عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

السبت، 12 مارس 2011

محمد السادس وبوتفليقة


تحرك شمال أفريقيا بما لا يعود إلى الخلف، ولولا خوف الجزائريين من أشباح الحرب الأهلية القاسية لتحركت الجزائر بعد تونس، ولولا خوف المغاربة من انفصال نهائي للصحراء (الغربية) لجربوا ما قام به أسطورتهم اليساري بن بركة.
الجزائر والمغرب متشابهان إلى حد غريب، ويتنافسان بشكل أرغب وأقرب جدا إلى الغرب.
بوتفليقة اتصل بالأميريكيين لتأكيد رفعه لحالة الطوارئ، وطمأنهم بأن إجراءه سيدعم حرب دولته على الإرهاب، والمغرب حاول إقناع المتظاهرين بأخذ رخص، وتحفظ بشأن اقتراح مكان واحد لاعتصام طويل لأجل الديمقراطية على غرار ميدان اللؤلؤة في البحرين وميدان التحرير في مصر ؟!
الجزائريون إن اختاروا الجمهورية البرلمانية والمغرب إن اختار الملكية البرلمانية سيكون الوجه الآخر لشمال أفريقيا، وآيت أحمد وبن بركة لا يزالان في ذاكرة البعض.
في هذه المنطقة، أعرف أن نزعة المصالحة مع تراث جمهوري يعود إلى الحرب الباردة، والملك الوحيد في شمال أفريقيا قد يكون معه آخر في ليبيا. علم الاستقلال رفع في التظاهرات، فهل الثوار يستعيدون العلم دون ال هذا ممكن، كما يمكن أن تعود الملكية لأن نظام القذافي ليس نظاماً جمهوريا، والليبيون قد يقررون استفتاء لاختيار النظام الملكي أو الجمهوري. مصر تضغط للجمهورية وقذاف الدم أيَّد ذلك في حوارات كشفها لي أخيرا مع استقالته.
تونس والجزائر لن تقبلا بدورهما عودة الملكية، والمغرب يفضل أن يبقى في قفصه، ورغم دعم إعلام السعودية لمثل هذا الخيار فإن ليبيا لا تحتاج إلى نفط ولا إلى مال ؟!
الأكيد هو حالة الغرور التي أصابت من يحكم الجزائر والمغرب، الجيوش في مقدمة كل مؤيد للنظامين، وهناك تأخير معقد لتقدم الدمقرطة قد يوحد رياح وموجات شعوب شمال أفريقيا. وعلى الشعوب أن تفكر في ضم مصر إلى باقي المغرب العربي، وينتهي الأمر إلى إطلاق هلال شمال أفريقي ديمقراطي، يكون قلب الجنوب المتوسطي ورؤية للعالم العربي، ونجاحا ذكيا لمعنى الشرق الأوسط الكبير.
مصر أخذت الريادة بعد تونس وستعطي لثورتها وهجا إبداعيا ورمزيا أكثر من أي شعب في المنطقة، لأن غرور الوطن في مصر يساوي غرور النظام في المغرب ، والتطور الذي صنعته الثورات الجديدة أن الجزائريين لم يعودوا يفكرون في حرب المغاربة، والمغاربة يستبعدون الحرب مع البوليساريو، والجيش في البلدين يدير الاستقرار وعدم التحول.
إسقاط الفساد قد يؤدي إلى إسقاط النظام كاملا، وإبقاء النظام قد يؤدي إلى إسقاطه كليا. هل المعضلة في شعب يريد التطور، وأنظمة تحارب التغيير نحو الأفضل.
الشعوب العربية قالت بنفس ما قاله أوباما (نعم نستطيع) التونسيون أفردوا بها لافتاتهم، وتحرك الجميع نحو (نصف نجاح) في أمريكا أو في تونس ومصر ! جميعنا نقدر على تغيير أنفسنا، نظامنا، رؤيتنا.
الشيء الوحيد الذي تصاعد في السماء دخاناً هو القاعدة.
قاعدة بن لادن فشلت في تغيير الأنظمة، والشعوب انتصرت الوصفة أتت عبر الشعوب من ثورة بدأت فورة وككرة الثلج انتهت بإسقاط النظام، هل هذه هي الأجواء : الشعوب العربية انتصرت والقاعدة انهزمت. لم أعرف كأي أمريكي أن الديمقراطية ستهب شرقا، ليس الفضل هنا لأوباما. الرئيس ذو الأصول الأفريقية فشل في ساحل العاج، لكنه "ساهم في ميلاد ثورة تونس ومصر". ظهر العرب مختلفين عن الأفارقة، أكثر وعيا وعندما غَلَّبَ القذافي نزوعه الأفريقي على نزوعه العربي كرهه العرب قبل غيرهم ؟!
الشعوب لا تريد أنظمتها إلا إذا تمثلت في البرلمانات، قد تكون نهاية القذافي نهاية النهايات للنظام السلطوي المجنون بعظمته في مقابل من ينظمون ليبيا. وبينهم جميعا من يعظم الديمقراطية
الجزائريون أو المغاربة يستجيبون لأنظمة متشابهة وذات نفوذ من خلال الأمن ولا شيء غيره. الفرصة الأخيرة للرئيس بوتفليقة أن يعيد الجيش إليه، ونفس الشيء معول عليه عند شقيقتها الرباط.
إن الخطيئة الكبرى في العالم العربي : الفساد، والشعب قاد ثورات لإسقاطه وهذا التطور له ما بعده.
وأوباماشخصيايود أن تنجح أمريكا في حوار مركب، مع طالبان رغم أن الأمر بطعم كريه بتعبير كلينتون، ومع الأنظمة، ومع الشباب
لقد نجح بوتفليقة في أن يكون رئيسا كباقي الآخرين الذين يسمعون قرار الجيش، واجتهد محمد السادس في أن يتبع صرامة أبيه الحسن.
بوتفليقة ساهم جدا في أن يتبع محمد السادس طريق الحسن الثاني، لأن الرئيس الجزائري تمنى أن يحكم بلده، والحسن الثاني على قيد الحياة ويصل الرجلان إلى اتفاق شامل.
بوتفليقة يقذف بكل تجربته في مواجهة انتفاضات شعبية في بلده، يعطي ويمنع التجمع الكبير للمظاهرات، الجزائريون والمغاربة لم ينزلوا بكثافة إلى شوارعهم كما نزل المصريون والتونسيون.
أطلق مبارك وبن علي النار على شعبه وفشلا في البقاء لشهور أخرى في الحكم. وقانون اللعبة : أن يهزم الشعب الشرطة ويدخل الجيش الشوارع فيدير مع الشعب الثورة ومن ثم ينتصر الشارع والثورة معاً.
لجنة التعديلات الدستورية في مصر تميل إلى النموذج الأمريكي فهل التحول بهذا الطابع الليبرالي في الشرق الأوسط العربي في مقابل ديمقراطية عبرية منغلقة، نحن نقول نعم ويمكن للجيوش أن يكون دورها محوري في الانتقال بالتجربة من ثورة مرتجلة إلى ثورة تعتمد على مربع : القوة والحق والمؤسسة وروح الشباب، وتقديري أن غرور باقي الأنظمة سيسقط ؟!
ماوراء الحدث عدد 18 ل 4/3/2011 ص 20  جون فنهارت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق