عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 مارس 2011

برلمانيات


  •  التقى بيد الله رئيس مجلس المستشارين بممثلين عن موظفي المجلس بعد الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الموظفون، ودامت الجلسة لمدة ساعتين ونصف دون الوصول إلى حلول على أرض الواقع تلبي رغبات الموظفين. وقد تم الاتفاق على خلق لجنة لمتابعة الحوار يترأسها النائب الأول لرئيس مجلس المستشارين وتعقد اجتماعا كل أسبوعين من أجل تسوية الملفات العالقة.


  •  عرفت لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية برئاسة أحمد التهامي نقاشا ساخنا حول مشروع القانون رقم 59.09 المتعلق بإحداث الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية حيث استمات نواب الأصالة والمعاصرة من أجل تمرير المشروع معتبرين أن تكوين هذه الوكالة كفيل بحل مجموعة من النقاط العالقة خصوصا بالمجالس البلدية.


  •  يتساءل موظفو مجلس المستشارين عن سبب إقصائهم من المقصف بعدما تم فرض ثمن ثلاثين درهما للوجبة خلافا لما هو معمول به لدى موظفي مجلس النواب الذين يتناولون الوجبات بثمن عشرة دراهم فقط حيث يدفع مكتب مجلس النواب وجمعية الأعمال الاجتماعية ثلثي الثمن.


  •  انعقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في جو مشحون وصل حد تهديد نواب الأغلبية بضرورة إعادة الهيكلة القانونية للمكتب الوطني للمطارات بعد العرض الباهت الذي قدمه الأخير أمام اللجنة، حيث اعتبر مجمل نواب اللجنة أن عرض المكتب الوطني للمطارات عام ولم يتطرق إلى الإشكاليات الحقيقية بهذا القطاع الحساس.


  •  يسود جو من القلق داخل موظفي مجلس المستشارين بعدما وصل إلى علمهم خبر إعلان جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي مجلس النواب عن رحلة إلى مدينة مراكش لمدة ثلاث أيام وبثمن رمزي (350 درهم) مع سهرة بفضاء بلفلاح إضافة إلى الأكل والمبيت حيث اعتبر موظفو مجلس المستشارين هذا الإعلان استهتارا وإهدارا لحقوقهم مؤكدين على أنهم لا يزالون يعانون من مشكل المقصف الذي لم يحل بعد متسائلين عن سر امتيازات موظفي مجلس النواب.


  •  أجلت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية برئاسة شاوي بلعسال دراسة مشاريع مؤسسة العمران وجودتها وكيفية استفادة الفئات المتوسطة والضعيفة من السكن والتجزئات المقدمة. وكذلك أجلت نفس اللجنة دراسة موضوع إشكالية المنافسة في ميدان الاتصالات الهاتفية والأنترنيت وغلاء ثمن الخدمات وقد اعتبرت اللجنة أن التأجيل راجع لعدم نضج الشروط الموضوعية لبدء هذه النقاشات.


  •  أكد أحد النواب المنتمين إلى لجنة المالية أن اللجنة ستعرف نقاشا حادا فيما يتعلق بمتابعة مناقشة الوضعية المالية والتجارية التدبيرية لشركة الخطوط الملكية المغربية خصوصا في الجانب المتعلقة بالإجراءات المتخذة في تمرير الصفقات وكذا أجور الأطر بالشركة.


  •  إسرائيل تشتري زيت أركان المغربي خاما وتعيد تعليبه وبيعه على أساس أنه منتوج إسرائيلي ونتساءل عن علاقة أندري أزولاي بهذه القضية. هكذا صرح أحد النواب المنتمين للجنة القطاعات الإنتاجية للجريدة، معتبرا أن هذا هو جوهر النقاش الذي ستعرفه اللجنة أثناء متابعة دراسة مشروع قانون رقم 29.05 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها.


  •  أشعل تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة المرفوع إلى الملك صراعا بين النواب فأغلبيتهم اعتبر التقسيم الجهوي الجديد الذي جعل 12 جهة بالمملكة غير عادل ولم يراع خصوصيات بعض المناطق مضيفين أن المشروع كرس نظرية المركز أو المغرب النافع والغير النافع حسب تعبيرهم (مثال جهة الرباط سلا القنيطرة).


  •  خلق مشروع قانون (قيد الدرس) رقم 18.09 بمثابة النظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية حالة احتقان كبيرة بين رؤساء الغرف والموظفين الذين اعتبروا أن هذا النظام مجحف في حقهم ويعطي صلاحيات كبيرة للرؤساء خصوصا فيما يتعلق بالترقية ومنح المسؤوليات.


جريدة ماوراء الحدث عدد 20 ص 15 ل 18/3/2011


في آخر عدد من لوموند دبلوماتيك الجذور العمالية لانتفاضة مصر


عدد كبير من الإضرابات هيأ لحركة 25 يناير قبل سقوط حسني مبارك. العمال طالبوا بتحسين شروطهم الحياتية وحقهم في التنظيم، حيث أشار المبعوث الخاص لجريدة لوموند دبلوماتيك Raphael Kampf إلى شعار الجميع : كفى ! لن نحتفل دائماً. علينا أن نبني البلد. علينا أن نعمل. بهذه الكلمات عبر أحدهم وراء مقوده على بعد خطوات من ميدان التحرير، والآخرون أتموا ليلة فرحهم يغنون وصادحون على مختلف آليات الإيقاع. هذا السبت 12 فبراير في صباح قصير تستيقظ مصر من ليلة طويلة دامت ثلاثين سنة. حسني مبارك غادر إلى شرم الشيخ والسلطة انتقلت إلى المجلس الأعلى. أهم مطلب للمتظاهرين تحقق : الرئيس رحل؛ والثورة بدت منتهية.
السيد سعد يمتلك "مصنعاً صغيرا للملصقات الصناعية في حي فقير في القاهرة العتيقة" مستعملاً منتوجاً أمريكيا. وفي صباح الثورة، خمسة عشر من العمالأغلبهم من النساء الصغيراتبدؤوا في العمل والمدير موجود في مصنعه، إنه مسرور بهذه الثورة. ويثق بأن بلده سيصبح أكثر جدية وأكثر تنظيما، وهؤلاء العمال سيصبحون أكثر مسؤولية. وسيكون الوضع أقل فساداً. في الماضي كان يعطي بقشيشا لمفتشي الدولة الذين يراقبون أوضاع الشغيلة، وأحوال العمل ويظهر أن عماله انضموا إلى حملة إسقاط النظام ومهتمين أكثر بأجورهم التي ارتفعت إلى 500 جنيه مصري (62 يورو) للشهر، بعيداً عن الحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه (149 يورو) والذي تناضل لبلوغه الحركات اليسارية -.
هذا المطلب لا يدخل في برنامج الثورة كما كتب الروائي خالد الخميسي صاحب رواية (طاكسي) : هذه الثورة كان لها هدف واحد : إسقاط مبارك. تعديل الدستور، حل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات نزيهة. يعترف بأهمية الحركات الاجتماعية، خاصة إضرابات العمال في آخر هذه السنوات، حيث المطالب أكثر اجتماعية واقتصادية أكثر منها سياسية، هناك ترابط وديمومة بين هذه الحركات وثورة 2011.
جمعة 11 فبراير، في مقهى على بعد أمتار من ميدان التحرير، بعد الصلاة وقبل إعلان رحيل مبارك، مجموعة صغيرة من المثقفين يناقشون هذه الوضعية، علاء شكر الله طبيب في الخمسينات، مناضل طلابي سابق ومناضل في المنظمات غير الحكومية، يقرأ الصحيفة بصوت عال، ويذكر لائحة المصانع والمقاولات التي دخلت في الإضراب : عمال السكك، البترول، وعمال وزارة الزراعة، والماء والحافلات.. قبل أيام، العمال يلتحقون بالحركة بعد أن سمعوا أو لم يسمعوا نداء رفاقهم من العمال المصريين يوم 9 فبراير المنضوين في منظمات اليسار من أجل مطالبتهم بالعدالة الاجتماعية، الحد الأدنى والعادل للأجور، ديمقراطية العمل، الحرية النقابية وغيرها، معبرين : أيها العمال المصريون. أنتم جزء من هذه الثورة العظيمة لشعب مصر، نضالاتكم ومعارككم هذه السنوات الأخيرة هيأت أرضية هذه الثورة.
بالنسبة للمحامي خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "ليس العمال من أطلقوا حركة 25 يناير، لأنهم لا يملكون بنية قادرة على تنظيمهم. لكن (في إحدى مراحل هذه الثورة لم يتم تجاوزها إلا بعد أن بدأوا يحتجون، وصبغوها بلون اقتصادي واجتماعي بالإضافة إلى المطالب السياسية.

 لا أقل من ثلاث محطات احتجاجية كل يوم في 2010
تحليل لا يشاطره شباب الطبقة الوسطى يقول أحمد ماهر أحد أبطال الثورة في الإعلام، ومهنته مهندس، والمنسق العام لحركة 6 أبريل : العمال لم يلعبوا أي دور في الثورة. كانوا مهتمين. حركته التي أتت بمطالب على العموم سياسية وديمقراطية أشعلت شرارة المسار منذ 2009 نظموا مظاهرة كل 25 يناير، وهو يوم عيد الشرطة من أجل فرض الليبرالية السياسية، وفي 2011 كانت حاسمة.
بالتأكيد، هذه الحركة دعت يوم 6 أبريل 2008 إلى إضراب كل العمال، بشركة مصر للنسيج في المحلة الكبرى في وسط النيل. في هذا الوقت شباب القاهرة التقوا العمال وقرروا إطلاق حركة 6 أبريل، والحركة أبعدت المطالب الاجتماعية من أجل التركيز على المسألة الديمقراطية.
نضالات العمال لعبت دورا حاسماً في السنوات الأخيرة، أدخلوا ثقافة النقد والمطالب في كل القطاعات. حسب علي : لم يمر يوم في 2010 دون أن يشهد 3 احتجاجات على الأقل في البلد، وحسب كمال عباس، عامل سابق ومدير لمركز الخدمات النقابيين والعمال : هذه الحركات زرعت فكرة أننا يمكن أن نعمل على إضراب عام.
في 16 فبراير، ورغم بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عبر التلفزيون والهواتف المحمولة والداعي لوقف المظاهرات، مصنع مصر للنسيج توقف عن العمل. العمال أقاموا خيامهم داخل العمل كما الأمر في ساحة التحرير، وناموا، والمطالب المكتوبة على الحيطان : رحيل فؤاد عبد الحليم حسن، رئيس الشركة والمتهم بالفساد...

 عسكري
أمل تتقاضى 300 جنيه للشهر، وآخر يتقاضى 290 جنيه لنصف شهر وثالث عمره 39 سنة يتقاضى ضعف الأخير تقريباً. ويطالب بتطبيق قرار المحكمة الدستورية للحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه للشهر، والمحكمة الإدارية طالبت مجلس الدولة بحد أدنى للأجور يمكن من حياة كريمة.. هذا الوضع جعل الصحافة تطلق (حرب الأجور)، في عدد الأهرام يوم 16 فبراير 2011. الحكومة لم تطبق التوصية وتبقى "هدفا" لنضالات المجتمع.
العسكريون فاوضوا عمال المحلة وتم تغيير رئيس الشركة...
الشرطة نفسها تظاهرت، وصدى أحد شعارات ميدان التحرير : حسني مبارك قل لنا أين أموالنا ؟
الخبراء يؤكدون في حواراتهم على صفحات الجرائد أن الحال مبكر لإعادة توزيع الثروة، و(إضرابات العمال.. خطر يتهدد الاقتصاد المصري).

 أمل أن يحدد الدستور "الحد الأدنى للأجور"
لم يكن ممكنا فعل شيء قبل الثورة بسبب رجال أمن الدولة. اليوم هناك الحرية والجيش يحمينا. قبل، من المستحيل أن نلتقي رئيس مجلس إدارة المصنع. حاليا، نعم ! قبل الثورة قليل من الناس يتحدثون. الآن يمكننا أن نتحدث، نجلس ونتحدث عن مشاكل مجتمعنا. ليس من الشك أن نتحدث عن "حرية التعبير". 
في 19 فبراير محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اجتمعوا إلى السلطة العسكرية التي تدير البلد لمناقشة الحد الأدنى للأجور والذي يمكن دسترته من أجل تقليص الفوارق. حسب الخميسي (الثورة لم تنته. الثورة بدأت).

جميع الحقوق محفوظة لجريدة ماوراء الحدث

في آخر مقال لـ Alain Gresh بين 1995 و2001 : 400 عطلة خاصة في المغرب لوزراء فرنسيين ؟! ونهاية نظام إقليمي...


كتب آلان غريش على صدر الصفحة الأولى لجريدة لوموند دبلوماتيك عن نهاية نظام إقليمي في ظل ما دعاه (اليقظة العربية)، وتخوف الاتحاد الأوروبي من هجرة مكثفة قادمة من ليبيا، ومتابعة أمريكية لما سيكون عليه انعكاس اليقظة العربية على النظام الإقليمي بعد سقوط مبارك أساس سياستهم في المنطقة، والمتمثلة في الملف الإيراني والصراع العربيالإسرائيلي. لكن كل الحسابات قد تتأثر بالرأي العام (الذي لم يعد واحداً ولا رسميا) وحساساً لقضية الفلسطينيين.
كثيرة هي أسابيع الإضرابات والتظاهرات التي تغرق هذا البلد المسلم الكبير، الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ووضع الدولة بيد عائلة الرئيس، واشنطن تركت حليفها التقليدي. سكرتير الدولة يطلب من الدولة الاستقالة من أجل الشروع في طريق الانتقال الديمقراطي.
لسنا في مصر فبراير 2011، نحن في أندونيسيا ماي 1998، والكلام لأولبرايت وليس لهيلاري كلينتون، وهي تتحدث إلى ساهارتو الذي قدم إلى السلطة بمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية CIA في 1965 بعد أن قتل نصف مليون شيوعي، قالت : عليه أن يغادر المشهد مع سقوط جدار برلين (1989) ونهاية الاتحاد السوفياتي (1991) أندونيسيا فقدت مكانها الطليعي في محاربة الشيوعية، في واشنطن نحب أن نرافق الحركة نحو الديمقراطية، نوجهها باتجاه المصالح الأمريكية في وقت يريد فيه بيل كلينتون أن يعطي صورة مفتوحة عن أمريكا. في الأخير، الخيار ممكن، وفي جاكرتا، العلاقات ضيقة مع واشنطن، حتى أندونيسيا، عضو نشيط في منظمة المؤتمر الإسلامي، تضع برهاناً على استقلاليتها، خاصة في الملف النووي الإيراني.
دروس يمكن أن تكون من هذا المثال ؟ أولا، لا ديكتاتورية أبدية حتى التي تعيش في أكثر المجتمعات الإسلامية كِبَراً، وثانيا التغيرات الداخلية تؤثر على السياسة الخارجية، والتطورات تتنوع حسب كل الظروف : مصر ليست أندونيسيا، والشرق الأوسط ليس جنوب شرق آسيا.
عاد الحديث عاديا عن (الشارع العربي) في أروقة الإليزيه وفي كل الغرب. هل يجب أن نحسب حسابنا على أصوات ملايين من الأفراد وأن نسمعها عوض الشعارات الإسلامية والمناهضة للغرب، ونحن "نتواطؤ" مع حكام قادرين على فرض نظام (خَلاَصِيٍّ) في وقت يستقبل فيه الملوك والرؤساء حكامنا ومثقفينا بأريحية وضيافة كلها شرقية ؛ بين 1995 و2001. سجل في المغرب 450 عطلة خاصة لوزراء فرنسيين، والأوتوقراط حاليا يحلمون بمسلسل للسلام والاستيطان الإسرائيلي يتمدد ؟
في أسابيع، أسطورة "سلبية" الشعوب العربية وعدم قدرتها على الاتجاه إلى الديمقراطية انتهت (في الهواء)، - وأمامنا - الثورات التونسية والمصرية. الحركات التي تخلخل المنطقة من الجزائر إلى البحرين مرورا باليمن وليبيا، والتي تمس إيران (الفارسية غير العربية) لا تهتم فقط بخيارات الشعوب والتقدم، ولكن بالسياسة الإقليمية.
لأول مرة منذ سنوات 1970، لا يمكننا أن نحلل جيوسياسية المنطقة دون أن نضع في الحساب وليس بشكل جزئي، آمال الشعوب ودول أصبحت فاعلة لتحديد مصيرها.

 الاتفاقيات الموقعة في كامپ ديفيد جعلت يد إسرائيل طليقة.
هذا صحيح بالنسبة لمصر، من المبكر أن ترسم محيط مستقبل سياستها الخارجية، كل الملاحظين يعتبرون أن البيت الأبيض فقد حليفاً وفيا، وصديقاً وثيقاً، وطرح استراتيجيته مع إسرائيل وإلى جانبها طيلة ثلاثين سنة، فمصر شاركت في الحرب على العراق (1991-1990).
وفي السنوات الأخيرة حسني مبارك على رأس الحرب ضد "التهديد الإيراني"، وأدار وَهْمَ "مسلسل السلام"، ضاغطا على السلطة الوطنية الفلسطينية التي تتابع المفاوضات، ومُسْتقبِلا بشكل دائم في شرم الشيخ "المسؤولين الإسرائيليين" الذين لا يرغبون في أي اتفاق سلام.
مبارك شارك في حصار غزة، وساهم في إفشال مصالحة حماس وفتح، رغم تدخل طرف ثالث معتدل (العربية السعودية، فبراير 2007).
طيلة يقظة الشتاء، بعض المحتجين حملوا لوحات بالعبرية تتعلق بهذا التفهم الكبير للمسؤولين الإسرائيليين لحسني مبارك.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يمارس السلطة في القاهرة، ضمن دعم كل من واشنطن وتل أبيب بعد أن أكد التزامه بكل الاتفاقيات الموقعة من طرف مصر، وتتضمن تعهدات كامپ ديفيد واتفاق السلام المصري الإسرائيلي في 1979.
وفي احتمال عودة الشعب المصري إلى الحرب، لن يكون مهتما بهذه النصوص كعامل للسلام والاستقرار الإقليميين. وفي هذا السياق يكتب A. Cook من مجلس العلاقات الخارجية (نيويورك) : في نظر كثير من المصريين هذه الاتفاقيات قللت من تدخل مصر، ومكنت إسرائيل والولايات المتحدة من حماية مصالحهما الإقليمية. متحررة من مخاطر حرب ضد مصر، إسرائيل استطاعت أن تملأ كل مستعمرات الضفة وغزة بآلاف الجنود، وقد اجتاحت لبنان مرتين (1982 و2006) وأعلنت القدس عاصمة وقنبلت العراق وسوريا والمقال في Foreing Affairs تحت عنوان The U.S - Egyptian break up.
شعب مصر عبر عن تضامنه مع فلسطين ولبنان طيلة حرب 2006 ؛ صور حسن نصر الله في كل متاجر القاهرة، والنظام يدين مغامرة حزب الله. الآن المتظاهرون الذين طالبوا بالتعددية والديمقراطية لم يتوددوا إلى إيران.

 إكراه التراجع الأمريكي في المنطقة 
في الغد حكومة أكثر تمثيلية في القاهرة تأخذ بعين اعتبارها توجهات الرأي العام، خصوصا اتجاه قطاع غزة والعلاقات مع إسرائيل، وتتبع سياسة أكثر تحفظاً اتجاه المحاولات الأمريكية لخلق جبهة موحدة (غير معلنة) بين الأقطار العربية وإسرائيل ضد إيران.
هامش المناورة في القاهرة يرتبط بالوضع الاقتصادي الذي عرف الليبرالية منذ سنوات. البلد لا يزال تابعاً للمساعدات الأمريكية وأموال الاتحاد الأوروبي.
البعض يثير إمكانية تبني سياسة خارجية مستقلة، مشابهة لتركيا، لكن هامش مناورة أنقرة تتكئ على (دينامية) اقتصادها، وعلى ناتج وطني يتفوق ثلاث مرات على مصر (مع ساكنة تقريبا متعادلة).
ما يجري في القاهرة يدفع إلى خنق باقي الدول العربية (المعتدلة) وفي المقام الأول : السعودية. الملك عبد الله تدخل عند الرئيس الأمريكي لصالح مبارك. هؤلاء القادة هُزِمُوا، ذلك هو التراجع في المنطقة.
قدرة الولايات المتحدة - على نسج جبهة ضد البرنامج النووي الإيراني، وعلى فرض عقوبات ضدهاسمحت بهزيمتها في العراق. فيالق أمريكا يجب أن تخرج بنهاية هذه السنة من العراق وقد مسته الاحتجاجات التي تجتاح المنطقة، الشأن نفسه في أفغانستان، وفي إسرائيل لم تستطع واشنطن الضغط على نتنياهو لوقف الاستيطان.
استقالة الحريري في يناير 2011 وسقوط مبارك عمَّق مخاوف المعتدلين العرب خصوصا بعد توسع موجة الدمقرطة في اليمن والبحرين، لأن شباب الخليج تأثر بما جرى في تونس ومصر؛ يومية الوطن السعودية بتاريخ 16 فبراير دعت إلى الاهتمام بآمال هؤلاء الشباب (الذين يهتمون لخطط التنمية ولسرعة التنفيذ في علاقة بالفعالية، لأنهم يتناولون المعلومات حول ربح وخسارة من هذه المشاريع) خصوصاً أن شبهة الفساد تحيط بهذه المشاريع قبل هذه الأحداث.
السعودية اختارت طريقها الخاص في المنطقة عندما تقربت من سوريا، وأجابت بإيجابية عن دعوة على أكبر صالحي وزير الخارجية الجديد
بالنسبة للسلطة الفلسطينية خسرت بذهاب مبارك حليفاً وفيا، عدوا لمصالحة حماس التي تضع عائقا أمام سياسة التفاوض مع إسرائيل. في منتصف فبراير وضعت السلطة على مجلس الأمن قراراً يدين الاستيطان وأوباما طلب من عباس سحب "النص". ورغم ضغوط أمريكا محمود عباس رفض وأظهر صلابة استراتيجيته أمام الأمريكيين، فهل المأزق يقود شباب الضفة وغزة إلى التظاهر من أجل الحرية والكرامة، وفي إطار حقوق الإنسان والمساواة، أولاً من أجل وحدة الفصائل الفلسطينية، وضد الاحتلال. الجيش الإسرائيلي كما تكشف "جيروزالم بوست" يتهيأ لمثل هذا الوضع من خلال قوة للتدخل السريع، والحكومة مهتمة كسائر حلفاء واشنطن من العرب لأن نتنياهو لم يتوان في دعم مبارك.
هذا الموقف أكده (دانييل ليفي) العضو المؤثر في دائرة التفكير لـ New American fondation ويضيف أن هناك نقطة مرجعية في تل أبيب تقول إن إسرائيل (الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط)، هذه العبارة لا توحي بأن مثل الإكراه يعزل إسرائيل المحاطة بالديكتاتوريين، لأنها تريد أن تبقى وحيدة، وهو امتياز. في تل أبيب، القادة المتعاقبون خير من أنظمة تسلطية قريبة من الغرب لا تستطيع أن تقضي على مشاعر الشعوب المساندة للفلسطينيين.
في هذه اللحظة، الحكومة مُزَلْزَلَة بحكم التغيرات الجارية، تطرح مآل دور الإسلاميين، وتحالفهم مع ثورة 1979 في إيران، مما يضاعف التهديد الإيراني الذي دفع إيهود باراك إلى تهديد لبنان باجتياحه مجدداً.
إن (خسر الغرب) هل يربح محور دمشق طهران وحلفائه من حزب الله وحماس ؟ ونقط الضعف واضحة.
حماس في كنتونة بغزة، كذلك احتمال إدانة عناصر من حزب الله من طرف المحكمة الخاصة بقتلة الحريري تضعف حسن نصر الله.
وإن حيت قيادة إيران الثورة المصرية فإنها تقسو على متظاهرين يحملون نفس الشعارات في بلدها.
في يد بشار الأسد ورقتان : الخوف من شعب سوريا والموقف الصارم من إسرائيل، في وقت يشهد فيه هذا البلد دفعة ديموغرافية، وبرامج ليبرالية تواجه تعقيدات اقتصادية واجتماعية خطيرة من غير ذكر أمل الشباب السوري في الحرية كباقي الشباب العرب.

+++ إن ركز المتظاهرون على مبارك فهم لم ينسوا فلسطين
لقد ذكرنا أندونيسيا والطريقة التي تكيفت بها واشنطن بعد سقوط الديكتاتورية. الاختلاف الكبير في الشرق الأوسط يرتبط بفلسطين، حيث مجموعة من المراقبين لاحظوا أن هذه القضية أصبحت ثانوية عند المتظاهرين. في القاهرة، المنظمون أرادوا التركيز على خصم واحد : النظام، الأمل الذي رغب الجميع فيه، ومع سقوط مبارك في 18 فبراير، وبعد الاحتفالات حمل المحتجون شعاراتهم لتحرير القدس. لعقود، دعمت أمريكا إسرائيل بشكل غير مشروط دون أن تدفع الثمن. هذه المرحلة انتهت، وقد سمعنا في وقت سابق الجنرال بتروس في مارس 2010 يقول : (الغضب العربي من المسألة الفلسطينية يحد من قوة وعمق علاقاتنا مع حكومات وشعوب هذه المنطقة، وتضعف شرعية الأنظمة المعتدلة في العالم العربي). هذا المحيط الجيوسياسي الجديد تدفع بقوة الإدارة الأمريكية إلى خيارات صعبة فهل تستطيع أو تريد ؟
هذه الأسئلة يمكن أن تطرح على الاتحاد الأوروبي، الذي جمعته علاقات بلا غيوم مع مبارك وزين العابدين بن علي. لم يستطع الأوروبي أن يأخذ أي مسافة مع الديكتاتوريين. وضاعف اتفاقياته مع حكومة إسرائيلية معادية للسلام، ومتقدمة لسياسة نيوليبرالية ساهمت في الفقر والفساد في دول الجنوب والمتوسط. فهل يمكن أن تأخذ أوروبا حالياً مطالب "الشارع العربي" الذي لا يحضن اللحى والبرقع ؟ وأين يمكن أن نضع دعوة جورج قرم للغرب لأخذ المثال من الشارع العربي الذي رفض الأوليغارشية النيوليبرالية التي تفقر الاقتصادات الأوروبية غير الخالقة لفرص الشغل، والساحقة لعدد كبير من الأوروبيين من كل الجنسيات، هذه الطفرة السلبية خدمت "فئة" من المديرين بحساباتهم السنوية التي تلتهم الاقتصاد الوطني.
قبل سنوات، العالم أصبح غير مُتمركز. كل بلد كبير من البرازيل إلى الصين، من الهند إلى جنوب أفريقيا، يبحث عن مكانه، ليس ضد الغرب وليس في خدمته، لكن إلى جانبه للدفاع عن مصالحه الخاصة. تركيا عضو في الحلف الأطلسي (الناتو) وحليف أمريكا يلعب دوراً جهويا متصاعداً، ويسعى أن يكون مستقلا في البرنامج النووي وفي قضية فلسطين. المغرب العربي والشرق الأوسط يبحث كي يلتحق بالركب العالمي
ما تطلبه هذه الشعوببتعبير Graham E. Fuller من CIA قديما وكاتب : مستقبل الإسلام السياسيأن تدير حياتها ومصيرها، في المدى القصير، على واشنطن أن تأخذ الحقل وتترك الزارع أي تترك المجتمعات لنفسها، وأن تضع نهاية لسياستها الطويلة في عدم اعتبار الشعوب ؛ في منطقة - الشرق الأوسط - مؤسَّسَةٍ على نظرة "قاصرة" للمصالح الأمريكية.
لا شرق لا غرب شعار رفعه الإيرانيون في 1979، واختاروا أن يواجهوا أمريكا قبل الاتحاد السوفياتي (ليس مع الغرب وليس ضده) هي شعارات المحتجين اليوم في العالم العربي مطالبين بالاستقلالية والسيادة في عالم متعدد الأقطاب، ويحاكمون الغرب من خلال مبدأ الحق والعدل في فلسطين. ولن يقبلوا من حكوماتهم أن تقاوم الغرب من أجل أن تكون ديكتاتورية.
جميع الحقوق محفوظة لجريدة ماوراء الحدث