عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

السبت، 12 مارس 2011

4 محاور في خطته العسكرية الجديدة ساركوزي لن يتدخل لحماية أي نظام ضد شعبه في شمال أفريقيا وفرنسا تحظر على المغرب الغازات المسيلة للدموع على غرار دول أخرى


بعد أن وصف ساركوزي ما يجري في الوطن العربي بالتاريخي دعا إلى فتح صفحة جديدة بعد تغييرات تونس ومصر التي ذهبت بمبارك، مما يستدعي تغييراً في الاتحاد من أجل المتوسط.
آلان جوبيه آخر مربعات الديغولية في حكومة فيون، والداعم لهذه التحولات يقرأ الوضع على أساس جديد يذكر بما قام به ديغول مع الانقلابات العربية في الحرب الباردة.
إعادة تجذير المصالح الفرنسية في المجتمعات "الثورية" الجديدة جزء من سياسة باريس.
وفي إحدى التقارير السرية : رفض آلان جوبيه قراراً ينخرط فيه الجيش الفرنسي لحماية زين العابدين، رغم أن الإليزيه عرض هذا العرض على الرئيس المخلوع قبل يومين من سقوطه، لكن الجيش التونسي رفض التعاون مع زين العابدين وفرنسا في هذا الموضوع، لأن السفير الأمريكي في تونس دعم قرار الجيش بدون تحفظ، وكانت ضربة قوية ضد فرنسا تتطلب إعادة هيكلة مواقعها مع الشعوب.
ساركوزي لم يعد يعتبر مصر وتونس استثناء، لقد أقرت أجهزته الاستخبارية، وأقر أخيراً في خطابه بأن ما يعيشه العالم العربي "تاريخي"، بما يؤكد أن لعبة الاستثناءات انتهت بلا رجعة على الأقل في واشنطن، لندن، وباريس.
"ما وراء الحدث" سألت أحد الدبلوماسيين عن المشاورات الأخيرة بين أوباما وساركوزي حول القذافي. وقال : لم يعد الاتفاق حول القذافي، بل تعهد ساركوزي ألا تتدخل فرنسا لحماية أي نظام من شعبه في شمال أفريقيا، وعن سؤال هل المغرب يدخل ضمن هذا التعهد، أكد المسؤول : أن هذا التعهد كان اتجاه الأمريكيين ولا يحمل أي استثناء، وعن حماية الإمارات لوجود قاعدة بحرية في هذا البلد، قال : أن المنطقة التي اتفق بشأنها الأمريكيون والفرنسيون هي شمال أفريقيا، وأن الإمارات تدخل في إطار الحرب على إيران، ولن تسمح باريس وواشنطن باستغلال إيران لأي فرصة. والإمارات الكيان الوحيد الفيدرالي في الخليج، ولابد من دعمه.
المغرب لا يمثل "استثناءً دفاعياً" عند الفرنسيين، ونظامه يواجه مطالب لابد من الاستجابة لها.
باريس عندما قررت تغيير استراتيجيتها العسكرية والأمنية بعد سقوط بن علي ومبارك والمواجهة الشعبية ضد القذافي، رأينا انقلابا في تحالفاتها :
التفاهم مع أمريكا في إدارة الفترة الانتقالية في تونس، ففي تونس ومصر وجدنا أمريكا تقدمت لدعم التغيير، وفي ليبيا أرادت تحت الفصل السابع "شرعنة الخيار العسكري" ضد القذافي، مما يجعل كل المنطقة تحت نفوذ أوباما ولا يمكن لفرنسا أن تكون مع الأنظمة التي تسقط، كما لا يمكنها أن تكون خلف أمريكا في كل شمال أفريقيا، لأن ذلك يعرض مصالحها للتفتت.
واشنطن تدرك جيدا أن ساركوزي راهن باستخباراته وكل ما يملك كي لا يسقط مبارك، وأقنعت إسرائيل الرئيس الفرنسي كي يبقى مع مبارك. أمريكا استطاعت أن تجدد نفوذها في الجيش المصري والتونسي بشكل غير مسبوق، مما استدعى تغييراً في استراتيجيات باريس التي قد تساهم حاليا في إسقاط أنظمة في منطقة نفوذها المغاربي لتكريس تواجدها مجدداً. هذه الفترة الخطيرة تكشف عن تحول "جذري" في قراءة المصالح الفرنسية إلى جانب الشعوب لإنتاج أنظمة تدخل في دائرة تأثيرها.
أن باريس "جمدت" حماية الأنظمة لفشل هذه الخطط إن كان اتفاق أمريكي مع جيش الدولة المعنية.
والمغرب يدخل في هذه التقديرات، من خلال احترام فرنسي لاتفاق بنانيوورد وقد كرر ساركوزي استمرار حرب بلاده على الإرهاب والهجرة السرية، من خلال إعمال كل الاتفاقيات الدفاعية مع الجيش المغربي (وعبر سريان اتفاق بنانيوورد) كاتفاق مرجعي لعمل فرنسا إلى جانب أوباما في المغرب.
إن هذا التفاهم الفرنسي الأمريكي ومن غير حدود أو سقوف يرمي إلى مواصلة العمل مع الأنظمة الحالية ضد الإرهاب، وعدم التراخي عن هذه المهمة كي لا يتمكن الإرهابيون في ظل هذه الانتفاضات الشعبية من خلط الأوراق.
فرنسا تدعم حرب الأنظمة على الإرهاب حتى لا تخلط هذه الأنظمة بدورها بين حركة شعوبها، وبين الإرهاب، وقد سبق لها أن خلطت بين قمع الإرهابيين وقمع المعارضين.
إن باريس أوقفتتماشيا مع قرار سري للناتوأي شحنات للغازات المسيلة للدموع وكل الآليات التي تدخل في قمع المتظاهرين إلى الدول التي قد تتعرض لتظاهرات شعبية مطالبة بالإصلاحات الديمقراطية.
هذا الحظر يصل إلى بكين عندما قرر أوباما أن تدخل الصين في هذه الاعتبارات ويرى الصينيون أن تسليم شحنات معقولة للحفاظ على الأمن يخدم الاستقرار والتوازن في نظرة العالم إلى ما يجري في الوطن العربي.
التوجهات الوقائية جزء من السياسة الدولية، لكن المحتجين يستدعون مع النظام معا الجيش لإدارة الأمن الانتقالي في هذه الدول.
أن خطة آلان جوبيه تسير باتجاه "ديغولية جديدة" تخاطب الشعوب العربية قبل الأنظمة، وتبقي الأمن في مكانه ضد الإرهاب حتى لا يؤثر دعم الشعوب في الحرب المعلنة ضد التطرف، خصوصا في جنوب أفريقيا، وقد لاحظ المراقبون أن قول الرئيس الفرنسي للقذافي (ارحل) في أنقرة أطلق مختطفين فرنسيين لدى القاعدة.
الواقع الأمني الجديد يفضل أن تكون الانتفاضات الشعبية غير حاضنة للتطرف، لذلك لا خوف من مطالب الشارع لأنها مطالب "الثورة الفرنسية" – كما قال ساركوزيولا خوف من الاستراتيجية الأمنية الفرنسية الجديدة لأنها تفصل بين الحرب على الإرهاب، وبين دعم تحركات الشعوب نحو الديمقراطية، ولا يجب أن يخدم الواحد الآخر. آلان جوبيه حدد الخطوط الثلاثة لهذه الاستراتيجية من وزارة الدفاع ويواصل مهمته لإنجاحها على رأس الخارجية.
فرنسا حددت منطق المرحلة والخطة التي يجب اتباعها، لأن المضي بما يفيد العمل باتجاه "آصرة أخرى مع الشعب وصفحة جديدة معها، وإعادة هيكلة الاتحاد من أجل المتوسط ليكون بحيرة ديمقراطية تؤمن بتحالف الديمقراطيات، هذا التطور يؤسِّس الندية والتعاون الاقتصادي بما لا يسمح بتغول الأنظمة مجدداً.
الشيء الرئيس في هذه الترتيبات الفرنسية، إعادة هيكلة المتوسط على أساس الندية من خلال تحالف ديمقراطي بين الديمقراطيات الجديدة في شمال المتوسط والديمقراطيات التقليدية في جنوبه. ثم انتقال الخطة الفرنسية من حماية الأنظمة إلى حماية الديمقراطيات، وتزامن هذه الخطة وقرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع لحماية الشعوب في مواجهة الأنظمة المستخدمة للقوة المفرطة، وتحويل حالاتها إلى محكمة الجنايات الدولية.

ماوراء الحدث عدد 18 ل 4/3/2011  ص 11

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق