عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

ما حجم الضرائب الفعلية التي تدفعها شركات أونا و الشركات الكبرى المغربية ؟


حجم الضرائب الفعلية التي تدفعها الشركات الكبرى هي التي تحدد مصير الدولة . و نحن أمام ضرائب إحصائية و ضرائب فعلية تضع حجم المكاسب المراقبة قبل المحاسبة لذلك لابد من حسم النسبة المعيارية ثم الفعلية كما نلاحظها في أمريكا .
أول إجراء يجب الاعتماد عليه :
أ - إلغاء الإعفاءات الضريبية التي أتى بها مزوار .
ثانيا ، تحديد ضرائب الدخل بطريقة مباشرة ، و عبر هيئة مستقلة .
الأمر متعلق بالطريقة التي نحسب بها ، فالشركات تحسب كل شئ ، و تزيد من الانفاق في حالة وجود أرباح .
الإحصاء الحسابي الجديد يفرض تحديد كل ضريبة ، و لا تجمع الضرائب كلها في سلة واحدة ، ثم إلغاء الإعفاءات ، و تحديد سبل الانفاق عبر ميزانية الشركة تقع تحت تصرف رجال الضرائب .
إنه نوع من التقشف يدخل إليه القطاع الخاص حيث يوفر للدولة جزءا مهما من المحفظة الضريبية للدولة .
و كما في أعراف أمريكا يمكن أن يستدعي الكونغرس الشركات مباشرة - كما حدث أخيرا مع 5 شركات عملاقة في مجال النفط - لأن قرار الإعفاء الضريبي ليس قرار وزير المالية أو الحكومة ، بل قرارا برلمانيا ، و إن لم يكن كذلك . فعلينا أن نبدأ خطونتا الأولى باتجاه هذا الهدف .
إن جمع الترتيبات الضريبية على أساس DATA  واحدة ، أو قاعدة عمل واحدة كفيل بوضع الضرائب " الملموسة " بتعبير ذكي من صحافي الواشنطن بوست ستيفن ما فسون في صندوق الدولة .
عوض أن تكون الحوافز ضريبية تكون الحوافز استثمارية ، و بينها خيط رفيع يمكن في حال عدم فهمنا أو تجاهلنا لهذا الوجه الخفي في اللعبة المالية أن نسقط حسابات الدولة في مأزق ، لأن تقدير الأرباح يكون وفقا للتدفق النقدي و عائد الاستثمار .
المعياران مستبعدان في قراءة الربح و قراءة الضريبة عليه في المملكة و هذا لا يستقيم في أي اقتصاد معياري . و الواجب أن ينجح المغاربة في تحويل اقتصادهم إلى " المعيارية " مهما كلف ذلك ، كذلك لعبة الاعلانات " غير ضرورية " و خادعة .
الحوافز الضريبية لم تعد مقبولة علميا و سياسيا ، و أسلوب الليبرالية غير الاجتماعية المتبع لا يخدم أمنا بعيد المدى .
أولا ، حساب الإنفاق في القطاع الخاص متعلق بالمدير و ليس بمجلس الإدارة .
ثانيا ، أن التكاليف لا تكون ملموسة ، و كيف يمكن أن نقرر الإعفاء الضريبي دون التمكن من الوضع الحسابي للشركة .
ثالثا ، أن الحكم بالمذكرات الصادرة عن وزير ليست بنفس قوة القوانين الرسمية .
رابعا ، لا نعرف كيف يؤثر ذلك على المحصلة النهائية ، إن يكن الوضع الحسابي دقيقا ، وبعد ذلك يمكن إقرار الإعفاء من عدمه .
إن مركز التقدم الأمريكي من مهمته الوصول إلى مَعيَرَة اقتصادية بين الحافر الاقتصادية و المحصلة ، و هو ما نعدمه في بلدنا ، لأن النفوذ هو المعيار الحقيقي في كل الدورة الاقتصادية المغربية . و نتساءل : هل ما يجري كفيل بوضع بديل لما يجري في الساحة ؟
أ - لابد من إجمالي لضرائب و رسوم الحكومة المغربية ، بشكل حسابي و ليس إحصائي ، و بينهما فارق أي أن الأول ينطلق من الانفاق و الثاني من توازن عام بين الانفاق و الضريبة المتوقعة ، أي أن حس التوازنات الماكرواقتصادية الضاغط على الدولة نجده في التوازن الماكرو مالي للشركة و للمجلس البلدي دون اهتمام بأسلوب الإنفاق و تحديد الحاجة له ، و فرض ضرائب على الانفاق الشخصي الزائد بإعتباره تهربا ضريبيا .
ب - من الآن فصاعدا ، لابد أن نقرأ الموازنة الجهوية و ضرائب الدخل المركزي ، و هو ما يعني ضرورة تغيير أسلوب المحاسبة الضرائبية بما يكفل العمل على كشوفات هيئة مالية مستقلة حيث لا يجب من جهة أخرى : أن ترتبط إلغاء الخصوم الضريبية بالضريبة على العقار أو بحجم ما تقدمه الشركة إلى الخزينة العامة ، إنما ترتبط فقط بحجم المبيعات و المداخيل . لأننا أمام تركيب من الضرائب على الشركة أن تطبقها على المستهلك كحالة استهلاكنا للنفط ، و هناك ضرائب لابد من أداءها من خالص ربح الشركة ، و في مرتبة ثالثة من الإنفاق الغير المبرر للشركة ، في حالت وجب ذكرها .
الخصوم الضريبية ليست بقدر ما هي امتيازات يجب أن توجه للقطاعات الصعبة . و تكون الأرباح في كل حالة متوازنة مع البيع و الإنفاق و مع رقم الاستدلال . لذلك فالخصم الضريبي جزء منه يأتي بتوظيف الرأسمال بحكمة على المدى البعيد . و هذه النقطة ليست رؤية مغربية إلى الآن .    


ماوراء الحدث عدد 29 ص 9 الاقتصاد

الانتقال الأمني " بالدم " في المغرب ؟!


لم يكن الانتقال الأمني في عهد الحسن الثاني بدون دم ، أو غير مُعَمَدِِ به ، فمنذ فجر الاستقلال فكر ولي العهد آنذاك بأول جهاز استخباري في القصر ضد توافقات ( إكس ليبان ) التي جعلت هذا الأمر في يد الفرنسيين فقط ، ومن اختصاص ( السديس ) تحديدا ، حيث راقبت باريس عناصر هذا الجهاز ، و دفعت تونسيين و جزائريين للعمل فيه ليكون مخترقا و في خدمتها ، و عندما قرر نقل هذه المهمة من قصره إلى داخلية يقودها استقلالي الغزوني رأينا التصفيات .
الانتقال الأول من جهاز بوريكات الذي خدم الحسن الثاني في قصره إلى داخلية الغزوني تعمد ببعض الدم . من اليد السوداء لفرنسا في 14 عملية لسرقة مستندات و التأثير على القرارات ، اضطر الملك الراحل أن ينشئ إلى جانب الأمريكيين - الكاب 1 -  لوقف التدخل الفرنسي ، و لم يتم ذلك بلا دم ، و بطريقة دموية انتقل عمل الكاب 1 إلى الكاب 2 و تم اجهاض الكاب 3 من المهد ، و قد قتل أوفقير و الدليمي و قد رأسا أجهزة استخبارية خدمت مصالحهما . و بعد التحول " أزيح " نائب رئيس دجيد ، و لا تزال - ما اصطلح عليها لعنيكري -  سلة العقارب  أي الديستي تعرف صراعات و لا تزال .
ومن حسنات عهد الحسن الثاني أن تغيرت الخارطة الأمنية بعد البصري ، واستبدلت وزارة الداخلية وجوهها دون دم ، لأن العمل الاستخباري أصبح في مكان آخر .
الحسن الثاني لم يستطع بعد انقلابين عسكريين أن يضع الاستخبارات تحت رقابة البرلمان مقابل أن يكون الجيش تحت سلطاته . ومحمد السادس إن وضع الأجهزة التي خدمها القانون و لم تكن تحته ، تحت توصيات هيئة الانصاف و المصالحة باسم الدستور ، سيكون قد شكل الخطوة الفارقة بين الماضي و المستقبل ، و الأساس أن يكون هذا الانتقال الأمني سلسا .
الحسن الثاني حاول 10 مرات إعادة هيكلة أجهزته الأمنية الحساسة ، و يضطر أن يضع جهازا جديدا يمتص القديم ، و من فلسفته توازن الأجهزة كي لا تتواطأ ، و قد فعلت في أكثر من ملف مباشرة بعد الانقلابات في طنطان - فكانت مشكلة الجنوب - و في 70 ملف آخر - حسب وثائق الكونغرس -.
محمد السادس قد يجرب وضع كل المفاتيح في يد الدرك كما وقع بعد انقلاب أوفقير مباشرة و قد نجح الجنرال بنسليمان جزئيا في إقرار هذا التحول ، و اليوم يباشر هذا الجهاز تعيين مسؤولين جددا على رأس مصالح قيادته العامة ، و تهدف الخطة إلى تنظيف الجهاز - حسب خطة الكولونيل ماجور مصطفى الحمداوي - لتأهيله لتنظيف أجهزة أخرى ، و تعزيز قدرته الجوية بعد سقوط طائرات و مروحيات تابعة له منها ( ديفافندر) بضواحي دمنات .
و حدث أن استجوب البرلمان الجنرال بنسليمان ، و لن تقبل أجهزة أخرى التعاطي مع هذا الوضع ، و الشيء المعول عليه هو إنفاذ قرارات الدرك لوصول الملك إلى غاياته من خلال وضع المرحلة الانتقالية تحت قيادة صارمة ، و جهاز يكون مسؤولا عن التحول في سياسات و هياكل الأجهزة العاملة و السرية .
تحالف ( دجيد ) ياسين المنصوري و الدرك الملكي بعد تنظيفه قد يشكل عامل القوة الأول لانجاح أهداف خطاب 9 مارس ، لأن الواقع الأمني المغربي :
أ - تربى على عدم المحاسبة ، و تأسيس صندوق رمادي للعمليات ، و صناعة أوضاع قابلة للتحكم فيها ثم إدارتها ، فالذكاء الاستعلامي في المملكة لا يواجه الظاهرة ، بل يلتف حولها و يضع هوامشها ، و بأكبر درجات التشويه يقتل خصمه ، و قد لا يفيد هذا الوضع في الأمور الاستراتيجية .
ب - الذكاء التاكتيكي .
ج - التحكم في الملفات و عدم معالجة الظاهرة .
د - التقديرات غير الاحصائية ، و إدارة التفاصيل لإعادة تأسيس المشهد المرغوب فيه .
هذه الرؤية الخارجية عن الأمن تكشف أمرين :
- أن الأجهزة ترغب في انتقال أمني يكون فيه قانون الإرهاب .
- أن المقدس الأمني الوحيد حاليا هو قانون الإرهاب .
الانتقال السياسي لم يعد بقدر رغبة جميع المراقبين في الاطلاع على تفاصيل الانتقال الأمني ، فمحمد السادس اعتبره الداخل قويا بإقالته للبصري ، و هذا التحول ساعد فيه جنرالات. و العلامة الفارقة لبداية عهد محمد السادس : جنرال على رأس الاستخبارات الداخلية ، الجنرال لعنيكري على رأس الديستي ، و تنصيب مدني هو ياسين المنصوري على رأس دجيد - استخبارات مختلطة : عسكرية و مدنية -.
حاليا ، تقاوم الديستي عودة عسكري لقيادتها ، كما أن من الصعب تعويض مدني آخر لياسين المنصوري . هل هذه الخلاصة دقيقة ، و هي فرنسية ، لذلك قرأ سكارسيني التحول على أساسين :
أ - استمرار القيادة من داخل جهاز ديستي ، على أساس قبوله الطوعي بقرار محاسبته كما ورد في خطاب 9 مارس .
ب - العمل على تعاون فرنسي أكبر مع ( دجيد ).
و فرض التعاون الوثيق بين الديستي و دجيد سيكون أكبر إن تقرر تكوين ( مجلس أمن قومي ) أو وزارة استخبارات داخلية تكون تحت رقابة الحكومة ، و تكون أجهزة الديستي و دجيد و غيرها متعاونة و عاملة بأوامرها .
القرار الأمريكي يدعم تكوين " وزارة الأمن الداخلي " في المملكة ليصل البلد إلى أهدافه ، و يبقى " العمل الأمني حرفيا و متميزا باستقلال العمليات و برؤية وطنية " .
إن التمكن من صنع منظور أو رؤية أمنية هو الذي يجعل المغرب أكثر أمنا ، لأن وزارة الأمن الداخلي في فصل كامل عن وزارة الجماعات المحلية ، ستهتم بالشأن الأمني ، و بالرقابة البرلمانية ، و بالابتعاد عن الملفات المالية للجماعات و البلديات و العموديات .
لم يعد ممكنا ، في ظل التطورات الجديدة سوى الذهاب بعيدا في إطارين : استمرار الملك قائدا للجيش و يعمل من خلال مفتشياته على إدارة شفافة له ، و في المقام الثاني وضع وزارة الأمن الداخلي تحت رقابة القانون و الحكومة و ستكون رقابتها على الأجهزة التابعة لها رقابة بعدية ، وفق ما يقتضيه القانون .
دسترة توصيات هيئة الانصاف و المصالحة حملها حزب الهمة قبل خطاب 9 مارس و حركة 20 فبراير ، و هي لصالح الدولة و النظام أولا .
و بالتالي نكون أمام : خطة إصلاح أمني للدولة يستثمر فيها النظام حركة الشباب لإقرار توصيات هيئة بنزكري كي يكون لها بعد اجتماعي أو شعبي ، في السابق كان القصر يرغب في أن يكون الاصلاح الأمني بزعامة " حزب الدولة " ، حاليا ، لا يمكن أن يكون الاصلاح دون قيادة الشارع . و اللعبة يجب أن تنقسم بين تقديرين : تمرير اصلاحات عبر الشارع في صالح النظام و أمنه و مستقبله ، و خفض سقوف اصلاحات الشارع لتمكين النظام من المبادرة .
الاصلاح الأمني لم يعد شأنا بيروقراطيا بالمطلق ، إذ في ثورتي تونس و مصر ، يحاول أمن الدولة و الأمن السياسي المنحلين أن يعتبرا وجودهما ضروريا بتحريك أوصال يمكن بها التأثير على الأمن العام . و الجيش لا يزال يربح المبادرة ، رغم السعي الحثيث لهذه الأجهزة على اغتيال الطنطاوي مرتين ، و 3 مرات لقائد الجيش التونسي .
السؤال هل طريق " الدم " ضروريا أم أن قرار الشعب و الجيش و الاصلاح سينتصر في بلاد الثورات و يكون الملك إلى جانب جيشه في خدمة الاصلاحات لوضعها على الأرض .
في المغرب ، الدرك و دجيد قد يصلان بالمهمة إلى أهدافها ، و قد تنجر الديستي إلى ذات المهمة إن أقنعت شركاءها بقضية الحفاظ على قانون الإرهاب لإدارة المرحلة الانتقالية . و هل يمكن حقا إدارة انتقال ديموقراطي في ظل هذا القانون ؟  الشارع له موقفه الصريح و على الجميع أن يحسم في هذه النقطة .
لقد تأجلت مناقشة القوانين المثيرة للجدل : الصحافة و الإرهاب و غيرهما إلى ما بعد الدستور الجديد خصوصا بعد إقرار عباس الفاسي لانتخابات مبكرة .
من يكون أولا ؟ الانتقال الأمني ، و بعد نجاحه يكون الانتقال السياسي الذي يليه ناجحا ، و النتيجة مختلفة  طبعا ، و أكثر مصداقية و استقرارا . في الحالة الثانية ، أي العمل على انتقال سياسي في ظل الأجهزة الأمنية الحالية ، و النتيجة ستكون متطابقة لما نعيشه حاليا ، وقد اختار بعض رجالات النظام خيارا ثالثا : أن تتسلم حركة 20 فبراير شبيبات الأحزاب و قيادات سياسية تدعمها ، فتكون النتائج مختلفة و لا تتأثر سياسات الأجهزة السرية و الرؤية الأمنية الحالية .
الواقع أن كل الطرق مفتوحة حاليا ، ولا قرارات " صارمة وواضحة " للنظام ، لأنه يرغب في المفاجأة و المبادرة ، و قد لا يتمكن منها مع ظهور الدستور الجديد .
ولابد أمنيا من خفض التوقعات لإبقاء جانب المبادرة في يد النظام .
و المهم عند الأمنيين ، أن يكون الثمن تأجيل الانتقال الأمني بفعل ظهور الإرهاب و استمرار حركة  الاحتجاج ، لأن الشباب  يمكنه أن يتراجع أمام خطة مكشوفة . لذلك على الجميع نهج سياسة الوضوح اتجاه الاصلاحات التي يريد من خلالها النظام أن يكسر التوقعات قبل أن يرفعها .
إن مبادرة القصر من خلال أدواته المألوفة لن يكون لها الأثر البين ، و بالتالي فإن القصر و الشارع هما العاملان الحقيقيان في المعادلة ، لكن الأحزاب و الأجهزة في صالح النظام .
إن طال الزمن ستكون المواقع مختلفة ، يقول تقرير أجنبي : إن العمل الأمني في المغرب يدير مرحلة انتقالية لا يعترف بها . و هذه صعوبة قد تؤدي إلى دفع ضرائب ليقتنع أولا بواقعه ؟!   

عدد 29 لماوراء الحدث ص 20 بقلم عبد الحميد العوني

كيف نربح الشبح ؟ بعد مقتل بن لادن حقيقة الظواهري ... الذي يرغب في الالتحاق بمصر


الظواهري لا يرغب في قيادة القاعدة . يريد أن يبقى بن لادن زعيما تاريخيا أو أسطوريا لهذا التنظيم الذي خلط الدم بالدين و أمريكا و الغرب ، وقتل في أندونيسيا كما قتل شيعة العراق وأمراء الخليج و أبرياءه ... الآن يختار الظواهري مرحلة : المزيد من الفوضى ، حيث كل فرد في القاعدة خلية و كل خلية إمارة .
لقد ضاع على الغرب رقم بن لادن الذي أراد المفاوضة فخاطب الشعب الأمريكي و عرض الهدنة . و في المرحلة الجديدة : لا قائد للقاعدة ، هناك حرب بلا نهاية ، و إرهاب بلا نهاية .
مناورة الظواهري ترغب في ظلامية إضافية تحيط عمل تنظيم في الأصل هو شبح كما يقول كتاب ممتع لستيف كول .
التنظيم سيزداد فقرا ، لأن خليفة بن لادن لن يستطيع أن يجمع الأموال و لا أن يديرها بنفس ما قام به الأمير المقتول ، و سيزداد غموضا ، ف C.I.A وجدت بن لادن قبل الظواهري ، مما يعني أن الرجلين مختلفين إلى حد بعيد ، و الخوف حاليا من سقوط آخرين بعد الوثائق التي عثر عليها ، وإن فقدت أمريكا المبادرة ستعود إلى التنظيم ، و إلى الظواهري . و سيكون من الصعب العثور على رأس خيط جديد .
اليوم لدينا في واشنطن صورة واضحة عن 11 شتنبر : من نفذ كمحمد عطا و من قرر كبن لادن و من كان وسيطا : وليد الشيخ الباكستاني .
الحلقة الباكستانية سقطت هي الأولى لتعاون إسلام آباد معنا ، و انتقلنا إلى الحلقة السعودية - اليمنية و انتهت تقريبا بقتل بن لادن ، و مرة أخرى يعود الفضل لتعاون الرياض و صنعاء . و يرى الجميع معي حلقة الظواهري و المصريين خطيرة ، و تعيد التنظيم إلى هلاميته ، و المخيف أن يلتحق - الظواهري - ببلده مصر بعد الثورة .
انه احتمال لإغلاق ملف القاعدة في باكستان و نقله إلى مصر و الشرق الأوسط و على حدود إسرائيل .
القاعدة تريد بفضل الظواهري أن تبقى تنظيما من الأشباح ، و أن تنفذ ثأرها ضد مسؤول أمريكي كبير ؟! و سؤالنا : ألن يكون في مصر قريبا .
من الجانب الآخر ، طالبان حاليا إلى جانب القاعدة كما لم تكن قبل 2011  . الآن ستسلم الظواهري ما يرغب فيه . لم يكن يوما أميرا ، و لم ينازع كاريزمية بن لادن و لا الملا عمر . حاليا للملا عمر أن يضع الظواهري تحت جناحه ، فتخدم القاعدة طالبان بقيادة عامة ؟!
على هذا التصور أن تكون دلائل . و التحدي يقع مرة أخرى على قتل مسؤول أمريكي كبير انتقاما لبن لادن ، في المقابل تريد الأجهزة الأمريكية صيدا آخر لإرهاب التنظيم .
الجهاديون دخلوا في حالة بحث عن هدف للانتقام لبن لادن قبل أن يعلنوا خليفته . هذا هو الاحتمال الثالث . و المؤكد أن الملا عمر و قد قتل الأمريكيون أحد قادته ، - لأن بن لادن  بايع زعيم طالبان -  مضطر أن ينتقم ، و إلا فإن إمارته الايمانية ستكون ناقصة لعدم وجود العرب فيها .
الظواهري يحمل طالبان مسؤولية ذهاب بن لادن إلى باكستان ، و عدم بقاءه بين الجنود و الحماية في أفغانستان .
دم بن لادن في عنق الملا ، و الرد لن يكون في باكستان فقط ، بل الهدف أمريكي و كبير  مما يكسب عنصر العرب إلى جانب طالبان . و عدم الثأر لمجاهد مثل بن لادن يؤكد على مأزق جديد في مسيرة طالبان .
الحوار مع هذا التنظيم حاليا يجب أن يكون الشغل الشاغل لأمريكا . لم يعد بن لادن عائقا . و تعزيز اقليمية و بشتونية الصراع في افغانستان يمنع من الدخول في مرحلة مظلمة في حرب أمريكا و القاعدة ، لأنها بالتأكيد أكثر سوداوية .
الظواهري مولع بالجدل ، و لديه تاريخ حافل بتهميش رفاقه كما يقول صاحب كتاب ( البن لادنيون ) ، وقد يكون بن لادن ضحية الظواهري و الملا عمر معا ، و عليهما أن يطويا الصفحة .
عدم إعلان الظواهري خليفة لبن لادن به هذه المرارة من معلومات دقيقة .
أمريكا تعي أن الظرف الذي أعلن فيه أوباما تصفية بن لادن " مواتيا " على صعيد تنظيم القاعدة و حروبه الصغيرة ....

عدد 29 لماوراء الحدث ص 20 بقلم جون فنهارت

لأول مرة في التاريخ ، الجيش المغربي على حدود إيران و الدافع العسكري سر انضمام الرباط إلى مجلس التعاون الخليجي في 137 عملية قتالية ؟!


بجريدة الشرق الأوسط ( 13 ماي 2011 ) قال ناصر البلوشي سفير البحرين في فرنسا ، في معرض حديثه عن انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي : سيصبح المجلس أقوى عسكريا ، و المنامة كما يظهر تنضر إلى أهمية إدماج الجيش المغربي في درع الجزيرة ، الذي انتشر في مملكة البحرين لقمع المظاهرات ، و يمكن تحت نفس العنوان أن يقمع في الرباط .
مثل هذا المعطى لا توفره اليمن التي لا يحارب جيشها إيران لأغلبية الزيدية ، كما أن بنيتها السياسية تعتبر معضلة " حقيقية " في انضمامها إلى مجلس التعاون ، رغم " الوضع الخاص " بين المجلس و صنعاء يقول الرئيس الدوري العماني إلى جانب عمر و موسى في آخر مؤتمر صحافي له .
الجيش المغربي تقول جريدة كيهان أكبر جيش يستدعيه الخليجيون ليكون في مواجهة إيران ، وضد المتظاهرين في البحرين و باقي دول الخليج ، كما كان ضد الحوثيين إلى وقت قريب كما أوردت صحيفة ( إمبارسيال ) الإسبانية ، و لا يزال يذكر المتابعون على هامش معرض طيران احتضنته مدينة مراكش اللقاء الذي ضم الوفود العسكرية للدول الخليجية إلى جانب كل من الأردن و المغرب ، و كان في مقدمة الضباط المغاربة الجنرال دوديفزيون أحمد بوطالب مفتش القوات المسلحة الملكية ، و هذا التكتل العسكري بين الخليج و الأردن و المغاربة انتهى بإعلان مجلس ضم كل من الرباط و عمان .
و للحرص الشديد على هذه العلاقات ذات الطابع السري ، رأينا أن آخر التغييرات في صفوف كبار الدركيين ، إدارة مراد عتيريس لمصلحة " كارتييه جنرال " و هي الإدارة التي تشرف على عناصر الدرك الملكي الذين يعملون في مصالح أجنبية أو لدى دول عربية سيما في الخليج العربي .
يأتي هذا التطور في إطار العمل المغربي - الخليجي الذي بدأ "عسكريا و أمنيا " و يتعمق على هذا المستوى ، حيث فرق مغربية على أمن الخليج ، ويخاف المجلس من عدم قبول الرباط عمل قواتها في " أوراش دفاعية " ، فالحسن الثاني رفض في حرب الخليج الثانية أن تتحول قواته في السعودية إلى قوات هجومية ، و حاليا رأينا كيف انكسر هذا التحفظ باسم الحرب على الإرهاب ، ووراء خطوط الدفاع السعودي على الحدود مع اليمن .
في تقرير جيوبوليتيك فإن 137 عملية بين لوجيستية وقتالية شارك فيها الجيش المغربي الذي ينضوي تحت إمرته الدرك الملكي .
و يعتبر الدرك الملكي و القوات المسلحة الملكية المنسوبتين إلى الملك أهم مؤسستين تربطان الخليج و المغرب ، و قد شاركت دول من مجلس التعاون بملياري دولار في نزاع الصحراء " الغربية " .
الواقع الذي يفرضه التعاون العسكري الخليجي - المغربي لم ينتبه إلى العمالة ، و لا إلى التأشيرات ، بل أخد مسارا مدعوما من طرف الملك الحسن الثاني الذي أعلن أخوته مع ملك سعودي في جامعة سميت الأخوين في إيفران المغربية ، و في الإنقلاب الثاني مولت الرياض جزءا عظيما من هيكلة القوات المسلحة الملكية التي وجدت في إعارتها لبلاد الخليج فرصتها لتأسيس ثروات أسست لحقبة من الجنرالات الذين أصبحوا أربابا للشركات ، قبل أن يبيعوها بعد شهور من اعتلاء محمد السادس عرش الحسن الثاني ، و مباشرة بعدما تضاعفت أجور العسكريين في المملكة .
أسلاك الجندرمة حاليا و الجنود و الأمنيين يدعمون هذا الاتفاق ، ليس فقط للعلاقات السابقة بينهم و بين دول الخليج ، و إنما الفرصة مواتية :
- للعمل على العتاد الأمريكي المتطور .
- و على تكنولوجيا تؤهل الجندي المغربي للتعاطي مع وضع أكثر احترافا بنسبة تزيد عن ثلاثة أضعاف عما هو موجود بالبلد .
- التكوين المتقدم .
 وفي إطار العمل المغربي من داخل المجلس سيكون وضع التكوين و التأهيل الأمريكي واسعا و عميقا للجندي المغربي في ظل المنظومة الخليجية . و في هذه الحالة سيكون وضع الجيش المغربي على حدود إيران ، و احتمال وضع إيران نفسها على حدود المغرب ، حالة متقدمة من " الاحترافية " لأن التحديات المتوقعة عميقة وذات أبعاد جديدة . في وقت ترى فيه نظرة أخرى : أن الكفاءة لن تكون إلا باتجاه واحد ، قمع المظاهرات كما وقع لدرع الجزيرة في البحرين ، و قد احتاج الجميع في حينه لعدم اصطدام خليجي بآخر ، و سيكون أردني أو مغربي لخليجي أقل توترا .
الخليج - حسب الإيرانيين - يستعين بميلشيات أردنية و مغربية لاأقل و لا أكثر ، و بالتالي يكون الصراع حقيقيا و محسوما بين هذه الملكيات العربية و إيران بعد تقارب مصر الثورة مع طهران .
و كما أن الرياض تستفيد من حرب ملكيتين تنتسبان لأسرة النبي في المغرب و الأردن ضد إيران التي تدين بمذهب آل البيت . فلا يكون العداء طائفيا ، بل سياسيا و استراتيجيا بين إيران و الخليج . إن الاصطدام في البحرين بالمتظاهرين شكل انعطافة على المستوى النفسي كاد أن ينزلق إلى بعد طائفي تحاول السعودية معالجته من خلال اقتراح ملكيتين علوية و هاشمية للانضمام إلى إمارات و ملكيات الخليج .   

عدد 29 لماوراء الحدث ص 11 دولي

في أجواء مصالحة بين الأمير الأحمر ومحمد السادس مولاي هشام قرر السكوت بعد الدستور القادم


أكد استجواب الأمير مولاي هشام لمجلة ( ليكسبرس ) الفرنسية أن معركة الأسرة المالكة هي مستقبل الملكية ، و ليس تفاصيل تفجير إرهابي معزول في مراكش . و هذا المستقبل في المغرب و في باقي الملكيات العربية هو الشغل الشاغل للجميع ، بعد أن نظر مولاي هشام ، و في كل كتاباته ، إلى هذه الملكيات العربية كتلة واحدة و مصالح واحدة ، و هو مااستجاب إليه مجلس التعاون الخليجي بعد سعيه لضم كل من الأردن و المغرب إلى نادِ واحد للملوك العرب بتوصية فردية و اقتراح فردي من الملك السعودي - يقول المصدر- .
إن مجهود مولاي إسماعيل في السعودية تطابقت مع المجهود النظري لأخيه مولاي هشام الداعي لتوحيد مبادئ المنظومة الملكية العربية في القرن الواحد و العشرين تحت عنوان الإصلاح لتكييفها مع شروط العصر .
الأخوان - مولاي إسماعيل و مولاي هشام - في مسعى واحد ، و أبناء عم الملك أول جنوده في دول الغرب ، و في السعودية لتمرير جزء من الاصلاحات و اعتبارها كافية في الدستور الجديد . و الملاحظ هو دعم أولاد مولاي عبد الله ووقوفهم إلى جانب أبناء و بنات الحسن الثاني على حد سواء ، لمعركتهما الواحدة في ظل زلزال الثورات العربية .
الأجهزة الأمنية المغربية إن كانت ترى مستقبل بعضها رهينا بمعركتها ضد الإرهاب كمعركة وجود في ظل قرار ملكي قضى بدسترة توصيات هيئة الانصاف و المصالحة ، فإن مستقبل الملكية و تحديد سلطات الملك هو الجزء الرئيس الذي تهتم له الأسرة المالكة .
أولا ، محمد السادس فتح الحوار مع أسرته ، و مع كل الأمراء حول الإصلاحات التي تخص النظام الملكي في المغرب ، و هناك - حسب المصادر- توحيد للنظرة و الحوار بطرق مباشرة و غير مباشرة حول مدى الإصلاحات التي يجب أن يقرها الملك . الحوار لم يكن مع كل فئات الشعب فقط ، بل مع كل الأمراء و أفراد و توجهات الأسرة المالكة حول المستقبل .
ثانيا ، إجماع الأسرة الملكية على سقف - واحد - من الاصلاحات هو الجزء الرئيس من معادلة الأمن و الاستقرار ، من جهة ، ومن جهة أخرى ، هناك رغبة في أن يكون التوجه الأخير للإصلاح في المؤسسة الملكية استراتيجي ، كما يريد الأمير مولاي هشام .
في حواره مع ليكسبريس يرفض دعوة 20 فبراير و العدل و الإحسان إلى مجلس تأسيسي في مقابل توجهات إصلاحية عميقة يدعو لها ، و تتلخص في ملكية برلمانية بتقاليد مغربية ، لأن القراءة تؤكد أنه في حال عدم اعتماد إصلاحات قوية يكون استدعاء المجلس التأسيسي من طرف الشارع ، و هو ما يعني نهاية النظام الملكي - كما يقول الأمير باللفظ - .
الرسالة واضحة أن المجلس التأسيسي دعوة و مطلب لجماعة العدل و الاحسان ، و قد تحركت العدالة أخيرا لتحدد جلسة لمحاكمة نجلة ياسين التي فضلت النظام الجمهوري على النظام الملكي .
الرسالة واضحة : من يدفع الأوضاع إلى التأزيم و إعلان المجلس التأسيسي يرغب في نهاية النظام الملكي . وضع يتقرر معه القول : إن تحالف مولاي هشام و العدل و الاحسان صعب إن لم يكن مستحيلا في المستقبل ، خصوصا بعدما وضع الأمير الجماعة في خانة الداعين إلى النظام الجمهوري . و أمام الجميع إما تنكر الياسينيين لابنة زعيمهم ، و في ذلك ربح لنظام محمد السادس ، و نقطة يسجلها مولاي هشام لصالح الملكية في بلاده . أو أن يكون الاصطفاف في الشارع واضحا : إن كل من يدعو إلى مجلس تأسيسي في المغرب جمهوري ، و تأتي حركة 20 فبراير في مقدمة من يجب عليهم الجواب . لأن تمييز هذه الحركة عن الجماعة هدف رسمي ، و الأمير مولاي هشام رمى بحجره إلى جانب هذه الحركة في مقابل الجماعة " الجمهورية " لياسين و أطراف اليسار الراديكالي الداعي لاسقاط النظام ، و دعاة التأزيم الأمني في صفوف معروفة حاربت الأمير نفسه بأسم الملك و ضد استقرار الملكية ، و قد أشار مولاي هشام بوضوح إلى محيط محمد السادس .
صراع الأمير مولاي هشام ضد العدل و الاحسان لم يكن متمثلا فقط في قوله : أن من دعا إلى مجلس تأسيسي لاعتماد دستور جديد للمغاربة جمهوري ، بل طالب بإضفاء البعد الأخلاقي على إمارة المؤمنين في المغرب ، حتى لا يكون لها أي بعد ديني  يشير إلى الخلافة ، و يرفضه عبد السلام ياسين ، كما يتحفظ عليه كل سلفي بعد أن قرر الملك السعودي رفض كلمة الملك فكيف بأمير المؤمنين ؟!
إن اعتبار مقام أمير المؤمنين أخلاقيا و ليس دينيا ، و لا قداسة للملك  صورة من صور العمل على خطوط دينية أقرتها السعودية ، لسحب البساط من تحت جماعة العدل و الاحسان ذات الدعوة " الجمهورية " .
=== بعد حرب مولاي هسام المكشوفة على جماعة  العدل و الاحسان و اليسار الراديكالي و الأمنيين المحافظين ، ظهر تحالف الأسرة المالكة .
الدستور الذي يقوم الملكيون بتعديله وضع الأسرة الملكية في خندق واحد ضد الدعوات الجمهورية بِلَبُوسِ ديني أو ماركسي لينيني ، وضد المحافظة الأمنية المتطرفة التي ترغب في تصفية الشارع من كل التظاهرات باسم الحفاظ على الاستقرار .
تحالف الاسرة الملكية في ظرف تجديد الدستور جمع كل الأطياف من الأمير الأحمر إلى جانب المحافظ أو الاصلاحي ، ووحدة الأسرة المالكة جزء من الرد على دعوات إسقاط النظام التي ارتفعت شعاراتها أخيرا بعد تفجير أركانة ، و تدخل مولاي هشام لتأكيده على :
- التمييز بين الاصلاح و اسقاط النظام الملكي .
- التمييز بين الراديكاليين الداعين لأن تكون  الاصلاحات عميقة ، و بين راديكالية تغير النظام إلى جمهورية .
- رفع قداسة الملك في مقابل رفع قداسة الأيديولوجيات و المعتقدات في الشارع .
- التوجه إلى إطار من الملكية البرلمانية بتقاليد و ثقافة مغربية .
تحالف الأسرة المالكة تحالف آخر لكل الملكيات العربية ، و هذا جزء صلب من استراتيجية مولاي هشام ، ليس بمنطقه الأول القاضي بالميثاق العائلي ، إنما بمنطق تحالفي لإيجاد إصلاح يحمي العرش .
إن التوافق مع الملكيات العربية الأخرى على سقوف الإصلاحات شئ ضروري ، فالملكيات سكتت على ما جرى في البحرين ، بل و دعمت ملكها ، و الصوت الإصلاحي في كل الأسر سكت بعد أن ظهرت دعوات لإسقاط النظام . فالخط الأحمر هو اسقاط النظام الملكي ، و يحترم عميد الأسر الملكية الملك السعودي اختيارات كل بلد ، على أن لاتصل الدعوات إلى التغيير الكامل لهذه الأنظمة الملكية .
أمامنا الملك الأردني الذي يفاوض أوباما للالتحاق بمجلس التعاون الخليجي ، و لذينا الرباط التي تحرص على مصالح فرنسا قبل إقرار هذه الخطوة ، لأن الجغرافيا المغاربية تفرض من جهة أن يكون هذا الالتحاق غير مؤثر على مصالح باريس وواشنطن في الإقليم ، و الدعوة في جزء منها للضغط على الجزائر لفتح حدودها مع المغرب تبعا لتوصية روس .
=== تحالف الملكيات العربية قناعة الأمير هشام قبل الثورات 
نظر مولاي هشام إلى تحالف الملكيات العربية استراتيجية حياة لأنظمتها ، و تأتي الثورات لتضع المنظومة الملكية في كتلة واحدة اتجاه مستقبلها ، في إطار التعاون الأمني و الاستراتيجي ، فمبادرة الملك السعودي بإلحاق الأردن و المغرب " خاصة " قررها بنفسه ضد محيطه لابعاد الجمهورية اليمنية ، و بعد أن سقطت مصر الثورة في أحضان إيران .
انتصار الحلف المقدس ضد إيران هو وقف لتصدير نمطها الجمهوري إلى البحرين و تعزيز قدرة الملكيات في الصمود ضد توسعها  الذي يصل الجزائر على حدود المغرب .
من جهة ، دعوة الملك السعودي ضغط إضافي على الجزائر، بتعاون مع أمريكا ، لتحقيق ما اقترحه كريستوفر روس أخيرا من تطبيع للعلاقات الجزائرية - المغربية ، ومن جهة أخرى ، و على جبهة الأردن ، يكون الاقتراح داعما لسلام عربي - اسرائيلي من خلال اعطاء عمق خليجي لاتفاقية عربية بين عمان و تل أبيب .
أوباما يحرك طمع الإسرائليين إلى السعودية من هذه البوابة ، و بالتالي نجد أن " تحالف الملكيات " متنفس إقليمي ضد إيران ، و غير مناهض للديموقراطيات و ثورات الشعوب هو القادر على إنتاج السلام بعد الديموقراطية التي يطالب بها الشباب في شوارع العواصم العربية .
إنتاج السلام بعد الديموقراطية جزء من سياسات واشنطن في الشرق الأوسط الجديد و تحالف الملكيات إن كان جزءا من السلام مع إسرائيل ، فهو جزء من مشكلات التحول الديموقراطي في العالم العربي .
و تحمي قراءة مولاي هشام في المغرب و الأمير الحسن بن طلال في الأردن توازنات تنقذ العرش في البلدين ، إذ يعمل الأميران على أن تكون الاصلاحات ضمن السقوف التي تحافظ على الاستمرارية و تقبل في نفس الوقت بالديموقراطية .
لقد أغرى التدخل السعودي في البحرين جميع الملوك العرب ، و هذا الهدف الأمني أو التأميني للملكيات عبر عمل الرياض قرر معه المغرب أن يرفض المساس بالمنامة و بنظامها الملكي ضد إيران ، و قد ساهم بمجهوده الأمني و العسكري ضد الحوثيين لحماية السعوديين ، و أخيرا لحماية البحرين . و هذه الرؤية الأمنية المشتركة للحماية و ضد إيران كشفت أن دمقرطة الملكيات العربية في ظل سقوف مقبولة لا تؤثر في إشعال مطالب و احتجاجات في السعودية أو إمارات الخليج الأخرى .
الرياض ترفض بطريقة ما نموذجا ديموقراطيا حادا تمثله الملكيات العربية خوفا على أمن نظامها الرافض لإصلاحات عميقة .
إن رفض مولاي هشام للمساس بالسلطة الملكية واضح عندما اعتبر الدعوة إلى مجلس  تأسيسي " نهاية لنظام المغرب الملكي " . هذا الرفض نهاية لصورة الأمير الأحمر . و قد فضل مولاي هشام في هذا الظرف نهايته على نهاية النظام الملكي .
هل انتهى الأمير مولاي هشام بعد أن وضع ملكية بلاده تحت سقف ما يقترحه محمد السادس على لجنة المنوني في توصيات خطاب 9 مارس ، و في إطار تحالف ملكية بلاده مع ملكيات الخليج بشكل كامل .
مولاي هشام عندما يدعو إلى استلهام روح الملكيات الأوروبية لا ينظر أمامه سوى إسبانيا التي أدخلت الاصلاحات الدستورية في المغرب ضمن أمنها القومي ، فالأمير  يرغب في أن تكون الاصلاحات متناغمة مع الملكيات الأوروبية للضرورة الإسبانية ، و في تحالف استراتيجي مع الملكيات العربية .
الخليج يمول الاستقرار في المغرب ، و لن يمول الإصلاحات ، على أن الأوروبيين قد يمولون فقط الإصلاحات بما يناسب الاتفاق المتقدم مع المغرب . و بالتالي تكون إدارة الوضع على أساس : 
أ - ضرورات الجوار : إصلاحات تهئ البلد لاستعادة سبتة و مليلية ، وربح الجوار في إطار تحالف الملكيتين المغربية و الإيبيرية . تحالف يخدم الشمال و الجنوب المغربيين .
ب - إن كانت ضرورات الجوار مع اسبانيا ضرورات الجغرافيا السياسية فإن ضرورات التاريخ تفرض الانضمام إلى منظومة الخليج العربي في إطار تحالف الملكيات العربية .
ج - ضرورات الإقليم يفرض التعاطي بشكل استراتيجي مع إقليم المغرب العربي ، و يرغب البرغماتيون في المغرب بأن تكون دعوة المغرب للانضمام إلى الخليج عامل ضغط على الجزائر لفتح حدودها مع جارها المغربي .
=== الأمير مولاي هشام في مصالحة استراتيجية مع أخيه مولاي إسماعيل إلى جانب محمد السادس 
قبل أن يستقبل الملك السعودي في حضور ابنه ، الأمير مولاي إسماعيل  استقبل قبلا مولاي هشام . فالرياض عملت على تقوية العرش العلوي في المغرب اقتصاديا و استراتيجيا ، و في لحظة رأى فيها ملك السعودية مطالب الليبراليين قوية في بلده قرر استقبال مولاي هشام رسالة إلى الداخل على أنه إلى جانب الاصلاحات أو أنه ملك إصلاحي .و في لحظة الدفاع عن الملكيات العربية كتلة واحدة و تحالفا واحدا في وجه الثورات استقبل مولاي إسماعيل قبل أن يطرح فكرة انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي .
من جهة ، تعبيرا من السعودية على دعم الرياض لمجهودات الرباط ضد الإرهاب ، وقد زار مولاي إسماعيل مع الملك مقهى أركانة التي أصابها تفجير إرهابي قبل أن بطير إلى السعودية .
و من جهة أخرى ، تعبيرا من الملك السعودي أن أبناء عمومة الملك المغربي أمراء لهم دورهم كما في السعودية . و الاشارة الأقوى أتت من محمد السادس عندما اصطحب مولاي إسماعيل إلى مكان الحادث و أرسله إلى الرياض .
تدخلات الأمير هشام في سير الاصلاحات ، وزيارات و أعمال الأمير مولاي إسماعيل تكشف أن دور الأسرة الملكية لم يعد محددا بالدائرة الضيقة ، بل بكل الأسرة ، و كأن موعدها مع التاريخ و هي تعمل على اصلاحات " كبيرة و في ظل محمد السادس و في شروط الثورة " .
=== أدوار لابناء عم الملك في أجواء الدعوة إلى تقليص صلاحيات محمد السادس
مولاي إسماعيل إلى الرياض في أجواء انضمام المغرب لمجلس التعاون الخليجي ، و عدم إسقاط صفة الأمير عن مولاي هشام ، و هو الذي اختار مرارا أن يوقع مقالاته بمحمد بن عبد الله العلوي ، تمسك أخيرا بلقبه في إحدى حواراته التلفزيونية ، و هو يدافع عن احتواء حركة 20 فبراير قبل أن يرد ملك البلاد على رغبتها  في 9 مارس .
هذه الأدوار لأسرة الملك في أجواء المطالبة بتقليص صلاحيات محمد السادس فرضت من جهة  أن يدعو الجناح الاصلاحي فيها إلى الذهاب إلى ملكية برلمانية مغربية ، و الجناح الآخر إلى اصلاحات حددها خطاب 9 مارس .
تحالف الأسرة الملكية قائم على خطاب 9 مارس و خطاب مولاي هشام بشأن الاصلاحات ، و قد يكون ما بينهما صورة من الحل الذي لا يضعف التدخل الملكي و لايقويه على الحكومة ،والأساس حاليا يذهب باتجاه : وحدة الأسرة الملكية بعد اقرار الدستور .
=== مولاي هشام مع وحدة الأسرة الملكية مباشرة بعد اقرار الدستور ، فهل يسكت الأمير الاحمر ؟
كشف مصدر غربي قريب من الأمير أن مولاي هشام لن يخاطب كأمير جمهوره في حال اعتماد الدستور ، و قد يواصل أبحاثه الأكاديمية باسمه الذي تعوده بعض قراءه .
إن عدم الاستجابة لبعض مطالب مولاي هشام ، لايعني الوقوف ضد إرادة الأسرة و تحالفاتها ، لأن " البعد الأخلاقي جزء حقيقي من التقاليد الملكية " .
الأمير مولاي هشام يعمل جاهدا من فرنسا على إرسال رسائله إلى أسرته و إلى الشعب المغربي ، و من خلال الفرنسية و ليس الانجليزية ، لأن الجزء الهام من مستقبل الملكية هو إصلاحها .
حاليا ، تحالف الملكيات العربية فيما بينها في ناد واحد يحميها ، لايجب - كما يقول أوباما للملك عبد الله الأردني - أن يكون ضد تعميق الإصلاحات ، وتوصية مجلس الأمن القومي الأمريكي ترى أن عدم التدخل في البحرين بما يكفي لحماية الشعب البحريني و الاصلاحات التي ينادي بها ، قد يدفع إلى تراجع في أجندة الاصلاحات التي قررتها ملكيات خارج الخليج ، وقد رأى الأردن أن الاصلاحات جزء من أمنه الخاص و لاتتعلق بتحالفاته الاقليمية - أي الخليجية تحديدا - فهل الأمر نفسه هو قرار المملكة المغربية ؟!     

ماوراء الحدث عدد 29 ص 3 بقلم عبد الحميد العوني

إفلاس الهمة و بنكيران ... كأن الملك ضد أمير المؤمنين ؟!


الحزب في الديكتاتوريات بين أن يكون سرطانيا أو كرتونيا ، فإما أن يتبع الحزب خلايا الدولة ، فلا يستطيع أن يستقل عنها ، و لا يمثلها ، ولا يضع إلا زبائن مشوهين ، منافقين ، يؤمنون بالمظلة ، لا مبادرة لهم و لا قدرة لديهم و لا رؤية طبعا و قطعا .
و في الحالة الثانية يكون الحزب أراجوز ، بلا طعم و لا مذاق ، لا يؤمن بما يفعل ، و هم يفعلون ! و قائدهم بهلوان ، مزايد ، مكايد ، يضحك على شعبه في عصر تحررت فيه الشعوب ، و قررت ثم سطرت مستقبلها ... في هذه الأجواء يخاطب بنكيران الهمة و العهدة على أخبار الأمس و اليوم ، في تجمع خطابي في القصر الكبير يقول له : في 2009  قال لنا الهمة أنه جاء للدفاع عن مشروع ملكي ، و الآن عندما بدأ الناس يتحدثون عن الملكية في الشوارع ، علاش تخبيتي ، هذي ماشي رجلة ؟! 
و نتساءل : هل هذا خطاب من تربى على مكارم الأخلاق و يدعو لها ، فلا هو يذكر نضالات الشعب المغربي منذ ميلاده أو يزيد . أين الرجولة في كلام بنكيران ؟ إن شكك بنكيران في رجولة الهمة ، و كأننا أمام الهمة بلا همة في نظر خصومه و بنكيران بهلوان كما في رد خصومه .
هل هذا منطق الحال المريض يا قادة الأحزاب ، نفاق أو نفاق مضاعف ؟! كبف لنا أن نعيش و منافق ينافق على نفاق أخيه ... الهمة تمسح بالأعتاب الشريفة ليدافع عن مشروعه ، و بنكيران يتمسح بنفس الأعتاب ليدافع عن نفسه ؟! و الملكية في حاجة إلى الديموقراطية للدفاع عن نفسها . الملكية لا حاجة بها لحزب العدالة و التنمية و بنكيران ليزايد على الهمة ، و لا الهمة ليزايد على بنكيران ، و كلاهما يدافع عن الأعتاب و ينسى العرش .
كهنة كل نظام يفلسفون الزور ، و يقول الحكيم : كيف تطلب الإصلاح بلا صلاح  في القول و العمل ؟
في الحرب ، قاتل بنكيران الهمة باسم أمير المؤمنين ، و خرج الهمة باسم الحداثة و باسم الملك . و ظهر في الشوارع كأن الملك ضد أمير المؤمنين ؟
أليس هذا مكر اللحظة ... صراع بدائي و غير أخلاقي ، فلا الرجولة بادية في ابن المخزن كما يقول الاسلامي ، و لا في ابن الشبيبة الاسلامية الذي تحول جينيا يأخد سلوك حزب العدالة و التنمية التركي في نظام علماني ليدافع به عن أمير المؤمنين ! و ينطق باسم الله و بوليميك ظهر المهراز و يمكر كغيره مثنى و ثلاث و رباع ... وفي فلسفة الحكم قيل لكسرى : أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا ؟ قال عدوي أو خصمي .
و المغاربة خاصموا المخزن في الشوارع ، ورأوا إصلاحه ، فكانوا في معارضتهم أعقل من منافقي النظام ، و الرد عليهم أوجب أن يكون مقبولا و معقولا و، فالشعب أصدق إنباء من الخطب ، في حده الحد بين الجد و اللعب .
الشعب أراد الأمن و الاصلاح ، و الغريب أن المنافقين يلعبون بالقرار و النار، يعرقلون الأفعال و يضخمون الأقوال ، و التهديدات و التقديرات ، ورأينا جميعا في تونس ومصر أن العقل عوض أن يكون عند الحاكمين رأيناه عند المحكومين ، و كأن مفاجأة العصر أن يكون المحكوم اعقل من الحاكم ؟!
الحاكم يتهور كي لا يتغير ، و المحكوم المظلوم يُغَلِبُ المصالح العليا و مصالح الوطن و مصالح النظام نفسه لينتصر على أن أدرانه و أعوانه و يستجيب للعصر و للشعب . و في كل الأحوال المنافقون يكذبون ، و أبناء الشعب يصدقون ، و كمل قيل قديما : إن مداواة أهل العلل الظاهرة أهون من مداواة ما خفي وما بطن !
العملة الظاهرة حول الحاكم : نفاق و ارتزاق . هؤلاء يريدون أن يؤكدوا للحاكم أنهم حملة العرش ، و لا يكون الحملة إلا صفوة في أخلاق ملائكية ، فكيف بمن قذف بالباطل على الأشخاص نارا تأكل الأجساد في تفجيرات مراكش أو تأكل الأخلاق في القصر الكبير أو تضرب الاصلاح لتجعله أضغات أحلام . و ماهم بتأويل أحلام الشعب بعارفين ، و حول الحاكم منافقين ، و أمام قطيعهم كاذبين و أمام التاريخ مهزومين ؟
التاريخ لا يرى سوى الحق و الشعب ، وإن إليهما راجعون طال الزمن أو قصر . 

القلم المعاكس عدد 29 لماوراء الحدث

من ورزازات إلى فكيك بداية بناء الهوية الديموقراطية للصحراء الشرقية


لأول مرة ، في تاريخ المغرب المستقل ، نرى شرق درعة هوية جغرافية مستقلة تجد قاعدتها في المملكة و امتدادها في أراض تديرها الجزائر على طول حدود غير مرسمة معها .
أولا ، الهوية الجغرافية لشرق وادي درعة في مقابل غربه ، شكلت في مشروع عزيمان بداية تغيير لقواعد اللعبة ، ليس فقط لأننا أمام شرق درعة الذي يمثل الصحراء الشرقية في مقابل غرب النهر الذي يطلق عليه الصحراء الغربية ، بل لأننا أمام هوية جديدة دخلت في مرحلة المأسسة Establishing  من ركنين أساسيين : برلمان سيشكل فيه أبناء هذه المنطقة بعمقها التاريخي ووحدة المجال الصحراوي انطلاقة أخرى لتأسيس هوية الصحراء الشرقية من ورزازات إلى فكيك على طول الحدود غير المرسمة مع الجزائر .
ثانيا ، الهوية الديموقراطية ، فبرلمان شرق درعة أو الصحراء الشرقية سيكون بكل تمثيليته المتوازنة من ورزازات إلى فكيك - لأول مرة -  يتحمل مسؤولية تحديد مصيره من أجل وحدة هذا الإقليم الجغرافي .
لم يعد مهما البحث عن منفذ بحري ، كما ينظر أهل فكيك إلى وجدة على البحر المتوسط ، أو أهل ورزازات باتجاه أكادير على المحيط الأطلسي ، بل يكون عمق الجهة داخل الأراضي المغربية التي تديرها الجزائر ، و في كل أراضي الصحراء الشرقية كإقليم تاريخي ، و من خلال منفذين : أولهما على الأطلسي حارب بومديان لأجله أعواما و سنين ، و على المتوسط ثانيا .
الهوية الديموقراطية لسكان الصحراء الشرقية دعم لعصب الخيار الحر لشعوب المنطقة ، و إيمان حقيقي بالأمة المغربية الواحدة التي شكلت المغرب الكبير .
ثالثا ، الهوية التاريخية للصحراء الشرقية التي قسمتها فرنسا بين المغرب و الجزائر لم تشكل فقط إمارة عبد القادر ، و هو علوي خاصم في إحدى الفترات عرش العلويين المغاربة ، و حارب من أجل نفس الهوية الواحدة في الحكم ، بل شكلت الصحراء الشرقية هوية الجزائريين ، و لا يزال رجال الغرب الجزائري يحكمون إلى الآن الدولة . و أساس شرعية الحكم واحدة : " علوية ، شريفة " انطلاقا من وحدة الصحراء الشرقية ، أو من شرعية شعبية ثائرة من نفس الإقليم اتجاه البحر المتوسط .
الخيار الجهوي يعيد من خلال الهوية الديموقراطية بناء هذا الإقليم الذي أسس دولتين : الجزائرية و المغربية ، و انقسم بينهما دون أن يصل إلى بناء منظوره من داخل الأمة المغربية الواحدة .
بوتفليقة صرف 20 في المائة من ميزانية الجزائر ، و ما يقرب من 13 مليار دولار تسليحا و بناء من أجل هوية مستقلة لغرب الجزائر تزيد من لحمة بلاده ، و تقتل خيار الصحراء الشرقية في الجانب الآخر .
و حاليا يعمل المغرب على بناء هوية أخرى لهذا المطلب التاريخي انطلاقا من الهوية الديموقراطية المتمثلة في البرلمان الجهوي و تمثيل الساكنة ليكون معنى " جديدا " لهذا المجال ، فالإدارة الذاتية للصحراء الشرقية أكبر خطوة لربح وحدة المغرب الكبير ، و ربح رهان الأمة الواحدة منذ أن خرج الأمير عبد القادر العلوي الجزائري عن السلطان المغربي .
الصحراء الشرقية لم تكن تركية ، و لا فرنسية إلى أن استقل المغرب قبل الجزائر ، فكان عمق الجيش الفرنسي منطلقا منها لإنجاح خططه في كل الصحراء الكبرى .
لقد عرضنا كتاب المؤرخ زكي مبارك بالوثائق لمعرفة خلفيات الصراع الجزائري المغربي و أساس سوء التفاهم بدأت جذوره و لا تزال في الصحراء الشرقية . باسمها قرر الجنرال أوفقير إعدام بن بركة ، لأن الأخير غلب الثورة و إسقاط النظام عن الوطن ، و أراد أن يدفع في مقابل دعم الجزائر السكوت على الصحراء الشرقية التي عرفت حرب 1963 كأكبر الحروب بين العرب على الحدود ، و لايزال الأمر معلقا .
و بن بركة في اجتماع طنجة دافع عن إكمال حدود المغرب أمام الجزائريين قبل استقلال بلادهم .
اتفاق إيفران يعد بروتوكولا فقط لأن الحسن الثاني و بومديان لم يوقعا عليه إلا بصفتهما الشخصية و لم يظهر إلى الآن توقيع بومديان على هذه الوثيقة ، و بشكل مطلق . كما أن برلماني البلدين لم يصادقا على الاتفاق إلى حدود كتابة هذه السطور . و جبهة التحرير الجزائرية لم تحضر و لم توقع و لم تطلب قراءة هذه الاتفاقية ، و هي الجهة المخولة لأن بومديان حكم بشرعيتها ، و شرعيته انقلابية و مطعون فيها .
الشرعية العلوية للأمير عبد القادر الجزائري تجاوزها الجزائريون نحو ثورة ثانية من خلال شرعية جبهة التحرير ، و الشرعية النضالية لهذه الجبهة لم يستند إليها بومديان في اتفاق إيفران ، كما أن الجبهة عارضتها و لم تصادق عليها ، كما لم يصادق عليها من يمثل الشعب الجزائري و مفاوضات هذا الاتفاق حدثت في أجواء الاستثناء ، فبعد القضاء على أوفقير اعتبرت الدولة اتفاقية إيفران طيا من الحسن الثاني لصفحة هذا الجنرال و لصفحة الصحراء الشرقية ، لكن بومديان قبل ثم رفض  اتفاقية أنتجتها ظروف الاستثناء المغربي ، و لم تنتجها ظروف عادية ، و اليوم قضية الصحراء الشرقية لم تعد قضية حاكم أو جنرال بل قضية شعب هذه المنطقة و ساكنتها ، و الخيار الديموقراطي الجهوي يضمن مثل هذا الخيار و هذا التحول ، بل و يحميه .
الحسن الثاني عندما اقترح اتفاق إيفران طمح إلى اعطاء الجزائر مصالحها في كل الصحراء ، و عندما أحس بومديان أن الاتفاق لا يؤكد سوى " الوحدة الاستراتيجية للصحراء دون تقسيمها " تحت عنوان ( الصحراء الغربية ) رفض الصفقة ، لأن المغرب دخل آنذاك في مفاوضات مع فرانكو لإدارة الصحراء الغربية .
الصحراء المغربية في نظر الحسن الثاني كانت تعني كل شرق و غرب درعة ، على نفس ما كانت عليه الحدود عشية الحماية الفرنسية . هذه هي الخارطة التي أخرجها مرة في عهد ميتران ، و قال له الحسن الثاني: إنها الحدود التي أعترف بها . و طلب الرئيس الفرنسي عدم التصعيد لأن الحسن الثاني قرر أنذاك الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية .
اتفاق إيفران ضمن للصحراء وحدة تكون بحجم وحدة المغرب الكبير . لقد اختار بومديان أنذاك مغرب الشعوب ، و دافع الحسن الثاني عن الدولة الشرعية و التاريخية الواحدة .
من جهة لم يذكر المغرب الحدود في دستوره ، و في عقد بيعة محمد السادس ذكر طنجة و لكويره و لم يذكر المدينة التي تنطلق منها في الشرق إلى المحيط الأطلسي .
الشرعية التاريخية لم تكن وحدها رهان الساسة ، كانت شرعية النضال ضد الاستعمار بوابة محمد الخامس و كان الحسن الثاني قد أثار الشرعية التاريخية و الاستراتيجية بعد حرب الرمال لإنجاح رهانه .
في الدستور الجديد لا يمكن إعطاء هوية حدودية للبلد ، و لايَصدُقُ أن يكون المغرب أمة دون هوية تاريخية لحدوده .
مسألة الصحراء الشرقية منضوية تحت المشروع الجهوي الذي ما إن يعتمده المغرب حتى يعيد لهذه القضية حركيتها و ديناميتها من زاويتين :
أ - أن شرق درعة منطقة مفتوحة ، و لأن استحضارالعامل الجغرافي أساسي في عدم إثارة الجزائريين ، و التاريخ الذي يذكر الصحراء الشرقية بكل الحساسية المعروفة يخدم هذا الاطلاق أكثر من أي اسم آخر .
ب - أن كل المناورات الأمريكية العسكرية انطلقت من رأس درعة ، و أصبحت هذه المنطقة ذات وضع استراتيجي على الأقل في عهد بوش الثاني و رايس و خطاطات البنتاغون إلى 2009 .
شرق درعة ذات طابع استراتيجي كمنطقة عسكرية و طاقية ( محطة ورزازات للطاقة الشمسية ) ، و هذه الهوية الديناميكية تعطي لها بعدا آخر ، فالهوية الصناعية يمكن أن تصنع الوحدة بقدر ما تتجاوز التاريخ ، لأن الأولى تعمل على وحدة المصير ، أما التاريخ فيعني وحدة المشترك ، و الهوية الصناعية في اصطلاحات القرن الماضي هي الهوية الاستراتيجية بلغة القرن الواحد و العشرين .
مثل هذه الهوية دفعت أبناء فكيك إلى طلب بقاءهم في جهة وجدة ، و رفض بعضهم مشروع التقسيم الجهوي الذي اقترحه عزيمان ، و مبررهم هو التنمية و الاقتصاد ، و بناء المغرب لأكبر مشروع طاقي للشمس في القارة الأفريقية يبدأ بورزازات و لا ينتهي عندها سيوحد الجهة الصحراوية باسم الانتاج ، و باسم التاريخ معا .
إن شرق درعة هو التعريف الجغرافي للصحراء الشرقية بمفهومها التاريخي الحساس و تكامل التعريفين هو القادر في وحدة الاصطلاح و ديناميكية الواقع و حركيته أن يضع هذه الجهة في قلب المغرب ، ببساطة لأنها ستنتج طاقته .
و هذا يعني أمرا رئيسا : لا مغرب كبير دون صحراء شرقية موحدة تكون هي قلبه ، لأنها مصدر كل شرعياته في الحكم و الدولة ، و هي عمقه الجغرافي إلى الأطلسي في مجال صحراوي واحد ، و حاليا كل الطاقة في هذا الاقليم : البترول الذي تستغله الإدارة الجزائرية ، و الطاقة الشمسية المنطلقة من ورزازات .
إن إعطاء محمد السادس للصحراء الشرقية " هوية ديموقراطية " ، من خلال برلمان الجهة و النظام الجهوي عموما ، يضعها مرة أخرى قضية معاصرة أو على الأقل في شروط العصر ، حيث تتعزز الهوية التاريخية و الاستراتيجية لهذا الاقليم و يكون المصير في يد الساكنة وحدهم دون غيرهم ، و هذا التطور استثنائي بكل المقاييس ؟!
      
 ماوراء الحدث عدد 28 ص 20 بقلم عبد الحميد العوني