عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

ما حجم الضرائب الفعلية التي تدفعها شركات أونا و الشركات الكبرى المغربية ؟


حجم الضرائب الفعلية التي تدفعها الشركات الكبرى هي التي تحدد مصير الدولة . و نحن أمام ضرائب إحصائية و ضرائب فعلية تضع حجم المكاسب المراقبة قبل المحاسبة لذلك لابد من حسم النسبة المعيارية ثم الفعلية كما نلاحظها في أمريكا .
أول إجراء يجب الاعتماد عليه :
أ - إلغاء الإعفاءات الضريبية التي أتى بها مزوار .
ثانيا ، تحديد ضرائب الدخل بطريقة مباشرة ، و عبر هيئة مستقلة .
الأمر متعلق بالطريقة التي نحسب بها ، فالشركات تحسب كل شئ ، و تزيد من الانفاق في حالة وجود أرباح .
الإحصاء الحسابي الجديد يفرض تحديد كل ضريبة ، و لا تجمع الضرائب كلها في سلة واحدة ، ثم إلغاء الإعفاءات ، و تحديد سبل الانفاق عبر ميزانية الشركة تقع تحت تصرف رجال الضرائب .
إنه نوع من التقشف يدخل إليه القطاع الخاص حيث يوفر للدولة جزءا مهما من المحفظة الضريبية للدولة .
و كما في أعراف أمريكا يمكن أن يستدعي الكونغرس الشركات مباشرة - كما حدث أخيرا مع 5 شركات عملاقة في مجال النفط - لأن قرار الإعفاء الضريبي ليس قرار وزير المالية أو الحكومة ، بل قرارا برلمانيا ، و إن لم يكن كذلك . فعلينا أن نبدأ خطونتا الأولى باتجاه هذا الهدف .
إن جمع الترتيبات الضريبية على أساس DATA  واحدة ، أو قاعدة عمل واحدة كفيل بوضع الضرائب " الملموسة " بتعبير ذكي من صحافي الواشنطن بوست ستيفن ما فسون في صندوق الدولة .
عوض أن تكون الحوافز ضريبية تكون الحوافز استثمارية ، و بينها خيط رفيع يمكن في حال عدم فهمنا أو تجاهلنا لهذا الوجه الخفي في اللعبة المالية أن نسقط حسابات الدولة في مأزق ، لأن تقدير الأرباح يكون وفقا للتدفق النقدي و عائد الاستثمار .
المعياران مستبعدان في قراءة الربح و قراءة الضريبة عليه في المملكة و هذا لا يستقيم في أي اقتصاد معياري . و الواجب أن ينجح المغاربة في تحويل اقتصادهم إلى " المعيارية " مهما كلف ذلك ، كذلك لعبة الاعلانات " غير ضرورية " و خادعة .
الحوافز الضريبية لم تعد مقبولة علميا و سياسيا ، و أسلوب الليبرالية غير الاجتماعية المتبع لا يخدم أمنا بعيد المدى .
أولا ، حساب الإنفاق في القطاع الخاص متعلق بالمدير و ليس بمجلس الإدارة .
ثانيا ، أن التكاليف لا تكون ملموسة ، و كيف يمكن أن نقرر الإعفاء الضريبي دون التمكن من الوضع الحسابي للشركة .
ثالثا ، أن الحكم بالمذكرات الصادرة عن وزير ليست بنفس قوة القوانين الرسمية .
رابعا ، لا نعرف كيف يؤثر ذلك على المحصلة النهائية ، إن يكن الوضع الحسابي دقيقا ، وبعد ذلك يمكن إقرار الإعفاء من عدمه .
إن مركز التقدم الأمريكي من مهمته الوصول إلى مَعيَرَة اقتصادية بين الحافر الاقتصادية و المحصلة ، و هو ما نعدمه في بلدنا ، لأن النفوذ هو المعيار الحقيقي في كل الدورة الاقتصادية المغربية . و نتساءل : هل ما يجري كفيل بوضع بديل لما يجري في الساحة ؟
أ - لابد من إجمالي لضرائب و رسوم الحكومة المغربية ، بشكل حسابي و ليس إحصائي ، و بينهما فارق أي أن الأول ينطلق من الانفاق و الثاني من توازن عام بين الانفاق و الضريبة المتوقعة ، أي أن حس التوازنات الماكرواقتصادية الضاغط على الدولة نجده في التوازن الماكرو مالي للشركة و للمجلس البلدي دون اهتمام بأسلوب الإنفاق و تحديد الحاجة له ، و فرض ضرائب على الانفاق الشخصي الزائد بإعتباره تهربا ضريبيا .
ب - من الآن فصاعدا ، لابد أن نقرأ الموازنة الجهوية و ضرائب الدخل المركزي ، و هو ما يعني ضرورة تغيير أسلوب المحاسبة الضرائبية بما يكفل العمل على كشوفات هيئة مالية مستقلة حيث لا يجب من جهة أخرى : أن ترتبط إلغاء الخصوم الضريبية بالضريبة على العقار أو بحجم ما تقدمه الشركة إلى الخزينة العامة ، إنما ترتبط فقط بحجم المبيعات و المداخيل . لأننا أمام تركيب من الضرائب على الشركة أن تطبقها على المستهلك كحالة استهلاكنا للنفط ، و هناك ضرائب لابد من أداءها من خالص ربح الشركة ، و في مرتبة ثالثة من الإنفاق الغير المبرر للشركة ، في حالت وجب ذكرها .
الخصوم الضريبية ليست بقدر ما هي امتيازات يجب أن توجه للقطاعات الصعبة . و تكون الأرباح في كل حالة متوازنة مع البيع و الإنفاق و مع رقم الاستدلال . لذلك فالخصم الضريبي جزء منه يأتي بتوظيف الرأسمال بحكمة على المدى البعيد . و هذه النقطة ليست رؤية مغربية إلى الآن .    


ماوراء الحدث عدد 29 ص 9 الاقتصاد

الانتقال الأمني " بالدم " في المغرب ؟!


لم يكن الانتقال الأمني في عهد الحسن الثاني بدون دم ، أو غير مُعَمَدِِ به ، فمنذ فجر الاستقلال فكر ولي العهد آنذاك بأول جهاز استخباري في القصر ضد توافقات ( إكس ليبان ) التي جعلت هذا الأمر في يد الفرنسيين فقط ، ومن اختصاص ( السديس ) تحديدا ، حيث راقبت باريس عناصر هذا الجهاز ، و دفعت تونسيين و جزائريين للعمل فيه ليكون مخترقا و في خدمتها ، و عندما قرر نقل هذه المهمة من قصره إلى داخلية يقودها استقلالي الغزوني رأينا التصفيات .
الانتقال الأول من جهاز بوريكات الذي خدم الحسن الثاني في قصره إلى داخلية الغزوني تعمد ببعض الدم . من اليد السوداء لفرنسا في 14 عملية لسرقة مستندات و التأثير على القرارات ، اضطر الملك الراحل أن ينشئ إلى جانب الأمريكيين - الكاب 1 -  لوقف التدخل الفرنسي ، و لم يتم ذلك بلا دم ، و بطريقة دموية انتقل عمل الكاب 1 إلى الكاب 2 و تم اجهاض الكاب 3 من المهد ، و قد قتل أوفقير و الدليمي و قد رأسا أجهزة استخبارية خدمت مصالحهما . و بعد التحول " أزيح " نائب رئيس دجيد ، و لا تزال - ما اصطلح عليها لعنيكري -  سلة العقارب  أي الديستي تعرف صراعات و لا تزال .
ومن حسنات عهد الحسن الثاني أن تغيرت الخارطة الأمنية بعد البصري ، واستبدلت وزارة الداخلية وجوهها دون دم ، لأن العمل الاستخباري أصبح في مكان آخر .
الحسن الثاني لم يستطع بعد انقلابين عسكريين أن يضع الاستخبارات تحت رقابة البرلمان مقابل أن يكون الجيش تحت سلطاته . ومحمد السادس إن وضع الأجهزة التي خدمها القانون و لم تكن تحته ، تحت توصيات هيئة الانصاف و المصالحة باسم الدستور ، سيكون قد شكل الخطوة الفارقة بين الماضي و المستقبل ، و الأساس أن يكون هذا الانتقال الأمني سلسا .
الحسن الثاني حاول 10 مرات إعادة هيكلة أجهزته الأمنية الحساسة ، و يضطر أن يضع جهازا جديدا يمتص القديم ، و من فلسفته توازن الأجهزة كي لا تتواطأ ، و قد فعلت في أكثر من ملف مباشرة بعد الانقلابات في طنطان - فكانت مشكلة الجنوب - و في 70 ملف آخر - حسب وثائق الكونغرس -.
محمد السادس قد يجرب وضع كل المفاتيح في يد الدرك كما وقع بعد انقلاب أوفقير مباشرة و قد نجح الجنرال بنسليمان جزئيا في إقرار هذا التحول ، و اليوم يباشر هذا الجهاز تعيين مسؤولين جددا على رأس مصالح قيادته العامة ، و تهدف الخطة إلى تنظيف الجهاز - حسب خطة الكولونيل ماجور مصطفى الحمداوي - لتأهيله لتنظيف أجهزة أخرى ، و تعزيز قدرته الجوية بعد سقوط طائرات و مروحيات تابعة له منها ( ديفافندر) بضواحي دمنات .
و حدث أن استجوب البرلمان الجنرال بنسليمان ، و لن تقبل أجهزة أخرى التعاطي مع هذا الوضع ، و الشيء المعول عليه هو إنفاذ قرارات الدرك لوصول الملك إلى غاياته من خلال وضع المرحلة الانتقالية تحت قيادة صارمة ، و جهاز يكون مسؤولا عن التحول في سياسات و هياكل الأجهزة العاملة و السرية .
تحالف ( دجيد ) ياسين المنصوري و الدرك الملكي بعد تنظيفه قد يشكل عامل القوة الأول لانجاح أهداف خطاب 9 مارس ، لأن الواقع الأمني المغربي :
أ - تربى على عدم المحاسبة ، و تأسيس صندوق رمادي للعمليات ، و صناعة أوضاع قابلة للتحكم فيها ثم إدارتها ، فالذكاء الاستعلامي في المملكة لا يواجه الظاهرة ، بل يلتف حولها و يضع هوامشها ، و بأكبر درجات التشويه يقتل خصمه ، و قد لا يفيد هذا الوضع في الأمور الاستراتيجية .
ب - الذكاء التاكتيكي .
ج - التحكم في الملفات و عدم معالجة الظاهرة .
د - التقديرات غير الاحصائية ، و إدارة التفاصيل لإعادة تأسيس المشهد المرغوب فيه .
هذه الرؤية الخارجية عن الأمن تكشف أمرين :
- أن الأجهزة ترغب في انتقال أمني يكون فيه قانون الإرهاب .
- أن المقدس الأمني الوحيد حاليا هو قانون الإرهاب .
الانتقال السياسي لم يعد بقدر رغبة جميع المراقبين في الاطلاع على تفاصيل الانتقال الأمني ، فمحمد السادس اعتبره الداخل قويا بإقالته للبصري ، و هذا التحول ساعد فيه جنرالات. و العلامة الفارقة لبداية عهد محمد السادس : جنرال على رأس الاستخبارات الداخلية ، الجنرال لعنيكري على رأس الديستي ، و تنصيب مدني هو ياسين المنصوري على رأس دجيد - استخبارات مختلطة : عسكرية و مدنية -.
حاليا ، تقاوم الديستي عودة عسكري لقيادتها ، كما أن من الصعب تعويض مدني آخر لياسين المنصوري . هل هذه الخلاصة دقيقة ، و هي فرنسية ، لذلك قرأ سكارسيني التحول على أساسين :
أ - استمرار القيادة من داخل جهاز ديستي ، على أساس قبوله الطوعي بقرار محاسبته كما ورد في خطاب 9 مارس .
ب - العمل على تعاون فرنسي أكبر مع ( دجيد ).
و فرض التعاون الوثيق بين الديستي و دجيد سيكون أكبر إن تقرر تكوين ( مجلس أمن قومي ) أو وزارة استخبارات داخلية تكون تحت رقابة الحكومة ، و تكون أجهزة الديستي و دجيد و غيرها متعاونة و عاملة بأوامرها .
القرار الأمريكي يدعم تكوين " وزارة الأمن الداخلي " في المملكة ليصل البلد إلى أهدافه ، و يبقى " العمل الأمني حرفيا و متميزا باستقلال العمليات و برؤية وطنية " .
إن التمكن من صنع منظور أو رؤية أمنية هو الذي يجعل المغرب أكثر أمنا ، لأن وزارة الأمن الداخلي في فصل كامل عن وزارة الجماعات المحلية ، ستهتم بالشأن الأمني ، و بالرقابة البرلمانية ، و بالابتعاد عن الملفات المالية للجماعات و البلديات و العموديات .
لم يعد ممكنا ، في ظل التطورات الجديدة سوى الذهاب بعيدا في إطارين : استمرار الملك قائدا للجيش و يعمل من خلال مفتشياته على إدارة شفافة له ، و في المقام الثاني وضع وزارة الأمن الداخلي تحت رقابة القانون و الحكومة و ستكون رقابتها على الأجهزة التابعة لها رقابة بعدية ، وفق ما يقتضيه القانون .
دسترة توصيات هيئة الانصاف و المصالحة حملها حزب الهمة قبل خطاب 9 مارس و حركة 20 فبراير ، و هي لصالح الدولة و النظام أولا .
و بالتالي نكون أمام : خطة إصلاح أمني للدولة يستثمر فيها النظام حركة الشباب لإقرار توصيات هيئة بنزكري كي يكون لها بعد اجتماعي أو شعبي ، في السابق كان القصر يرغب في أن يكون الاصلاح الأمني بزعامة " حزب الدولة " ، حاليا ، لا يمكن أن يكون الاصلاح دون قيادة الشارع . و اللعبة يجب أن تنقسم بين تقديرين : تمرير اصلاحات عبر الشارع في صالح النظام و أمنه و مستقبله ، و خفض سقوف اصلاحات الشارع لتمكين النظام من المبادرة .
الاصلاح الأمني لم يعد شأنا بيروقراطيا بالمطلق ، إذ في ثورتي تونس و مصر ، يحاول أمن الدولة و الأمن السياسي المنحلين أن يعتبرا وجودهما ضروريا بتحريك أوصال يمكن بها التأثير على الأمن العام . و الجيش لا يزال يربح المبادرة ، رغم السعي الحثيث لهذه الأجهزة على اغتيال الطنطاوي مرتين ، و 3 مرات لقائد الجيش التونسي .
السؤال هل طريق " الدم " ضروريا أم أن قرار الشعب و الجيش و الاصلاح سينتصر في بلاد الثورات و يكون الملك إلى جانب جيشه في خدمة الاصلاحات لوضعها على الأرض .
في المغرب ، الدرك و دجيد قد يصلان بالمهمة إلى أهدافها ، و قد تنجر الديستي إلى ذات المهمة إن أقنعت شركاءها بقضية الحفاظ على قانون الإرهاب لإدارة المرحلة الانتقالية . و هل يمكن حقا إدارة انتقال ديموقراطي في ظل هذا القانون ؟  الشارع له موقفه الصريح و على الجميع أن يحسم في هذه النقطة .
لقد تأجلت مناقشة القوانين المثيرة للجدل : الصحافة و الإرهاب و غيرهما إلى ما بعد الدستور الجديد خصوصا بعد إقرار عباس الفاسي لانتخابات مبكرة .
من يكون أولا ؟ الانتقال الأمني ، و بعد نجاحه يكون الانتقال السياسي الذي يليه ناجحا ، و النتيجة مختلفة  طبعا ، و أكثر مصداقية و استقرارا . في الحالة الثانية ، أي العمل على انتقال سياسي في ظل الأجهزة الأمنية الحالية ، و النتيجة ستكون متطابقة لما نعيشه حاليا ، وقد اختار بعض رجالات النظام خيارا ثالثا : أن تتسلم حركة 20 فبراير شبيبات الأحزاب و قيادات سياسية تدعمها ، فتكون النتائج مختلفة و لا تتأثر سياسات الأجهزة السرية و الرؤية الأمنية الحالية .
الواقع أن كل الطرق مفتوحة حاليا ، ولا قرارات " صارمة وواضحة " للنظام ، لأنه يرغب في المفاجأة و المبادرة ، و قد لا يتمكن منها مع ظهور الدستور الجديد .
ولابد أمنيا من خفض التوقعات لإبقاء جانب المبادرة في يد النظام .
و المهم عند الأمنيين ، أن يكون الثمن تأجيل الانتقال الأمني بفعل ظهور الإرهاب و استمرار حركة  الاحتجاج ، لأن الشباب  يمكنه أن يتراجع أمام خطة مكشوفة . لذلك على الجميع نهج سياسة الوضوح اتجاه الاصلاحات التي يريد من خلالها النظام أن يكسر التوقعات قبل أن يرفعها .
إن مبادرة القصر من خلال أدواته المألوفة لن يكون لها الأثر البين ، و بالتالي فإن القصر و الشارع هما العاملان الحقيقيان في المعادلة ، لكن الأحزاب و الأجهزة في صالح النظام .
إن طال الزمن ستكون المواقع مختلفة ، يقول تقرير أجنبي : إن العمل الأمني في المغرب يدير مرحلة انتقالية لا يعترف بها . و هذه صعوبة قد تؤدي إلى دفع ضرائب ليقتنع أولا بواقعه ؟!   

عدد 29 لماوراء الحدث ص 20 بقلم عبد الحميد العوني

كيف نربح الشبح ؟ بعد مقتل بن لادن حقيقة الظواهري ... الذي يرغب في الالتحاق بمصر


الظواهري لا يرغب في قيادة القاعدة . يريد أن يبقى بن لادن زعيما تاريخيا أو أسطوريا لهذا التنظيم الذي خلط الدم بالدين و أمريكا و الغرب ، وقتل في أندونيسيا كما قتل شيعة العراق وأمراء الخليج و أبرياءه ... الآن يختار الظواهري مرحلة : المزيد من الفوضى ، حيث كل فرد في القاعدة خلية و كل خلية إمارة .
لقد ضاع على الغرب رقم بن لادن الذي أراد المفاوضة فخاطب الشعب الأمريكي و عرض الهدنة . و في المرحلة الجديدة : لا قائد للقاعدة ، هناك حرب بلا نهاية ، و إرهاب بلا نهاية .
مناورة الظواهري ترغب في ظلامية إضافية تحيط عمل تنظيم في الأصل هو شبح كما يقول كتاب ممتع لستيف كول .
التنظيم سيزداد فقرا ، لأن خليفة بن لادن لن يستطيع أن يجمع الأموال و لا أن يديرها بنفس ما قام به الأمير المقتول ، و سيزداد غموضا ، ف C.I.A وجدت بن لادن قبل الظواهري ، مما يعني أن الرجلين مختلفين إلى حد بعيد ، و الخوف حاليا من سقوط آخرين بعد الوثائق التي عثر عليها ، وإن فقدت أمريكا المبادرة ستعود إلى التنظيم ، و إلى الظواهري . و سيكون من الصعب العثور على رأس خيط جديد .
اليوم لدينا في واشنطن صورة واضحة عن 11 شتنبر : من نفذ كمحمد عطا و من قرر كبن لادن و من كان وسيطا : وليد الشيخ الباكستاني .
الحلقة الباكستانية سقطت هي الأولى لتعاون إسلام آباد معنا ، و انتقلنا إلى الحلقة السعودية - اليمنية و انتهت تقريبا بقتل بن لادن ، و مرة أخرى يعود الفضل لتعاون الرياض و صنعاء . و يرى الجميع معي حلقة الظواهري و المصريين خطيرة ، و تعيد التنظيم إلى هلاميته ، و المخيف أن يلتحق - الظواهري - ببلده مصر بعد الثورة .
انه احتمال لإغلاق ملف القاعدة في باكستان و نقله إلى مصر و الشرق الأوسط و على حدود إسرائيل .
القاعدة تريد بفضل الظواهري أن تبقى تنظيما من الأشباح ، و أن تنفذ ثأرها ضد مسؤول أمريكي كبير ؟! و سؤالنا : ألن يكون في مصر قريبا .
من الجانب الآخر ، طالبان حاليا إلى جانب القاعدة كما لم تكن قبل 2011  . الآن ستسلم الظواهري ما يرغب فيه . لم يكن يوما أميرا ، و لم ينازع كاريزمية بن لادن و لا الملا عمر . حاليا للملا عمر أن يضع الظواهري تحت جناحه ، فتخدم القاعدة طالبان بقيادة عامة ؟!
على هذا التصور أن تكون دلائل . و التحدي يقع مرة أخرى على قتل مسؤول أمريكي كبير انتقاما لبن لادن ، في المقابل تريد الأجهزة الأمريكية صيدا آخر لإرهاب التنظيم .
الجهاديون دخلوا في حالة بحث عن هدف للانتقام لبن لادن قبل أن يعلنوا خليفته . هذا هو الاحتمال الثالث . و المؤكد أن الملا عمر و قد قتل الأمريكيون أحد قادته ، - لأن بن لادن  بايع زعيم طالبان -  مضطر أن ينتقم ، و إلا فإن إمارته الايمانية ستكون ناقصة لعدم وجود العرب فيها .
الظواهري يحمل طالبان مسؤولية ذهاب بن لادن إلى باكستان ، و عدم بقاءه بين الجنود و الحماية في أفغانستان .
دم بن لادن في عنق الملا ، و الرد لن يكون في باكستان فقط ، بل الهدف أمريكي و كبير  مما يكسب عنصر العرب إلى جانب طالبان . و عدم الثأر لمجاهد مثل بن لادن يؤكد على مأزق جديد في مسيرة طالبان .
الحوار مع هذا التنظيم حاليا يجب أن يكون الشغل الشاغل لأمريكا . لم يعد بن لادن عائقا . و تعزيز اقليمية و بشتونية الصراع في افغانستان يمنع من الدخول في مرحلة مظلمة في حرب أمريكا و القاعدة ، لأنها بالتأكيد أكثر سوداوية .
الظواهري مولع بالجدل ، و لديه تاريخ حافل بتهميش رفاقه كما يقول صاحب كتاب ( البن لادنيون ) ، وقد يكون بن لادن ضحية الظواهري و الملا عمر معا ، و عليهما أن يطويا الصفحة .
عدم إعلان الظواهري خليفة لبن لادن به هذه المرارة من معلومات دقيقة .
أمريكا تعي أن الظرف الذي أعلن فيه أوباما تصفية بن لادن " مواتيا " على صعيد تنظيم القاعدة و حروبه الصغيرة ....

عدد 29 لماوراء الحدث ص 20 بقلم جون فنهارت

لأول مرة في التاريخ ، الجيش المغربي على حدود إيران و الدافع العسكري سر انضمام الرباط إلى مجلس التعاون الخليجي في 137 عملية قتالية ؟!


بجريدة الشرق الأوسط ( 13 ماي 2011 ) قال ناصر البلوشي سفير البحرين في فرنسا ، في معرض حديثه عن انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي : سيصبح المجلس أقوى عسكريا ، و المنامة كما يظهر تنضر إلى أهمية إدماج الجيش المغربي في درع الجزيرة ، الذي انتشر في مملكة البحرين لقمع المظاهرات ، و يمكن تحت نفس العنوان أن يقمع في الرباط .
مثل هذا المعطى لا توفره اليمن التي لا يحارب جيشها إيران لأغلبية الزيدية ، كما أن بنيتها السياسية تعتبر معضلة " حقيقية " في انضمامها إلى مجلس التعاون ، رغم " الوضع الخاص " بين المجلس و صنعاء يقول الرئيس الدوري العماني إلى جانب عمر و موسى في آخر مؤتمر صحافي له .
الجيش المغربي تقول جريدة كيهان أكبر جيش يستدعيه الخليجيون ليكون في مواجهة إيران ، وضد المتظاهرين في البحرين و باقي دول الخليج ، كما كان ضد الحوثيين إلى وقت قريب كما أوردت صحيفة ( إمبارسيال ) الإسبانية ، و لا يزال يذكر المتابعون على هامش معرض طيران احتضنته مدينة مراكش اللقاء الذي ضم الوفود العسكرية للدول الخليجية إلى جانب كل من الأردن و المغرب ، و كان في مقدمة الضباط المغاربة الجنرال دوديفزيون أحمد بوطالب مفتش القوات المسلحة الملكية ، و هذا التكتل العسكري بين الخليج و الأردن و المغاربة انتهى بإعلان مجلس ضم كل من الرباط و عمان .
و للحرص الشديد على هذه العلاقات ذات الطابع السري ، رأينا أن آخر التغييرات في صفوف كبار الدركيين ، إدارة مراد عتيريس لمصلحة " كارتييه جنرال " و هي الإدارة التي تشرف على عناصر الدرك الملكي الذين يعملون في مصالح أجنبية أو لدى دول عربية سيما في الخليج العربي .
يأتي هذا التطور في إطار العمل المغربي - الخليجي الذي بدأ "عسكريا و أمنيا " و يتعمق على هذا المستوى ، حيث فرق مغربية على أمن الخليج ، ويخاف المجلس من عدم قبول الرباط عمل قواتها في " أوراش دفاعية " ، فالحسن الثاني رفض في حرب الخليج الثانية أن تتحول قواته في السعودية إلى قوات هجومية ، و حاليا رأينا كيف انكسر هذا التحفظ باسم الحرب على الإرهاب ، ووراء خطوط الدفاع السعودي على الحدود مع اليمن .
في تقرير جيوبوليتيك فإن 137 عملية بين لوجيستية وقتالية شارك فيها الجيش المغربي الذي ينضوي تحت إمرته الدرك الملكي .
و يعتبر الدرك الملكي و القوات المسلحة الملكية المنسوبتين إلى الملك أهم مؤسستين تربطان الخليج و المغرب ، و قد شاركت دول من مجلس التعاون بملياري دولار في نزاع الصحراء " الغربية " .
الواقع الذي يفرضه التعاون العسكري الخليجي - المغربي لم ينتبه إلى العمالة ، و لا إلى التأشيرات ، بل أخد مسارا مدعوما من طرف الملك الحسن الثاني الذي أعلن أخوته مع ملك سعودي في جامعة سميت الأخوين في إيفران المغربية ، و في الإنقلاب الثاني مولت الرياض جزءا عظيما من هيكلة القوات المسلحة الملكية التي وجدت في إعارتها لبلاد الخليج فرصتها لتأسيس ثروات أسست لحقبة من الجنرالات الذين أصبحوا أربابا للشركات ، قبل أن يبيعوها بعد شهور من اعتلاء محمد السادس عرش الحسن الثاني ، و مباشرة بعدما تضاعفت أجور العسكريين في المملكة .
أسلاك الجندرمة حاليا و الجنود و الأمنيين يدعمون هذا الاتفاق ، ليس فقط للعلاقات السابقة بينهم و بين دول الخليج ، و إنما الفرصة مواتية :
- للعمل على العتاد الأمريكي المتطور .
- و على تكنولوجيا تؤهل الجندي المغربي للتعاطي مع وضع أكثر احترافا بنسبة تزيد عن ثلاثة أضعاف عما هو موجود بالبلد .
- التكوين المتقدم .
 وفي إطار العمل المغربي من داخل المجلس سيكون وضع التكوين و التأهيل الأمريكي واسعا و عميقا للجندي المغربي في ظل المنظومة الخليجية . و في هذه الحالة سيكون وضع الجيش المغربي على حدود إيران ، و احتمال وضع إيران نفسها على حدود المغرب ، حالة متقدمة من " الاحترافية " لأن التحديات المتوقعة عميقة وذات أبعاد جديدة . في وقت ترى فيه نظرة أخرى : أن الكفاءة لن تكون إلا باتجاه واحد ، قمع المظاهرات كما وقع لدرع الجزيرة في البحرين ، و قد احتاج الجميع في حينه لعدم اصطدام خليجي بآخر ، و سيكون أردني أو مغربي لخليجي أقل توترا .
الخليج - حسب الإيرانيين - يستعين بميلشيات أردنية و مغربية لاأقل و لا أكثر ، و بالتالي يكون الصراع حقيقيا و محسوما بين هذه الملكيات العربية و إيران بعد تقارب مصر الثورة مع طهران .
و كما أن الرياض تستفيد من حرب ملكيتين تنتسبان لأسرة النبي في المغرب و الأردن ضد إيران التي تدين بمذهب آل البيت . فلا يكون العداء طائفيا ، بل سياسيا و استراتيجيا بين إيران و الخليج . إن الاصطدام في البحرين بالمتظاهرين شكل انعطافة على المستوى النفسي كاد أن ينزلق إلى بعد طائفي تحاول السعودية معالجته من خلال اقتراح ملكيتين علوية و هاشمية للانضمام إلى إمارات و ملكيات الخليج .   

عدد 29 لماوراء الحدث ص 11 دولي

في أجواء مصالحة بين الأمير الأحمر ومحمد السادس مولاي هشام قرر السكوت بعد الدستور القادم


أكد استجواب الأمير مولاي هشام لمجلة ( ليكسبرس ) الفرنسية أن معركة الأسرة المالكة هي مستقبل الملكية ، و ليس تفاصيل تفجير إرهابي معزول في مراكش . و هذا المستقبل في المغرب و في باقي الملكيات العربية هو الشغل الشاغل للجميع ، بعد أن نظر مولاي هشام ، و في كل كتاباته ، إلى هذه الملكيات العربية كتلة واحدة و مصالح واحدة ، و هو مااستجاب إليه مجلس التعاون الخليجي بعد سعيه لضم كل من الأردن و المغرب إلى نادِ واحد للملوك العرب بتوصية فردية و اقتراح فردي من الملك السعودي - يقول المصدر- .
إن مجهود مولاي إسماعيل في السعودية تطابقت مع المجهود النظري لأخيه مولاي هشام الداعي لتوحيد مبادئ المنظومة الملكية العربية في القرن الواحد و العشرين تحت عنوان الإصلاح لتكييفها مع شروط العصر .
الأخوان - مولاي إسماعيل و مولاي هشام - في مسعى واحد ، و أبناء عم الملك أول جنوده في دول الغرب ، و في السعودية لتمرير جزء من الاصلاحات و اعتبارها كافية في الدستور الجديد . و الملاحظ هو دعم أولاد مولاي عبد الله ووقوفهم إلى جانب أبناء و بنات الحسن الثاني على حد سواء ، لمعركتهما الواحدة في ظل زلزال الثورات العربية .
الأجهزة الأمنية المغربية إن كانت ترى مستقبل بعضها رهينا بمعركتها ضد الإرهاب كمعركة وجود في ظل قرار ملكي قضى بدسترة توصيات هيئة الانصاف و المصالحة ، فإن مستقبل الملكية و تحديد سلطات الملك هو الجزء الرئيس الذي تهتم له الأسرة المالكة .
أولا ، محمد السادس فتح الحوار مع أسرته ، و مع كل الأمراء حول الإصلاحات التي تخص النظام الملكي في المغرب ، و هناك - حسب المصادر- توحيد للنظرة و الحوار بطرق مباشرة و غير مباشرة حول مدى الإصلاحات التي يجب أن يقرها الملك . الحوار لم يكن مع كل فئات الشعب فقط ، بل مع كل الأمراء و أفراد و توجهات الأسرة المالكة حول المستقبل .
ثانيا ، إجماع الأسرة الملكية على سقف - واحد - من الاصلاحات هو الجزء الرئيس من معادلة الأمن و الاستقرار ، من جهة ، ومن جهة أخرى ، هناك رغبة في أن يكون التوجه الأخير للإصلاح في المؤسسة الملكية استراتيجي ، كما يريد الأمير مولاي هشام .
في حواره مع ليكسبريس يرفض دعوة 20 فبراير و العدل و الإحسان إلى مجلس تأسيسي في مقابل توجهات إصلاحية عميقة يدعو لها ، و تتلخص في ملكية برلمانية بتقاليد مغربية ، لأن القراءة تؤكد أنه في حال عدم اعتماد إصلاحات قوية يكون استدعاء المجلس التأسيسي من طرف الشارع ، و هو ما يعني نهاية النظام الملكي - كما يقول الأمير باللفظ - .
الرسالة واضحة أن المجلس التأسيسي دعوة و مطلب لجماعة العدل و الاحسان ، و قد تحركت العدالة أخيرا لتحدد جلسة لمحاكمة نجلة ياسين التي فضلت النظام الجمهوري على النظام الملكي .
الرسالة واضحة : من يدفع الأوضاع إلى التأزيم و إعلان المجلس التأسيسي يرغب في نهاية النظام الملكي . وضع يتقرر معه القول : إن تحالف مولاي هشام و العدل و الاحسان صعب إن لم يكن مستحيلا في المستقبل ، خصوصا بعدما وضع الأمير الجماعة في خانة الداعين إلى النظام الجمهوري . و أمام الجميع إما تنكر الياسينيين لابنة زعيمهم ، و في ذلك ربح لنظام محمد السادس ، و نقطة يسجلها مولاي هشام لصالح الملكية في بلاده . أو أن يكون الاصطفاف في الشارع واضحا : إن كل من يدعو إلى مجلس تأسيسي في المغرب جمهوري ، و تأتي حركة 20 فبراير في مقدمة من يجب عليهم الجواب . لأن تمييز هذه الحركة عن الجماعة هدف رسمي ، و الأمير مولاي هشام رمى بحجره إلى جانب هذه الحركة في مقابل الجماعة " الجمهورية " لياسين و أطراف اليسار الراديكالي الداعي لاسقاط النظام ، و دعاة التأزيم الأمني في صفوف معروفة حاربت الأمير نفسه بأسم الملك و ضد استقرار الملكية ، و قد أشار مولاي هشام بوضوح إلى محيط محمد السادس .
صراع الأمير مولاي هشام ضد العدل و الاحسان لم يكن متمثلا فقط في قوله : أن من دعا إلى مجلس تأسيسي لاعتماد دستور جديد للمغاربة جمهوري ، بل طالب بإضفاء البعد الأخلاقي على إمارة المؤمنين في المغرب ، حتى لا يكون لها أي بعد ديني  يشير إلى الخلافة ، و يرفضه عبد السلام ياسين ، كما يتحفظ عليه كل سلفي بعد أن قرر الملك السعودي رفض كلمة الملك فكيف بأمير المؤمنين ؟!
إن اعتبار مقام أمير المؤمنين أخلاقيا و ليس دينيا ، و لا قداسة للملك  صورة من صور العمل على خطوط دينية أقرتها السعودية ، لسحب البساط من تحت جماعة العدل و الاحسان ذات الدعوة " الجمهورية " .
=== بعد حرب مولاي هسام المكشوفة على جماعة  العدل و الاحسان و اليسار الراديكالي و الأمنيين المحافظين ، ظهر تحالف الأسرة المالكة .
الدستور الذي يقوم الملكيون بتعديله وضع الأسرة الملكية في خندق واحد ضد الدعوات الجمهورية بِلَبُوسِ ديني أو ماركسي لينيني ، وضد المحافظة الأمنية المتطرفة التي ترغب في تصفية الشارع من كل التظاهرات باسم الحفاظ على الاستقرار .
تحالف الاسرة الملكية في ظرف تجديد الدستور جمع كل الأطياف من الأمير الأحمر إلى جانب المحافظ أو الاصلاحي ، ووحدة الأسرة المالكة جزء من الرد على دعوات إسقاط النظام التي ارتفعت شعاراتها أخيرا بعد تفجير أركانة ، و تدخل مولاي هشام لتأكيده على :
- التمييز بين الاصلاح و اسقاط النظام الملكي .
- التمييز بين الراديكاليين الداعين لأن تكون  الاصلاحات عميقة ، و بين راديكالية تغير النظام إلى جمهورية .
- رفع قداسة الملك في مقابل رفع قداسة الأيديولوجيات و المعتقدات في الشارع .
- التوجه إلى إطار من الملكية البرلمانية بتقاليد و ثقافة مغربية .
تحالف الأسرة المالكة تحالف آخر لكل الملكيات العربية ، و هذا جزء صلب من استراتيجية مولاي هشام ، ليس بمنطقه الأول القاضي بالميثاق العائلي ، إنما بمنطق تحالفي لإيجاد إصلاح يحمي العرش .
إن التوافق مع الملكيات العربية الأخرى على سقوف الإصلاحات شئ ضروري ، فالملكيات سكتت على ما جرى في البحرين ، بل و دعمت ملكها ، و الصوت الإصلاحي في كل الأسر سكت بعد أن ظهرت دعوات لإسقاط النظام . فالخط الأحمر هو اسقاط النظام الملكي ، و يحترم عميد الأسر الملكية الملك السعودي اختيارات كل بلد ، على أن لاتصل الدعوات إلى التغيير الكامل لهذه الأنظمة الملكية .
أمامنا الملك الأردني الذي يفاوض أوباما للالتحاق بمجلس التعاون الخليجي ، و لذينا الرباط التي تحرص على مصالح فرنسا قبل إقرار هذه الخطوة ، لأن الجغرافيا المغاربية تفرض من جهة أن يكون هذا الالتحاق غير مؤثر على مصالح باريس وواشنطن في الإقليم ، و الدعوة في جزء منها للضغط على الجزائر لفتح حدودها مع المغرب تبعا لتوصية روس .
=== تحالف الملكيات العربية قناعة الأمير هشام قبل الثورات 
نظر مولاي هشام إلى تحالف الملكيات العربية استراتيجية حياة لأنظمتها ، و تأتي الثورات لتضع المنظومة الملكية في كتلة واحدة اتجاه مستقبلها ، في إطار التعاون الأمني و الاستراتيجي ، فمبادرة الملك السعودي بإلحاق الأردن و المغرب " خاصة " قررها بنفسه ضد محيطه لابعاد الجمهورية اليمنية ، و بعد أن سقطت مصر الثورة في أحضان إيران .
انتصار الحلف المقدس ضد إيران هو وقف لتصدير نمطها الجمهوري إلى البحرين و تعزيز قدرة الملكيات في الصمود ضد توسعها  الذي يصل الجزائر على حدود المغرب .
من جهة ، دعوة الملك السعودي ضغط إضافي على الجزائر، بتعاون مع أمريكا ، لتحقيق ما اقترحه كريستوفر روس أخيرا من تطبيع للعلاقات الجزائرية - المغربية ، ومن جهة أخرى ، و على جبهة الأردن ، يكون الاقتراح داعما لسلام عربي - اسرائيلي من خلال اعطاء عمق خليجي لاتفاقية عربية بين عمان و تل أبيب .
أوباما يحرك طمع الإسرائليين إلى السعودية من هذه البوابة ، و بالتالي نجد أن " تحالف الملكيات " متنفس إقليمي ضد إيران ، و غير مناهض للديموقراطيات و ثورات الشعوب هو القادر على إنتاج السلام بعد الديموقراطية التي يطالب بها الشباب في شوارع العواصم العربية .
إنتاج السلام بعد الديموقراطية جزء من سياسات واشنطن في الشرق الأوسط الجديد و تحالف الملكيات إن كان جزءا من السلام مع إسرائيل ، فهو جزء من مشكلات التحول الديموقراطي في العالم العربي .
و تحمي قراءة مولاي هشام في المغرب و الأمير الحسن بن طلال في الأردن توازنات تنقذ العرش في البلدين ، إذ يعمل الأميران على أن تكون الاصلاحات ضمن السقوف التي تحافظ على الاستمرارية و تقبل في نفس الوقت بالديموقراطية .
لقد أغرى التدخل السعودي في البحرين جميع الملوك العرب ، و هذا الهدف الأمني أو التأميني للملكيات عبر عمل الرياض قرر معه المغرب أن يرفض المساس بالمنامة و بنظامها الملكي ضد إيران ، و قد ساهم بمجهوده الأمني و العسكري ضد الحوثيين لحماية السعوديين ، و أخيرا لحماية البحرين . و هذه الرؤية الأمنية المشتركة للحماية و ضد إيران كشفت أن دمقرطة الملكيات العربية في ظل سقوف مقبولة لا تؤثر في إشعال مطالب و احتجاجات في السعودية أو إمارات الخليج الأخرى .
الرياض ترفض بطريقة ما نموذجا ديموقراطيا حادا تمثله الملكيات العربية خوفا على أمن نظامها الرافض لإصلاحات عميقة .
إن رفض مولاي هشام للمساس بالسلطة الملكية واضح عندما اعتبر الدعوة إلى مجلس  تأسيسي " نهاية لنظام المغرب الملكي " . هذا الرفض نهاية لصورة الأمير الأحمر . و قد فضل مولاي هشام في هذا الظرف نهايته على نهاية النظام الملكي .
هل انتهى الأمير مولاي هشام بعد أن وضع ملكية بلاده تحت سقف ما يقترحه محمد السادس على لجنة المنوني في توصيات خطاب 9 مارس ، و في إطار تحالف ملكية بلاده مع ملكيات الخليج بشكل كامل .
مولاي هشام عندما يدعو إلى استلهام روح الملكيات الأوروبية لا ينظر أمامه سوى إسبانيا التي أدخلت الاصلاحات الدستورية في المغرب ضمن أمنها القومي ، فالأمير  يرغب في أن تكون الاصلاحات متناغمة مع الملكيات الأوروبية للضرورة الإسبانية ، و في تحالف استراتيجي مع الملكيات العربية .
الخليج يمول الاستقرار في المغرب ، و لن يمول الإصلاحات ، على أن الأوروبيين قد يمولون فقط الإصلاحات بما يناسب الاتفاق المتقدم مع المغرب . و بالتالي تكون إدارة الوضع على أساس : 
أ - ضرورات الجوار : إصلاحات تهئ البلد لاستعادة سبتة و مليلية ، وربح الجوار في إطار تحالف الملكيتين المغربية و الإيبيرية . تحالف يخدم الشمال و الجنوب المغربيين .
ب - إن كانت ضرورات الجوار مع اسبانيا ضرورات الجغرافيا السياسية فإن ضرورات التاريخ تفرض الانضمام إلى منظومة الخليج العربي في إطار تحالف الملكيات العربية .
ج - ضرورات الإقليم يفرض التعاطي بشكل استراتيجي مع إقليم المغرب العربي ، و يرغب البرغماتيون في المغرب بأن تكون دعوة المغرب للانضمام إلى الخليج عامل ضغط على الجزائر لفتح حدودها مع جارها المغربي .
=== الأمير مولاي هشام في مصالحة استراتيجية مع أخيه مولاي إسماعيل إلى جانب محمد السادس 
قبل أن يستقبل الملك السعودي في حضور ابنه ، الأمير مولاي إسماعيل  استقبل قبلا مولاي هشام . فالرياض عملت على تقوية العرش العلوي في المغرب اقتصاديا و استراتيجيا ، و في لحظة رأى فيها ملك السعودية مطالب الليبراليين قوية في بلده قرر استقبال مولاي هشام رسالة إلى الداخل على أنه إلى جانب الاصلاحات أو أنه ملك إصلاحي .و في لحظة الدفاع عن الملكيات العربية كتلة واحدة و تحالفا واحدا في وجه الثورات استقبل مولاي إسماعيل قبل أن يطرح فكرة انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي .
من جهة ، تعبيرا من السعودية على دعم الرياض لمجهودات الرباط ضد الإرهاب ، وقد زار مولاي إسماعيل مع الملك مقهى أركانة التي أصابها تفجير إرهابي قبل أن بطير إلى السعودية .
و من جهة أخرى ، تعبيرا من الملك السعودي أن أبناء عمومة الملك المغربي أمراء لهم دورهم كما في السعودية . و الاشارة الأقوى أتت من محمد السادس عندما اصطحب مولاي إسماعيل إلى مكان الحادث و أرسله إلى الرياض .
تدخلات الأمير هشام في سير الاصلاحات ، وزيارات و أعمال الأمير مولاي إسماعيل تكشف أن دور الأسرة الملكية لم يعد محددا بالدائرة الضيقة ، بل بكل الأسرة ، و كأن موعدها مع التاريخ و هي تعمل على اصلاحات " كبيرة و في ظل محمد السادس و في شروط الثورة " .
=== أدوار لابناء عم الملك في أجواء الدعوة إلى تقليص صلاحيات محمد السادس
مولاي إسماعيل إلى الرياض في أجواء انضمام المغرب لمجلس التعاون الخليجي ، و عدم إسقاط صفة الأمير عن مولاي هشام ، و هو الذي اختار مرارا أن يوقع مقالاته بمحمد بن عبد الله العلوي ، تمسك أخيرا بلقبه في إحدى حواراته التلفزيونية ، و هو يدافع عن احتواء حركة 20 فبراير قبل أن يرد ملك البلاد على رغبتها  في 9 مارس .
هذه الأدوار لأسرة الملك في أجواء المطالبة بتقليص صلاحيات محمد السادس فرضت من جهة  أن يدعو الجناح الاصلاحي فيها إلى الذهاب إلى ملكية برلمانية مغربية ، و الجناح الآخر إلى اصلاحات حددها خطاب 9 مارس .
تحالف الأسرة الملكية قائم على خطاب 9 مارس و خطاب مولاي هشام بشأن الاصلاحات ، و قد يكون ما بينهما صورة من الحل الذي لا يضعف التدخل الملكي و لايقويه على الحكومة ،والأساس حاليا يذهب باتجاه : وحدة الأسرة الملكية بعد اقرار الدستور .
=== مولاي هشام مع وحدة الأسرة الملكية مباشرة بعد اقرار الدستور ، فهل يسكت الأمير الاحمر ؟
كشف مصدر غربي قريب من الأمير أن مولاي هشام لن يخاطب كأمير جمهوره في حال اعتماد الدستور ، و قد يواصل أبحاثه الأكاديمية باسمه الذي تعوده بعض قراءه .
إن عدم الاستجابة لبعض مطالب مولاي هشام ، لايعني الوقوف ضد إرادة الأسرة و تحالفاتها ، لأن " البعد الأخلاقي جزء حقيقي من التقاليد الملكية " .
الأمير مولاي هشام يعمل جاهدا من فرنسا على إرسال رسائله إلى أسرته و إلى الشعب المغربي ، و من خلال الفرنسية و ليس الانجليزية ، لأن الجزء الهام من مستقبل الملكية هو إصلاحها .
حاليا ، تحالف الملكيات العربية فيما بينها في ناد واحد يحميها ، لايجب - كما يقول أوباما للملك عبد الله الأردني - أن يكون ضد تعميق الإصلاحات ، وتوصية مجلس الأمن القومي الأمريكي ترى أن عدم التدخل في البحرين بما يكفي لحماية الشعب البحريني و الاصلاحات التي ينادي بها ، قد يدفع إلى تراجع في أجندة الاصلاحات التي قررتها ملكيات خارج الخليج ، وقد رأى الأردن أن الاصلاحات جزء من أمنه الخاص و لاتتعلق بتحالفاته الاقليمية - أي الخليجية تحديدا - فهل الأمر نفسه هو قرار المملكة المغربية ؟!     

ماوراء الحدث عدد 29 ص 3 بقلم عبد الحميد العوني

إفلاس الهمة و بنكيران ... كأن الملك ضد أمير المؤمنين ؟!


الحزب في الديكتاتوريات بين أن يكون سرطانيا أو كرتونيا ، فإما أن يتبع الحزب خلايا الدولة ، فلا يستطيع أن يستقل عنها ، و لا يمثلها ، ولا يضع إلا زبائن مشوهين ، منافقين ، يؤمنون بالمظلة ، لا مبادرة لهم و لا قدرة لديهم و لا رؤية طبعا و قطعا .
و في الحالة الثانية يكون الحزب أراجوز ، بلا طعم و لا مذاق ، لا يؤمن بما يفعل ، و هم يفعلون ! و قائدهم بهلوان ، مزايد ، مكايد ، يضحك على شعبه في عصر تحررت فيه الشعوب ، و قررت ثم سطرت مستقبلها ... في هذه الأجواء يخاطب بنكيران الهمة و العهدة على أخبار الأمس و اليوم ، في تجمع خطابي في القصر الكبير يقول له : في 2009  قال لنا الهمة أنه جاء للدفاع عن مشروع ملكي ، و الآن عندما بدأ الناس يتحدثون عن الملكية في الشوارع ، علاش تخبيتي ، هذي ماشي رجلة ؟! 
و نتساءل : هل هذا خطاب من تربى على مكارم الأخلاق و يدعو لها ، فلا هو يذكر نضالات الشعب المغربي منذ ميلاده أو يزيد . أين الرجولة في كلام بنكيران ؟ إن شكك بنكيران في رجولة الهمة ، و كأننا أمام الهمة بلا همة في نظر خصومه و بنكيران بهلوان كما في رد خصومه .
هل هذا منطق الحال المريض يا قادة الأحزاب ، نفاق أو نفاق مضاعف ؟! كبف لنا أن نعيش و منافق ينافق على نفاق أخيه ... الهمة تمسح بالأعتاب الشريفة ليدافع عن مشروعه ، و بنكيران يتمسح بنفس الأعتاب ليدافع عن نفسه ؟! و الملكية في حاجة إلى الديموقراطية للدفاع عن نفسها . الملكية لا حاجة بها لحزب العدالة و التنمية و بنكيران ليزايد على الهمة ، و لا الهمة ليزايد على بنكيران ، و كلاهما يدافع عن الأعتاب و ينسى العرش .
كهنة كل نظام يفلسفون الزور ، و يقول الحكيم : كيف تطلب الإصلاح بلا صلاح  في القول و العمل ؟
في الحرب ، قاتل بنكيران الهمة باسم أمير المؤمنين ، و خرج الهمة باسم الحداثة و باسم الملك . و ظهر في الشوارع كأن الملك ضد أمير المؤمنين ؟
أليس هذا مكر اللحظة ... صراع بدائي و غير أخلاقي ، فلا الرجولة بادية في ابن المخزن كما يقول الاسلامي ، و لا في ابن الشبيبة الاسلامية الذي تحول جينيا يأخد سلوك حزب العدالة و التنمية التركي في نظام علماني ليدافع به عن أمير المؤمنين ! و ينطق باسم الله و بوليميك ظهر المهراز و يمكر كغيره مثنى و ثلاث و رباع ... وفي فلسفة الحكم قيل لكسرى : أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا ؟ قال عدوي أو خصمي .
و المغاربة خاصموا المخزن في الشوارع ، ورأوا إصلاحه ، فكانوا في معارضتهم أعقل من منافقي النظام ، و الرد عليهم أوجب أن يكون مقبولا و معقولا و، فالشعب أصدق إنباء من الخطب ، في حده الحد بين الجد و اللعب .
الشعب أراد الأمن و الاصلاح ، و الغريب أن المنافقين يلعبون بالقرار و النار، يعرقلون الأفعال و يضخمون الأقوال ، و التهديدات و التقديرات ، ورأينا جميعا في تونس ومصر أن العقل عوض أن يكون عند الحاكمين رأيناه عند المحكومين ، و كأن مفاجأة العصر أن يكون المحكوم اعقل من الحاكم ؟!
الحاكم يتهور كي لا يتغير ، و المحكوم المظلوم يُغَلِبُ المصالح العليا و مصالح الوطن و مصالح النظام نفسه لينتصر على أن أدرانه و أعوانه و يستجيب للعصر و للشعب . و في كل الأحوال المنافقون يكذبون ، و أبناء الشعب يصدقون ، و كمل قيل قديما : إن مداواة أهل العلل الظاهرة أهون من مداواة ما خفي وما بطن !
العملة الظاهرة حول الحاكم : نفاق و ارتزاق . هؤلاء يريدون أن يؤكدوا للحاكم أنهم حملة العرش ، و لا يكون الحملة إلا صفوة في أخلاق ملائكية ، فكيف بمن قذف بالباطل على الأشخاص نارا تأكل الأجساد في تفجيرات مراكش أو تأكل الأخلاق في القصر الكبير أو تضرب الاصلاح لتجعله أضغات أحلام . و ماهم بتأويل أحلام الشعب بعارفين ، و حول الحاكم منافقين ، و أمام قطيعهم كاذبين و أمام التاريخ مهزومين ؟
التاريخ لا يرى سوى الحق و الشعب ، وإن إليهما راجعون طال الزمن أو قصر . 

القلم المعاكس عدد 29 لماوراء الحدث

من ورزازات إلى فكيك بداية بناء الهوية الديموقراطية للصحراء الشرقية


لأول مرة ، في تاريخ المغرب المستقل ، نرى شرق درعة هوية جغرافية مستقلة تجد قاعدتها في المملكة و امتدادها في أراض تديرها الجزائر على طول حدود غير مرسمة معها .
أولا ، الهوية الجغرافية لشرق وادي درعة في مقابل غربه ، شكلت في مشروع عزيمان بداية تغيير لقواعد اللعبة ، ليس فقط لأننا أمام شرق درعة الذي يمثل الصحراء الشرقية في مقابل غرب النهر الذي يطلق عليه الصحراء الغربية ، بل لأننا أمام هوية جديدة دخلت في مرحلة المأسسة Establishing  من ركنين أساسيين : برلمان سيشكل فيه أبناء هذه المنطقة بعمقها التاريخي ووحدة المجال الصحراوي انطلاقة أخرى لتأسيس هوية الصحراء الشرقية من ورزازات إلى فكيك على طول الحدود غير المرسمة مع الجزائر .
ثانيا ، الهوية الديموقراطية ، فبرلمان شرق درعة أو الصحراء الشرقية سيكون بكل تمثيليته المتوازنة من ورزازات إلى فكيك - لأول مرة -  يتحمل مسؤولية تحديد مصيره من أجل وحدة هذا الإقليم الجغرافي .
لم يعد مهما البحث عن منفذ بحري ، كما ينظر أهل فكيك إلى وجدة على البحر المتوسط ، أو أهل ورزازات باتجاه أكادير على المحيط الأطلسي ، بل يكون عمق الجهة داخل الأراضي المغربية التي تديرها الجزائر ، و في كل أراضي الصحراء الشرقية كإقليم تاريخي ، و من خلال منفذين : أولهما على الأطلسي حارب بومديان لأجله أعواما و سنين ، و على المتوسط ثانيا .
الهوية الديموقراطية لسكان الصحراء الشرقية دعم لعصب الخيار الحر لشعوب المنطقة ، و إيمان حقيقي بالأمة المغربية الواحدة التي شكلت المغرب الكبير .
ثالثا ، الهوية التاريخية للصحراء الشرقية التي قسمتها فرنسا بين المغرب و الجزائر لم تشكل فقط إمارة عبد القادر ، و هو علوي خاصم في إحدى الفترات عرش العلويين المغاربة ، و حارب من أجل نفس الهوية الواحدة في الحكم ، بل شكلت الصحراء الشرقية هوية الجزائريين ، و لا يزال رجال الغرب الجزائري يحكمون إلى الآن الدولة . و أساس شرعية الحكم واحدة : " علوية ، شريفة " انطلاقا من وحدة الصحراء الشرقية ، أو من شرعية شعبية ثائرة من نفس الإقليم اتجاه البحر المتوسط .
الخيار الجهوي يعيد من خلال الهوية الديموقراطية بناء هذا الإقليم الذي أسس دولتين : الجزائرية و المغربية ، و انقسم بينهما دون أن يصل إلى بناء منظوره من داخل الأمة المغربية الواحدة .
بوتفليقة صرف 20 في المائة من ميزانية الجزائر ، و ما يقرب من 13 مليار دولار تسليحا و بناء من أجل هوية مستقلة لغرب الجزائر تزيد من لحمة بلاده ، و تقتل خيار الصحراء الشرقية في الجانب الآخر .
و حاليا يعمل المغرب على بناء هوية أخرى لهذا المطلب التاريخي انطلاقا من الهوية الديموقراطية المتمثلة في البرلمان الجهوي و تمثيل الساكنة ليكون معنى " جديدا " لهذا المجال ، فالإدارة الذاتية للصحراء الشرقية أكبر خطوة لربح وحدة المغرب الكبير ، و ربح رهان الأمة الواحدة منذ أن خرج الأمير عبد القادر العلوي الجزائري عن السلطان المغربي .
الصحراء الشرقية لم تكن تركية ، و لا فرنسية إلى أن استقل المغرب قبل الجزائر ، فكان عمق الجيش الفرنسي منطلقا منها لإنجاح خططه في كل الصحراء الكبرى .
لقد عرضنا كتاب المؤرخ زكي مبارك بالوثائق لمعرفة خلفيات الصراع الجزائري المغربي و أساس سوء التفاهم بدأت جذوره و لا تزال في الصحراء الشرقية . باسمها قرر الجنرال أوفقير إعدام بن بركة ، لأن الأخير غلب الثورة و إسقاط النظام عن الوطن ، و أراد أن يدفع في مقابل دعم الجزائر السكوت على الصحراء الشرقية التي عرفت حرب 1963 كأكبر الحروب بين العرب على الحدود ، و لايزال الأمر معلقا .
و بن بركة في اجتماع طنجة دافع عن إكمال حدود المغرب أمام الجزائريين قبل استقلال بلادهم .
اتفاق إيفران يعد بروتوكولا فقط لأن الحسن الثاني و بومديان لم يوقعا عليه إلا بصفتهما الشخصية و لم يظهر إلى الآن توقيع بومديان على هذه الوثيقة ، و بشكل مطلق . كما أن برلماني البلدين لم يصادقا على الاتفاق إلى حدود كتابة هذه السطور . و جبهة التحرير الجزائرية لم تحضر و لم توقع و لم تطلب قراءة هذه الاتفاقية ، و هي الجهة المخولة لأن بومديان حكم بشرعيتها ، و شرعيته انقلابية و مطعون فيها .
الشرعية العلوية للأمير عبد القادر الجزائري تجاوزها الجزائريون نحو ثورة ثانية من خلال شرعية جبهة التحرير ، و الشرعية النضالية لهذه الجبهة لم يستند إليها بومديان في اتفاق إيفران ، كما أن الجبهة عارضتها و لم تصادق عليها ، كما لم يصادق عليها من يمثل الشعب الجزائري و مفاوضات هذا الاتفاق حدثت في أجواء الاستثناء ، فبعد القضاء على أوفقير اعتبرت الدولة اتفاقية إيفران طيا من الحسن الثاني لصفحة هذا الجنرال و لصفحة الصحراء الشرقية ، لكن بومديان قبل ثم رفض  اتفاقية أنتجتها ظروف الاستثناء المغربي ، و لم تنتجها ظروف عادية ، و اليوم قضية الصحراء الشرقية لم تعد قضية حاكم أو جنرال بل قضية شعب هذه المنطقة و ساكنتها ، و الخيار الديموقراطي الجهوي يضمن مثل هذا الخيار و هذا التحول ، بل و يحميه .
الحسن الثاني عندما اقترح اتفاق إيفران طمح إلى اعطاء الجزائر مصالحها في كل الصحراء ، و عندما أحس بومديان أن الاتفاق لا يؤكد سوى " الوحدة الاستراتيجية للصحراء دون تقسيمها " تحت عنوان ( الصحراء الغربية ) رفض الصفقة ، لأن المغرب دخل آنذاك في مفاوضات مع فرانكو لإدارة الصحراء الغربية .
الصحراء المغربية في نظر الحسن الثاني كانت تعني كل شرق و غرب درعة ، على نفس ما كانت عليه الحدود عشية الحماية الفرنسية . هذه هي الخارطة التي أخرجها مرة في عهد ميتران ، و قال له الحسن الثاني: إنها الحدود التي أعترف بها . و طلب الرئيس الفرنسي عدم التصعيد لأن الحسن الثاني قرر أنذاك الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية .
اتفاق إيفران ضمن للصحراء وحدة تكون بحجم وحدة المغرب الكبير . لقد اختار بومديان أنذاك مغرب الشعوب ، و دافع الحسن الثاني عن الدولة الشرعية و التاريخية الواحدة .
من جهة لم يذكر المغرب الحدود في دستوره ، و في عقد بيعة محمد السادس ذكر طنجة و لكويره و لم يذكر المدينة التي تنطلق منها في الشرق إلى المحيط الأطلسي .
الشرعية التاريخية لم تكن وحدها رهان الساسة ، كانت شرعية النضال ضد الاستعمار بوابة محمد الخامس و كان الحسن الثاني قد أثار الشرعية التاريخية و الاستراتيجية بعد حرب الرمال لإنجاح رهانه .
في الدستور الجديد لا يمكن إعطاء هوية حدودية للبلد ، و لايَصدُقُ أن يكون المغرب أمة دون هوية تاريخية لحدوده .
مسألة الصحراء الشرقية منضوية تحت المشروع الجهوي الذي ما إن يعتمده المغرب حتى يعيد لهذه القضية حركيتها و ديناميتها من زاويتين :
أ - أن شرق درعة منطقة مفتوحة ، و لأن استحضارالعامل الجغرافي أساسي في عدم إثارة الجزائريين ، و التاريخ الذي يذكر الصحراء الشرقية بكل الحساسية المعروفة يخدم هذا الاطلاق أكثر من أي اسم آخر .
ب - أن كل المناورات الأمريكية العسكرية انطلقت من رأس درعة ، و أصبحت هذه المنطقة ذات وضع استراتيجي على الأقل في عهد بوش الثاني و رايس و خطاطات البنتاغون إلى 2009 .
شرق درعة ذات طابع استراتيجي كمنطقة عسكرية و طاقية ( محطة ورزازات للطاقة الشمسية ) ، و هذه الهوية الديناميكية تعطي لها بعدا آخر ، فالهوية الصناعية يمكن أن تصنع الوحدة بقدر ما تتجاوز التاريخ ، لأن الأولى تعمل على وحدة المصير ، أما التاريخ فيعني وحدة المشترك ، و الهوية الصناعية في اصطلاحات القرن الماضي هي الهوية الاستراتيجية بلغة القرن الواحد و العشرين .
مثل هذه الهوية دفعت أبناء فكيك إلى طلب بقاءهم في جهة وجدة ، و رفض بعضهم مشروع التقسيم الجهوي الذي اقترحه عزيمان ، و مبررهم هو التنمية و الاقتصاد ، و بناء المغرب لأكبر مشروع طاقي للشمس في القارة الأفريقية يبدأ بورزازات و لا ينتهي عندها سيوحد الجهة الصحراوية باسم الانتاج ، و باسم التاريخ معا .
إن شرق درعة هو التعريف الجغرافي للصحراء الشرقية بمفهومها التاريخي الحساس و تكامل التعريفين هو القادر في وحدة الاصطلاح و ديناميكية الواقع و حركيته أن يضع هذه الجهة في قلب المغرب ، ببساطة لأنها ستنتج طاقته .
و هذا يعني أمرا رئيسا : لا مغرب كبير دون صحراء شرقية موحدة تكون هي قلبه ، لأنها مصدر كل شرعياته في الحكم و الدولة ، و هي عمقه الجغرافي إلى الأطلسي في مجال صحراوي واحد ، و حاليا كل الطاقة في هذا الاقليم : البترول الذي تستغله الإدارة الجزائرية ، و الطاقة الشمسية المنطلقة من ورزازات .
إن إعطاء محمد السادس للصحراء الشرقية " هوية ديموقراطية " ، من خلال برلمان الجهة و النظام الجهوي عموما ، يضعها مرة أخرى قضية معاصرة أو على الأقل في شروط العصر ، حيث تتعزز الهوية التاريخية و الاستراتيجية لهذا الاقليم و يكون المصير في يد الساكنة وحدهم دون غيرهم ، و هذا التطور استثنائي بكل المقاييس ؟!
      
 ماوراء الحدث عدد 28 ص 20 بقلم عبد الحميد العوني

انتصرت أمريكا و خسرت إسرائيل في معركة بن لادن ؟!


لأول مرة في تاريخ العلاقات الاسرائيلية - الأمريكية تقوم واشنطن بعملية كاملة بدون مساعدة تل أبيب . و قتل بن لادن كشف عن عملية في دولة نووية ، نصفها متطرف و ربعها يقاتل أمريكا في أفغانستان  بنسبة 100 في المئة بتعاون شديد بين ( السي . آي . إيه ) و الجيش الأمريكي ( البانتاغون ) . أوباما هزم القاعدة بقتل زعيمها ، و هو ما فشل فيه جورج بوش الثاني ، و هزم إسرائيل عندما لم يستعن بها مطلقا في كل عهده و في كل العمليات السرية التي أنجزها في المنطقة .
بوش الثاني رفض حضور الاحتفال بقتل بن لادن ، ببساطة لأنه مخذول ، فرغم سعيه الكبير ليكون إلى جانب إسرائيل في عملية مشتركة ضد القاعدة ، فضل أوباما دعم السي . آي . إيه و عزل إسرائيل في المعركة ضد بن لادن .
لأول مرة ، في تاريخ البلدين لم تعرف إسرائيل ساعة الصفر ضد بن لادن ، و لم تعرف شيئا عن هذه الملاحقة التي بدأت من غشت الماضي .
الصدمة عنيفة في أوساط الموساد ، و عندما يدعو نتنياهو إلى اغتيال الخامنئي مثل ما قامت به أمريكا ضد بن لادن . فضل البيت الأبيض أن يترك التقييم لأجهزة أمريكا و لأمنها الخالص في المنطقة .
يوم 20 من الشهر الحالي يجتمع نتنياهو و أوباما . لن يتحدث الرئيس الأمريكي كعادته ، و سيترك المبادرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ، و الذي سيقوله أوباما : لن نضعط على بريطانيا و فرنسا ، لتأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية .
الشئ المؤكد أن الاستخبارات الباكستانية حمت بن لادن ، و أن الموساد لم ترغب في اغتياله ، ليبقى الأمريكيون محتاجين للطرفين . حاليا ، أوباما يكسر هذه اللعبة و ينتصر لبلاده و للأجهزة ، و لسياسة " مستقلة " لأمريكا في الشرق الأوسط الكبير .
الضغوط على إسرائيل ستزداد ، و الجهد الفلسطيني من أجل الإعتراف بدولة فلسطينية في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم يوشك أن يؤتي ثمارا . تقول هآرتس من خلال مصدرها في خارجية ليبرمان ، و يؤكده الأخير مرارا للصحافيين القريبين منه .
إن تصويت ثلثي  128 دولة لصالح فلسطين بات من شبه المؤكد . و المؤكد أن إسرائيل خسرت التعاون الاستخباري مع أمريكا و خسرت محوريتها في الشرق الأوسط .
أمريكا تصر على إحراز كل انتصاراتها بقواها الذاتية . هذا الوضع مقلق لتل أبيب لأنها انطوت على مصالحها الذاتية ، و في ظل هذه الأوضاع نجد واشنطن تبدع في تحويل المجابهات ذات القوة المنخفضة إلى خطة سلام . و تقود حربا غير مسيسة على الإرهاب ، و تدخل في هدنة طويلة مع المسلمين .
مثل هذه الصيغة نجحت في إيرلندة ( بمبادرة إيرلندة و بريطانيا ) و في جنوب أفريقيا ، و في غرب أفريقيا بين موريتانيا و السينغال ، و حاليا في مشكل الصحراء " الغربية " و في تيمور الشرقية ( برعاية الأمم المتحدة ) ، و القضية الفلسطينية لا ترغب في اطالتها ، و تتحول إلى " صراع منخفض القوة " و لها مستوى من التدويل الذي يمكنها من الحل . لأول مرة لا تكون إسرائيل مبادرة و لا صانعة للقاطرة التي تقود على السكة .
تل أبيب تخسر نفسها إذن ، و اليوم هناك شروط لإنهاء الصراع في حال وصول أوباما لولاية ثانية في أمريكا. نجاحه كبير و صامت ، و يحقق جوائز لشعبه دون خسائر كبيرة و بخطاب متواضع ، وإن ببلاغة فائقة . الأمر المفاجئ ، عندما ندرك أن إسرائيل علمت من وسائل الإعلام كغيرها خبر مقتل بن لادن ، و عندما طلب نتنياهو تصفية الخامنئي على شاكلة زعيم القاعدة لم يلتفت إليه البيت الأبيض ، ليبرمان بعنترية مضافة : الولايات المتحدة قتلت مبحوحها ، لكن النتائج مختلفة إلى حد بعيد .
حماس لم تعد بعد الاتفاق مع السلطة مثل حماس قبله ، فمشعل أدرك أن الطاولة تسعه ليوقع على اتفاق دولة على أساس 1967 ، و هو ما صرح به و أعلنه في القاهرة .
الأسئلة لم تعد صعبة سوى في أنظار ليبرمان و الصقور اليمينيين . و التفاوض قدر سيكون بنتائج ، و لم يعد الأمر مهتما بالشكليات و التطرف في الضمانات . هناك فقط معنى لأن تكون إسرائيليا في أراضي شرعية ، و عندما قررت الشرعية الدينية التي تستثمرها حماس أن تكون إلى جانب أبي مازن . علينا أن نقرر أن تكون إسرائيل متوافقة مع الشرعية الدولية . ربما يكون مشعل أقل تطرفا من ليبرمان في الطرف النقيض . و السبب أن الذي يحارب يدرك جيدا مكان اللغم المحتمل .
نتنياهو و ليبرمان لم يحاربا بما يكفي ليعرفا خارطة الألغام الجديدة في الشرق الأوسط .
قريبا سنجد الساعة تاريخية و ناضجة قد تجعل الجبهتان الشعبية و الديموقراطية و الجهاد إلى جانب  الحسم .
و النضج في إسرائيل لا يتوقعه الكثير . ولن يستطيع اليهود دفع ثمن في أن يكون ضد عصر جديد في الشرق الأوسط تقوده ثورات تعمل على تسويات ، لأن صدمة نتنياهو : أن ثورة مصر ترعى توافق فتح و حماس و مبارك الذي يعرقل لصالح تل أبيب انتهى ، هناك فترة من المحو تعيشه المنطقة ، و تعني في إحدى صفحاتها : انهاء الصراع كما تقول هآرتس متفائلة ، أو إنهاء لعبة و بداية أخرى و فصولها بدأت مع أمريكا و مع مصر . فماذا ينتظر نتنياهو ليزيد من عزلة بلاده ؟!


ماوراء الحدث عدد 28 ص 20 بقلم جون فنهارت

إشارات خطيرة بعد نفي القاعدة مسؤوليتها عن تفجير مراكش ؟


بعدما أعلن برنار سكارسيني رئيس القيادة المركزية للاستخبارات الداخلية الفرنسية أن فرنسا هي الهدف الثاني للقاعدة بعد الولايات المتحدة ، و التنظيم - كما هو معلوم - يشن حربا على حياة الفرنسيين ،  أتى  نفي القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي للقطع مع هذه الممارسة ، كاسرا للعبة القائمة بينه و بين الأجهزة الأمنية التي تحاربه ، و قد أقر في بيان له ( أنه يختار المكان و الزمان الذي لا يتعارض مع مصلحة الأمة في تحركها نحو التحرير المنشود ) و هذه فتوى لمشاركة عناصره في هذا الحراك ، و محاولة انجاحه ، و هذا لا يخدم أكثر من جهة سخرت الحرب على الإرهاب كجزء من الحرب على معارضي النظام .
لم يكن البيان مفاجئا بعد مقتل بن لادن ، فالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خرجت من الجماعة السلفية للدعوة و القتال بعد فشل وصول جبهة الانقاد الجزائرية إلى الحكم ، و هي كفرت المجتمع لأنه تراجع عن حقه ، و حق الاسلاميين في الحكم . فالتنظيم له جذور في مباركة " الحراك الشعبي "  الذي شكك ضريف في بيان القاعدة لاستعماله هذا المصطلح ؟!
المحتمل أن تعود القاعدة بعد مقتل بن لادن إلى سابق عهدها قبل بيعتها له ، و إن كانت قد بايعت أولا الظواهري قبل أن تستدرك و تبايع بن لادن .
القاعدة أربكت الحسابات الأمنية باتجاهين :
أ - رفض العمليات القتالية في المغرب الاسلامي التي لا يوافق عليها تنظيم القاعدة زمانا و مكانا ، مما يجعل العمليات القادمة بتوقيع مسؤول من التنظيم .
هذا التطور يفصل في الالتباس الموجود فيمن يقف خلف التفجيرات ، و يزيد من طرح الظلال على ما يعرفه الوضع ، و قد عانت الجماعة قبل أن تبايع القاعدة من اختراق الأجهزة الجزائرية . و تدير اللعبة حاليا بعد مقتل بن لادن ، بحساباتها أكثر من توقعات المركز ، حيث ظهر بن لادن قائدا و بمركز قيادة - كما يقول تقرير البنتاغون - .
ب - رسالة إلى فرنسا أن قتل الفرنسيين لم يعد مهما بعد تصفية بن لادن ، و ستكون العمليات القادمة كبرى تعبر عن الثأر لتصفية الزعيم ، و تكون أهداف أمريكا في المقدمة كما قال سكارسيني ، و هناك كما يقول في جريدة لوموند : احتمال في أن تتسارع الأمور .
من جهة ، قد تعطي القاعدة لفرنسا بعض الراحة ، لأن الأهداف المتوقعة : أمريكية و كبيرة لإعطاء الانطباع أن موقع بن لادن " كبير " بدوره .
من جهة أخرى ، بيان القاعدة قد يعطي نوعا من التراخي يكون فرصة للقاعدة من أجل تنفيذ عملياتها و الأهداف الحالية :
أولا ،  الافراج عن متشبعين بهذا الفكر ، فالنصرة تسبق القدرة ، في ظل الانفراج الذي تفرضه تطورات الإصلاح و حركة 20 فبراير .
ثانيا ، التوجه إلى مصالح أمريكية فوق تراب الدول التي يمكن أن يصل إليها تنظيم القاعدة ، و لا بد من البقاء على رفع حالة التأهب التي أعلنها أوباما بعد مقتل بن لادن ، و في نظر الفرنسيين  يستمر الحذر - بتعبير سكارسيني - .
أهداف القاعدة ظهرت في 100 أسطوانة مضغوطة ، و آلاف الوثائق و الاوراق و الملفات  ، و 10 أجهزة تخزين إلكترونية ( هارد دريفر ) و 5 كومبيوترات ، و يجري تحليلها في مقر الاستخبارات الأمريكية C.I.A في فرجينيا ، و في مكان آخر سري في أفغانستان ، و كان لزعيم القاعدة كابل من الألياف الضوئية يستخدم عبره الأنترنت من نقطة إلى أخرى - كما نشرت الواشنطن بوست - .
القاعدة في المغرب الأسلامي التي تهاجم في مسيراتها الأهداف الأمريكية ، للموقف المشهود لواشنطن في أزمة الانقاذ و الجيش بتسعينات القرن الماضي ، هي اليوم مضطرة لأحد أمرين :
أ - السكوت عن بيعة خليفة بن لادن ، خصوصا بعد أن ظهر نعيه بتوقيع : الإدارة العامة . واقع قد يدفع إلى الاعتقاد بوجود خلاف في القيادة ، أو أن الصدمة كبيرة و غير متوقعة  دفعت إلى إعلان النعي باسم جماعي في انتظار الأيام المقبلة ، و السلفيون يخلفون بعضهم أميرا عن أمير .
و قد تكون فرصة القاعدة في المغرب الاسلامي ذهبية للعودة إلى ماكانت عليه قبل البيعة .
ب - إن استهداف الأمريكيين أصبح ضرورة بعد مقتل من بايعوه . فتكون القاعدة في المغرب الاسلامي خارج سياقها و أهدافها التي ركزت على فرنسا الداعمة منذ القرن الماضي لمؤسسة الجيش الجزائري و لا تزال .
و القصد من بيان النفي عن عدم مسؤولية القاعدة عن تفجير أركانة في مراكش ، هو إيصال رسالة إلى فرنسا - التي تبنت التحقيقات الجارية - مفادها أن تعيد النظر في هذه التحقيقات .
القاعدة تستهدف علاقات التعاون الأمني المغربي - الفرنسي ، و هو في جزء منه شديد الحساسية ، و حاليا يمكن لباريس إعادة قراءة الجريمة النكراء بمراكش .
 ظلال جديدة و أبعاد خطيرة لبيان القاعدة تؤكد أن اللعبة لم تنته ؟!

ماوراء الحدث عدد 28 ص 11 دولي

بين الديستي و دجيد بعد تفجير مراكش


في تفجيرات 2003 عرف الجميع " مول الصباط " ، و في 2011 قدم وزير الداخلية المغربي " مول السبرديلة " منفذا مفترضا لحادث أركانة الإرهابي ، فالمسمى عادل سبق له ثلاث مرات على الأقل خروج المغرب و محاولة الالتحاق بتنظيم القاعدة عن طريق البرتغال ، و أخرى عن طريق ليبيا ، ثم سوريا و كل هذه الدول نعتته بالعنصر الخطير دون أن يتم إلقاء القبض عليه ، و هذا يشير إلى أمرين :
الأول ، عدم وجود تنسيق أمني كاف مع الدول المذكورة ، و المغرب بعد أركانة فتح بابه لكل المحققين من إسبانيا ، و فرنسا ، و إف . بي . آي الأمريكي و روسيا حسب مصادر إعلامية ، مما عجل في إلقاء القبض على المتورط ، فمن وصف المشتبه به سائح هولندي ، و عادل المنفذ المفترض اعتبرته أجهزة دول أخرى " خطيرا " و عليه يكون العمل الدولي من كشف عادل .
الثاني ، أن العمل مع الدول من اختصاص ( دجيد ) في المغرب ، و العمل في الداخل من اختصاص الديستي ، بمعنى أن الأسماء التي تعتبر " خطيرة " في مجال الإرهاب تعطيها الدول إلى المغرب عن طريق دجيد ، و الجهاز الذي عليه المتابعة على التراب الوطني هو الديستي ، وعليه يكون عدم اعتقال عادل ناتج عن عدم التعاون الكافي بين دجيد و الديستي ، و هذا الوضع يكشف صراع الأجهزة يما لا يفيد أمن المغرب .
عدم اعتقال عناصر الحموشي لعادل يعني أن هذا الجهاز له وجهة نظر أخرى ، قد تكون مضادة لما أكدت عليه تقارير الدول آلأخرى ، و لدجيد تحديدا ، من زاوية تقول :
1 - أن جهاز الديستي وحده صاحب الاختصاص في مجال الإرهاب ، و لا يقبل توصيات غيره .
2 - أن هذا الجهاز يعمل بسياسة خاصة به ، و ربما يكون القبض على عنصر يوصف بالخطير لا يكون إلا بعد سعيه لتأسيس مجموعة ، وحالة عادل الذي يدخن و يشرب الخمر حسب شقيقته ( أخبار اليوم 8\5\2011 ) تبعد عنه الشبهة ، خصوصا و أن بائعي الأحدية المغاربة يسافرون إلى ليبيا و لسوريا ، و البرتغال الدولة التي لم تتعرض لأي اعتداء إرهابي .
و التقييمات الفرنسية اعتبرت المجهود الأوروبي واحدا و محترفا ، و أجهزتها عملت لكشف هذا المطلوب أساسا من خلال ( غرافيك ) السائح الهولندي .
هل عدم اعتقال ( عادل ) تقصير أمني كما ورد في الصحف ؟
الواضح أن هناك رسائل تهم أطرافا متعددة :
- من يريد أن يعتبر أن الاهتمام بحركة الشارع بعد 20 فبراير قللت من العمل الاستباقي لأجهزة الأمن ضد الخلايا الموصوفة بالإرهابية .
- و من يريد أن يؤكد على أن ضعف التنسيق الدولي ليس في صالح أمن المملكة .
- فرنسا رغبت بقوة في الإشراف على التحقيقات في مراكش - إلى جانب الأمريكيين - لإبعاد أي اتهام للجزائر أو للبوليساريو . يقول مصدر في باريس : من المهم في هذه المرحلة الحساسة عدم اتهام دولة ، إنه الدم الفرنسي ، و أردنا أن نعاقب المجرم لا أن نعاقب شيئا آخر .
الجزائر طالبت آلان جوبيه و تعهد لها الأخير بتحقيق نزيه في حادث أركانة ، فكان مهما - كما هو ملاحظ - ألا يصل الاتهام إلى دولة الجزائر ، أو أن يكون الاتهام سياسيا بالمطلق .
التحقيقات يجب أن تكون محترفة و تهتم بالجريمة و فاعلها . الرسالة وصلت ، لأن الضحايا أوروبيين، و يبقى لغز مقتل الدبلوماسي الروسي في تفجير أركانة ، هل كان مصادفة إلى هذا الحد ؟
من جهة : ليس من صالح الأوروبيين دخول الروس على الخط في حادث أركانة ، و في قضية تخص المغرب ، و قد اهتم ساركوزي بالموضوع . و لهذا طلب السرعة و الفعالية ، و من جهة أخرى ، رأى آلان جوبيه أن عدم اتهام دولة كالجزائر أو الوضع في ليبيا أي الوضع الإقليمي في صالح التحقيقات التي تطمح إلى عدم التسييس على صعيد الداخل ، كي لا تسمح أطراف لنفسها بعرقلة إصلاحات المغرب . و على صعيد الخارج ، كي لايكون للوضع الإقليمي التأثير الذي يعرقل التوجهات الإصلاحية انطلاقا من الدستور في الجزائر و المغرب . فالقذافي يرغب في " تهويل خطر القاعدة إلى حد الذي يشرعن به حربا ضد شعبه " .
و لايمكن الأخذ بهذه القراءة الليبية . الفكر المتطرف قد يكون وراء عملية التفجير ، لكنه لن يكون له مدلول سياسي أو إقليمي .
=== عدم تعاون الديستي و دجيد ، هل كان وراء حادث أركانة ؟
منذ عملية أمغالا تدخل الجيش في محاربة الإرهاب ، الجنرال بنسليمان زار موقع التفجير في مراكش ( أركانة ) و هذه الاشارات تكشف أن كل الأجهزة المختلفة تعمل ، و أن عدم التعاون بين الديستي و دجيد قد يكون وراء حادثة أركانة ، أو عدم التنسيق سهل مأمورية الفاعل لأن دجيد و من خلال تقارير دولية اعتبرته خطيرا . و لم تعتمد الديستي هذه التقديرات .
دخول الجيش على الخط بعد عملية أمغالا ، و من خلاله ( دجيد ) التي حاربت الإرهاب في الواجهة ، و اتجاه الديستي إلى مراقبة الوضع بعد 20 فبراير كشفت في نظر بعض المراقبين الأجانب عن صعوبات في مواجهة " العمليات المعزولة و الفردية أو العنقودية " . فمن جهة رأينا كيف أدار ياسين المنصوري الأمن الانتقالي ، و هناك من يعارضه في هذه المهمة الصعبة لإنتاج معادلة ترغب في ضمان الإصلاح و في الحفاظ على الاستقرار. و من جهة أخرى ، هناك من يرغب في " احتكار " محاربة الإرهاب ، و لا يهتم بتطورات العمل السياسي الذي يعتبر العصب الحقيقي لكل استقرار .
من الناحية التقنية هناك فجوة ، كما يظهر ، و التفاصيل لم تكشف بعد .
 قصة أمغالا حسب المتورطين فيها تكشف أن الاعتقالات تمت في فترات متباعدة ، و لا يجمعها شئ هناك من رغب في ربط البوليساريو في الداخل بالقاعدة ، والأجواء الاقليمية لم تسمح بذلك في مخيم ( إزيك ) .
  === إف .بي . آي ( F.B.I ) لم تكشف عن تقريرها بعد ، و الفرنسيون يغطون العمل المغربي كاملا ؟!  
إف . بي . آي لم تكشف عن تقريرها بعد و لا ترغب ، و الفرنسيون يتكلفون بتغطية العمل المغربي بشكل كامل من جهة ، لاستعادة الثقة في الأجهزة المحلية بعد ما أثير من غموض و أسئلة في تفجيرات البيضاء ، خصوصا مع تعدد الفاعلين ( في وقت واحد ) و تواجدهم في حي واحد .
و من جهة أخرى لضمان الوصول إلى الجاني تبعا لوعد ساركوزي بعقاب من كان وراء الحادث الذي ذهب بأرواح فرنسيين ، و أخيرا لإنفاذ رغبة جزائرية وعد بها آلان جوبيه حكومة بوتفليقة ، و القاضية بعدم توجيه الإتهام تحت أي ظرف إلى بلدهم .
تقزيم هالة القاعدة في المغرب جزء من خطة تنظيم بن لادن نفسه ، لرغبته في أن تكون المملكة قاعدة خلفية للوجستيك و للتخطيط لاستهداف أوروبا ، و بقيت العمليات في المغرب " فردية و معزولة " عن تأييد المركز .
في حالة عادل .ع نرى بوضوح أن الأب مقيم بالديار الفرنسية، و الابن رغب في الالتحاق به ثم رجع من البرتغال بوصمة الخطر . و لكل هذه الاعتبارات رأينا فك اللغز من الأوروبيين و الفرنسيين تحديدا .
=== ساركوزي يضع ضمانات على إصلاحات المغرب 
لم يهتم الرئيس الفرنسي بشئ أكثر من كشف لغز عملية أركانة في مراكش ، و في حواره مع الأسبوعية الفرنسية - لكسبريس - ربط بين التفجيرات الإرهابية و بين من يريد أن يعرقل السير نحو الديموقراطية ، و الواضح أن دعم الديموقراطية أفضل جواب على الإرهاب .
تأكيد ساركوزي و قبله آلان جوبيه على دعم إصلاحات المملكة هو رسالة غربية و أمريكية إلى من يريد عرقلة الديموقراطية في المغرب تحت عنوان : محاربة الإرهاب . باريس حاليا لا تقبل أي مبرر لجيوب مقاومة التغيير .
إننا أمام " مجرمين داعين إلى الإرهاب " بتعبيره ، و هناك إرهابيون ، و بالتالي تكون صورة الاشتغال على الجريمة المنظمة جزء من الحرب على الإرهاب ، و فرنسا واعية بذلك . و محاولة الفرنسيين التأكيد على إدارة ناجحة للأمن الانتقالي بما يجعل الإصلاحات أهدافا استراتيجية للدولة المغربية يكشف أن هناك تقسيما مستترا :
أولا ، أن أمريكا تباشر بقوة الحرب على الإرهاب في الجزائر ، في مقابل احتكار فرنسي للحرب على الإرهاب في المغرب . و أن الذهاب أبعد في التعاون مع أمريكا زمن تفجيرات البيضاء 2003 كشف رغبة فرنسية في تعميق دورها في المغرب بعد تفجير مراكش .
ثانيا ، أن ساركوزي الذي يدير معركة استنبات مصالح بلاده في ليبيا ما بعد القذافي ، لا يرغب في أن تختلط الأوراق و يتأكد للرأي العام أن القاعدة قوية ، لأن حرب القذافي ضد شعبه بناها على حربه على تنظيم بن لادن .
فرنسا تعتقد ، بل و تدافع عن الإصلاحات في الجزائر و المغرب باعتبارها معركة ضد الإرهاب .
ساركوزي يحارب القاعدة و يحارب مناهضي الديمقراطية الليبرالية في الشارع العربي ، وتحالفهم يعني تحالف الظلاميين .
المجرمون الداعون إلى الإرهاب و المناهضون للديمقراطية الساكتون على الإرهاب ، و المبالغون في رفضه في البلاغات هم الظلاميون الجدد ، و تحالفهم في أي مرحلة انتقالية يكشف الهشاشة التي يرغب هؤلاء بتكريسها كصورة و كواقع للدولة و المجتمع . اليمين الديني المتطرف و يمين الدولة المتطرف هما أكبر خطر على المغرب ، و على مستقبله ، و تحالفهما يكشف عن صعوبات في إدارة المعركة .
=== تحالف اليمين الديني المتطرف و يمين الدولة المتطرف خطر على إصلاحات المغرب و على مستقبله 
تعاون ظلامي أو في الظلام بين اليمين الديني المتطرف و يمين الدولة المتطرف ، هو ما يشكل الصعوبة و الخطر الحقيقي على المستقبل ، و الهدف حاليا كما يقول الناصري : لا يتمثل في القيام بعملية استعراض - عكس المرحلة السابقة - .
أولا ، لأنها سياسة استنفدت مهامها .
ثانيا ، أن الدولة لا ترغب في استعراض عمل جهاز في مقابل جهاز آخر ، بعد أن أشار الشرقاوي إلى مجهود استثنائي لجهاز ( الديستي ) في عملية القبض على عنصرين آخرين يشتبه في تورطهما في العملية .
و المهم هو تأهيل الديستي التي ذكرها الشرقاوي في ندوته الصحافية لأول مرة يكون فيه عمل هذا الجهاز مستقبلا تحت إمرة النيابة العامة و هذا التأهيل انتقال إلى تطبيق إحدى توصيات الإنصاف و المصالحة .
=== الشرقاوي وزير الداخلية يصف تحريات الديستي بالدقيقة و الناصري يصف الجهاز بالذكي ؟!
في توصيف لا يخلو من عودة قوية للديستي  و لرجلها القوي : الحموشي ، وصف وزير الداخلية الشرقاوي تحريات الديستي بالدقيقة ، و وصف عمل هذا الجهاز بالذكي مع الفرنسيين . لكن مع ذلك تم طرح أكثر من سؤال لا يزال معلقا .
آلان جوبيه يصرح بمشتبهين و يصرح وزير الداخلية المغربي بثلاثة لتمييز الموقفين قبل أن يصل العدد إلى سبعة ، فتغطية عمل الديستي لم يكن فرنسيا بالشكل الكافي مما اضطر الطيب الشرقاوي إلى وصف تحريات أضافت إلى اللائحة مشتبها ثالثا بالدقيقة ، و أن الابقاء على الإطار المحترف كان جزءا من هذا التعاون من خلال اعتماد التحريات على الاستعلامات و الشهادات ، كما أكد الناصري وجود كاميرات مراقبة ساهمت في كشف لغز عادل .ع ، الذي ظهر بباروكة و بقيثارة ، لكن لا أحد  يدري لماذا حول 9524 درهم إلى 800 يورو في 26 \04\2011 ، هل للظهور أنه من مغاربة المهجر و أنه عاد توا لتعامله باليورو ، أم لأن اللغز لم يكتمل ، فوالده أصلا في الديار الفرنسية و لا يحتاج لهذه اللعبة ....
لم يستبعد كلود غيان وزير الداخلية الفرنسي ايقاف عدد أكبر لهم صلة بالحادث ، و استنادا إلى رغبة الديستي التي استجاب لها الطيب الشرقاوي ، و أبلغها لنظيره الفرنسي .
اليوم هناك عودة الديستي بغطاء دولي ، و لعملها كما في السابق في التحريات . وضع أوقف عنها هجمات إعلامية دعت السلطات إلى حل المؤسسة ، كما حدث في تونس و مصر ، أو على الأقل تغيير قائدها الحموشي ، أو في مستوى ثالث دعت السلطات إلى رفض الاعتقالات التي تتم بمقرها المركزي في تمارة .
و السؤال : هل فرنسا تدرك الاحتقان الذي سبق الحادث ؟
الشئ المؤكد أن لا مكان لأي جهاز إن لم يكن إلى جانب الاصلاحات التي نادى بها الملك ووافق عليها المجتمع الدولي و أيدها ، و إصلاحات يراها الشعب اتجاه مؤسساته بما فيها الاستخبارية لتكييف الديستي و غيرها مع الشروط و الاصلاحات المرتقبة في المملكة . الرسالة واضحة إلى هذا الجهاز ، ففرنسا لا تقبل حل أي جهاز أمني أي لا تقبل حل الديستي و لا ترغب في أن يعرقل أي جهاز أمني أو استعلامي إصلاحات الملك التي وصفها آلان جوبيه بالشجاعة .
قد تكون قوة الديستي مثيرة للطيب الشرقاوي ، و قد حمى هذا الجهاز وزير الداخلية و الآن يحميه الوزير ؟! و قد تعرضا معا إلى انتقادات من صحافي تعرض أخيرا إلى الاعتقال ،  أمريكا من جهتها ترغب في دعم الأمن الانتقالي الذي يديره ياسين المنصوري " بقدرة فائقة و بإيمان قوي " إلى حين وصول إصلاحات الملك إلى أهدافها كاملة دون تأجيل أو تعطيل . و في ظل هذا الوضع الأمني نجد أن الرغبة في التعاون و الاحترافية و عدم الانتقام و المزيد من المسؤولية هو ما يشكل الواقع الذي يمكن معه أن يكون تأمين المرحلة من الانزلاق ، و تأمين الإصلاحات للوصول إلى أهدافها - بتعبير آخر تقرير فرنسي - .

ماوراء الحدث عدد 28 ص 3 بقلم عبد الحميد العوني

السلفيون وقود الثورة المضادة و طابور الأجهزة السرية


السلفيون خرجوا في الأردن بسكاكينهم و عصيهم إلى الشارع فأضاعوا المصير الواحد وشوشوا على حركة الشباب نحو الديموقراطية ، و الأجهزة  دفعتهم إلى ذلك بعد أن فشل القمع و المنع ، فخافت كل أم من إرسال ابنها ، و اختلط على الأب بين من يحمل الفكرة و حنجرته ليطالب بالحرية ، و بين من يحمل السكين و لحيته باسم الحرية ليطالب بإطلاق سجناء خروجهم يعني موتنا تقول إحدى الناشطات .
السلفيون في تونس تظاهروا لتكفير الديمقراطيين و الديموقراطية ، خمسمائة فرد شوهوا شارع الثورة ، فكانوا وقود الثورة المضادة و أحجارها في يد رجل الأعمال لطيف الذي طردته ليلى الطرابلسي من محيط بن علي ، و هو من مول انقلاب  بن علي على بورقيبة ، و يمول أي انقلاب آخر ضد حكم حركة النهضة إن بلغت الرئاسة . السلفيون التونسيون يقتلون الحلم ، و السلفيون المصريون يقتلون الأقباط في إمبابة باسم شخصيات الحزب الحاكم و بتمويلهم . تشويه الشارع المنتفض للحرية و للإصلاح و لإسقاط الديكتاتوريات رغبة الاستبداد و السلفيين ، لأنهم يكفرون بالديموقراطية ؟!
حاليا هذا التحالف الأسود خطير و ناصع و جلي بين الاستبداد و الفساد من جهة و بين السلفيين من الجهة الأخرى لكفره أولا و أخيرا بالديموقراطية . و تحت هذا العنوان كلهم يقتلون و يفجرون باسم البلطجة حيث الإجرام بطابع الإرهاب يسود المنطقة من عمان إلى مراكش مرورا بالقاهرة و تونس ، هل يمكن أن نطلق على ما نعيش : البلطجة الإرهابية التي حولت عاصمتنا الحمراء إلى مدينة حمراء . و الهدف : إفشال الثورة في شوارع عربية ، و عرقلة الإصلاح في أخرى . و للمغرب سابقة عندما كفر السلفيون اليوسفي لدخوله كنيسة و قد دخلها عمر بن الخطاب ، و خرجوا في تظاهرة لوقف مساواة الرجال للنساء و هم شقائق في الأحكام ، و رفضوا تحالف المغرب إلى جانب المدنية الغربية ، و كفروا بالديموقراطية و دعوا إلى تفجير البرلمان ، وعندما خرج شباب 20 فبراير اتهموهم في ايمانهم ، فقالوا عن بعضهم مسيحي و عن الآخر آكل رمضان ، و استثمر حماة الاستبداد منطق السلفية لإقصاء حلم الأجيال الشابة في إسقاط الاستبداد و الفساد .
جزء من المفرج عنهم اعتذروا لحركة 20 فبراير ، و بعضهم من الذين لم يدخل السجون اعتبروهم إخوانا في تقية أو تراجع ، و رفضوا الدعوة إلى الديموقراطية ، و في فكر السلفي يختلط العلماني و الديموقراطي و كل ماهو غيره ، ليكون مع كافر ضد كافر ، وهو يفضل من يحكمه حاليا على من يحكمه لاحقا ، و هم في جهنمه سواء .
و من غريب الولاء و البراء أن يوالي الحديث منهم الحاكم و ناصيته القوة على محكوم مداره الحق ، و من فساد التأويل إظهار الوسيلة على أنها حقيقة ، و مابينهما من صلة لا يترتب عنها مساس باعتقاد ، فالانتقاد يجوز في كل مناط .
السلفية حاليا طابور قاتل في يد الحاكم ، يفجر الأمن و الإنسان و المستقبل ، لأن كل ديكتاتوري يكفر بالديموقراطية كأي سلفي .
و أرى أن اطلاق السلفية و السلف على هؤلاء جرم و جريمة ، فالسلف الصالح براء من هؤلاء قطعا ، فالسلفيون الصالحون يناصرون الحق بالحق و هم و المؤمنون بالحق و القادرون على جعل الحق سنة الخلق . و الذي يزهق النفس لشبهة ، و ناصر الظلم و هو ظلمات يوم القيامة و ناصر الحرام على الله ، هو خارج سنن الإنسان و مصداقها ، و هو كذلك خارج من يحمي الضرورات الخمس لشرع الله ، فكيف تكون شريعة الله - كما يرونها - ضد شرعه . و أغلبهم لا يميز بين الشريعة و الشرع .
أيا يكن الحال ، فالسلفيون و السلف سلفان : السلف الصالح ذكره الأقدمون . و الطالح ، و في هذا التمييز وضوح بَيِنُُ ُ. بين من هم مع أو ضد سنة التدافع و الصلاح و الاصلاح ما استطعت ، و التوفيق من الله أن يكون هؤلاء إلى جانب الشعب .
خروجهم بالسكين في الأردن و بالكوكوت مينوت في المغرب ، و بالدبابيس في تونس و بالأسلحة البيضاء في القاهرة علامة على تراجع يذكيه من يقود الثورة المضادة .
في الثورات انكشف الممول ، و المحرك و الجهاز الأمني الذي وراء هذه الفئة التي أتت لتربك المسار أو تفجر سكة القطار حتى لا تصل الإصلاحات إلى أهدافها .
هؤلاء يكفرون بالديموقراطية و الديموقراطيين ، رغم أن محمدا النبي السوي القوي هو صانع ميثاق المدينة ( المديني المدني ) و التوراة حكمها في أرضه ، و أدخل نصارى بني نجران إلى مسجده ، و هو من حلل زواج المسلم من الكتابية مطلقا و صاحب الدعوة إلى الكلمة السواء .
كيف يجد هؤلاء في الاستبداد كلمتهم السواء ، و يجدون في مطالب العدل و الإصلاح و الصلاح دعوة سوداء ، يحولون بها الأرض نيران حمراء ؟! و الإنسان إلى أشلاء ....
إن ما يسقط من دماء باسمهم أو باسم الاستبداد سواء في المعركة ضد الديكتاتورية في أي بلد عربي ، لأن تحالف اليوم بين الكافرين بالديموقراطية أخطر على الأمة و على المستقبل و على قدرنا و على النفس الذي خلقها ربها و رزقها و كرمها و سواها في أحسن تقويم ؟!
   
القلم المعاكس  عدد 28 لماوراء الحدث

إرهاب الإرهاب


الجريمة في الإرهاب أن يكون بعد قتلنا فاحشة أن يخيفنا فنخاف و نجبن ، و يضع من يريد أن يحمينا بين أن نموت أجسادا باسم الإرهابي ، أو نموت روحا باسم رسمي ، ولا فرق بين من يرغب في تفجيرنا نسمات و أفرادا ، و بين من يرغب في إعدام أحلامنا ، و الكارثة في أن نختار بين أن نقتل على الكم أو نموت على الكيف . و الإجرام واحد بين القاتل و بين من يحقق له أهدافه .
الإرهاب يصبح إرهابا إن أرهبنا و أخافنا و غير سكتنا و عرقل حلمنا وفتًَ عضدنا و فكك هدفنا ، و يبقى جريمة سوداء إن أدركنا أننا لا نرغب في أن نعطي جوائز للإرهاب ، لنسلمه عقولنا ببساطة لأننا جبناء .
التحرر من الإرهاب و الحرية للديموقراطية تضحية واحدة . فالعين الديموقراطية تواجه مخرز الأجهزة الأمنية و تقاتل لتحرير الإنسان من عصبيته و تطرفه و عنفه ،  في الموجة المباركة التي انطلقت من تونس و مصر من حيث لا حظنا الجريمة متشابهة بين وزير الداخلية فجر كنيسة في مصر و بين استخبارات في تونس قتلت المتظاهرين باسم الرئيس .
الإرهاب واحد ضد الديموقراطية باسم الفاعل السري ، الجبان الذي يريد عرقلة حلم شعب نحو الديموقراطية و الحلم . التحالف الأسود بين طيور الظلام و جنوده الذين يرغبون في أن نعيش بليل دون نهار و لا اختيار و لا اعتبار . لم ينظر من يفجر باسم القرء ان إلى آية ( من يعمل سوء اََ يجز به ) و لم ينظرمن يحكم باسم فرض الأمر الواقع أن التاريخ يكشف بعض السر و أخفى .
الإرهاب باسم حمايتنا من الإرهاب هو ما عشناه ضد الحقوق في تفجير البيضاء ، و في مراكش نعيش لحظة تحدي ضد من يريد أن يغتال حلم شعب أو يعرقل مسيرة انطلقت .
جريمة بدون فاعل يعلن عن نفسه ، ببساطة لأن القاتل جبان و خائف يريد أن يزرع جبنه و خوفه فينا ، و المواطن و الوطن القادر لا يلتفتان للجبن و الظلام و الظلامية وهم أعداء الأمة المغربية اليوم ، الخوف من الإصلاح يجب أن يزول كما يجب أن يسقط خوفنا من الإرهاب ، فالشعوب دفعت مئات الشهداء من أجل تحررها . و شهداء أركانة شهداء الوطن و الحرية ، حيث اختلطت الدماء ضد الجبن من الديموقراطية و الحرية ضد إرهابيين أرادوا قتلنا فسادا في الأرض و قد قتلوا المغاربة جميعا ، و عندما قتلوا أرواح نفوس بريئة  فكأنما قتلوا الناس جميعا .
 الإشارة الخطيرة ، أن يتحالف الفساد و الإرهاب ، و قد جعلهما القرء ان طبيعة واحدة تقتل انسانية الانسان .
الإشارة الثانية ، أن يتحالف من يريد قتل أفراد الشعب و من يريد قتل روحه الجماعية و مصيره .
المغرب يواجه أخطر تحالف للظلاميين و الانتهازيين و الإرهابيين ، لعرقلة الإصلاح ، و حاليا هم سواء  من يعتبر الديموقراطية كفرا و من يعتبرها خطرا على مصالحه و من يجعلها عملا للاسترزاق السياسي و الأمني .
المستفيدون من مرحلة الاستبداد الحالي يتكاثفون لقتل حلم الشعب ، يغطي بعضهم على البعض الآخر ، إنهم يحتاجون إلى من يفجر المقاهي و المنشآت و يعتبرون ما يجري نتيجة يوم و مستقبل لم نعشه بعد . و يخدعون العامة دون أن تكون لهم الجرأة في القول : إن العنف الذي ضرب البيضاء أو مراكش نتيجة حكم قائم رفض الإصلاح و لعبة فسدت ، هل جربنا شيئا آخر و إدارة أخرى لنحاسبها . العنف الذي وقع نتيجة لسوء الإدارة و الفساد المعترف به دوليا و رسميا و شعبيا . كيف يدفع الإصلاح ثمن التشويه قبل أن يقع على الأرض و يتم تطبيقه .
غريب لأمر الفساد يكذب و يقتل و يسرق ، و إن استسلم له الشعب استفحل .
و الحل في تجاوز الخوف الذي يزرعه تحالف الظلاميين الرسميين الذين يريدون بقاء البركة آسنة يقتل ماء ها الموبوء الفاسد كل الشعب ببطء ، و الظلاميين العدميين الذين يرغبون في قتل بصيص الأمل ، و الظلاميين التكفيريين الذين يعرقلون الديموقراطية التي تحتويهم بخصوصياتهم لأن التطرف لايكون سوى في الهامش .
هؤلاء يعطون للإرهاب معنى ، و على الشعب أن يعتبر الإرهاب كافرا و الإرهاب كفر ، و الفساد قتل لمغربيتنا و إنسانيتنا و العدمية ضد الإصلاح روحا و أهدافا .
إن لم نحارب هذا الثالوث وقع على الجميع خطر الإرهاب وقد صنع له هذا التحالف الأسود إرهابا على النفوس و العقول و المصائر . فليسقط الإرهاب عقيدة و منهجا ومعنى ، و ليسقط الفساد في الدولة و النظام ، وليسقط الاستبداد خيارا وحيدا للشعب .
و النصر مع الصبر ، و ديموقراطية حتى الموت .

    ماوراء الحدث عدد 27 القلم المعاكس