عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 4 مارس 2011

في آخر عدد من مجلة Transition الأمريكية وتزامناً مع ثورة العالم العربي


في آخر عدد من مجلة Transition الأمريكية وتزامناً مع ثورة العالم العربي


الاستقلال، من غير ثقافته، بدون قيمة ومن ثم الانتقال الديمقراطي بدون روح شيء قاتل أو مميت. وأي دولة عرفت رؤية "جديدة" لا يمكن أن تستقيم دون معنى لتحررها واستقلالها. فثقافة الاستقلال جزء "رئيس" من الاستقلال نفسه.
المعنى الانتقاليفي هذه الحالةيتحول قبل "الرؤية الاجتماعية" إلى معنى آخر لما يسمى في علوم الاجتماع السياسي (المجتمع الانتقالي)، فالحالة الانتقالية تتعدد لأن المجتمعات التقليدية "تتعدد" بدورها وتختلف. والشيء الرئيس : أن من المهم ان يكون التحول "دائماً" أو أن التحولات تتقدم.
المسألة متعلقة بدرجة من التحول يتناسب مع "تقدم المجتمع المدني" أو الحضري من ثلاثة عوامل :
تقدم معدلات التبادل التجاري والتصنيع أو تقدم "المجتمع التقليدي بما يناسب" التهييء لمقدمات التحول.
تقدم التحول بدرجات معقولة (اجتماعيا وصناعيا)
التوجه نحو معنى انتقالي، لأننا بقدر ما نصنع مستوى تكنولوجي من التحول نصنع بالمقابل "معنى" سياسي له في أرض الواقع.
ومن داخل هذا المعنى يمكن أن نقرر أجيالا للإصلاحات تمثل في جزء منها "التركيب الواسع" لجعل المعنى الجيلي للتحولات بصيغ "متطابقة" وفي هذه الخلاصة نجد أن الفقر الحضري هو فقر ديمقراطي.
التقدم الصناعي والحضري لكل المجتمعات تخترق في جزء منها البنية التقليدية لمجتمع معين، وبالتالي، من الصعب أن نقرر سوى جدلية واقعة بين التحول المجتمعي والتحول التكنولوجي.
الانتقال من جيل إلى جيل يعني توسيع قاعدة الإصلاحات لاستيعاب الرؤية الجديدة، فنحن أمام دولة متحولة دائما، وليس بالضرورة أمام استقرار دائم. يقول أحد المنظرين : إن المسار التحولي Transitional process ينطلق دائماً من مواقع خاصة أو من مجموعات خاصة من أجل مخاطبة باقي الشعب. والفارق بين نظام تحولي ودولة تحولية أن العصبين أحدهما متحرك والآخر ساكن، وإن قرر الشعب تحريكهما معاً فتلك مرحلة "الثورة".
المجتمع التقليدي مرغمفي أي حتميةأن يتطور، ومجرد أن يتطور يتحول فيريد ما يناسب. هذه الشروط الجديدة وتحديد نوع خارطة التحول تعمل على إقرار واحد : هل لدى الشعب معنى واحداً للتحديث. وإن لم يكن فنحن أمام تحول بمعايير الإقليم أو الجغرافيا. التحول إما أن تختاره في ارتباط مع التاريخ أو يكون مرتبطا مع الجغرافيا.
ليس هناك إلى الآن قانون اجتماعي واحد للتحول. هناك روح واحدة تحاول أن تصنع معنى (خاصاً) لكل التحولات التي تطرأ. وفي ذلك استيعاب لاستمرار أن يبقى التحول وأن يكون دائماً.
التحديث في هذه الحالة انتقال لأننا أمام قطيعة في المجتمع التقليدي the breakup of traditional society، وبالتالي رأينا أن التحول برنامج يخدم في الجزء العام منه "التوجهات الرئيسية" لمعنى أن يكون "تحرك" mobilizing العوامل الاجتماعية والسياسية جزءاً من تحديث الواقع، وبالتالي نقرأ عاطفة التغيير "روحاً عامة" لأن تكون كالآخرين المتقدمين.
نحن نريد التطور وبعده التحول وبين التغيير والثورة نجد بعضنا يتحفظ. المجمتع في حالته الطبيعية ينطلق من الداخل ومن واقعه الداخلي، ويصنع لنفسه (حلاً داخليا لمشاكل داخلية) فيكون المجتمع التقليدي قد وضع بوضوح : صورة تحوله، لأن في حركة أي مجتمع نكون أمام لا مساواة ولا توازن يخلقه أي تحرك.
قاعدة الشرط الاقتصادي للانتقال من اقتصاد إلى آخر، ومن ثم اليوم إلى اقتصاد للمعرفة يجعل المكون المعرفي أو الثقافي جزءاً لا يتجزأ من ثورة "النمور". فالوضع الملكي للأسد يوازنه تحرك النمور في اتجاه آخر. وحاجة أي مجتمع لصحة وطنية يسبب في انطلاق المقارنة فوراً بين مجتمع ومجتمع. إن علم الاجتماع المقارن أخطر تخصص يمكن أن يشكل "علم القرن الواحد والعشرين". فالإنسان في عصر المعرفة يشكل "طبقة" تعتبر وسطى ذات رؤية تقرأ العالم أنه انتقال.
طبيعة أن نتموقع اجتماعيا تأسيس للقول إننا في ثورة وإن تموقعنا اقتصاديا نقرر "التغيير" لأن الهاجس الإداري للانتقال يتفوق على غيره من الهواجس، وإن رأينا كل شيء من خلال الاستقرار نقرأ كل شيء غيرنا تمرداً في غيرنا.
التحديث لا يجب أن يعود إلى المبرر الديني أو معطى إثني، وإلا أصبحت نخبة التحديث modernizing elite ضد نفسها، والاستقرار بعيداً عن معناه.
في رأسمالية بريطانيا "غير المتآلفة" قرأنا كيف جمعت لندن بينالكالفينية السويسرية والألمانية والمعنى الفرنسيفضمير الحركة المدنية والسياسية تتجاوز المعنى التجريبي للسلطة، والأخذ بعين الاعتبار معنى التحديث هو قبل كل شيء كيف يمكن أن نكون علميين في انتقالنا ؟
السبب الرئيس لأن نجعل الحداثة "معنى" أو ندخل مجتمعنا التقليدي إلى الصدمة هو كيف نقر بتقدم الحضارة ؟ نقول : عندما يرتبط المجتمع بدرجة تقدمه أي حينما ترتبط الدرجة الاجتماعية بالدرجة التكنولوجية من غير فجوات نكون أمام تحول منسجم، وعندما يتقرر بشكل واضح كيف نقرأ التحديث الذي نعيشه على أنه الحداثة، نكون قد صنعنا الفجوة الكبرى بيننا وبين واقعنا. ونبدأ في البحث الجدي عن تكافؤها مع الآخرين. إننا نعيش دائماً في وضع مقارنة بيننا وبين الآخرين.ما يجري إحراج فإما أن نقرر حرباً داخلية بين أجنحة النظام (المستقر) أو أن ننفس بحرب الدولة (ضد دولة أخرى) أو نقبل بالتحول.
الحضارة في تقدمها "ثورية" تقبل كل علامات التحول بالصدمة أو القطيعة أو القفزة. هل هذه هي أنواع التحول ؟ 
ودائماوفي مختلف العصورعبر : التبادل التجاري والتواصل (بتقنيات وهوايات وأفكار جديدة) وأخيراً عبر التربية.
مباشرة عندما نقبل أن نطور تربيتنا وتختلف في أبناءنا عن الذي عايشناه نكون أمام "ثورة" أو تثوير، وعندما نبني جيلا تربى بغير مناهجنا نكون أمام شيء مختلف عنا. وعندما نقبل بنظام جديد للتواصل غير ما ألفناه نتقدم نحو (تواصل اجتماعي مختلف) وبالتالي نقر باتجاه واحد : أن حتمية كل مجتمع أن يتطور. إننا أمام طرق مختلفة لتكون تقليديا، وبالتالي هناك معنى واحدا كي تتطور، وتصنع غيرك بشكل مختلف. السؤال الذي يبقى محيراً، كيف يمكن أن يصنع الثوري هذا التحدي اجتماعيا ؟
يفضل الكلاسيكيون لفظ القطيعة breakup، والأثر المباشر لأي تحديث يقوم على تصور واحد : أن الآخر يعيش بقدر ما يوفره التحديث الاستعماري، لكن هذه الرؤية تخيب عندما نقتنع بوجود عولمي لدرجة التحديث، دون أن يكون "هذا المنحى محليا". لابد في هذه الحالة من روح محلية وروح كونية للتحول ولنا أن نُجَسِّر أي فجوة في الاجتماعي بين ما هو مطلوب وما هو ممكن، لكن إرادة أي ثورة لا تقبل سوى أن يكون المحلي متجاوزاً للعالمي ليصنع خصوصية التقدم أو على الأقل أن يكون متطابقاً بطريقة ما لكل توجه.
الاستعمار يغير جذريا النخبة التقليدية، لكن التكنولوجيا تقوم بهذا التفتيت. نحن أمام عادات طبقة من القواعد التقليدية والسائرة في مجتمع معين the habits of the old ruling class وبالتالي يكون معنى الحداثة "صناعة" عادات أخرى لطبقة من العمل تساهم في إدارة التحول نحو الأحسن.
مقدمة حكومة حديثة ومستقلة تكون في الأساس "قارئة لأوضاع ومستوعبة لها".
هذه التداخلات "نموذجية" والتغيير بشأنها دينامي إلى حد بعيد، فنحنفي إطار كل تطورأمام "ثقافة" (ما الجديد ؟) أو ما القادم ؟ وفي كل تحديث نقرأ أمرين : ما هي طرق الشر ضد التحديث، وما هو حجم اختلاطها بالثقافة الدينية. و "الحزب الطليعي" الذي يحمل "آفاق" التحديث في مجتمع تقليدي.
عمق الروح يجد انعكاسه على التغيير، لذلك فلا معنى أن تكون غريبا Westernizer (أي غربي المولد) لتكون بمجرد ذلك "حداثيا"، لأننا عشنا تحديثا روسيا وبروح غير دينية، حيث لم يجب النموذج على المعنى العميق لتحديث المجتمع. فالتمزقات "القدرية" للدين التقليدي تساوي ما يجري على روح المجتمع التقليدي تماماً. فهل القراءة الجديدة للتواصل تحترم كل دين وكل روح جماعية في تبادل واسع لبنيات العمل السياسي والاقتصادي.
الأفق البديل في هذه الحالة أن تكون القوة والقدرة في صالح الانتقال. العملية في جوهرها تقترح أن تكون غنيا، قويا، وشجاعاً بما يكفي أن ترد على السيد الكولونيالي. والقراءة الجديدة ترمي أن تكون حداثياً، جماعيا وموحداً مع روح المجتمع.
الإطار محكوم بأفكار وتقنيات تعمل على مصطلح جوهري : مغادرة المجتمع التقليدي، فعندما نغادر المحافظة نصنع حداثتنا، فأن تكون حداثياً يعني أن نكون على درجة من "العمل بواقعية" وأن يكون الدور لصالح أفكار ديمقراطية "يكون لها صدى في المجتمع". وتقنيات العمل الجماعي سبيل لتنظيمنا في إطار واسع يحتوي مطالبنا.
تقديرات التحول تسير باتجاه أن نقرأ "المسار" مجدداً، لأن مجتمعات التحول تعني "اتباع نموذج". لكن أن تكون لك الحرية في صناعة نموذجك بداية القرار، وفي ترتيب آخر : يمكن أن نعتبر الحرية جزءً حقيقيا من التحول.
(والحال هذه، فالتحول المجتمعي في مصر وتونس سبق الثورة لأن تقنيات التواصل العمومي وإدارة الأعمال ساهمت في طلب الدولة أن تكون بتسيير مقاولاتي وأن نرى التحول نحو هذه القدرة متجها نحو هدف  واحد : أن نعيد إنتاج ديناميتنا، وفي هذا الإطار يمكن أن نكون أحراراً فنعمل).
في البداية هاجرنا البادية نحو المدينة، وحالياً نهاجر من المدينة إلى المدينة، فالمدينة مضطرة أن تنتقل داخلها، ونعيش "مجتمع الانتقال" في كل لحظة وفي توجهاتنا يمكن أن نقرأ أمرين : خارطة الطريق من أجل تحولات الداخل، وكيف يمكن للمناخ الجديد أن يكون مساهماً ؟ في أي تجول.
الطبقة التجارية تريد دائماً أن يكون لها حارس من داخل النظام ومن خارجه، لكن أن نقرأ المدينة بين باحثين عن العمل (في المدينة) وبين أبناء البلد (في القرية) والمنتقلة إلى إطلاق حضري في الفترة الأخيرة، نكون أمام صعوبة في إعادة إنتاج الحياة الجديدة.
التطور بروح جديدة هو "تحول تكنولوجي" وليس تقدما بالضرورة. والتحول يغير مهناً ومهمات في الفترات الانتقالية وفي الأهداف. وفي المقارنة يكون الوضع الجديد قد خدم "التوجهات الجديدة" على أساس ألا يكون "أقل من الجيران" under privileged neighborhoods، وأن يعود إلى نمط آخر من تقدير الذات.
مجتمع التحول يقدر الذات الجماعية قبل الفردية، ويصنع التاريخ وقواعد المشاركة السياسية والحياة السياسية، فالاستقرار انتهى إلى الانتقال إلى تحول دائم من أجل الوصول إلى "مجتمع حضريصناعي في أسلوب الحياة أو المعيشة" the urban-industrial way of life، وهذا ينعكس أولاً على الأبناء، ويحول العائلة التي بعد إلى عائلة تنظرك من الخلف. هذا التوزيع الطبيعي لتكرار القطائع في التاريخ يخدم خارطة تكلفنا، وتضعنا في اتجاه واحد : أن كل مجتمع هو خليط طبيعي من عناصر تقليدية وحداثية، وهذا له أكثر من صورة تخدم انتقالا من الأسرة الأبوية إلى نمط آخر وأي مساس بهذه الأسرة سقوط للمجتمع الأبوي، فالتقديرات تسير باتجاه يتجاوز "السيكولائي / المدرسي" إلى معنى جديد يبرز : أن المجتمع متحرك بطبعه، متأثر بعقد الآخر، ويريد أن ينافس الجار، وفي هذه الحالة نقرأ معنى أن يكون التحول قدراً لكن : هل التحول جزئي أو كلي ؟ هذا السؤال يجيب كل شعب في لحظة مروره الطبيعي بمسلكيات التطور.
جريدة ماوراء الحدث عدد 17  ل 25/2/11   ص 4



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق