عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 مارس 2011

الخطورة في المغرب أن تنزل لجنة المنوني عن سقوف الملك في مناورة مكشوفة أو أن يكون النظام صحيحا والمجتمع مريضاً


في جلسة مغلقة حضرتها كلينتون، ونصَّت في بعض جوانبها على التطورات في شمال أفريقيا، ظهرت تعليقات تنقل مخاوف واشنطن :
أولها، أن القذافي إن أعاد السيطرة على ليبيا سيفكر في تفعيل برنامجه النووي، وهو ما يشكل خطراً يتطلب تدخل أمريكا إن أمكن، لكن أوباما يريد تغطية إقليمية عبر جامعة الدول العربية، ودولية من خلال مجلس الأمن لإقرار مثل هذا التدخل.
القذافي اتهم الغرب بخيانته، ويمكن أن يفكر في الانتقام. وفرنسا تحذر.
ثانيهما، أن بوتفليقة برغماتي جدا عندما قرر رفع قانون الطوارئ رغم سعي الجيش للقضاء على الإرهاب، وتعتبر تطمينات الحرب على الإرهاب كافية، لكن الإصلاحات لم تستجب لمطالب شعب الجزائر.
ثالثهما، الخوف في المغرب من انكشاف الخطاب الذكي للملك، والتباس العمل بإمارة المؤمنين، وأن يكون النظامفي حقيقة الوضعصحيحاً والمجتمع مريضاً.
خارطة الشمال الأفريقي تثير القلق من حجم المناورة في المغرب والجزائر، والمغامرة الدموية للقذافي، فبوتفليقة أدرك أن بلده هو الثالث بعد تونس ومصر، وكانت مطالب المحتجين بداية : إسقاط قانون الطوارئ، وهو ما قرره الجزائريون جميعا، لأن القرار. لم يكن رئاسياً بل برلمانيا أيضا.
حالياً في المغرب خمس خرافات كشفتها الأحداث الأخيرة، فبعد الخرافات الخمس التي كتبها الباحث لورينزو فيدينو في الواشنطن بوست حول الإخوان المسلمين لاحظنا :
1 – أن أول حليف لنظام محمد السادس هم الإخوان المسلمون والذين استقالوا من التنظيم الدولي، وقبل أن يقرر الملك أي إصلاحات رفضوا الخروج إلى الشارع. قد يكون هناك تقسيم أدوار بين الرميد وبنكيران، وقد يكون انقساماً، فالرميد اختار توجهات القرضاوي، وجماعة الإخوان، والآخرون فضلوا الملكية المطلقة لمحمد السادس.
2 – أن حزب العدالة والتنمية قادر على حكم المغرب في دائرة الاستثناء إلى جانب الملك.
3 – أن حزب العدالة والتنمية لم يعد يخيف النظام ولا الغرب. وسقطتبذلك - خرافة أخرى.
4 – أن وحدة الحزب الإسلامي قائمة على صفقة مع الأمن بعدم السماح لحزب إسلامي ثانٍ في المغرب، وقد حلَّت حكومة عباس الفاسي حزب البديل الحضاري ولم تقبل ترخيص حزب الأمة، كما ترددت في ترخيص حزب العدل  والإحسان.
الأمن يكافئ بنكيران بعدم الترخيص لأي حزب إسلامي آخر في المملكة.
5 – حرب حزب الأصالة والمعاصرة على حزب بنكيران دفع الأخير إلى التشبث بالنظام.
حاليا حدث اضطراب عندما ندرك أن أي فوز لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات القادمة سيكون اتهاما مبطنا للدولة بدعم (الإسلاميين).
إذن أسطورة اكتساح الإسلاميين انتهت في المغرب، وبالتالي لاحظنا :
أن احتواء الإسلاميين جزء من استراتيجية مقاومة الثورات في الشارع. الإسلاميون المغاربة خسروا أمام شباب معظمه من مشارب يسارية بمطالب ليبرالية، 
أن الشباب إلى جانب الجيش لا يزال شيئا (وهميا) في ساحات الرباط والدار البيضاء
أن الانطلاق من مدن العمق المغربي كما فعل التوانسة أو أحياء القاهرة الفقيرة لم ينضج في المملكة.
أن الحياد سيد الموقف الأمريكي اتجاه التظاهرات في المغرب، في مقابل عدم استخدام القوة ضد المحتجين.
أن الحكومة المغربية "مثقلة" ولا يريد التكنوقراط أخذ مكان عباس الفاسي.
الوجه الآخر في اللعبة المغربية متمثل في :
1 – أن النظام يريد إصلاحات، والملك يسابق مناورة أحزاب تشاركه في الحكومة، فتنكر أمامه ما تصرح به لقواعدها، فانفصام الشخصية الحزبية خطر على أمن اللعبة، لأن من الواضح أن يُغري القصر باقي الأحزاب، ومن كون النضال داخل النظام أقوى من النضال من خارج المؤسسات.
الملك يرغب في أن ينتصر على الهوامش، لأن اللعبة التي أطلق صفارتها الحسن الثاني لا تزال تشتغل إلى الآن.
2 – القصر يرغب في المبادرة، ولا يجب أن يفقدها، ولذلك اعتبرت التقارير أن محمد السادس وقابوس نهجا نفس الخطوات في بلدين عرفتا قتيلا في كل منهما، مما يجعل الملك المغرب سلطاناً آخر.
وحسب نفس المصدر فإن المغرب قد يعرف تعديلاً حكوميا لا يمس عباس الفاسي.
3 – أن الحكومة المغربية جزء من استقرار يحمي تعديل الدستور، بما يناسب التوجه إلى لعبة أخرى، وليس فصلا آخر منها.
وهذه اللعبة الجديدة لن تكون سوى هذا الفصل. فالفرصة الثورية دائما تاريخية، والقدر أن تكون الشروط في خدمة الأهداف التي قررها خطاب 9 مارس.
الملك يقترح أم يقرر ؟ هذه الجلسة علقت على الخطاب بقولها (ذكي بالنسبة لشعبه). ويضع فرصة أن تكون اللجنة تحت "مطالب الملك وفي تنسيق مع الأحزاب".
المغرب قد يواجه معضلة أن يكون النظام قابلا للتصحيح وأن يكون الشعب يريد لكن دون تصريح.
إنه يراقب الوضع في مصر وتونس أكثر مما يراقبه على صعيد التراب. فهل تتحول الثورة المغربية إلى ثورة مخملية، إن تراجع الملك عن وعوده أو تراجعت لجنته عن السقوف التي وضعها خطاب 9 مارس.
الخطوة التي يراقبها الجميع، لماذا يسعى النظام إلى ربح الوقت. وهذا المعطى تؤكده الجلسة، لكن بأي اتجاه ؟
الجزائر والمغرب متماثلان في خطواتهما، وبرغماتية نظامهما، حيث نشاهد كيف يجهض بوتفليقة التظاهرات على نفس ما تقوم به الرباط. إنه احتواء للشارع وللتظاهرات التي يواجهها النظامان بقسوة.
المناورة قد لا تذهب إلى تغيير جوهري في دستور الجزائر والمغرب، فالجيش في البلدين في خدمة نفس الأجندة (الإصلاحية). الجيش في خدمة الثوار لإسقاط العائلتين الحاكمتين في مصر وتونس. وفي خدمة العائلتين كما يظهر في الجزائر والمغرب في انتظار تورط كبير للشرطة. فالتظاهرات لم تتجاوز سقف الأمن لاستدعاء الجيش في العاصمة الرباط والجزائر.
الجيش لا يزال بلا موقف، ودخوله سيقلب المعادلة، فالرباط خائفة من الجيش وبوتفليقة خائف من الجيش، وهنا يظهر أن المستقبل أكثر غموضاً بين الشارع وموقف الجيش منه، وهما القادران عمليا على إعادة إنتاج معادلة السلطة.

ماوراء الحدث ص 11 عدد 20 ل 18/3/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق