عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

السبت، 12 مارس 2011

في آخر عدد من Géo économie عندما تعوض الحرب الاقتصادية الحرب الباردة ؟


في فصلية  Géo économie، العدد الأخير (56) ظهر تقييم يقول إن الحرب الاقتصادية عوضت الحرب الباردة على الصعيد الكوني، وما بعد الحرب الباردة لم تكن "الكونية الأمريكية أو الأمركة" بل عملت أمريكا لجلب "نطاقات استهلاكية جديدة" وليس، "نطاقات ترابية" جديدة يقتحمها الرأسمال المتعدد والعابر للقومية.
هذه الصورة توضح حسب المجلة ما تقول عنه (العصر الذهبي للدبلوماسية الاقتصادية) في إشارة لتوسيع مصادر الثروة وانتشار الرأسمال وجني الأرباح في دورة اقتصادية شاملة
الانتقال ثم من حرب باردة الجزء الرئيس فيها : الدفاع عن "مصالح حيوية يمثل الاقتصاد عصبها" إلى حرب أخرى تساوي "المصالح الاقتصادية" فيها المصالح الحيوية، والعولمة لا تتجاوز قياسات نفوذ جديدة وخارطة انتشار. فالرؤية الحقيقية للعالم جعلت نهاية التاريخ "عنوان نهاية الحرب الباردة" وكانت بداية الزمن مرة أخرى من خلال الاقتصاد، وتشكيلات لا تنتهي عند الثمانية الكبار (G8) وقمة العشرين (G20)، وما يصادف خارطة المصالح من مقاربة مضادة تتمثل في القمة الاجتماعية لـ "بورتو أليكري".
إن اجتماع العالم حول منظمة عالمية للتجارة هو عصب الدبلوماسية الجديدة، وهي تعوض أو تخفف "الحرب الباردة والساخنة" في ترتيبات تقرأ الأوضاع على أساس الانتقال من حرب إلى أخرى، ومن نهاية تاريخ إلى بدايته مجدداً.
هل نحن في هذه الحالة أمام جغرافية اقتصادية تسبق كل شيء وتحدد مستقبل العالم، والدبلوماسية الاقتصادية ليست أكثر من إدارة حرب ؟ أم أن ما نعيشه هو تاريخ آخر يعوض الحرب الباردة.
المرحلة البوشية وحروبه ضد الإرهاب في هذه النظرة ليست سوى "حرب مغلفة" خلفيتها اقتصادية وأهدافها مالية، لذلك فالحماسة التي انبثقت من هذه الحرب (على الإرهاب) استثمرها صانعوا السياسة لتكون "فتحاً" لأسواق أخرى. فالناس تتعلم كيف يمكن أن يكون الوضع الاقتصادي خلفية التاريخ الكامل في حركة الدول والشعوب والمواقف، وإن كنا ندير صورة أخرى عن جهلنا "التام" بما دعي "الفئة النهائية" التي تدير الأمية الاقتصادية" كجزء من لعبة استيلاء الآخر على مصلحتك.
في الإرشادات الحالية هناك خارطة الاستثمار، والجغرافيا الاقتصادية (الجيو-اقتصاد) والتوجهات البديلة والصناعة الثقيلة الحرة والخدمات الحرة من ضمنها (زمن الحاجة).
الخطير حالياً في تحديد أي سلعة هو (زمن الحاجة) إليها، وعلى ذلك زمن الصلاحية (الاستراتيجي) هو زمن طلب على السلعة، وهذا الزمن يسبق زمن الصلاحية الاستهلاكية، المرتبطة بالزمن الطبي.
هل يمكن القول إن هناك زمن صلاحية جماعي وآخر طبي لكل سلعة، الدبلوماسية الاقتصادية وحدها ترفع من عمر السلعة، فعندما تنتهي الرغبة في سلعة معينة في الكونغو، يمكن أن تبقى (مادة) صالحة وناجحة في موزانبيق.
وهذا ما يحتاج إلى دبلوماسية لاكتشاف أسواق ترغب في سلعتك وتعطيها عمراً جديداً، كما وأنها تربي أجيال "لتحافظ" على تناولها لسلعة معينة.
نحن في هذه الحالة أمام ثالوث : تاريخ وجغرافيا ودبلوماسية يدخل في صناعة مصلحتك أو ترتيبها بما يناسب، كما لا يناسب قولنا : أن الدبلوماسية الاقتصادية ليست سوى (أداة) لتمديد المصلحة أو السلعة في جغرافيا جديدة.
الجغرافيا الاقتصادية جزء حقيقي وصلب في "العمل" المؤدي بتمديد المصلحة إلى أقاليم أخرى، والتوجه بما يفيد أن تكون الاقتصادوية économisme لا تحدد الحاجة بل الرغبة في "صلاحيات" جغرافيا أخرى لنفس الاستهلاك، وهذا لن يكون دون "دبلوماسية"، وهنا لابد من استعمال "معنى متقدم ومتعدد" للاقتصاد.
السلعة الصينية مثلاً تتقارب مع الحاجة التي تلبيها في أكثر من جغرافيا، فتصنع على ضوء جغرافيات متعددة، ثم تنتج السلعة حسب مداخيل المستهلك المحلي، وحسب مصالح البلد. هل يمكنفي تطوير للسؤالأن نقول بوجود معاني أخرى لهذه الدبلوماسية (الاقتصادية).
الواقع أن كل مجتمع له سرعته (الخاصة) في ما يدعى (التنمية المستدامة) والتركيز عليها فيما يدعى Auto partage وفي مقابله (التجسس الاقتصادي) وفي هذا التعريف نجد بالإنجليزية Sustainable development من تعريف 1987 كإحدى مفاتيح الجغرافيا الاقتصادية التي هيأت لسقوط جدار برلين.
الجغرافيا الاقتصادية سبقت فعل التاريخ، والجيواقتصادي فاعل قبل الجيوسياسي، عند الاقتصادويين الذين يؤمنون أن العامل الاقتصادي فاعل "مهيمن" إن لم يكن فاعلاً وحيداً في صناعة التاريخ والاقتصاد.
والرؤية تسير باتجاهين " أن الفقاعة الاقتصادية تصنع مالاً ولا تصنع ثروة دائمة والاتجاه إلى نهاية التاريخ لن يكون دون "اختلال متداخل لجغرافيا المصالح" وهذه الملاحظة لم ينتبه إليها فوكوياما، بل إن الإيمان بالأصوليات وتبديد المستدام (كالتنمية المستدامة) هو أهم علامات العصر بتعبير (بول ڤاليري).
التنمية لن تكون مستدامة دون جغرافيا نمو، ودبلوماسية لتصدير مادة معينة مهيئة للاستهلاك. الحقيقة أننا لم ندخل سوى في "عصر ذهبي" إن قرأنا العالم على ضوء جغرافيتنا الاقتصادية، وتأكد لنا أن هناك "دبلوماسية" تقرأ الرأسمالية أفقاً غير قابل للتجاوز لكل العالم والإنسانية. بهذه القناعة وحدها يمكن أن تتأسس الدبلوماسية الاقتصادية، وبفعلها لاحظنا كيف نجح الغرب في الصين حين حولها إلى فاعل عولمي يمكن أن يقود الرأسمال العالمي، وربما الدبلوماسية ذات الأساس الاقتصادي. السباق العالمي انتهى إلى إحداثيات كرونولوجية ثابتة : تتمثل في العمل على المصادر، ثم التكوين النقدي لما هو خارج الصين بواقعية، وعلى ذلك فالدبلوماسية الاقتصادوية :
بحث عن المصادر
وقراءة الأسواق من خلال ما يدعى (سوسيولوجيا الأسواق)
وخارطة العمل الإقليمي : القاري.
من أجل السلعة الصينية قدمت بكين "عدم إبداء مواقف صارمة" إلا فيما يخص أمنها، والتوافق بشأن ما تبقى من المواقف. فالصين أهملت (الكرامة) السياسية أو العمل على سياسة خاصة في العالم وعلى صعيد مجلس الأمن في مقابل اجتياح سلعها في كل العالم.
الصين وأمريكا يعملان معا على "استمرار الاستقرار"، وواشنطن تفتح الأسواق وبكين تملؤها.
هل الصورة جدية ووحيدة إلى هذا الحد.
قراءة الأسواق الحرة في العالم لا تخرج فيه الصين عن نظرة أمريكا، بل يتكرس - عبر تطابق النظريتين - معنى جديداً للتسويق (الدولي). فالأساس الجديد يقرأ الأوضاع من معدلات تقدم الاستهلاك، ولا تهتم بكين لغير ذلك. الاجتياح (الأصفر) يأخذ في الاعتبار : تجديد قراءتنا للسلعة (الفاخرة) على أنها شكل. فالتسويق يبني نفسه على معدل الاستهلاك، والتخفيض القاسي للثمن يكون على ضوء (تخفيض حاد) للجودة، وبناء جودة لأسواق أخرى تطابق المعايير الدولية ؛ وهذا الجدل يعني أن السلعة تفرض تصديرها إلى بلد معين، فالصين تقرأ (الدبلوماسية الاقتصادية) على أساس دبلوماسية السلعة بنفسها.
هل نصيب عندما نقرر مثل هذه النتيجة ؟
الاستنتاج الأول أننا نقيس زمن استهلاك سلعة بحدود وقبول الطلب من الجهة المنتجة إلى الجهة المستهلكة، وغير ذلك تفاصيل "غير صينية". الدبلوماسية الاقتصادية عوضت الحرب الباردة نحو حرب تجارية بمقاييس المصالح الحيوية. فلا يمكن أن تمس الصين خطوطاً حمراء في اجتياحها للعالم، وأمريكا تراقب الوضع من خلال الدولار، حيث السلعة الصينية تدور بالدولار، قد نطلق عليها : دبلوماسية الدولار.
دخولنا في العصر الذهبي للدبلوماسية الاقتصادية لم يكن إلا بعد تدمير جدار برلين، والقارئ لمعنى التحول يتأسس على عصبين : الاتجاه الرأسي إلى أسواق بعينها والتوجه العمودي من خلال السوق واستراتيجية التسليع من خلال رؤية متجددة للحفاظ على "الأسواق المفتوحة".
هناك التباس إيجابي عند الاقتصاديين : من جهة، نكون في اتجاه يقرر أن السوق مفتوح بمعنى حر لوضع سلعتك إلى جانب سلعة آخر، وسلعة أصحاب السوق، وهناك اتجاه آخر يقرأ السوق مفتوحة، بمعنى مستعمرة ولا يجب بأي حال، أن تكون الدبلوماسية سوى إعادة ترتيب أحجام السوق وحدود انفتاحها، والتوجه إلى مستهلكيها.
هذه الصورة قد ترسخ عمليا : إنتاج نقيض سلعة معينة أو سلعة أحسن أو اتحاد "معنى مالي" لكل سلعة.
هناك بحث شديد على الربح لسد رغبة استهلاك مفرط لماركة معينة، فالسلعة الصينية "نقيض" للسلعة الغربية. ويتجه الوضع العام إلى دبلوماسية تكسبها (الماركة) الأمريكية مثلاً ثم يأتي مستنسخها من أجل ملء الهامش النفعي، فاستهداف نفسية (المستهلك) جزء من ترويج السلعة، ويدخل في اختصاص هذه الدبلوماسية التي غطت بعد الحرب الباردة
أن الأسواق توحدت قبل أن تتوحد السياسات
الاقتصاد بوجه واحد يحكمه السوق
حرية السوق من الحرية الرأسمالية.
الدبلوماسية الاقتصادية لم تستطع أن تعمل بسوقين أي بنمطين ماليين مختلفين، فنهاية سوق (الايديولوجيا) ساهم في تعزيز (أيديولوجيا السوق)، ولم نر سوى معاني : الاستقرار الدولي كإنتاج طبيعي لإمكانية رواج السلعة من أقصى نقطة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وإلى آسيا.
"الإنسان الاقتصادي" يشكل في هذه اللحظة صانع السياسة والدبلوماسية فالاقتصاد يسطر الدبلوماسية، مما يضعنا أمام حقيقة واحدة : لا وجود لدبلوماسية خارج الدبلوماسية الاقتصادية.
من هذه الزاوية نقرأ "العصر الذهبي للدبلوماسية". وهذه الصورة "صراعية" (نعت للصراعات الموجودة) حول الأسواق عوضت أي صورة أخرى.
حرب القرن العشرين لم تكن سوى علامة لاقتصادات العالم : في بريطانيا وأمريكا والعالم المتعدد، والعنف ومحاولة محو المنافسين هو الجزء الأول والأخير من اللعبة. في قراءة أخرى نرى أن مفهوم الصراع تحول إلى مدلول واحد : التنافس، ولا تتجسد هذه الوضعية سوى في التجارة، لذلك فكل توسع اقتصادي في القرن الواحد والعشرين يعتبر (دبلوماسية اقتصادية). لقد خفضنا مدلول الدبلوماسية. الصراع اقتصادي انتقل من مفهومه الطبقي إلى مفهوم سوقي
الإشارة قوية فيه على إدارة "دبلوماسية" ما بين الأسواق (أعراف) بعيدة عن منظمة التجارة الكونية، وتذهب باتجاه يظهر الصورة العامة. الأزمة لها معاني تتضح من : نقيض السلعة وفتح السوق وانطلاق الدبلوماسية الاجتماعية.
الدبلوماسية الاجتماعية كلما انغلقت رَأَيْنَا في ظل الانفتاح الاقتصادي أن صورة السلعة تتغير نحو "المزيد من المحلية"، وفي انفتاح السوق والإنسان المحلي نكون أمام المزيد من الماركة العالمية.
الصين تلعب على العصبين : السلعة المحلية بمقاييسها الاستهلاكية، والسلعة الدولية بمقاييسها المحلية. وهذا التوجه التجاري له معنى تفصيليا و "مصلحة حيوية" ودبلوماسية تنقل السلعة بماركة دولية من سوق إلى سوق بدون حاجة إلى التسويق. أمريكا تسوق الماركة، والصين تعمل عليها والسوق مفتوح (لجيو سلعة) إن صح التعبير أين سلعة لطبقات استهلاك متعدد.
العمل الجديد يقرأ توجهاته من ترتيبات حريصة على نهاية انغلاق الأيديولوجيا وانغلاق السوق والجغرافيا، والانفتاح والسوق الحر وتحرر الأيديولوجيا ثالوث القرن الواحد والعشرين.
ماوراء الحدث عدد18  ل 4/3/2011  ص 4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق