عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

انتصرت أمريكا و خسرت إسرائيل في معركة بن لادن ؟!


لأول مرة في تاريخ العلاقات الاسرائيلية - الأمريكية تقوم واشنطن بعملية كاملة بدون مساعدة تل أبيب . و قتل بن لادن كشف عن عملية في دولة نووية ، نصفها متطرف و ربعها يقاتل أمريكا في أفغانستان  بنسبة 100 في المئة بتعاون شديد بين ( السي . آي . إيه ) و الجيش الأمريكي ( البانتاغون ) . أوباما هزم القاعدة بقتل زعيمها ، و هو ما فشل فيه جورج بوش الثاني ، و هزم إسرائيل عندما لم يستعن بها مطلقا في كل عهده و في كل العمليات السرية التي أنجزها في المنطقة .
بوش الثاني رفض حضور الاحتفال بقتل بن لادن ، ببساطة لأنه مخذول ، فرغم سعيه الكبير ليكون إلى جانب إسرائيل في عملية مشتركة ضد القاعدة ، فضل أوباما دعم السي . آي . إيه و عزل إسرائيل في المعركة ضد بن لادن .
لأول مرة ، في تاريخ البلدين لم تعرف إسرائيل ساعة الصفر ضد بن لادن ، و لم تعرف شيئا عن هذه الملاحقة التي بدأت من غشت الماضي .
الصدمة عنيفة في أوساط الموساد ، و عندما يدعو نتنياهو إلى اغتيال الخامنئي مثل ما قامت به أمريكا ضد بن لادن . فضل البيت الأبيض أن يترك التقييم لأجهزة أمريكا و لأمنها الخالص في المنطقة .
يوم 20 من الشهر الحالي يجتمع نتنياهو و أوباما . لن يتحدث الرئيس الأمريكي كعادته ، و سيترك المبادرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ، و الذي سيقوله أوباما : لن نضعط على بريطانيا و فرنسا ، لتأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية .
الشئ المؤكد أن الاستخبارات الباكستانية حمت بن لادن ، و أن الموساد لم ترغب في اغتياله ، ليبقى الأمريكيون محتاجين للطرفين . حاليا ، أوباما يكسر هذه اللعبة و ينتصر لبلاده و للأجهزة ، و لسياسة " مستقلة " لأمريكا في الشرق الأوسط الكبير .
الضغوط على إسرائيل ستزداد ، و الجهد الفلسطيني من أجل الإعتراف بدولة فلسطينية في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم يوشك أن يؤتي ثمارا . تقول هآرتس من خلال مصدرها في خارجية ليبرمان ، و يؤكده الأخير مرارا للصحافيين القريبين منه .
إن تصويت ثلثي  128 دولة لصالح فلسطين بات من شبه المؤكد . و المؤكد أن إسرائيل خسرت التعاون الاستخباري مع أمريكا و خسرت محوريتها في الشرق الأوسط .
أمريكا تصر على إحراز كل انتصاراتها بقواها الذاتية . هذا الوضع مقلق لتل أبيب لأنها انطوت على مصالحها الذاتية ، و في ظل هذه الأوضاع نجد واشنطن تبدع في تحويل المجابهات ذات القوة المنخفضة إلى خطة سلام . و تقود حربا غير مسيسة على الإرهاب ، و تدخل في هدنة طويلة مع المسلمين .
مثل هذه الصيغة نجحت في إيرلندة ( بمبادرة إيرلندة و بريطانيا ) و في جنوب أفريقيا ، و في غرب أفريقيا بين موريتانيا و السينغال ، و حاليا في مشكل الصحراء " الغربية " و في تيمور الشرقية ( برعاية الأمم المتحدة ) ، و القضية الفلسطينية لا ترغب في اطالتها ، و تتحول إلى " صراع منخفض القوة " و لها مستوى من التدويل الذي يمكنها من الحل . لأول مرة لا تكون إسرائيل مبادرة و لا صانعة للقاطرة التي تقود على السكة .
تل أبيب تخسر نفسها إذن ، و اليوم هناك شروط لإنهاء الصراع في حال وصول أوباما لولاية ثانية في أمريكا. نجاحه كبير و صامت ، و يحقق جوائز لشعبه دون خسائر كبيرة و بخطاب متواضع ، وإن ببلاغة فائقة . الأمر المفاجئ ، عندما ندرك أن إسرائيل علمت من وسائل الإعلام كغيرها خبر مقتل بن لادن ، و عندما طلب نتنياهو تصفية الخامنئي على شاكلة زعيم القاعدة لم يلتفت إليه البيت الأبيض ، ليبرمان بعنترية مضافة : الولايات المتحدة قتلت مبحوحها ، لكن النتائج مختلفة إلى حد بعيد .
حماس لم تعد بعد الاتفاق مع السلطة مثل حماس قبله ، فمشعل أدرك أن الطاولة تسعه ليوقع على اتفاق دولة على أساس 1967 ، و هو ما صرح به و أعلنه في القاهرة .
الأسئلة لم تعد صعبة سوى في أنظار ليبرمان و الصقور اليمينيين . و التفاوض قدر سيكون بنتائج ، و لم يعد الأمر مهتما بالشكليات و التطرف في الضمانات . هناك فقط معنى لأن تكون إسرائيليا في أراضي شرعية ، و عندما قررت الشرعية الدينية التي تستثمرها حماس أن تكون إلى جانب أبي مازن . علينا أن نقرر أن تكون إسرائيل متوافقة مع الشرعية الدولية . ربما يكون مشعل أقل تطرفا من ليبرمان في الطرف النقيض . و السبب أن الذي يحارب يدرك جيدا مكان اللغم المحتمل .
نتنياهو و ليبرمان لم يحاربا بما يكفي ليعرفا خارطة الألغام الجديدة في الشرق الأوسط .
قريبا سنجد الساعة تاريخية و ناضجة قد تجعل الجبهتان الشعبية و الديموقراطية و الجهاد إلى جانب  الحسم .
و النضج في إسرائيل لا يتوقعه الكثير . ولن يستطيع اليهود دفع ثمن في أن يكون ضد عصر جديد في الشرق الأوسط تقوده ثورات تعمل على تسويات ، لأن صدمة نتنياهو : أن ثورة مصر ترعى توافق فتح و حماس و مبارك الذي يعرقل لصالح تل أبيب انتهى ، هناك فترة من المحو تعيشه المنطقة ، و تعني في إحدى صفحاتها : انهاء الصراع كما تقول هآرتس متفائلة ، أو إنهاء لعبة و بداية أخرى و فصولها بدأت مع أمريكا و مع مصر . فماذا ينتظر نتنياهو ليزيد من عزلة بلاده ؟!


ماوراء الحدث عدد 28 ص 20 بقلم جون فنهارت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق