عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 4 مارس 2011

أوبــــامــــــا والملكيـــــــة البرلمانيــة في‮ ‬المغـــــــرب

أوبــــامــــــا والملكيـــــــة البرلمانيــة في‮ ‬المغـــــــرب

في‮ ‬مكالمته لملك البحرين عبَّر أوباما عن رغبته فيما دعاه‮ (‬تغييراً‮ ‬حقيقيا‮) ‬في‮ ‬بلده،‮ ‬فقرر الملك نقل صلاحيات الحوار مع المعارضة إلى ولي‮ ‬عهده‮ "‬الأمير سلمان ومن دون سقف أو محذور‮ ‬ حسب المصدر‮ ‬ وهو لفظ مخفف للفظ الملكية البرلمانية التي‮ ‬قال أوباما أنها‮ "‬التغيير الجوهري‮ ‬في‮ ‬كل الملكيات بسائر المنطقة‮"‬،‮ ‬والإشارة تمس الملكيات الخليجية والتي‮ ‬تدخل في‮ ‬منظومة التعاون الخليجي‮ ‬وجامعة الدول العربية التي‮ ‬اصبح لها دور ضد عنف الانظمة للمحتجين،‮ ‬وهذا‮ ‬يعد سابقة في‮ ‬تاريخ العرب‮ .‬
أوباما في‮ ‬لقاءه بالملك الأردني‮ ‬وفي‮ ‬مكالمته مع ملك البحرين‮ ‬يكشف عن نوايا التحول‮ (‬الحقيقي‮ ‬والجوهري‮) ‬في‮ ‬الأنظمة الملكية بالمنطقة بما فيها المنضوية في‮ ‬منظومة التعاون الخليجي‮.‬
نقل الصلاحيات في‮ ‬الأردن إلى رئيس وزراء أردني‮ (‬من الضفة الشرقية‮) ‬لاحتواء‮ ‬غضب القبائل والخروج من معادلة‮ : ‬الملك أردني‮ ‬ورئيس الحكومة‮ (‬من أصول فلسطينية‮) ‬إلى معادلة أخرى تتم بانتخاب الوزير الأول وينتهي‮ ‬هذا الجدل الداخلي‮ ‬المرير‮. ‬وفي‮ ‬البحرين،‮ ‬أمر ولي‮ ‬العهد الجيش بالابتعاد عن ميدان اللؤلؤة والدخول في‮ ‬مفاوضات مفتوحة مع الفرقاء،‮ ‬وهذا التأكيد الأمريكي‮ ‬على ضرورة‮ (‬الانتقال‮) ‬إلى الملكية البرلمانية أصبح سياسة في‮ ‬البحرين‮ : ‬ملك سني،‮ ‬ورئيس حكومة شيعي‮ ‬منتخب‮ (‬في‮ ‬أغلب الأحوال‮)‬،‮ ‬وتهديد الملك الأردني‮ ‬أن صلاحياته وحدها تمكن الأردنيين شرق الضفة أن‮ ‬يصلوا إلى رئاسة الحكومة،‮ ‬وأن أي‮ ‬إصلاحات ستكون ضد الحكم الأردني‮. ‬هذا التهديد انتهى‮ ‬ كما‮ ‬يقول المصدر الأمريكي‮ - ‬
هذه التهديدات القبلية والطائفية لإبقاء الوضع على ما هو عليه لم تعد مجدية إلى حدٍّ‮ ‬بعيد،‮ ‬في‮ ‬وقت تضغط فيه واشنطن على الملك الأردني،‮ ‬من خلال تصويت أمريكا إلى جانب الاستيطان،‮ ‬مما‮ ‬يعني‮ ‬أن أي‮ ‬موقف إيجابي‮ ‬في‮ ‬مصير الضفة الغربية مرتبط بالتحولات في‮ ‬الأردن‮.‬
وفي‮ ‬البحرين،‮ ‬يمكن السير باتجاه‮ "‬ملكية برلمانية‮" ‬ومساعدة ونجاح الثورة الخضراء في‮ ‬إيران لإيقاف أي‮ ‬تهديد‮ (‬فارسي‮) ‬محتمل ضد المنامة في‮ ‬المستقبل‮.‬
في‮ ‬الكويت‮ ‬يمكن فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء،‮ ‬وفي‮ ‬السعودية‮ ‬يمكن أن تطويق الرياض بنظام ملكي‮ ‬برلماني‮: ‬نظام الإمارة البرلمانية‮ (‬الكويت‮) ‬والإمارة الفيدرالية‮ (‬الإمارات‮) ‬لإقرار التحول المرغوب فيه‮.‬
السعودية تعيش‮ "‬برلمان العائلة الملكية‮" ‬في‮ ‬اختيار الملك وولي‮ ‬العهد والانتقال إلى برلمان شعبي‮ ‬سيقرب الخليجيين من صورة التحول‮.‬

‮ ‬المغرب لا‮ ‬يخرج عن دائرة التغيير الحقيقي‮ ‬المطلوب في‮ ‬الملكيات العربية نحو ملكيات برلمانية في‮ ‬الشرق الأوسط بتعبير الخارجية الأمريكية
تغيير الدستور الحالي‮ ‬وإعلان دستور ديمقراطي‮ ‬ينتهي‮ ‬بانتخاب الوزير الأول مباشرة من الشعب،‮ ‬مطلب المغاربة الداعين للتظاهر،‮ ‬وهذا قد‮ ‬يضع تقسيماً‮ ‬ من خلال دسترة الأمازيغية بين المؤسسة الأولى والثانية‮ ‬ على الأقل في‮ ‬المراحل الأولى قبل تعميق ثقافة المواطنة،‮ ‬وللعلم،‮ ‬تحريك الجانب الإثني‮ ‬والطائفي‮ ‬في‮ ‬كل بلد ملكي‮ ‬شرق أوسطي‮ ‬لن تهزمه سوى الديمقراطية والمزيد منها‮.‬
حركة‮ ‬20 فبراير نادت بدستور ديمقراطي‮ ‬وبدسترة الأمازيغية،‮ ‬من خلال بقاء النظام الملكي،‮ ‬قبل مولاي‮ ‬ادريس أو ما بعده‮. ‬هذا النظام سيكون تحت تقسيم للسلطات مع البرلمان‮ ‬يخدم في‮ ‬جزء منه التحول إلى‮ "‬الملكية البرلمانية‮" ‬انطلاقاً‮ ‬من الأساس المواطناتي‮.‬
إجابة الملك عن سؤال التغيير الحقيقي‮ ‬في‮ ‬المغرب مسألة وقت،‮ ‬لأن الشرارة انطلقت من ملكيات مشابهة له،‮ ‬ومن الطبيعي‮ ‬ألا‮ ‬يصبح المغرب استثناءً‮ ‬عن العالم العربي‮ ‬وإلا عاش تحوله‮ "‬العنيف‮" ‬باتجاه انكفائي،‮ ‬وعازل‮ ‬يسوده‮ "‬الهاجس الإثني‮". ‬فالمغرب عليه أن‮ ‬يختار الطريق العربي‮ ‬في‮ ‬التحول بعد نجاح ثورتي‮ ‬تونس ومصر،‮ ‬أو‮ ‬يعيش الطريق الأفريقي‮ (‬الإثني‮) ‬جنوب الصحراء الكبرى‮.‬
انتماء المغرب لمنطقة الشرق الأوسط الكبير في‮ ‬خدمة أمنه والأمن الإقليمي،‮ ‬ويذهب بعيداً‮ ‬باتجاه النموذج الذي‮ ‬لم تجده بعد الملكيات العربية‮.‬
الحسن الثاني‮ ‬أراد تغيير ملكيته مباشرة بعد سقوط جدار برلين،‮ ‬لأنه عاش بفكرة أن المغرب شجرة جذورها في‮ ‬أفريقيا وفروعها في‮ ‬أوروبا‮. ‬خطة الملك الراحل انتكست لأنها أخذت مرجعاً‮ ‬أوروبيا في‮ ‬التحولات،‮ ‬والمغرب الذي‮ ‬لم‮ ‬يتغير على إيقاع أوروبا الشرقية كما أراد الحسن الثاني‮ ‬يواجه تحولاً‮ ‬آخر مرجعه اليوم إقليمي‮ (‬شمال أفريقي‮) ‬بعد ثورتي‮ ‬مصر وتونس،‮ ‬وافلاس خيار القوة في‮ ‬ليبيا ضد المحتجين،‮ ‬مما‮ ‬يعني‮ ‬معه أن مرجع التحول انسجم مع الجغرافيا السياسية،‮ ‬ومع شراكة الوضع المتقدم‮ (‬أوروبا‮) ‬وروح التبادل التجاري‮ ‬الحر مع‮ (‬أمريكا‮)‬،‮ ‬ومن اعتبارين استراتيجيين‮ : ‬اتفاق الجنرال بناني‮ ‬ وورد‮ (‬مع البنتاغون‮) ‬واتفاقات دفاعية مع فرنسا‮.‬
الملكية البرلمانية لا تجيب عن الهاجس الداخلي‮ ‬فقط بل عن وضع الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬حال تطبيق الحكم الذاتي‮ ‬على الإقليم ليكون المغرب ببرلمانين،‮ ‬ووزيرين أولين منتخبين‮.‬
الحل في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬يهيء طريقاً‮ ‬واحداً‮ ‬لحل واحد هو الملكية البرلمانية‮. ‬فلا‮ ‬يعقل أن‮ ‬ينتخب الصحراويون رئيس حكومتهم،‮ ‬ولا‮ ‬ينتخبه باقي‮ ‬المغاربة في‮ ‬المركز‮. ‬طبيعة الأوضاع الإقليمية انطلاقا من تحولات شمال أفريقيا والعالم العربي‮ ‬بعد ثورتي‮ ‬مصر وتونس،‮ ‬واقتراح المملكة‮ (‬الحكم الذاتي‮) ‬في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮)‬،‮ ‬تسير باتجاه الملكية البرلمانية‮.‬
اليوسفي‮ ‬والديمقراطيون المغاربة جعلوا من الحكم الذاتي‮ ‬في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬بوابة التحول البنيوي‮ ‬نحو الملكية البرلمانية،‮ ‬وحالياً‮ ‬يتعزز هذا المطلب بثورة الشباب‮ (‬العربي‮).‬
ومعلوم،‮ ‬أن تحول الملكيات إلى نظام دستوري‮ ‬وحكومة برلمانية هو الجزء الحقيقي‮ ‬من الحل لأن الجزء الصلب من المشكل‮ : ‬أحزاب لا تؤمِّنُ‮ ‬التحول ولا تقوده،‮ ‬والواقع أن التنظيم الجيد للضغط والرأي‮ ‬العام تحركا بعد ثورة مصر ليتشكل التاريخ بلغة أوباما‮.‬
إعادة تنظيم الملكيات لن‮ ‬يكون خارج منظومة‮ "‬حقوق الإنسان‮"‬،‮ ‬وهذا منطق البورجوازية الكلاسيكية والطبقة المتوسطة،‮ ‬وباقي‮ ‬الشعب‮.‬
قد‮ ‬يكون المعنى الثوري‮ "‬أو الروح‮" ‬جزءا لا‮ ‬يتجزأ من صناعة الخلفية لإنجاح‮ "‬حكومة برلمانية حديثة‮"‬،‮ ‬فالمعادلة تتضمن انتخاب الشعب لحكومته في‮ ‬مقابل سيادة الملك،‮ ‬وفي‮ ‬الأساس‮ : ‬يكون مرجع الجيش‮ : ‬دستور الشعب‮.‬
في‮ ‬ثورة مصر فضل الجيش أن‮ ‬يطوي‮ ‬ثورته‮ (‬1952) ويدعم ويصون ثورة‮ ‬25 يناير‮ ‬2011. لقد ألغى العسكر دستورهم نحو تعديلات جوهرية تحدد المسؤولية الحكومية،‮ ‬كما وتقرر توازنات وحدود‮ "‬السلطة العمومية‮".‬
التغيير نحو الملكية البرلمانية‮ ‬يرمي‮ ‬إلى تحديد السلطات العمومية للملك ونقلها إلى من انتخبه الشعب،‮ ‬وعلى هذا الأساس تكون الملكية البرلمانية بتعبير إدارة أوباما تغييراً‮ ‬حقيقياً‮ ‬والحل الاستراتيجي‮ ‬لأمن الملكيات تقليداً‮ ‬تاريخياً‮ ‬ومسؤولية‮ "‬حكم‮".‬
المغرب‮ ‬يجمع إلى جانب التوتر الإثني‮ ‬من خلال عدم دسترة الأمازيغية والتوتر الإقليمي‮ (‬قضية الصحراء الغربية‮) ‬توتر الحكم مع مولاي‮ ‬هشام،‮ ‬وهذا الثالوث إلى جانب مسار تمثيلي‮ (‬برلماني‮) ‬للشعب‮ ‬يدخل في‮ "‬قلب المعادلة،‮ ‬ويضع الانتقال إلى الملكية البرلمانية مسألة وقت،‮ ‬والتأخير هو الورقة الوحيدة في‮ ‬يد المحافظين والمخزنيين‮.‬
من جهة لا‮ ‬يمكن بغير سيادة الشعب إدارة الوحدة والسيادة على إقليم الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يعطي‮ ‬شعب لا‮ ‬يسود،‮ ‬سلطات الحكم الذاتي‮ ‬الى إقليم معين،‮ ‬أو أننا أمام سيادة شعب في‮ ‬مقابل شعب في‮ ‬دولة واحدة،‮ ‬فالملك إما أنه‮ ‬يسود شعبين في‮ ‬دولة واحدة،‮ ‬أو‮ ‬يدير حكمين في‮ ‬دولة واحدة ولا‮ ‬يمكن أن تكون ملكية برلمانية في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬وتبقى الملكية الحالية في‮ ‬والمركز‮.‬
أوباما‮ ‬يقر التحول نحو الملكية البرلمانية في‮ ‬البحرين لتوتر واحد‮ : ‬هو التوتر الطائفي،‮ ‬فكيف بمملكة المغرب التي‮ ‬تحمل ثالوث التوتر المذكور ؟‮! ‬في‮ ‬المنامة،‮ ‬التحول‮ ‬يحمل رسالة إلى إيران وفي‮ ‬الرباط تحولات شمال إفريقيا‮ ‬يجب أن تجد صداها في‮ ‬المغرب ليتجاوز معضلته في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮). ‬فالملكية البرلمانية تحفظ الملكية ووحدة الوطن،‮ ‬وتسلم الشعب القيادة والسيادة معاً‮.‬

رسالة خطيرة‮ ‬يجب أن تستثمر‮...‬
‮ ‬المغرب‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقبل الملكية البرلمانية ما دامت ضرورة استراتيجية لإدارة ذاتية على الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬من خلال مقترح الحكم الذاتي‮. ‬فدعم المغرب دوليا وأمريكيا لإنجاح مبادرته في‮ ‬الصحراء‮ ‬يهيء مباشرة لملكية برلمانية‮. ‬ولا‮ ‬يمكن إدارة المغرب بحكم ذاتي‮ ‬في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬دون ملكية برلمانية‮.‬

ما حدود تمرين السلطة الملكية ضد الشعب ؟
لا‮ ‬ينكر قارئ العلوم السياسية أن الحكومة البرلمانية من خلال نظام الملكية الدستورية تشكل الرغبة في‮ ‬الاستقرار والحرية والعدل وعندما تستخدم الإنجليزية لفظ‮ ‬Desire of نكون أمام مطمح‮ ‬غريزي‮ ‬للدفاع عن هذا الثالوث وليس الرغبة فقط في‮ ‬ترسيخ القيم المذكورة ؛ فالمسألة تتعلق بالتراث الملكي‮ ‬في‮ ‬المغرب في‮ ‬مقابل التراث الأميري‮ ‬الذي‮ ‬استخدمه الأمريكيون أخيراً‮ ‬في‮ ‬الخليج‮. ‬وكيف لأوباما أن‮ ‬يقبل بتحول التراث الأميري‮ ‬إلى حكومة برلمانية أو ملكية برلمانية في‮ ‬البحرين،‮ ‬ولا‮ ‬يدعم تحول التراث الملكي‮ ‬إلى ملكية برلمانية في‮ ‬الأردن والمغرب والسعودية‮.‬
العصب الأول في‮ ‬أي‮ ‬تحرك‮ ‬يشمل‮ :‬
1 العمل على دولة القانون والمؤسسات،‮ ‬والحفاظ على المؤسسة الملكية جزء لا‮ ‬يتجزأ من خطة الحركة‮ (‬الشعبية‮) ‬بعد‮ ‬20 فبراير‮.‬
2 أن الانتقال الديمقراطي‮ ‬لم‮ ‬يعد قراراً‮ ‬فوقيا بل تحتيا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬يتحول بحكم الوضع الجديد إلى‮ "‬مسار‮" ‬يقرره الشعب‮.‬
3 أن تأمين الانتقال السلس والمنظم للسلطة جزء من سياسة أمريكا اتجاه المنطقة‮.‬
4 أن دسترة موقع الملك في‮ ‬الملكية الجديدة نتيجة طبيعية لتغيير الدستور،‮ ‬وليس لشيء آخر‮.‬
5 أن أمريكا تؤمن في‮ ‬هذه التحولات بالشرعية الشعبية التي‮ ‬نزلت إلى الشارع،‮ ‬وسقطت معها كل الشرعيات الأخرى‮.‬
6 أن تمرين السلطة الملكية‮ ‬Royal Authority ليس خارج الأعراف الدولية وحقوق الإنسان،‮ ‬وهذا ما جزم به أوباما في‮ ‬مكالمته مع ملك البحرين،‮ ‬حيث ذكر بهذه النقطة‮ ‬ وبالحرف‮ ‬
7 أن واجب الملك الأول حفظ أرواح شعبه،‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن حقوق الشعب على الملك تسبق في‮ ‬التصور الدستوري‮ ‬حقوق الملك عند الشعب،‮ ‬لذلك فتغيير الدساتير في‮ ‬نطاق ملكيات الشرق الأوسط‮ ‬يسبق أي‮ ‬مطلب آخر‮.‬
الشرعية الدستورية للشعب تسبق قرار الملك والحوار الوطني‮ ‬يسبق الدعوة لأي‮ ‬استقرار،‮ ‬والتغيير الحقيقي‮ ‬مطلب التاريخ في‮ ‬المنطقة‮ ‬ كما هي‮ ‬قناعة أوباما‮ ‬
الحرية بهذا المعنى‮ "‬هي‮ ‬المسار الشرعي‮ ‬والمقدس‮"‬،‮ ‬لن نقول ما‮ ‬يقوله‮ "‬هنري‮ ‬مين‮" ‬H. Maine ‮ ‬بل‮  ‬نقول الحرية‮ "‬جوهر لكل الأنظمة الدستورية‮".‬
دعوة‮ ‬20 فبراير إلى دستور ديمقراطي‮ ‬يمس تحديد السلطات ومجالاتها بما فيها سلطات الملك،‮ ‬ويكون على ذلك النظام الدستوري‮ ‬سابقاً‮ ‬لكل سلطة أخرى مهما كان نوعها‮.‬
خيار الملكية البرلمانية تسارع في‮ ‬البحرين،‮ ‬ويتواحد بمنتصف الطريق في‮ ‬الأردن وفي‮ ‬بدايات العمل الشبابي‮ ‬في‮ ‬المغرب،‮ ‬لأن العملية في‮ ‬الرباط متحكم فيها‮. ‬والزخم الشعبي‮ ‬أساس أي‮ ‬تحرك‮. ‬المطالب العامة موجهة إلى الملك في‮ ‬شأن الدستور الديمقراطي،‮ ‬والحرب على الفساد،‮ ‬في‮ ‬وقت أبقت الحكومة دعمها للمواد الأساسية،‮ ‬وحلت مشكل الدكاترة المعطلين‮... ‬وهذا التنفيس‮ ‬يدار على أسس‮ "‬عملياتية وميدانية‮".‬
هذه السياسة تؤخر خيار الملكية البرلمانية في‮ ‬المغرب،‮ ‬لأن الشباب‮ ‬يتصاهر تدريجيا مع المطالب السياسية،‮ ‬والقصر من جهته لم‮ ‬يمس حكومة عباس الفاسي‮ ‬لتتحمل المسؤولية عن أخطاء المرحلة بما فيها نتائج أي‮ ‬قمع اضطرت إليه الأجهزة الأمنية‮.‬
إقالة حكومة عباس الفاسي‮ ‬على الطاولة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن إنفاذها إلا بعد أخطاء ضد المتظاهرين‮ ‬يتوجب معها إقرار حكومة جديدة‮.‬
عباس الفاسي‮ ‬درع القصر،‮ ‬كما أن أحزاب الأغلبية الحكومية اتجهت إلى خطاب إصلاحي‮ ‬يشوش على مطالب الشباب،‮ ‬كما‮ ‬يجعل الشبيبات تحت رقابة الأجهزة القيادية للحزب‮ (‬حزب العدالة والتنمية‮) ‬مثالاً‮.‬
الشبيبات‮ ‬غير الحزبية وحدها الكفيلة بإعطاء طعم ولون لأي‮ ‬مطالب،‮ ‬كما أن عدم قيادة الشباب لحركات مفتوحة وشعبية أكثر تنظيما لا‮ ‬يمكنها من الوصول إلى أهداف عامة‮ ‬يتمناها الشعب‮.‬
القراءة الأمريكية لملكية برلمانية في‮ ‬المغرب
أولاً،‮ ‬هناك‮ "‬معنى إقليميا للإصلاح بعد ثورتي‮ ‬تونس ومصر،‮ ‬ومحاولة فرض المسؤولين المحليين أي‮ ‬نظام للاستثناء على الدولة قد‮ ‬يحرم المغرب من المحيط الذي‮ ‬ينتمي‮ ‬له‮.‬
ثانيا،‮ ‬أن ما حدث في‮ ‬مملكة البحرين سَرَّعَ‮ ‬في‮ ‬طرح الملكية البرلمانية لتتوازن سلطات الملك‮ (‬السني‮) ‬والبرلمان الذي‮ ‬لحركة‮ - ‬الوفاق‮ - ‬الشيعية فيه ما‮ ‬يقارب نصف المقاعد‮.‬
الملكية البرلمانية قد تكون حلا للبحرين والأردن والمغرب،‮ ‬ويستفيد الأخير من التعددية وبعض الحريات كبارشوك‮ ‬يؤخِّرُ‮ ‬المطالبة بهذا الخيار في‮ ‬المملكة الأقصى‮.‬
حركة الشارع البحريني‮ ‬تزامن مع‮  ‬حركة الشارع الإيراني،‮ ‬لأن من المهم أن تنجح الثورتان في‮ ‬نظر الأمريكيين‮. ‬والأكيد أن نجاح الثورة الخضراء هو نجاح للتي‮ ‬في‮ ‬المنامة،‮ ‬وللبحرينيين فرصة أن‮ ‬يفكوا الارتباط مع ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬طهران،‮ ‬وهذه قناعة ولي‮ ‬العهد الذي‮ ‬أمر الجيش والشرطة بالانسحاب من ميدان اللؤلؤة،‮ ‬ومباشرة كل الأجندة التي‮ ‬توافق الملك وأوباما عليها في‮ ‬مكالمة مطولة سلمت زمام المبادرة لولي‮ ‬العهد‮.‬
خيار التغيير في‮ ‬البحرين والسعودية ممكن وغير مخيف‮ ‬ في‮ ‬نظر بعض الخبراء‮ ‬ لتواجد‮ "‬ولي‮ ‬العهد‮" ‬مفاوضاً‮ ‬في‮ ‬البلدين وهذه المؤسسة‮ ‬يمكن أن تدعم خطة أوباما‮. ‬الأمير سلمان في‮ ‬البحرين أوقف تدخل الجيش‮ "‬العنيف‮" ‬في‮ ‬اللؤلؤة،‮ ‬بأمر أمريكي‮ ‬مباشر،‮ ‬ويدور الحوار على‮ (‬أن الأردن والمغرب لا تزال فيه مؤسسة ولاية العهد تحت ضغط الصغر‮) ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يدير رئيس الحكومة الإصلاحات في‮ ‬الأردن،‮ ‬كما‮ ‬ينجح ولي‮ ‬العهد في‮ ‬البحرين‮.‬
من‮ ‬يضمن أن تكون خطوات بلد معين نحو الملكية البرلمانية ؟
سؤال استراتيجي‮ ‬في‮ ‬إصلاحات الشرق الأوسط‮ "‬الملكي‮" ‬في‮ ‬مقابل‮ "‬الجمهوري‮" ‬الذي‮ ‬وجد في‮ ‬ثورة مصر‮ (‬وقبلها تونس‮) ‬خارطة التحول والتغيير الديمقراطي‮.‬
أمريكا تخاطب مؤسسة ولاية العهد لتحتوي‮ "‬مطالب الشارع‮" ‬وتدير حواراً‮ ‬وطنيا حول الإصلاح‮. ‬وفي‮ ‬هذه الحالة السعودية أقرب في‮ ‬التحول‮ (‬الجذري‮) ‬من المغرب والبحرين أقرب من الأردن‮.‬
الملك الجديد في‮ ‬السعودية لن‮ ‬يكون أقل من إصلاحات عبد الله،‮ ‬وولي‮ ‬عهد البحرين‮ (‬جوكير‮) ‬المرحلة لإدارة تحولات كبرى على صعيد‮ "‬باقي‮ ‬الملكيات‮".‬
البنتاغون خاطب مباشرة ولي‮ ‬العهد البحريني‮ ‬ودعمه من أجل‮ "‬خطة وطنية‮" ‬للإصلاح تكون‮ "‬ثورة إصلاحية‮" ‬في‮ ‬باقي‮ ‬الملكيات وسيراً‮ ‬إلى‮ "‬الملكية البرلمانية‮".‬
تقول إحدى الوثائق‮ : ‬دعم أمريكا لتحول البحرين إلى ملكية هو نصف الطريق لانتقالها إلى ملكية برلمانية‮ ‬يكون فيها الملك سنيا ويكون رئيس الوزراء شيعيا‮. ‬إنه درس العراق في‮ ‬تقسيم السلطات‮.‬
وإحراج باقي‮ ‬الملكيات متمثل في‮ ‬خطط‮ "‬محتملة‮" ‬لتقسيم السلطات وليس فصلها،‮ ‬فالتقسيم على أساس طائفي‮ ‬أو إثني‮ ‬أو لعامل آخر،‮ ‬يخرِّب مسار التحول إلى ملكية برلمانية‮. ‬كما وأن تقسيم السلطات وليس فصل السلطات خطر على الديمقراطيات الوطنية،‮ ‬وستكون هذه الأجواء مدعاة لانقلابات عسكرية تنتهي‮ ‬بها الملكيات إلى جمهوريات‮. ‬إدارة الجيش للفترات الانتقالية في‮ ‬الجمهوريات في‮ ‬مقابل مؤسسة ولاية العهد في‮ ‬الملكيات إما‮ ‬يفرض صراعاً‮ ‬بين المواقع في‮ ‬المؤسسة الملكية الواحدة لإدارة التحول تظهر الأمير هشام في‮ ‬المغرب،‮ ‬أو أنها تعمل على‮ "‬تحالفات سرية‮" ‬لإعادة إنتاج مؤسسة ولاية العهد في‮ ‬الأردن والمغرب،‮ ‬والتعامل الأمريكي‮ ‬مباشرة مع أولياء العهد في‮ ‬البحرين والسعودية‮.‬
الرباط تديره حكومة أغلبية استقرت قبل وفاة الحسن الثاني‮ ‬ولا تزال تتناوب على منصب الوزير الأول‮.‬
ضمان الملك المغربي‮ ‬لتناوب جديد من خلال صناديق الاقتراع في‮ ‬2012 يؤخر الإصلاحات إلى الحكومة الجديدة،‮ ‬ويمكن في‮ ‬أي‮ ‬حالة من عزل حكومة عباس والمجيء بحكومة أخرى،‮ ‬وهذا لن‮ ‬يؤثر في‮ ‬أمن المملكة‮.‬
الخطر‮ ‬ عند بعض المراقبين‮ ‬ أن‮ ‬يتدخل الأمريكيون في‮ ‬تنظيم الانتقال عبر ولاية العهد،‮ ‬وربما‮ ‬يتمكنون من إعادة إنتاجها بما‮ ‬يوافق مصالحهم،‮ ‬والمهم أن في‮ ‬هذه الحالة‮ : ‬يكون الزخم الشعبي‮ ‬هو الكفيل بإنجاح التغيير،‮ ‬والدرجة التي‮ ‬تمكن الجيش من التدخل،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن تعمل واشنطن من خارج الجيش‮.‬
البحرين استدعت جيشها،‮ ‬فتدخلت أمريكا لإدارة الوضع من خلال ولي‮ ‬العهد،‮ ‬والأردن لم‮ ‬يرغب في‮ ‬استدعاء الجيش،‮ ‬لأن استراتيجية الأمريكيين قد تدير عملية نقل للسلطات من داخل العائلة الملكية الواحدة بما‮ ‬يناسب مصالحها بعد ثورة مصر تحديداً‮.‬
ومصر ما بعد‮ ‬25 يناير‮ ‬غيرت وجه المنطقة،‮ ‬والإحداثيات الملكية في‮ ‬العالم العربي‮ "‬وجب‮" ‬تغييرها أيضا‮.‬
من‮ ‬يرغب في‮ ‬المساس بمؤسسة ولاية العهد أو‮ ‬يحاول ملئها‮ ‬يقرر إصلاحات جذرية في‮ ‬الملكيات العربية الحالية‮.‬
هذا الجزء من خطة العمل‮ (‬خطير‮) ‬ويحسم ما سيكون عليه الوضع في‮ ‬السعودية،‮ ‬وستكون أي‮ ‬ثورة إصلاحية في‮ ‬السعودية ثورة في‮ ‬باقي‮ ‬النظام الملكي‮ ‬العربي،‮ ‬كما أن سقوط الملكية في‮ ‬السعودية إسقاط لها في‮ ‬باقي‮ ‬الأقطار العربية‮.‬
التوجهات البرلمانية للملكية خيار التغيير الأول والأخير في‮ ‬المربع الملكي‮ : ‬السعودية،‮ ‬البحرين،‮ ‬الأردن،‮ ‬المغرب،‮ ‬و‮ "‬الاستثناء‮" ‬السعودي‮ ‬بدأ‮ ‬يتحلل كما أن الاستثناء المغربي‮ ‬لن‮ ‬يدوم كثيراً،‮ ‬والأردن في‮ ‬استثناءه سينتهي‮ ‬مع اختبار البحرين‮.‬
قاعدة العمل الأولى‮ : ‬أن الجيش في‮ ‬البحرين تراجع بعد ضغط أمريكا عبر قناة ولي‮ ‬العهد ونتساءل كيف‮ ‬يتراجع في‮ ‬مناطق أخرى إن لم‮ ‬يكن بعناوين ملكية ؟
قاعدة العمل الثانية‮ : ‬أن البحث عن أمراء في‮ ‬صالح‮ "‬التغييرات والإصلاحات‮" ‬التي‮ ‬يرغب الشعب فيها،‮ ‬ودعم علاقاتهم مع الجيوش،‮ ‬سبيلان لإنجاح‮ "‬ثورات تغيير‮" ‬نحو الملكية البرلمانية‮.‬
قاعدة العمل الثالثة،‮ ‬أن من الضروري‮ ‬إدارة الخلافات بين الأسرة الملكية الواحدة،‮ ‬لتسهيل التنازلات‮.‬
شباب المغرب رفض الدستور الحالي‮ ‬الذي‮ ‬يسلم سلطات واسعة للملك،‮ ‬وإلى الآن‮ ‬يريد إعادة توزيعها بما‮ ‬يناسب دمقرطة الدستور،‮ ‬فالتوجهات الجديدة نحو إسقاط النظام‮ ‬ في‮ ‬الجمهوريات‮ ‬ أو إسقاط الدستور‮ ‬ في‮ ‬الملكيات‮ ‬ ينتهي‮ ‬بإسقاط الوضع الحالي‮ ‬وإدارة مرحلة انتقال سلس،‮ ‬سلمي‮ ‬ومنظم‮.‬
إن الشعب لم‮ ‬يتحدث بعد وإن تحرك في‮ ‬كل الملكيات العربية،‮ ‬وكل ما هو معد‮ ‬ينتظر هذه الحركة القوية والزخم لإنجاح التحول إلى وضع جديد‮.‬
و‮ ‬الخطير‮ ... ‬
‮ ‬في‮ ‬ظل احتمال عودة الملكية إلى ليبيا،‮ ‬سيكون خيار الملكية البرلمانية سقفاً‮ ‬لكل الملكيات‮. ‬و المخيف أن‮ ‬يسقط فصل السلطات في‮ ‬محاولة تقسيمها،‮ ‬ملك علوي‮ ‬عربي،‮ ‬ووزير أول أمازيغي‮ ‬باسم الأغلبية في‮ ‬المغرب،‮ ‬وملك من شرق الضفة ووزير أول أصول فلسطنية في‮ ‬الأردن،‮ ‬وملك سني‮ ‬ووزير أول شيعي‮   ‬في‮ ‬البحرين‮ ... ‬لذلك فالمعنى المواطناتي،‮ ‬وروح المواطنة هو عقل الثورة التي‮ ‬يجب أن تكون بشكل سلمياً‮ ‬باتجاه ترسيخ ديمقراطية‮  ‬حقيقية‮ . ‬
عبد الحميد العوني عدد 17 ل 25/2/11   جريدة ماوراء الحدث


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق