عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

السلفيون وقود الثورة المضادة و طابور الأجهزة السرية


السلفيون خرجوا في الأردن بسكاكينهم و عصيهم إلى الشارع فأضاعوا المصير الواحد وشوشوا على حركة الشباب نحو الديموقراطية ، و الأجهزة  دفعتهم إلى ذلك بعد أن فشل القمع و المنع ، فخافت كل أم من إرسال ابنها ، و اختلط على الأب بين من يحمل الفكرة و حنجرته ليطالب بالحرية ، و بين من يحمل السكين و لحيته باسم الحرية ليطالب بإطلاق سجناء خروجهم يعني موتنا تقول إحدى الناشطات .
السلفيون في تونس تظاهروا لتكفير الديمقراطيين و الديموقراطية ، خمسمائة فرد شوهوا شارع الثورة ، فكانوا وقود الثورة المضادة و أحجارها في يد رجل الأعمال لطيف الذي طردته ليلى الطرابلسي من محيط بن علي ، و هو من مول انقلاب  بن علي على بورقيبة ، و يمول أي انقلاب آخر ضد حكم حركة النهضة إن بلغت الرئاسة . السلفيون التونسيون يقتلون الحلم ، و السلفيون المصريون يقتلون الأقباط في إمبابة باسم شخصيات الحزب الحاكم و بتمويلهم . تشويه الشارع المنتفض للحرية و للإصلاح و لإسقاط الديكتاتوريات رغبة الاستبداد و السلفيين ، لأنهم يكفرون بالديموقراطية ؟!
حاليا هذا التحالف الأسود خطير و ناصع و جلي بين الاستبداد و الفساد من جهة و بين السلفيين من الجهة الأخرى لكفره أولا و أخيرا بالديموقراطية . و تحت هذا العنوان كلهم يقتلون و يفجرون باسم البلطجة حيث الإجرام بطابع الإرهاب يسود المنطقة من عمان إلى مراكش مرورا بالقاهرة و تونس ، هل يمكن أن نطلق على ما نعيش : البلطجة الإرهابية التي حولت عاصمتنا الحمراء إلى مدينة حمراء . و الهدف : إفشال الثورة في شوارع عربية ، و عرقلة الإصلاح في أخرى . و للمغرب سابقة عندما كفر السلفيون اليوسفي لدخوله كنيسة و قد دخلها عمر بن الخطاب ، و خرجوا في تظاهرة لوقف مساواة الرجال للنساء و هم شقائق في الأحكام ، و رفضوا تحالف المغرب إلى جانب المدنية الغربية ، و كفروا بالديموقراطية و دعوا إلى تفجير البرلمان ، وعندما خرج شباب 20 فبراير اتهموهم في ايمانهم ، فقالوا عن بعضهم مسيحي و عن الآخر آكل رمضان ، و استثمر حماة الاستبداد منطق السلفية لإقصاء حلم الأجيال الشابة في إسقاط الاستبداد و الفساد .
جزء من المفرج عنهم اعتذروا لحركة 20 فبراير ، و بعضهم من الذين لم يدخل السجون اعتبروهم إخوانا في تقية أو تراجع ، و رفضوا الدعوة إلى الديموقراطية ، و في فكر السلفي يختلط العلماني و الديموقراطي و كل ماهو غيره ، ليكون مع كافر ضد كافر ، وهو يفضل من يحكمه حاليا على من يحكمه لاحقا ، و هم في جهنمه سواء .
و من غريب الولاء و البراء أن يوالي الحديث منهم الحاكم و ناصيته القوة على محكوم مداره الحق ، و من فساد التأويل إظهار الوسيلة على أنها حقيقة ، و مابينهما من صلة لا يترتب عنها مساس باعتقاد ، فالانتقاد يجوز في كل مناط .
السلفية حاليا طابور قاتل في يد الحاكم ، يفجر الأمن و الإنسان و المستقبل ، لأن كل ديكتاتوري يكفر بالديموقراطية كأي سلفي .
و أرى أن اطلاق السلفية و السلف على هؤلاء جرم و جريمة ، فالسلف الصالح براء من هؤلاء قطعا ، فالسلفيون الصالحون يناصرون الحق بالحق و هم و المؤمنون بالحق و القادرون على جعل الحق سنة الخلق . و الذي يزهق النفس لشبهة ، و ناصر الظلم و هو ظلمات يوم القيامة و ناصر الحرام على الله ، هو خارج سنن الإنسان و مصداقها ، و هو كذلك خارج من يحمي الضرورات الخمس لشرع الله ، فكيف تكون شريعة الله - كما يرونها - ضد شرعه . و أغلبهم لا يميز بين الشريعة و الشرع .
أيا يكن الحال ، فالسلفيون و السلف سلفان : السلف الصالح ذكره الأقدمون . و الطالح ، و في هذا التمييز وضوح بَيِنُُ ُ. بين من هم مع أو ضد سنة التدافع و الصلاح و الاصلاح ما استطعت ، و التوفيق من الله أن يكون هؤلاء إلى جانب الشعب .
خروجهم بالسكين في الأردن و بالكوكوت مينوت في المغرب ، و بالدبابيس في تونس و بالأسلحة البيضاء في القاهرة علامة على تراجع يذكيه من يقود الثورة المضادة .
في الثورات انكشف الممول ، و المحرك و الجهاز الأمني الذي وراء هذه الفئة التي أتت لتربك المسار أو تفجر سكة القطار حتى لا تصل الإصلاحات إلى أهدافها .
هؤلاء يكفرون بالديموقراطية و الديموقراطيين ، رغم أن محمدا النبي السوي القوي هو صانع ميثاق المدينة ( المديني المدني ) و التوراة حكمها في أرضه ، و أدخل نصارى بني نجران إلى مسجده ، و هو من حلل زواج المسلم من الكتابية مطلقا و صاحب الدعوة إلى الكلمة السواء .
كيف يجد هؤلاء في الاستبداد كلمتهم السواء ، و يجدون في مطالب العدل و الإصلاح و الصلاح دعوة سوداء ، يحولون بها الأرض نيران حمراء ؟! و الإنسان إلى أشلاء ....
إن ما يسقط من دماء باسمهم أو باسم الاستبداد سواء في المعركة ضد الديكتاتورية في أي بلد عربي ، لأن تحالف اليوم بين الكافرين بالديموقراطية أخطر على الأمة و على المستقبل و على قدرنا و على النفس الذي خلقها ربها و رزقها و كرمها و سواها في أحسن تقويم ؟!
   
القلم المعاكس  عدد 28 لماوراء الحدث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق