عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 مارس 2011

10 ثقوب دستورية في‮ ‬تأسيس لجنة المنوني


عندما دعوت إلى إسقاط دستور‮ ‬1996 نهائيا واعتماد خطاب‮ ‬9 مارس وثيقة دستورية لإدارة المرحلة الانتقالية في‮ ‬انتظار الدستور الجديد المستفتى عنه رأيت أمرين‮ :‬
‮-‬ أن الملك بسلطاته الدستورية القائمة أسقط العمل بالدستور،‮ ‬وهذا الوجه شرعي،‮ ‬وأعلن تعديله على ضوء نفس السلطات،‮ ‬وللجنة المنوني‮ ‬فقط‮ "‬الصياغة‮".‬
‮-‬ أن الملك قائد الجيش أعلن الثورة على نفسه واتبع خطوات المجلس الأعلى للقوات المسلحة في‮ ‬مصر حين عين لجنة برئاسة البشري،‮ ‬وقائد القوات المسلحة الملك المغربي‮ ‬عين لجنة برئاسة المنوني،‮ ‬فالملك أعلن الثورة على نفسه،‮ ‬والشرعيتان ثابتتان،‮ ‬لأن شرعية الجمهورية في‮ ‬مصر تعود إلى الجيش صاحب ثورة‮ ‬1952 أي‮ ‬عاد الوضع إلى الشرعية التأسيسية لتنطلق الجمهورية الثانية‮ (‬التي‮ ‬أسستها ثورة‮ ‬ 25 يناير في‮ ‬مصر‮) ‬من رحم الجمهورية الأولى‮ (‬التي‮ ‬أسستها ثورة‮ ‬1952).
ونفس الأمر حيث أرى أن شرعية الملكية الثانية بعد‮ ‬9 مارس‮ ‬2011 تعود إلى شرعية العرش التاريخية،‮ ‬لأننا لا زلنا في‮ ‬نفس النظام‮ (‬الملكي‮).‬
والسؤال في‮ ‬هذه الحالة،‮ ‬هل نحن أمام تغيير ديباجة الدستور أو بعض بنوده‮.‬
والواقع أن الدستور في‮ ‬الأصل ديباجة،‮ ‬ولا‮ ‬يتجاوز ذلك،‮ ‬ولأن خطاب‮ ‬9 مارس تطرق إلى‮ :‬
‮-‬ دسترة الأمازيغية والمجلس الحكومي‮ ‬واعتبار النظام القضائي‮ ‬سلطة،‮ ‬مع‮ ‬7 نقط صاغها بطريقة دستورية فنحن أمام‮ ‬28 مادة دستورية دون إضافة،‮ ‬تسمح لاعتبار هذا الخطاب وثيقة دستورية‮ (‬انتقالية‮)‬،‮ ‬لأن عدم اعتبار المغرب في‮ ‬مرحلة انتقال دستوري‮ ‬يضعنا في‮ ‬مناورة أخرى،‮ ‬لقد خسرت الأحزاب مع الملك رهاناً‮ ‬سمياه‮ : ‬الانتقال الديمقراطي‮. ‬والآن قد‮ ‬يخسر المغرب انتقاله الدستوري،‮ ‬إن لم‮ ‬يكن الشعب‮ ‬يقظاً‮ ‬لتحقيق ثورته الدستورية للقطع مع ما سبق والاتجاه إلى ملكية برلمانية‮. ‬فما حدث أن الملك قام بتحديد ذاتي‮ ‬لصلاحياته وليس تحديد ذاتي‮ ‬للسيادة،‮ ‬فهل نقل سيادته المطلقة إلى مقيدة أم قيد فقط صلاحياته،‮ ‬وعلى‮ ‬لجنة الصياغة أن تحسم في‮ ‬هذا الأمر‮.‬
‮ ‬بين‮ ‬سمو الملك وسمو‮ ‬الدستور‮...‬
من جهة‮ ‬يجب على اللجنة أن‮ ‬تحسم‮ ‬بين سمو الدستور وسمو الملك‮ (‬على الدستور‮)‬،‮ ‬والواقع أن مبدأ سمو الدستور هو القادر وحده على توازن السلطات وضمنها السلطة الملكية فتكون قرارات الملك منسجمة مع الدستور‮ (‬تحت طائلة المجلس الدستوري‮) ‬وأرى أن تنصيص الدستور الجديد على محكمة دستورية هو القاطع مع ما سبق لجعل السلطة الملكية متوازنة‮ ‬ فعلا‮ ‬ مع‮ ‬غيرها‮. ‬فالقوانين الدستورية قوانين تأسيسية ويستند إليها التمييز‮.‬
أولا،‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون قرار الملك بإنشاء لجنة قراراً‮ ‬غير تأسيسي،‮ ‬وغير مؤثر على عملها،‮ ‬بمعنى أن الأمر‮ ‬يتعلق بقرار تقني،‮ ‬شكلي‮ ‬من طرف الملك واللجنة سيدة نفسها،‮ ‬وعلى الملك في‮ ‬هذه الحالة أن‮ ‬يكون إلى جانب المشروعية الديمقراطية،‮ ‬وله شرعية الدين والتاريخ‮ (‬إمارة المؤمنين والعرش‮)‬،‮ ‬وفارق الشرعية والمشروعية واضح عند الفقهاء الدستوريين‮.‬
ثانيا،‮ ‬عمل اللجنة مقرون‮ "‬بإنشاء السلطات العامة‮" ‬وتحديد اختصاصاتها وطبيعتها‮.‬
ثالثا،‮ ‬لها أن تحدِّد الخيارات الاجتماعية،‮ ‬والاقتصادية،‮ ‬ولا‮ ‬يجب التنصيص على مذهب أو رؤية بقدر ما تضمن الحقوق الأساسية واختصاص الهيئات الدستورية العاملة‮.‬
من جهة ثانية،‮ ‬على اللجنة أن تحسم بين سمو من عيَّنها وبين سمو اللحظة التاريخية لثورة ملك وشعب لإعادة تشكيل الدستور أو بناء دستور جديد من خيارات الأمة والعرش،‮ ‬للوصول إلى نظام ملكي‮ ‬برلماني،‮ ‬حيث نرى الانتقال الدستوري‮ ‬الحالي‮ ‬لا‮ ‬يستهدف أكثر من انتقال الملكية من ملكية رئاسية إلى شبه رئاسية‮.‬
من جهة ثالثة،‮ ‬يجب أن تمثل لجنة المنوني‮ ‬إما إرادة العقد حيث تتوازن إرادتا الشعب والعرش أو تتجه نهائيا إلى توسيع اللجنة إلى جمعية تأسيسية‮.‬
وعلى لجنة المنوني‮ ‬أن تعمد وتعمل كلجنة وطنية وليس كلجنة استشارية فقط إلى جانب الملك
نحن أمام عدم حل البرلمان،‮ ‬فالمؤسسة التشريعية لديها حق في‮ ‬تعديل اللجنة وعملها،‮ ‬ولا‮ ‬يجب أن تعمل هذه اللجنة من‮ ‬غير البرلمان،‮ ‬وإلا اعتبرت استشارية وليست وطنية‮. ‬وتحديد طبيعة هذه اللجنة هل هي‮ ‬استشارية أم وطنية‮ ‬يطرح إشكالا‮. ‬من جهة لا‮ ‬يعقل أن‮ ‬يتحول مجلس حقوق الإنسان إلى مجلس وطني،‮ ‬ولا تتحول لجنة مراجعة الدستور إلى لجنة وطنية لتعديل الدستور،‮ ‬ومن جانب آخر،‮ ‬هل نحن أمام لجنة صياغة لتكييف خطاب‮ ‬9 مارس مع الدستور السابق،‮ ‬أم لجنة لمراجعة الدستور أو تعديله‮.‬
العمل الدستوري‮ ‬القاطع مع الماضي‮ ‬يتطلب أن تكون لجنة المنوني‮ ‬لجنة وطنية بين الملك والبرلمان الحالي‮ ‬لتعديل الدستور،‮ ‬أو حل البرلمان وإسقاط الدستور الماضي،‮ ‬واعتماد خطاب‮ ‬9 مارس‮ ‬2011 وثيقة دستورية‮ (‬انتقالية‮) ‬وهذه اللجنة تكون في‮ ‬مقام لجنة تأسيسية بعد توسيعها بما‮ ‬يفيد طابعها الانتقالي‮ ‬أيضا‮.‬
او على الأقل اعتبار‮  ‬لجنة المنوني‮ ‬لجنة وطنية‮ -  ‬كما قلنا‮ - ‬وقد نقل الملك قبل أيام مجلساً‮ ‬استشارياً‮ ‬يخص حقوق الانسان إلى مجلس وطني‮. ‬
قرار الملك بإنشاء لجنة المنوني‮ ‬يجب ألا تكون بموجبه لجنة ملكية أو استشارية،‮ ‬بل لجنة وطنية بقرار منها‮ ‬يجعلها أكثر استقلالا ولصالح الوطن،‮ ‬منطلقة من مبدأين‮ : ‬سمو الدستور،‮ ‬وسمو مرجعيتها الوطنية فوق الجميع ؛ ومؤسسة على قرارين‮ : ‬أن تعمل على تحديد طريقة تعديل الدستور الجديد،‮ ‬وتحديد النسبة المقبولة في‮ ‬أي‮ ‬استفتاء‮.‬

على الدستور الجديد أن‮ ‬يحدد آليات تعديله أو‮ ‬تعديل أحد مواده
الدستور لا‮ ‬يكتمل إلا إن‮ ‬ضمن للشعب أن‮ ‬يغيره بآليات منصوص عليها،‮ ‬والدساتير المغربية لم تتضمن هذا البند،‮ ‬ولذلك فدستوريتها مهزوزة‮.‬
‮.‬ لأن الدستور لا‮ ‬ينظم نفسه فكيف‮ ‬ينظم السلطات العامة الأخرى للدولة،‮ ‬كما لا‮ ‬يعتبر نفسه‮ (‬قانوناً‮ ‬أصيلاً‮) ‬يعود إلى الشعب،‮ ‬فالدساتير السابقة‮ ‬غير دستورانية لأنها لا تؤمن بسلطتها التأسيسية،‮ ‬وهي‮ ‬بالأساس قوانين منظمة لسلطات النظام وليس لسلطات الدولة التي‮ ‬ينظمها كل دستور‮.‬
‮.‬ أن السلطة الملكية سلطة تأسيسية لكل دستور سابق،‮ ‬ويجب إما أن‮ ‬يكون التأسيس‮ "‬وطنيا‮" ‬بين الملك على الأقل وبرلمانه‮ ‬ في‮ ‬حال عدم حله‮ ‬ أو توسيع اللجنة بما‮ ‬يفيد التعاطي‮ ‬مع كل مطالب الشعب،‮ ‬ففي‮ ‬مصر للنظام شرعية ثورية‮ (‬1952) وللشعب مرجعية ثورية أخرى‮ (‬2011) واتفق الجميع على الشرعية الثورية مجالا دستوريا لتأسيس الجمهورية الثانية،‮ ‬أما المغرب فالمجال الدستوري‮ ‬التأسيسي‮ ‬فيه نظر،‮ ‬فالشرعية الواحدة بين الملك وشعبه لتأسيس الملكية الأولى رُكْنّهَا حرب تحرير المغرب من فرنسا،‮ ‬أي‮ ‬الشرعية الثورية لـ‮(‬20 غشت‮)‬،‮ ‬وتحولت إلى شرعية ملكية فقط مع الحسن الثاني،‮ ‬فهل‮ ‬يمكن الانتقال إلى شرعية ثورية أخرى بين الملك والشعب في‮ ‬2011 تربط نفسها مع‮ ‬20 غشت الخمسينات،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الحالة‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون‮ ‬الوضع الحالي‮ ‬انتقالياً‮ !‬
إغناء الحالة الدستورية الجديدة بالتراث الأنجلوساكسوني‮ ‬أو الإسباني‮ ‬كمرجع‮ ‬للملكية المتقدمة‮ ‬
أولا،‮ ‬بمقتضيات الدستور من‮ ‬حق الملك أن‮ ‬يعدله،‮ ‬ولابد أن‮ ‬يسمح الدستور الجديد بتعديله على قدم المساواة بين سيادة الأمة وسيادة الملك،‮  ‬وأن تكون لجنة المنوني‮ ‬في‮ ‬هذه الحالة‮ (‬لجنة دستورية‮) ‬انتقالية تعمل على التوفيق بين الملك وشعبه أو بين‮ ‬السلطة الملكية والسلطات الأخرى،‮ ‬فيكون عملها التوفيقي‮ ‬نابعاً‮ ‬من عملها‮. ‬نحن أمام تساؤل حقيقي‮ : ‬هل لجنة المنوني‮ ‬لجنة دستورية ؟ أم لجنة استشارية أم لجنة وطنية‮. ‬يستتبع مهمتها إنجاز حوار وطني‮.‬
ثانيا،‮ ‬لابد لهذه اللجنة من قانون داخلي‮ ‬لإدارة عملها،‮ ‬وطبيعة اللجنة تحدِّدُ‮ ‬صلاحيتها‮.‬
ما‮ ‬يريده القصر أن‮ ‬يكون عمل لجنة المنوني‮ ‬على نهج لجنة عزيمان تماماً،‮ ‬لكن المهمة الدستورية لا تقبل مثيلا لها
لجنة عزيمان سعت إلى قانون جهوي،‮ ‬وتناقش اقتراحاً‮ ‬أو مشروع قانون‮ ‬يتضمنه دستور التسعينات بنداً،‮ ‬ويتطلب تعديلاً‮ ‬له في‮ ‬مادة أخرى،‮ ‬لكن أن تناقش لجنة صلاحيات من منحها التأسيس‮ (‬أي‮ ‬الملك‮) ‬فالصفة متغيرة قطعاً،‮ ‬ولجنة المنوني‮ ‬لا صفة لها دستورية ولا‮ ‬يحدد عملها الدستور،‮ ‬فهي‮ ‬على ذلك‮ ‬غير دستورية إلا بأمر الملك،‮ ‬وعليه هي‮ ‬استشارية،‮ ‬والعمل على مثل هذه الطبيعة لا‮ ‬يخدم بأي‮ ‬حال دُسْتُرَانِيَّة الدستور الحالي،‮ ‬ولأن الملك اقترح وحدَّد الديباجة في‮ ‬28 مادة تفصيلا‮ ‬ لمن درس خطاب‮ ‬9 مارس‮ ‬ فإن لجنة المنوني‮ ‬لجنة شكلية لصياغة ما ترتب عن خطاب ملكي،‮ ‬وليس‮ ‬غير ذلك‮.‬
لجنة المنوني‮ ‬إن كانت استشارية فلا حق لها في‮ ‬مناقشة الدستور،‮ ‬وإن كانت دستورية فلابد أن تكون‮ (‬متوافق عليها‮) ‬مع البرلمان،‮ ‬أو تكون منتخبة وتتشكل بظهير من طرف الملك،‮ ‬وإن اعتبرت لجنة دستورية انتقالية بحكم إسقاط الدستور واعتبار خطاب‮ ‬9 مارس وثيقة دستورية،‮ ‬فإن الذي‮ ‬يرأسها هو قائد القوات المسلحة باسم شرعية‮ ‬20 غشت،‮ ‬وتكون دساتير الحسن الثاني‮ ‬جميعاً‮ ‬شخصية وغير تأسيسية،‮ ‬ولها صفة العمل لاستفتاء الشعب المغربي‮ ‬عنها،‮ ‬ومن هذا الباب‮ ‬يجب الحسم في‮ ‬طبيعة لجنة المنوني،‮ ‬ويبطل عملها إن اعتبرت استشارية إلا بما تقتضيه‮ "‬صياغة ثانية لخطاب‮ ‬9 مارس‮" ‬أي‮ ‬إدماج اقتراحات الخطاب مَوَادَّ‮ ‬حاصرة موضحة أو مفعلة لمواد أخرى‮.‬
وهذه اللجنة‮ ‬ في‮ ‬حدود استشاريتها‮ ‬ من حقها فقط دسترة الأمازيغية والجهة ودسترة مؤسسة الحكومة واعتبار النظام القضائي‮ ‬سلطة،‮ ‬لأن هذه المواد حاصرة وموضحة أو مفصِّلة لمواد الدستور الحالي،‮ ‬لكن انتقالها إلى مناقشة بنود‮ "‬مؤسِّسة‮" ‬يوجب تغيير طبيعتها إلى لجنة وطنية أو دستورية إن تقرر أن الدولة تعيش‮ (‬انتقالاً‮ ‬دستوريا‮).‬
نقط‮ ‬دستورية صعبة‮..‬
1- الدستور‮ ‬الحالي‮ ‬لا‮ ‬يسمح بلجنة لتعديل الدستور،‮ ‬ولا‮ ‬يحدد آليات تعديله فلجنة المنوني‮ ‬في‮ ‬هذه الحالة‮ ‬غير دستورية‮.‬
2- الصفة الاستشارية لأي‮ ‬لجنة لا تسمح لها بتغيير الدستور
3- اعتبار لجنة المنوني‮ ‬لجنة دستورية بتفويض ملكي‮ ‬ينفي‮ ‬سمو الدستور لسمو الملك‮ (‬عليه‮)‬،‮ ‬ولا‮ ‬يسمح لهذه اللجنة بمناقشة سلطة التفويض إلا في‮ ‬حال اعتبار الوضع انتقاليا‮.‬
أي‮ ‬يتم حل البرلمان واستقالة الحكومة‮ ‬ لأن خطاب‮ ‬9 مارس‮ ‬يمنحها هذه الصلاحية‮ ‬ وتعتبر نفسها حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد،‮ ‬وإعلان موعد آخر لانتخابات جديدة‮.‬
ولا‮ ‬يمكن حسب القاعدة الدستورية المعروفة إلغاء قاعدة دستورية إلا بقاعدة دستورية أخرى،‮ ‬ولأن الملك طرح‮ "‬مواد وهيكلاً‮ ‬وديباجة‮" ‬فإن خطاب‮ ‬9 مارس‮ ‬يعتبر وثيقة دستورية تلغي‮ ‬بمقتضياتها القواعد السابقة،‮ ‬وهذه الوثيقة الدستورية‮ (‬انتقالية‮) ‬إلى حين الاستفتاء على الدستور الجديد،‮ ‬قد‮ ‬يقول قائل‮ : ‬إن الملك اقترح فقط على شعبه واللجنة تقرر ما تضمنه الخطاب،‮ ‬ونتساءل‮ : ‬من سيطرحه‮  ‬على الشعب‮  ‬للاستفتاء‮. ‬هل الملك إلى جانب البرلمان أم الملك وحده،‮ ‬وفي‮ ‬الحالة الأخيرة تكون اللجنة استشارية،‮ ‬وليس من حقها‮ ‬ لعدم الصفة‮ ‬ التطرق للدستور‮.‬
4- قرار تأسيس اللجنة عبر ظهير أو مرسوم ؟ ولا‮ ‬يمكن في‮ ‬الحالتين سوى وضع اللجنة تحت الصفة الدستورية‮ "‬الخاصة‮" ‬بالملك وغير القابلة للعموم‮.‬
فهي‮ ‬لجنة ملكية لا أكثر ولا أقل،‮ ‬وليس من حقها سوى إصدار‮ "‬القول الاستشاري‮" ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يحتاج إلى مدة،‮ ‬بل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون خطاب‮ ‬9 مارس هو‮ "‬القول الدستوري‮" ‬ويتطلب جانب الصياغة من طرف لجنة المنوني،‮ ‬وليس من حقها‮ ‬غير ذلك‮.‬
5 أن لجنة المنوني‮ ‬نتجت وتشكلت عن قانون عادي‮ ‬ولا‮ ‬يجوز لها‮ ‬ من المعيار الشكلي‮ ‬ التطرق إلى قوانين دستورية،
6 السلطة الملكية سلطة تأسيسية أصلية بحكم الدستور ولا‮ ‬يجوز شكلا تفويضها إلى لجنة،‮ ‬وإلا قامت مقام العرش،‮ ‬فالعرش له سلطة الدعوة إلى انتخاب لجنة وليس إلى تعيينها لتعديل الدستور،‮ ‬فالمقرِّر فردٌ‮ ‬أي‮ ‬الملك من‮ ‬يحق له هذا التعديل وليس لأحد‮ ‬غيره تفويضاً‮ ‬أو تعييناً‮ ‬أن‮ ‬يكون في‮ ‬مقام الملك،‮ ‬لأن ممثل الملك هو ولي‮ ‬العهد،‮ ‬ولا‮ ‬يجوز‮ ‬غيره أو أن‮ ‬يقوم أحد مقامه،‮ ‬ولصغر الأمير الحسن فإن الدستوري‮ ‬أن‮ ‬يكون انتخاب لجنة ليكون لها التفويض ليس من الملك،‮ ‬بل من الشعب،‮ ‬ويكون لمقام الملك الدستوري‮ ‬الحق في‮ ‬طرح ما‮ ‬يكون الواجب به كما في‮ ‬خطاب‮ ‬9 مارس‮.‬
7 أن لجنة المنوني‮ ‬قد تصيغ‮ ‬فقط منحة الملك،‮ ‬وهذا لا‮ ‬يفيد البعد الإصلاحي،‮ ‬ولا فتح النقاشات وغيرها من الآليات،‮ ‬وهذه اللجنة عندما تخاطب حزباً‮ ‬أو جمعية أو فرداً‮ ‬هل ستكون باسم الملك تفويضا،‮ ‬توكيلا،‮ ‬عملا بظهير،‮ ‬عملا إداريا‮... ‬فصفتها‮ ‬غير دستورية،‮ ‬وقانونية باسم من أسسها،‮ ‬وكيف لمنتخب من الشعب أن‮ ‬يخاطب هذه اللجنة إلا باعتبارها ممثلة للملك بتفويض عنه لأن البرلماني‮ ‬أو المستشار مفوض من طرف الشعب‮.‬
تفويض الملك لهذه اللجنة من‮ ‬غير قاعدة دستورية إلا إن أصبحت‮ "‬تحكيمية‮" ‬بين الملك والشعب‮.‬
وحل هذا الإشكال‮ ‬يجب أن‮ ‬يتم عبر حل البرلمان واستقالة الحكومة لإعطاء الشرعية لهذه اللجنة ولعمل الملك،‮ ‬لأن خارج شرعية الانتقال لا‮ ‬يجوز عمل هذه اللجنة إلى جانب برلمان منتخب من طرف الشعب،‮ ‬وعلى الملك في‮ ‬حال قرر الاستمرار أن‮ ‬يعين لجنة برلمانية إلى جانب لجنة للصياغة‮ ‬يرأسها المنوني،‮ ‬ويكون عملها هو دستور جديد،‮ ‬أو أن‮ ‬يثور الملك الجنرال على اختصاصات الملك من خلال لجنة ترتبط كما قلنا بثورة الملك والشعب الأولى باتجاه ثانية‮.‬
8 Yننا أمام دسترة‮ ‬constitutionalizing وليس كتابة دستور جديد،‮ ‬ولا تتم الدسترة إلا عبر تعديل واحد‮ ‬يتم به إنتاج حكومة‮ "‬دستورية‮" ‬ووحدها تتكفل بدسترة ما تبقى من مواد،‮ ‬وإن اعتبرنا الملك المؤسسة الوحيدة للحكم فإن عليه أن‮ ‬يقوم‮ "‬بدسترة‮" ‬مؤسسة الحكومة فقط ولها أن تدستر ما تبقى من مواد‮.‬
نحن أمام مأسسة لدستور شخصي‮ ‬ من خلال هذه اللجنة‮ ‬ يصوغ‮ ‬دسترة مواد أخرى لتنضم للدستور الحالي،‮ ‬لجنة المنوني‮ ‬ليست حكومية ولا‮ ‬يمكن لها أن تكون لأن مؤسسة الحكومة‮ ‬غير مدسترة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن تكون اللجنة ملكية وإلا اعتبرنا الدستور منحة شخصية مجدداً،‮ ‬ولهذا تأثير عميق على نوايا الإصلاح‮.‬
وكما لا‮ ‬يمكن تحت أي‮ ‬ظرف اعتبار أي‮ ‬دستور شخصي‮ ‬في‮ ‬القاعدة الإنجليزية،‮ ‬فنحن أمام‮ ‬personnel rule أو‮ ‬Royal rule? أي‮ ‬أن الدستور الحالي‮ "‬قاعدة قانونية‮" ‬فقط،‮ ‬مما‮ ‬يشكك في‮ ‬دستورية الدستور الحالي‮ ‬ويجعله‮ ‬غير دستوراني‮ ‬؛ فالقاعدة الملكية تطرح سلطات‮ ‬غير محددة للملك كحقوق خاصة له،‮ ‬وأصبحت محددة بسلطات عامة على أساس حقوق الشعب أو سيادته‮.‬
نحن إذن أمام ضرورة دسترة‮ "‬سيادة الشعب‮"‬،‮ ‬ولأن سلطات الملك بما فيها حقوقه حَوَّلَها إلى الاستشارة،‮ ‬فقد سقط حقه الخاص وأصبح عاماً،‮ ‬مما‮ ‬يجعل لجنة المنوني‮ ‬لجنة خاصة بحق عام تعمل على مستوى التحديد‮ "‬over stepping" أي‮ ‬أنها تقلِّلُ‮ ‬من‮ "‬صلاحيات الملك‮" ‬دون المساس بحقوقه‮.‬
ومن هذا الأساس لن‮ ‬يكون دستوريا ما‮ ‬يجري‮ ‬إلا إن اعتبرنا الوضع انتقاليا‮. ‬لأن نقل صلاحيات لا‮ ‬يحتاج إلى لجنة،‮ ‬بل‮ ‬يذهب الملك إلى البرلمان ويعطيه الصلاحيات التي‮ ‬يريدها،‮ ‬أما وقد عين لجنة‮ (‬غير منتخبة،‮ ‬وغير برلمانية ولا تحمل شرعية من الشارع‮) ‬فإن قراراتها لا تمس بحق ولا تعمل بحق‮ (‬دستوري‮).‬
الفقه الدستوري‮ ‬ينتبه إلى‮ "‬المسار‮" ‬قبل أي‮ ‬شيء آخر،‮ ‬لأن الحقوق معلومة والسيادة أصيلة ومحمولة للشعب باسم القانون الإنساني‮ (‬حقوق الإنسان‮) ‬الذي‮ ‬دستره الحسن الثاني،‮ ‬وللخروج من التناقضات لابد من تفكير اللجنة‮ :‬
‮ ‬أ‮- ‬في procedural safeguards‮ ‬فنحن أمام مسار‮ ‬يحمي‮ ‬الدستور الحالي‮ ‬أو‮ ‬يعدله،‮ ‬وإن كنا‮ ‬غير نموذجيين في‮ ‬إقرار حكومة دستورية،‮ ‬فنحن‮ ‬غير منتبهين إلى أن البرلمان ليس بحقوق ولا صلاحيات له،‮ ‬وهو مع الملك الأكثر‮ "‬دستورية‮" ‬فاللجنة‮ ‬غير برلمانية،‮ ‬وملكية،‮ ‬دون أن تكون من المؤسستين،‮ ‬مما لا‮ ‬يضفي‮  ‬عليها الصبغة التمثيلية والسيادية لطرفي‮ ‬الحكم‮ "‬الملك والشعب‮" . ‬
ب‮ ‬ أن‮ "‬الحرية‮" ‬كما‮ ‬يقول الفقيه‮ ‬Henry Maine هو الشيء السري‮ ‬خلف كل خصائص المسار الديمقراطي،‮ ‬ولأن الانتقال الديمقراطي‮ ‬فشل،‮ ‬فإن المعنى الديمقراطي‮ ‬لتشكيل لجنة المنوني‮ ‬لم‮ ‬يكن مطروحاً‮.‬
الانتقال الدستوري‮ ‬قد‮ ‬يفشل لأن الانتقال الديمقراطي‮ ‬فشل،‮ ‬والدولة تسعى إلى الانتقال وتعود إلى الوراء‮.‬
حاليا‮ ‬يجب أن نتساءل عن‮ "‬ديمقراطية‮" ‬لجنة المنوني‮.‬
9 ‮ ‬هل لجنة المنوني‮ ‬سياسية أم تطلب‮ (‬دستوراً‮ ‬سياسياً‮) ‬ the political constitution الكلمة التي‮ ‬يدور حولها سر المرحلة‮ : ‬هل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يخرج المغرب من وثيقة دستورية‮ (‬انطلاقا من خطاب‮ ‬9 مارس،‮ ‬إن أعلنها المغاربة فترة انتقالية‮) ‬باتجاه‮ ‬يذكرنا بـ‮ ‬ magna charta التي‮ ‬صنعت ملكية إنجلترة‮.‬
هل محمد السادس قادر على أن‮ ‬يكون منقذ العرش والديمقراطية معاً‮ ‬؟
الخطة سهلة أن‮ ‬يعلن خطاب‮ ‬9 مارس وثيقة دستورية انتقالية،‮ ‬باتجاه إعلان دستور جديد في‮ ‬المستقبل‮ ‬يكون وثيقة‮ (‬القرن الواحد والعشرين‮) ‬أو‮ ‬يتحول المنوني‮ ‬إلى مفوض من الملك ويرأس لجنة برلمانية ترضخ للتصويت في‮ ‬داخل البرلمان وبمشاركة المعارضة،‮ ‬ويكون العمل على دستور جديد‮ (‬شامل‮) ‬يشكل ما‮ ‬يدعى الدستور السياسي‮ ‬الأول للمملكة‮.‬
10 لجنة المنوني‮ ‬يجب أن تتمتع بشرعية‮ ‬common man العموم المغربي‮ ‬إلى جانب‮ ‬Royal rule لإنجاح مشوارها،‮ ‬وإلا فإن هذه اللجنة الملكية لا تسمح بالوصول إلى أهدافها،‮ ‬لأن دستورانية الدستور الجديد رهان المغرب الجديد‮.‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق