عندما دعوت إلى إسقاط دستور 1996 نهائيا واعتماد خطاب 9 مارس وثيقة دستورية لإدارة المرحلة الانتقالية في انتظار الدستور الجديد المستفتى عنه رأيت أمرين :
- أن الملك بسلطاته الدستورية القائمة أسقط العمل بالدستور، وهذا الوجه شرعي، وأعلن تعديله على ضوء نفس السلطات، وللجنة المنوني فقط "الصياغة".
- أن الملك قائد الجيش أعلن الثورة على نفسه واتبع خطوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر حين عين لجنة برئاسة البشري، وقائد القوات المسلحة الملك المغربي عين لجنة برئاسة المنوني، فالملك أعلن الثورة على نفسه، والشرعيتان ثابتتان، لأن شرعية الجمهورية في مصر تعود إلى الجيش صاحب ثورة 1952 أي عاد الوضع إلى الشرعية التأسيسية لتنطلق الجمهورية الثانية (التي أسستها ثورة 25 يناير في مصر) من رحم الجمهورية الأولى (التي أسستها ثورة 1952).
ونفس الأمر حيث أرى أن شرعية الملكية الثانية بعد 9 مارس 2011 تعود إلى شرعية العرش التاريخية، لأننا لا زلنا في نفس النظام (الملكي).
والسؤال في هذه الحالة، هل نحن أمام تغيير ديباجة الدستور أو بعض بنوده.
والواقع أن الدستور في الأصل ديباجة، ولا يتجاوز ذلك، ولأن خطاب 9 مارس تطرق إلى :
- دسترة الأمازيغية والمجلس الحكومي واعتبار النظام القضائي سلطة، مع 7 نقط صاغها بطريقة دستورية فنحن أمام 28 مادة دستورية دون إضافة، تسمح لاعتبار هذا الخطاب وثيقة دستورية (انتقالية)، لأن عدم اعتبار المغرب في مرحلة انتقال دستوري يضعنا في مناورة أخرى، لقد خسرت الأحزاب مع الملك رهاناً سمياه : الانتقال الديمقراطي. والآن قد يخسر المغرب انتقاله الدستوري، إن لم يكن الشعب يقظاً لتحقيق ثورته الدستورية للقطع مع ما سبق والاتجاه إلى ملكية برلمانية. فما حدث أن الملك قام بتحديد ذاتي لصلاحياته وليس تحديد ذاتي للسيادة، فهل نقل سيادته المطلقة إلى مقيدة أم قيد فقط صلاحياته، وعلى لجنة الصياغة أن تحسم في هذا الأمر.
بين سمو الملك وسمو الدستور...
من جهة يجب على اللجنة أن تحسم بين سمو الدستور وسمو الملك (على الدستور)، والواقع أن مبدأ سمو الدستور هو القادر وحده على توازن السلطات وضمنها السلطة الملكية فتكون قرارات الملك منسجمة مع الدستور (تحت طائلة المجلس الدستوري) وأرى أن تنصيص الدستور الجديد على محكمة دستورية هو القاطع مع ما سبق لجعل السلطة الملكية متوازنة – فعلا – مع غيرها. فالقوانين الدستورية قوانين تأسيسية ويستند إليها التمييز.
أولا، يجب أن يكون قرار الملك بإنشاء لجنة قراراً غير تأسيسي، وغير مؤثر على عملها، بمعنى أن الأمر يتعلق بقرار تقني، شكلي من طرف الملك واللجنة سيدة نفسها، وعلى الملك في هذه الحالة أن يكون إلى جانب المشروعية الديمقراطية، وله شرعية الدين والتاريخ (إمارة المؤمنين والعرش)، وفارق الشرعية والمشروعية واضح عند الفقهاء الدستوريين.
ثانيا، عمل اللجنة مقرون "بإنشاء السلطات العامة" وتحديد اختصاصاتها وطبيعتها.
ثالثا، لها أن تحدِّد الخيارات الاجتماعية، والاقتصادية، ولا يجب التنصيص على مذهب أو رؤية بقدر ما تضمن الحقوق الأساسية واختصاص الهيئات الدستورية العاملة.
من جهة ثانية، على اللجنة أن تحسم بين سمو من عيَّنها وبين سمو اللحظة التاريخية لثورة ملك وشعب لإعادة تشكيل الدستور أو بناء دستور جديد من خيارات الأمة والعرش، للوصول إلى نظام ملكي برلماني، حيث نرى الانتقال الدستوري الحالي لا يستهدف أكثر من انتقال الملكية من ملكية رئاسية إلى شبه رئاسية.
من جهة ثالثة، يجب أن تمثل لجنة المنوني إما إرادة العقد حيث تتوازن إرادتا الشعب والعرش أو تتجه نهائيا إلى توسيع اللجنة إلى جمعية تأسيسية.
وعلى لجنة المنوني أن تعمد وتعمل كلجنة وطنية وليس كلجنة استشارية فقط إلى جانب الملك
نحن أمام عدم حل البرلمان، فالمؤسسة التشريعية لديها حق في تعديل اللجنة وعملها، ولا يجب أن تعمل هذه اللجنة من غير البرلمان، وإلا اعتبرت استشارية وليست وطنية. وتحديد طبيعة هذه اللجنة هل هي استشارية أم وطنية يطرح إشكالا. من جهة لا يعقل أن يتحول مجلس حقوق الإنسان إلى مجلس وطني، ولا تتحول لجنة مراجعة الدستور إلى لجنة وطنية لتعديل الدستور، ومن جانب آخر، هل نحن أمام لجنة صياغة لتكييف خطاب 9 مارس مع الدستور السابق، أم لجنة لمراجعة الدستور أو تعديله.
العمل الدستوري القاطع مع الماضي يتطلب أن تكون لجنة المنوني لجنة وطنية بين الملك والبرلمان الحالي لتعديل الدستور، أو حل البرلمان وإسقاط الدستور الماضي، واعتماد خطاب 9 مارس 2011 وثيقة دستورية (انتقالية) وهذه اللجنة تكون في مقام لجنة تأسيسية بعد توسيعها بما يفيد طابعها الانتقالي أيضا.
او على الأقل اعتبار لجنة المنوني لجنة وطنية - كما قلنا - وقد نقل الملك قبل أيام مجلساً استشارياً يخص حقوق الانسان إلى مجلس وطني.
قرار الملك بإنشاء لجنة المنوني يجب ألا تكون بموجبه لجنة ملكية أو استشارية، بل لجنة وطنية بقرار منها يجعلها أكثر استقلالا ولصالح الوطن، منطلقة من مبدأين : سمو الدستور، وسمو مرجعيتها الوطنية فوق الجميع ؛ ومؤسسة على قرارين : أن تعمل على تحديد طريقة تعديل الدستور الجديد، وتحديد النسبة المقبولة في أي استفتاء.
على الدستور الجديد أن يحدد آليات تعديله أو تعديل أحد مواده
الدستور لا يكتمل إلا إن ضمن للشعب أن يغيره بآليات منصوص عليها، والدساتير المغربية لم تتضمن هذا البند، ولذلك فدستوريتها مهزوزة.
. لأن الدستور لا ينظم نفسه فكيف ينظم السلطات العامة الأخرى للدولة، كما لا يعتبر نفسه (قانوناً أصيلاً) يعود إلى الشعب، فالدساتير السابقة غير دستورانية لأنها لا تؤمن بسلطتها التأسيسية، وهي بالأساس قوانين منظمة لسلطات النظام وليس لسلطات الدولة التي ينظمها كل دستور.
. أن السلطة الملكية سلطة تأسيسية لكل دستور سابق، ويجب إما أن يكون التأسيس "وطنيا" بين الملك على الأقل وبرلمانه – في حال عدم حله – أو توسيع اللجنة بما يفيد التعاطي مع كل مطالب الشعب، ففي مصر للنظام شرعية ثورية (1952) وللشعب مرجعية ثورية أخرى (2011) واتفق الجميع على الشرعية الثورية مجالا دستوريا لتأسيس الجمهورية الثانية، أما المغرب فالمجال الدستوري التأسيسي فيه نظر، فالشرعية الواحدة بين الملك وشعبه لتأسيس الملكية الأولى رُكْنّهَا حرب تحرير المغرب من فرنسا، أي الشرعية الثورية لـ(20 غشت)، وتحولت إلى شرعية ملكية فقط مع الحسن الثاني، فهل يمكن الانتقال إلى شرعية ثورية أخرى بين الملك والشعب في 2011 تربط نفسها مع 20 غشت الخمسينات، وفي هذه الحالة يجب أن يكون الوضع الحالي انتقالياً !
إغناء الحالة الدستورية الجديدة بالتراث الأنجلوساكسوني أو الإسباني كمرجع للملكية المتقدمة
أولا، بمقتضيات الدستور من حق الملك أن يعدله، ولابد أن يسمح الدستور الجديد بتعديله على قدم المساواة بين سيادة الأمة وسيادة الملك، وأن تكون لجنة المنوني في هذه الحالة (لجنة دستورية) انتقالية تعمل على التوفيق بين الملك وشعبه أو بين السلطة الملكية والسلطات الأخرى، فيكون عملها التوفيقي نابعاً من عملها. نحن أمام تساؤل حقيقي : هل لجنة المنوني لجنة دستورية ؟ أم لجنة استشارية أم لجنة وطنية. يستتبع مهمتها إنجاز حوار وطني.
ثانيا، لابد لهذه اللجنة من قانون داخلي لإدارة عملها، وطبيعة اللجنة تحدِّدُ صلاحيتها.
ما يريده القصر أن يكون عمل لجنة المنوني على نهج لجنة عزيمان تماماً، لكن المهمة الدستورية لا تقبل مثيلا لها
لجنة عزيمان سعت إلى قانون جهوي، وتناقش اقتراحاً أو مشروع قانون يتضمنه دستور التسعينات بنداً، ويتطلب تعديلاً له في مادة أخرى، لكن أن تناقش لجنة صلاحيات من منحها التأسيس (أي الملك) فالصفة متغيرة قطعاً، ولجنة المنوني لا صفة لها دستورية ولا يحدد عملها الدستور، فهي على ذلك غير دستورية إلا بأمر الملك، وعليه هي استشارية، والعمل على مثل هذه الطبيعة لا يخدم بأي حال دُسْتُرَانِيَّة الدستور الحالي، ولأن الملك اقترح وحدَّد الديباجة في 28 مادة تفصيلا – لمن درس خطاب 9 مارس – فإن لجنة المنوني لجنة شكلية لصياغة ما ترتب عن خطاب ملكي، وليس غير ذلك.
لجنة المنوني إن كانت استشارية فلا حق لها في مناقشة الدستور، وإن كانت دستورية فلابد أن تكون (متوافق عليها) مع البرلمان، أو تكون منتخبة وتتشكل بظهير من طرف الملك، وإن اعتبرت لجنة دستورية انتقالية بحكم إسقاط الدستور واعتبار خطاب 9 مارس وثيقة دستورية، فإن الذي يرأسها هو قائد القوات المسلحة باسم شرعية 20 غشت، وتكون دساتير الحسن الثاني جميعاً شخصية وغير تأسيسية، ولها صفة العمل لاستفتاء الشعب المغربي عنها، ومن هذا الباب يجب الحسم في طبيعة لجنة المنوني، ويبطل عملها إن اعتبرت استشارية إلا بما تقتضيه "صياغة ثانية لخطاب 9 مارس" أي إدماج اقتراحات الخطاب مَوَادَّ حاصرة موضحة أو مفعلة لمواد أخرى.
وهذه اللجنة – في حدود استشاريتها – من حقها فقط دسترة الأمازيغية والجهة ودسترة مؤسسة الحكومة واعتبار النظام القضائي سلطة، لأن هذه المواد حاصرة وموضحة أو مفصِّلة لمواد الدستور الحالي، لكن انتقالها إلى مناقشة بنود "مؤسِّسة" يوجب تغيير طبيعتها إلى لجنة وطنية أو دستورية إن تقرر أن الدولة تعيش (انتقالاً دستوريا).
نقط دستورية صعبة..
1- الدستور الحالي لا يسمح بلجنة لتعديل الدستور، ولا يحدد آليات تعديله فلجنة المنوني في هذه الحالة غير دستورية.
2- الصفة الاستشارية لأي لجنة لا تسمح لها بتغيير الدستور
3- اعتبار لجنة المنوني لجنة دستورية بتفويض ملكي ينفي سمو الدستور لسمو الملك (عليه)، ولا يسمح لهذه اللجنة بمناقشة سلطة التفويض إلا في حال اعتبار الوضع انتقاليا.
أي يتم حل البرلمان واستقالة الحكومة – لأن خطاب 9 مارس يمنحها هذه الصلاحية – وتعتبر نفسها حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، وإعلان موعد آخر لانتخابات جديدة.
ولا يمكن حسب القاعدة الدستورية المعروفة إلغاء قاعدة دستورية إلا بقاعدة دستورية أخرى، ولأن الملك طرح "مواد وهيكلاً وديباجة" فإن خطاب 9 مارس يعتبر وثيقة دستورية تلغي بمقتضياتها القواعد السابقة، وهذه الوثيقة الدستورية (انتقالية) إلى حين الاستفتاء على الدستور الجديد، قد يقول قائل : إن الملك اقترح فقط على شعبه واللجنة تقرر ما تضمنه الخطاب، ونتساءل : من سيطرحه على الشعب للاستفتاء. هل الملك إلى جانب البرلمان أم الملك وحده، وفي الحالة الأخيرة تكون اللجنة استشارية، وليس من حقها – لعدم الصفة – التطرق للدستور.
4- قرار تأسيس اللجنة عبر ظهير أو مرسوم ؟ ولا يمكن في الحالتين سوى وضع اللجنة تحت الصفة الدستورية "الخاصة" بالملك وغير القابلة للعموم.
فهي لجنة ملكية لا أكثر ولا أقل، وليس من حقها سوى إصدار "القول الاستشاري" الذي لا يحتاج إلى مدة، بل يمكن أن يكون خطاب 9 مارس هو "القول الدستوري" ويتطلب جانب الصياغة من طرف لجنة المنوني، وليس من حقها غير ذلك.
5 – أن لجنة المنوني نتجت وتشكلت عن قانون عادي ولا يجوز لها – من المعيار الشكلي – التطرق إلى قوانين دستورية،
6 – السلطة الملكية سلطة تأسيسية أصلية بحكم الدستور ولا يجوز شكلا تفويضها إلى لجنة، وإلا قامت مقام العرش، فالعرش له سلطة الدعوة إلى انتخاب لجنة وليس إلى تعيينها لتعديل الدستور، فالمقرِّر فردٌ أي الملك من يحق له هذا التعديل وليس لأحد غيره تفويضاً أو تعييناً أن يكون في مقام الملك، لأن ممثل الملك هو ولي العهد، ولا يجوز غيره أو أن يقوم أحد مقامه، ولصغر الأمير الحسن فإن الدستوري أن يكون انتخاب لجنة ليكون لها التفويض ليس من الملك، بل من الشعب، ويكون لمقام الملك الدستوري الحق في طرح ما يكون الواجب به كما في خطاب 9 مارس.
7 – أن لجنة المنوني قد تصيغ فقط منحة الملك، وهذا لا يفيد البعد الإصلاحي، ولا فتح النقاشات وغيرها من الآليات، وهذه اللجنة عندما تخاطب حزباً أو جمعية أو فرداً هل ستكون باسم الملك تفويضا، توكيلا، عملا بظهير، عملا إداريا... فصفتها غير دستورية، وقانونية باسم من أسسها، وكيف لمنتخب من الشعب أن يخاطب هذه اللجنة إلا باعتبارها ممثلة للملك بتفويض عنه لأن البرلماني أو المستشار مفوض من طرف الشعب.
تفويض الملك لهذه اللجنة من غير قاعدة دستورية إلا إن أصبحت "تحكيمية" بين الملك والشعب.
وحل هذا الإشكال يجب أن يتم عبر حل البرلمان واستقالة الحكومة لإعطاء الشرعية لهذه اللجنة ولعمل الملك، لأن خارج شرعية الانتقال لا يجوز عمل هذه اللجنة إلى جانب برلمان منتخب من طرف الشعب، وعلى الملك في حال قرر الاستمرار أن يعين لجنة برلمانية إلى جانب لجنة للصياغة يرأسها المنوني، ويكون عملها هو دستور جديد، أو أن يثور الملك الجنرال على اختصاصات الملك من خلال لجنة ترتبط كما قلنا بثورة الملك والشعب الأولى باتجاه ثانية.
8 – Yننا أمام دسترة constitutionalizing وليس كتابة دستور جديد، ولا تتم الدسترة إلا عبر تعديل واحد يتم به إنتاج حكومة "دستورية" ووحدها تتكفل بدسترة ما تبقى من مواد، وإن اعتبرنا الملك المؤسسة الوحيدة للحكم فإن عليه أن يقوم "بدسترة" مؤسسة الحكومة فقط ولها أن تدستر ما تبقى من مواد.
نحن أمام مأسسة لدستور شخصي – من خلال هذه اللجنة – يصوغ دسترة مواد أخرى لتنضم للدستور الحالي، لجنة المنوني ليست حكومية ولا يمكن لها أن تكون لأن مؤسسة الحكومة غير مدسترة، ولا يمكن أن تكون اللجنة ملكية وإلا اعتبرنا الدستور منحة شخصية مجدداً، ولهذا تأثير عميق على نوايا الإصلاح.
وكما لا يمكن تحت أي ظرف اعتبار أي دستور شخصي في القاعدة الإنجليزية، فنحن أمام personnel rule أو Royal rule? أي أن الدستور الحالي "قاعدة قانونية" فقط، مما يشكك في دستورية الدستور الحالي ويجعله غير دستوراني ؛ فالقاعدة الملكية تطرح سلطات غير محددة للملك كحقوق خاصة له، وأصبحت محددة بسلطات عامة على أساس حقوق الشعب أو سيادته.
نحن إذن أمام ضرورة دسترة "سيادة الشعب"، ولأن سلطات الملك بما فيها حقوقه حَوَّلَها إلى الاستشارة، فقد سقط حقه الخاص وأصبح عاماً، مما يجعل لجنة المنوني لجنة خاصة بحق عام تعمل على مستوى التحديد "over stepping" أي أنها تقلِّلُ من "صلاحيات الملك" دون المساس بحقوقه.
ومن هذا الأساس لن يكون دستوريا ما يجري إلا إن اعتبرنا الوضع انتقاليا. لأن نقل صلاحيات لا يحتاج إلى لجنة، بل يذهب الملك إلى البرلمان ويعطيه الصلاحيات التي يريدها، أما وقد عين لجنة (غير منتخبة، وغير برلمانية ولا تحمل شرعية من الشارع) فإن قراراتها لا تمس بحق ولا تعمل بحق (دستوري).
الفقه الدستوري ينتبه إلى "المسار" قبل أي شيء آخر، لأن الحقوق معلومة والسيادة أصيلة ومحمولة للشعب باسم القانون الإنساني (حقوق الإنسان) الذي دستره الحسن الثاني، وللخروج من التناقضات لابد من تفكير اللجنة :
أ- في procedural safeguards فنحن أمام مسار يحمي الدستور الحالي أو يعدله، وإن كنا غير نموذجيين في إقرار حكومة دستورية، فنحن غير منتبهين إلى أن البرلمان ليس بحقوق ولا صلاحيات له، وهو مع الملك الأكثر "دستورية" فاللجنة غير برلمانية، وملكية، دون أن تكون من المؤسستين، مما لا يضفي عليها الصبغة التمثيلية والسيادية لطرفي الحكم "الملك والشعب" .
ب – أن "الحرية" كما يقول الفقيه Henry Maine هو الشيء السري خلف كل خصائص المسار الديمقراطي، ولأن الانتقال الديمقراطي فشل، فإن المعنى الديمقراطي لتشكيل لجنة المنوني لم يكن مطروحاً.
الانتقال الدستوري قد يفشل لأن الانتقال الديمقراطي فشل، والدولة تسعى إلى الانتقال وتعود إلى الوراء.
حاليا يجب أن نتساءل عن "ديمقراطية" لجنة المنوني.
9 – هل لجنة المنوني سياسية أم تطلب (دستوراً سياسياً) the political constitution الكلمة التي يدور حولها سر المرحلة : هل يمكن أن يخرج المغرب من وثيقة دستورية (انطلاقا من خطاب 9 مارس، إن أعلنها المغاربة فترة انتقالية) باتجاه يذكرنا بـ magna charta التي صنعت ملكية إنجلترة.
هل محمد السادس قادر على أن يكون منقذ العرش والديمقراطية معاً ؟
الخطة سهلة أن يعلن خطاب 9 مارس وثيقة دستورية انتقالية، باتجاه إعلان دستور جديد في المستقبل يكون وثيقة (القرن الواحد والعشرين) أو يتحول المنوني إلى مفوض من الملك ويرأس لجنة برلمانية ترضخ للتصويت في داخل البرلمان وبمشاركة المعارضة، ويكون العمل على دستور جديد (شامل) يشكل ما يدعى الدستور السياسي الأول للمملكة.
10 – لجنة المنوني يجب أن تتمتع بشرعية common man العموم المغربي إلى جانب Royal rule لإنجاح مشوارها، وإلا فإن هذه اللجنة الملكية لا تسمح بالوصول إلى أهدافها، لأن دستورانية الدستور الجديد رهان المغرب الجديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق