكية الدستورية‮ ‬يمكن أن تستوعب تقسيماً‮ ‬جديداً‮ ‬للسلطات دون استدعاء الملكية البرلمانية‮.‬
من وجهة النظر الأخرى،‮ ‬التطورات سريعة إلى حد بعيد بعد ثورتي‮ ‬تونس ومصر وأجيال الانترنت،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن استيعاب كل هذه المطالب دون جدولة نهائية لانتقال المغرب إلى الملكية البرلمانية،‮ ‬خصوصاً‮ ‬إن نجح المثال التونسي‮ ‬والمصري‮ ‬في‮ ‬اجتراح نموذج ديمقراطي‮ "‬حقيقي‮" ‬على الأرض وفي‮ ‬المنطقة‮.‬
مولاي‮ ‬هشام لم‮ ‬يتمكن من التحالف مع الداعين إلى الملكية البرلمانية مثل الساسي،‮ ‬ولم‮ ‬يرغب في‮ ‬التحالف مع اليوسفي‮ ‬لتطور الملكية الدستورية،‮ ‬كما لم‮ ‬يستطع أن‮ ‬يثق فيه تنظيم العدل والإحسان،‮ ‬وفي‮ ‬علاقته مع الصحافيين‮ (‬لوجورنال‮) ‬وبعض الأسماء الأخرى أبدى رغبته أن تنقل المنابر وجهة نظره‮ ‬ في‮ ‬الأحداث‮ ‬ دون الضغط عليه لإعطاء برنامج‮.‬
وعندما اقترح على بعض الزملاء أن‮ ‬يدعم هذا المنبر أو ذاك لم‮ ‬يرغب أن‮ ‬يكون مساهما كي‮ ‬لا‮ ‬يتحمل مسؤولية ما‮ ‬يكتب في‮ ‬الصحيفة أو المجلة ويرغب في‮ ‬نشر ما‮ ‬يكتبه‮ ‬ حسب الظرف وحساباته‮ ‬

مولاي‮ ‬هشام صورة أخرى مطابقة من الحسن الثاني‮ ‬في‮ ‬التاكتيك والمناورة‮.‬
الانتفاضات الجديدة في‮ ‬تونس ومصر وضعت علاقة الجيش والأمير في‮ ‬الواجهة،‮ ‬وهو‮ ‬يضع نفسه تحت أمر الجميع إن استدعى الظرف اسمه،‮ ‬وهذا‮ ‬يصعب لأن الثورات الشعبية اجتاحت الجمهوريات بعدها‮  ‬الملكيات الجديدة‮ ‬،‮ ‬من جهة،‮ ‬واستدعت الجيش لحماية النظام الجمهوري‮ ‬الأمر الذي‮ ‬لن‮ ‬يكون في‮ ‬الملكيات خوفا من التورط في‮ ‬مجازر،‮ ‬وهذا الخيار‮ ‬يمكن ألا‮ ‬يكون في‮ ‬المغرب أو الأردن لسماح النظامين بانفتاح‮ ‬يسمح باستيعاب هذه الموجة‮.‬
تصريح أبو بكر الجامعي‮ ‬أن انتفاضة المغرب ستكون أكثر دموية،‮ ‬ثبطت عزم الكثيرين،‮ ‬ولهذا لم تحظرها السلطات،‮ ‬بل ذكَّرت الكثيرين بشبح انتفاضة الريف،‮ ‬البيضاء وفاس وهذه الصدمات لا تزال ماثلة في‮ ‬الأذهان‮. ‬فمن جهة ذكرت هذه التصريحات بما بين الشعب والجيش في‮ ‬أوقات سابقة،‮ ‬رغم تغير الظروف الدولية،‮ ‬فالجيش المصري‮ ‬قام بثورة بيضاء في‮ ‬1952 ولم‮ ‬يتورط في‮ ‬أي‮ ‬قمع ضد مواطنيه،‮ ‬بل رفض أن‮ ‬يساعد الشرطة رغم‮  ‬طلب مبارك،‮ ‬وقرر اعتقال وزير الداخلية‮ (‬الحبيب العدلي‮)‬،‮ ‬والجيش التونسي‮ ‬لم‮ ‬يتورط في‮ ‬أي‮ ‬قمع جماعي،‮ ‬ولهذا رأينا الشعب‮ ‬يقترح الجيش لإدارة المرحلة الانتقالية بكل هدوء في‮ ‬البلدين‮.‬
تصريحات الجامعي‮ ‬أفادت النظام وأرادت من جهة أخرى أن تؤكد على إمكانية تورط الحاكمين الحاليين في‮ ‬الدم مما‮ ‬يطرح‮ "‬مرحلة انتقالية‮" ‬تستدعي‮ ‬بطريقة ما الأمير هشام‮.‬

خوف الأمير من راديكالية المطالب الشعبية بعد أي‮ ‬صدام‮ ‬مع الشعب
يدافع الأمير في‮ ‬مقاله بجريدة‮ (‬لوموند دبلوماتيك‮) ‬على القدرة المجتمعية ذاتية التدبير‮ (‬أو المستقلة‮) ‬وعلى الواقعية السياسية التي‮ ‬تعني‮ ‬الملكية ونظامها التاريخي‮ ‬في‮ ‬إنتاج بنيات سياسية‮ ‬يمكن أن تنهض‮.‬
إن دفاعه عن هذه القدرة المستقلة للمجتمع المدني‮ ‬ غير المرتبط بالشبكات المتصلة بمراكز النفوذ الأمني‮ ‬وبالدوائر الاقتصادية المرتبطة بالخارج أو بالنظام‮ ‬ قادر على رؤية واضحة إلى المستقبل ؛ مما‮ ‬يعطي‮ ‬أهمية واسعة لحركة النخبة من أجل انتخابات مؤسِّسَة،‮ ‬تكون بدستور جديد،‮ ‬وهكذا‮ ‬يكشف مولاي‮ ‬هشام،‮ ‬أن الملكية الدستورية تعني‮ ‬في‮ ‬نظره دستوراً‮ ‬جديداً،‮ ‬وليس الدستور الحالي‮ ‬لأن استشارة الشعب تأسيسية‮.‬
الدفاع عن الملكية الدستورية‮ ‬يحمل وجهين‮ : ‬علاقة معقولة مع الملك الحالي،‮ ‬واستشارة تأسيسية لدستور جديد حال تحقيق الانتقال نحو الديمقراطية‮.‬
ظل المناورة‮ ‬يكشف عن نفسه عندما‮ ‬يدافع مولاي‮ ‬هشام على بعض الاستقرار مع‮ ‬status quo أو الوضع الموجود،‮ ‬ويضع اختلاف التجربة التونسية عن‮ ‬غيرها‮. ‬لأن الجيش في‮ ‬تونس كان بعيداً‮ ‬عن الاستخبارات وعمل الشرطة‮. ‬وفي‮ ‬بلده‮ ‬يمكن استنتاج‮ "‬التداخل‮" ‬بين عمل الجيش وباقي‮ ‬الأجهزة‮.‬
هذا التداخل قد‮ ‬يعطي‮ ‬نتيجة واحدة‮ : ‬أن انتفاضة المغرب ستكون أكثر دموية كما قال الجامعي،‮ ‬كما أن هذه الأجهزة التي‮ ‬تخنق الانتفاضات في‮ ‬البيضة‮ ‬ بتعبيره‮ -‬،‮ ‬قد تكون مفاجئتها فقط بانتفاضة شعبية‮ ‬غير مهيكلة وقوية أي‮ ‬يجب أن‮ ‬يخرج الشعب كله إلى الشارع‮.‬
هذه الرؤية تفرض عند الأمير،‮ ‬وفي‮ ‬هذا المقام‮ : ‬ترك النظام لبعض السلطات لصالح المشاركة السياسية للمواطنين‮.‬
من المهم‮ :‬
1- أن المغاربة لا‮ ‬يستهدفون العرش والملكية إلى حدود الآن،‮ ‬ولاستمرار ذلك لابد من آفاق جديدة،‮ ‬وإطلاق اللعبة السياسية المتوقفة،‮ ‬وتخفيف الآلة الأمنية ونفوذ الشبكات الزبونية الطاحنة،‮ ‬لأن تعقيدات البلد وتجذر الدعوات الإثنية‮ ‬ وقد‮ ‬يقصد في‮ ‬هذا الباب‮ : ‬قضية الصحراء والأمازيغية‮ ‬ ستسبب مستقبلاً‮ ‬في‮ ‬استهداف العرش،‮ ‬لأن الصحراويين أعلنوا الجمهورية في‮ ‬المنفى،‮ ‬والأمازيغيين المتطرفين‮ ‬ينظرون إلى العرش قبل مولاي‮ ‬إدريس الأول‮.‬
2- النموذج التنموي‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون أكثر حركية وعدلاً‮ ‬وانفتاحاً‮.‬
الطريق‮ ‬يتجه إلى الاصطدام،‮ ‬ولابد من إدارة استباقية للمرحلة الانتقالية أو انتظارها بما‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى مطالب راديكالية وجذرية لن تسمح سوى بخسارة سلطات أخرى‮.‬
الأمير‮ ‬يرفض أن‮ ‬يعتبر ما جرى‮ ‬ في‮ ‬تونس‮ - ‬ثورة بل انتفاضة،‮ ‬ويتخوف كغيره من فجوة كبيرة بين الديمقراطيات الجديدة في‮ ‬الوطن العربي‮ ‬والأنظمة القديمة‮.‬
قد تذهب أقطار إلى إفشال النموذج التونسي‮ ‬لكن الثورة في‮ ‬مصر حصنت تونس،‮ ‬كما لم تجعلها‮ "‬استثناء‮"‬،‮ ‬فالأمر في‮ ‬العالم العربي‮ ‬متعلق بوضع تونس ومصر في‮ ‬موقع الاستثناء،‮ ‬أو القول إن باقي‮ ‬الأنظمة مستثناة من الموجة الجديدة‮. ‬من‮ ‬يستثني‮ ‬من ؟
هل المغرب استثناء مثلا أم مصر وتونس استثناء في‮ ‬واقعهما العربي‮.‬
لعبة من هو المستثنى‮ ‬يخدم الصورة الصعبة للتغيير من المحيط إلى الخليج‮.‬
مصر عادت إنجيلاً‮ ‬جديداً‮ ‬للثورات كسرت الاستثناء التونسي‮ ‬وقالت بعودة النموذج فالتاريخ كما قال أوباما‮ ‬يتشكل‮.‬
الآن‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعلن المغرب انكفاءه،‮ ‬لو لم‮ ‬يكن له مشكل جيوسياسي‮ ‬في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮)‬،‮ ‬ولديه الملكية البرلمانية بوزيرين أولين منتخبين في‮ ‬الصحراء وفي‮ ‬المركز‮. ‬وهذا‮  ‬هو الحل الاستراتيجي‮ ‬لديمقراطية الداخل وتقرير مصير الصحراويين بحكم أنفسهم‮.‬
المرحلة الانتقالية في‮ ‬المغرب‮ ‬يفرضها الحل في‮ ‬الصحراء‮ ‬ عند النخبة‮ ‬ دون داعٍ‮ ‬لانتفاضة شعبية،‮ ‬لكن الشعب قد‮ ‬يرى‮ ‬غير ذلك أسوة بشعوب مماثلة فيحسم بثورته الوحدة الترابية والوطنية،‮ ‬ويجدد النظام بما‮ ‬يفيد قراره في‮ ‬المستقبل‮.‬
يحرس كل من الجزائر والمغرب أن‮ ‬يعيش خارج هذه الثورات الشعبية وبأي‮ ‬ثمن،‮ ‬ويمكن أن تدعم دولة الدولة الأخرى لإجهاض انتفاضتها‮. ‬لأن التغيير الجيوسياسي‮ ‬الذي‮ ‬سيحدث بعد تغيير الحكم في‮ ‬أحدهما دون الآخر سيدعم تغييرات على الحدود الشرقية للمغرب والغربية للجزائر،‮ ‬والتداخل بين الشعبين على مناطق الحدود المشتركة‮ (‬خطير‮) ‬إلى حد لا‮ ‬يتصوره المراقبون‮.‬
الجزائر أفشلت الثورة الاشتراكية في‮ ‬المغرب لتبقى لها الشرعية الثورية في‮ ‬مقابل الشرعية التاريخية للمغرب،‮ ‬ويخيفها أن تكون كل الشرعيات للمغرب‮.‬
المغرب والجزائر‮ ‬يتشابهان في‮ "‬تحالفاتهما الأوليغارشية‮" ‬الواسعة والأكثر تعقيداً‮. ‬وديكتاتوريتهما ليست شخصية،‮ ‬كما‮ ‬يقول الأمير هشام،‮ ‬وبالتالي‮ ‬ستكون الانتفاضة الشعبية في‮ ‬البلدين‮ "‬متشابهة‮".‬
أولاً،‮ ‬الجزائر لا‮ ‬يمكن أن تستغني‮ ‬على شرعية ثورتها ضد الاستعمار في‮ ‬مقابل‮ "‬شرعية ثورية أخرى‮"‬،‮ ‬وهو ما‮ ‬يمكن قوله بالنسبة للشرعية الشعبية والشرعية الملكية في‮ ‬المغرب‮.‬
ثانيا،‮ ‬أن عمل الجيش متداخل مع الاستخبارات وعمل الشرطة في‮ ‬المغرب،‮ ‬وفي‮ ‬الجزائر،‮ ‬الجيش‮ ‬يدير الدولة‮. ‬فالتحالف الأمني‮ ‬يشكل النظام ويتجاوز الدولة‮.‬
ثالثا،‮ ‬أن ترك جزء من السلطات للاستمرار،‮ ‬انتهى إلى دفع نفس الجزء من السلطة وسحبه حسب المراحل،‮ ‬والأمير‮ ‬يقترح أن تسلم الأنظمة إدارة المرحلة لنخبة سياسية لا تضحي‮ ‬بالاستقرار،‮ ‬ولا بالدعوة العاجلة للديمقراطية،‮ ‬وقدرة النظام تتجلى في‮ ‬إعطاء السلطة لهذه النخبة للوصول إلى الهدف وإنجاح الانفتاح،‮ ‬ويطرح نفسه بطريقة ما على رأس هذه النخبة،‮ ‬فهو لم‮ ‬يرفع السقف خارج ما هو معلن‮ (‬الملكية الدستورية‮) ‬ويؤمن بالديمقراطية ولن‮ ‬يضحي‮ ‬باستقرار الملكية‮ ‬ في‮ ‬نظام الملك الحالي‮ ‬عينه‮ ‬ ولا بدعوة الشعب إلى الديمقراطية‮ ‬ انتفض أو لم‮ ‬ينتفض‮ ‬ وبالتالي‮ ‬يكون الأمير‮ "‬دماغ‮ ‬وروح المرحلة الانتقالية‮" ‬بنظرة استباقية من خلال النظام،‮ ‬أو بنظرة أخرى،‮ ‬إن قررها الشعب‮.‬
الأمير لا‮ ‬يرغب‮ - ‬من خلال تحذيره‮ ‬ في‮ ‬مواجهة العرش للشعب أو المواطنين المغاربة لملكيتهم،‮ ‬فالمواجهة ليست خياراً‮ ‬مقبولاً‮ ‬لأنها قد تدفع إلى مطالب أخرى أكثر راديكالية لن تكون في‮ ‬صالح العرش‮.‬
والحلول الضاغطة لن تخدم الملكية على المدى المتوسط والبعيد،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فاختيار ثورة ملك وشعب‮ ‬ كما عهدها التاريخ‮ ‬ أولى من ثورة أحدهما على الآخر،‮ ‬فالثورة قدر قديم وتوافقي،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتجه إلى إسقاط النظام‮ - ‬كما أعلنه التونسيون والمصريون‮ -‬
المشكل ليس مشكل إصلاحات لأن كل المغاربة حكومة وأحزاباً،‮ ‬معارضة وموالاة،‮ ‬تدعو إلى إصلاحات لكن الكل‮ ‬يتسابق لتبنيها،‮ ‬واعتبارها‮ "‬من اقتراحه‮".‬
أحزاب الحكومة تريد أن تتبنى الإصلاحات‮. ‬مولاي‮ ‬هشام‮ ‬يدعو من داخل الأسرة الملكية إلى ضرورتها،‮ ‬والعرش‮ ‬يرغب في‮ ‬أن تكون له‮. ‬وبين كل ذلك خلاف عميق قد‮ ‬يؤدي‮ ‬في‮ ‬حال الانتفاضة إلى‮ :‬
‮-‬ الإقرار بشرعية ما‮ ‬يدعو إليه الشارع عوض الأحزاب أو معها،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يضع النظام في‮ ‬مأزق‮.‬
‮-‬ الأحزاب‮ ‬يمكنها الالتحاق بالانتفاضة الشعبية متى تقررت،‮ ‬وستساهم في‮ ‬مراحلها الأخيرة‮.‬
‮-‬ الانتفاضة قد تنطلق في‮ ‬المغرب من منطلقات خاطئة‮ : ‬إثنية أو إقليمية ؛ أو تعمل على إعلان انتفاضة شعبية توحد الجميع تحت علم واحد وباتجاه نظام ديمقراطي‮ ‬شامل حقيقي‮ ‬سلس،‮ ‬وهو ما تقرر معه انتقالاً‮ ‬يراه الأمير بمبادرة من النظام الملكي‮.‬
المخيف عند خصوم الأمير،‮ ‬أن تكون إدارته لهذا الانتقال فرصة له لكسب‮ "‬شرعية تمكنه من ربط مستقبله بمستقبل المملكة‮".‬
التخوف مشروع،‮ ‬لكن إدارة مرحلة انتقالية ناجحة قد تفيد حياة العرش لسنوات أخرى ودون متاعب ؛ قد‮ ‬يكون من البراغماتية أن تحكم الملكية البلد من البنيات الموجودة وستكون أي‮ ‬مرحلة أخرى تعني‮ : ‬إعلان الملكية البرلمانية،‮ ‬والانتقال إلى صورة أخرى من الملكية الحالية لا‮ ‬يشكل في‮ ‬العمق مرحلة صحيحة‮.‬
تساؤلات النخبة‮ ‬يتجاوزها الشباب عندما‮ ‬يقررون أن تكون بلدهم كإسبانيا وبريطانيا دون عقدة نقص أو خصوصية تضغط عليهم‮.‬
هؤلاء الشباب قد‮ ‬يتأخرون في‮ ‬مطالبهم،‮ ‬لكنهم المسكوت في‮ ‬التاريخ،‮ ‬كما‮ ‬يظهر واضحاً‮.‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق