عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 18 مارس 2011

ملكية متقدمة لجهوية متقدمة وبدء سقوط الهمة " كذبة" الدولة ؟


الهمة لا‮ ‬يمارس خداع الدولة بل‮ ‬يشكل كذبتها في‮ ‬المرحلة‮ ‬mensonge de l'Etat كما‮ ‬يؤطر حقيقة النظام ومناورة الدولة معاً‮ ‬في‮ ‬جانب آخر‮.‬
بعد‮ ‬20 فبراير طلب الهمة شخصياً‮ ‬أن‮ ‬يسرِّب لقاءين في‮ ‬البام‮ : ‬عقد المجلس الوطني‮ ‬في‮ ‬نهاية شهر مارس،‮ ‬والخروج‮ ‬ نهائيا من منطق التوافق والاعتماد المطلق على صناديق الاقتراع فيما‮ ‬يسميه إعادة ترتيب البيت الداخلي‮.‬
يقول المصدر‮ (‬الحزب‮ ‬يذهب باتجاه من‮ ‬يرغب في‮ ‬استمرار الملكية الثانية‮  ‬و الوضع الحالي‮ ‬من خلال امتصاص الحداثيين في‮ ‬مقابل بنكيران الذي‮ ‬يرغب في‮ ‬نفس الاستمرارية من خلال منطق ديني‮ ‬محافظ‮)‬،‮ ‬فصراع بنكيران والهمة صراع بين منطق محافظ و(تحديثي‮) ‬تحت سقف الملكية الحالية باصلاحات محددة‮ .‬
ومن‮ ‬غريب الصدف أن تكون حركة‮ ‬20 ‮ ‬فبراير‮ ‬2011 بعد سنتين من المؤتمر الأول‮ ‬يوم‮ ‬20 ‮ ‬فبراير‮ ‬2009 التي‮ ‬تذكر بالمؤتمر الأول لحزب البام ؟‮!‬
20 فبراير تاريخ شيفري‮ (‬كودي‮) ‬لشخص الهمة‮ ! ‬وهناك‮ ‬ كما هو معلوم‮ ‬ من أراد تدجين هذه الحركة الشبابية منذ انطلاقتها،‮ ‬فالهمة أدار صراع العيون‮ (‬عبر مخيم أكديم إزيك‮) ‬لمحاصرة انفصاليي‮ ‬الداخل،‮ ‬كي‮ ‬لا تكون لهم المبادرة والمفاجأة التي‮ ‬تخشاها كل دولة،‮ ‬وحاول أن‮ ‬يدفع لـ‮ ‬20 فبراير للتمكن من معرفة حدودها وأشخاصها حتى لا تكون مفاجأة بدورها للنظام‮.‬
ولهذا لاحظنا كيف تقدمت من داخل حركة‮ ‬20 فبراير استقالات قبل الخروج إلى الشارع تكشف الاختراق الذي‮ ‬تجاوزه المخلصون في‮ ‬صفوف‮ ‬20 فبراير‮ ‬ رغم المضايقات والاعتقالات والمناورات‮ ‬ ليصنعوا تحدياً‮ ‬ووضعاً‮ ‬جديداً‮ ‬نقل مطلب الملكية البرلمانية من أحزاب اليسار إلى الشارع‮.‬
محاصرة حركة‮ ‬20 فبراير إحدى أهداف الدولة بين ما‮ ‬يدعى الاحتواء الأمني‮ ‬والقانوني‮ ‬وإن فشل ننتقل إلى الاحتواء السياسي‮.‬
الهمة‮ ‬يباشر الإجراءات بنفسه،‮ ‬من منطلق أمني‮ ‬حيث من الضروري‮ ‬حسب الخطة‮ "‬تقزيم عمل الشارع ومطالبه‮" ‬بما‮ ‬يجعل الجيل الجديد من الإصلاحات التي‮ ‬سينادي‮ ‬بها الملك‮  ‬في‮ ‬مستوى‮ "‬التطلع الشبيبي‮".‬
وهذه اللعبة أساسها‮ "‬العمل على ما‮ ‬يدعيه ديمقراطية طبيعية تجعل‮ (‬مقام الملك‮) ‬تحكيمياً‮ ‬من خلال عدم التعاقد مجدداً‮ ‬مع كتلة أو أحزاب معينة،‮ ‬بل‮ ‬يحتكم فيها الشعب المغربي‮ ‬إلى صناديق الاقتراع‮. ‬وهكذا‮ ‬يدخل المغرب في‮ ‬ديمقراطية برلمانية‮ (‬عرفية‮) ‬و بدستور جديد‮.‬
إن‮ "‬الديمقراطية الطبيعية‮" ‬بهذا المفهوم تركز على إصلاحات‮ ‬يقرها البرلمان تحت السقوف الحالية،‮ ‬وعدم تدخل الملك لإسقاط حكومة لا‮ ‬يرضى عليها الشعب تؤكد أن على الشعب أن‮ ‬يذهب إلى الصناديق لإسقاطها‮.‬
اعتبار الفصول التي‮ ‬تمنح سلطات مطلقة للملك موقوفة التنفيذ خطة في‮ ‬حد ذاتها لإبراز العمل البرلماني‮ ‬في‮ ‬مقابل عمل الملك،‮ ‬لكن‮ ‬يبقى للملك‮ "‬الحق الاستثنائي‮" ‬في‮ ‬حالة الضرورة لإعمال الفصول‮ (‬الميتة‮).‬
الملك ليس من حقه أن‮ ‬يسقط حكومة أتت عبر الصناديق ولا أن‮ ‬يتعاقد مع أحزاب بعينها دون أخرى‮.‬
إن اللعبة الجديدة تحاول أن تصور بعض فصول الدستور‮ (‬ميتة‮) ‬فهل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقتنع الشعب بالدخول في‮ ‬ديمقراطية عرفية وتحولها الى دستور جديد‮ ‬
المشاريع والوثائق جعلت الهوية والبرنامج من اختصاص الهمة ليكون‮ (‬حزب الدولة‮) ‬بمواصفات ما بعد‮ ‬20 فبراير،‮ ‬خصوصاً‮ ‬بعد أن أصدر تعليماته بالمداومة في‮ ‬مقرات الحزب لمتابعة مسيرات‮ ‬20 فبراير ؟‮! ‬ليكون إلى جانب الأجهزة‮ (‬متابعاً‮ ‬ومدققاً‮ ‬في‮ ‬كل ما‮ ‬يجري‮ ‬داخل المدن‮)‬،‮ ‬فالهمة لا‮ ‬يتابع الحركة‮ ‬ من خلال التقارير الأمنية‮ ‬ بل ومن تقارير أخرى‮.‬
مصطفى التراب الذي‮ ‬لا‮ ‬يرغب في‮ ‬أي‮ ‬مواجهة مع علي‮ ‬الهمة فضل التكذيب الفوري‮ ‬لما نشرته جريدة المساء عن وجود صفقات وهمية بين شركة الهمة‮ (‬ميناميديا‮) ‬والمكتب الشريف للفوسفاط‮ ‬،‮ ‬و نشر بيان الحقيقة فوراً‮ ‬ على‮ ‬غير العادة وبشكل استثنائي‮ ‬ على صدر الصفحة الأولى‮.  ‬قبل الضوء الاخضر لنشر والوثائق لأن‮  ‬الخط الأحمر هو خلط المال والسلطة،‮ ‬فالملك‮ ‬يدير ثروته باتجاه جديد،‮ ‬مقنن،‮ ‬وغير احتكاري‮ ‬كما‮ ‬يقول عيوش،‮ ‬وعلى صديق الملك أن‮ ‬يتبع الملك ولا‮ ‬يجمع إلى جانب الحزب‮ (‬ميناميديا‮) ‬باقي‮ ‬شركاته،‮ ‬ولا‮ ‬يعقل أن‮ ‬يتم تقليص نفوذ الماجيدي‮ (‬ماليا‮) ‬دون المساس بالهمة ؟‮! ‬والمخيف أن‮ ‬يتجه إلى تمويل صناديق سوداء للوصول إلى صناديق الاقتراع‮.‬
الاستقلاليون‮  ‬رشحوا‮  ‬الهمة بديلاً‮ ‬عن الماجيدي‮ ‬لإدارة ثروة الملك،‮ ‬من خلال إعادة الهيكلة المالية والاستثمارية لهذا الهولدينغ‮ ‬دون أن‮ ‬يمس بالأرباح والشيء الوحيد الذي‮ ‬أكده التراب لأصدقائه‮ : ‬لن أفرط في‮ ‬علاقتي‮ ‬بالهمة بعد إشاعة تعيينه وزيراً‮ ‬أولاً‮ ‬وهو ما طرأ بعد‮ ‬20 فبراير واستمرار نفس سياسة الدولة‮.‬
التراب لم‮ ‬يرغب أن تسوء علاقته مع الهمة،‮ ‬لأنه‮ ‬يعرف مدى تأثيره على القرار‮ (‬إن لم نقل صناعته‮)‬،‮ ‬وأتى تكذيب المكتب الشريف للفوسفاط إشارة لوقف أي‮ ‬تصدي‮ ‬أو كشف إعلامي‮ ‬لباقي‮ ‬ثروة أو أخطبوط علي‮ ‬الهمة المالي،‮ ‬ليستمر الوضع على ما هو عليه‮.‬
أولاً،‮ ‬لأن الهمة رفض أن‮ ‬يكون عراب التكنوقراط خارج الأحزاب بعد تأسيس حزبه‮.‬
ثانيا،‮ ‬أن حركة‮ ‬20 فبراير لم تكن بالقوة التي‮ ‬تسقط الحكومة،‮ ‬وتستدعي‮ ‬تدخل الملك،‮ ‬وأن إدارة الوضع الجديد في‮ ‬ظل حكومة تكنوقراط لن‮ ‬يكون مخالفاً‮ ‬في‮ ‬شيء للحكومة الحالية‮.‬
ثالثا،‮ ‬الخوف من راديكالية‮ "‬إضافية‮" ‬في‮ ‬مطالب الأحزاب إن سقطت المعادلة الحالية‮.‬
رابعا،‮ ‬أن الأحزاب تريد ثمناً‮ ‬لعدم نزولها إلى الشارع‮.‬
خامساً،‮ ‬أن حركة الشباب لا تخرج عن الاحتكام إلى الملك،‮ ‬وأن مطالبها على العموم نحو‮ "‬ملكية برلمانية‮" ‬يمكن أن تبدأ‮ (‬عرفية‮) ‬قبل دسترتها‮.‬
سادساً،‮ ‬أن الأحزاب‮ ‬يمكن أن تنزل إلى الشارع ضعف‮ "‬ما نزل به الشباب حالياً‮" (‬على الأقل في‮ ‬نظر نبيل بن عبد الله‮).‬
مهمة الهمة‮ : ‬عدم سقوط الحكومة الحالية
تقول مصادر‮ ‬عليمة أن الهمة رفض سقوط الحكومة الحالية،‮ ‬وهو من آمن بشدة وساهم وأدار إسقاط اليوسفي‮. ‬لقد لجأ عباس الفاسي‮ ‬إلى الهمة وكان موقفهما واضحا‮.‬
هذا التخاطب بين الهمة والفاسي‮ ‬يكشف على خديعة الدولة أن عباس الفاسي‮ ‬أو حزبه الاستقلال ضد‮ "‬البام‮".‬
صفحة مدينة العيون طويت لأن الحزبين‮ (‬الحاكم وحزب صديق الملك‮) ‬خدما مصالح احتواء الصحراويين بعد الأحداث‮.‬
ليس من مهام الصحافي‮ ‬أن‮ ‬يبيض سيرة فلان أو علان،‮ ‬فسيرة كل واحد دليل على أثره،‮ ‬ولا‮ ‬يهمنا سوى قراءة‮ : ‬لماذا استطاعت إشاعة‮ "‬التعديل الحكومي‮" ‬أن تكون بهذا القدر من التجاوب،‮ ‬هل لأن الشعب‮ ‬يرغب في‮ ‬هذا التعديل ؟ أم أن الخديعة مرة أخرى تنصب حول معرفة‮ (‬صدى‮) ‬مثل هذا القرار،‮ ‬وحسابات الساسة ترمي‮ ‬إلى‮ "‬تيئيس حركة‮ ‬20 فبراير‮"‬،‮ ‬فهي‮ ‬إن لم تحقق إسقاط حكومة الفاسي‮ ‬فكيف لها بغيره ؟
البارشوك الأول،‮ ‬والذي‮ ‬يجب أن‮ ‬يستنزف قوتها،‮ ‬هو إسقاط هذه الحكومة وأن‮ ‬يصبح هذا المطلب‮ "‬شعبيا‮"‬،‮ ‬فاللعبة التي‮ ‬اختارها الحاكمون المغاربة،‮ ‬أن‮ ‬يكونوا في‮ ‬موقع رد الفعل،‮ ‬ويستمروا في‮ ‬أداء الدولة العادي،‮ ‬بدون وجه استثنائي‮ :‬
أولاً،‮ ‬قرار إعفاء أحمد حرزني‮ ‬والمحجوب الهيبة قديم،‮ ‬وأتى مباشرة بعد أحداث العيون والضغط لرقابة المينورسو على حقوق الإنسان في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮)‬،‮ ‬والعمل الحقوقي‮ ‬المحترف والوطني‮ ‬وبشكل استباقي‮ ‬يبعد هذا السيناريو في‮ ‬الجنوب بعد تحول المفاوضات‮ ‬غير المباشرة إلى‮ "‬الموضوعاتية‮" : ‬الثروة،‮ ‬حقوق الإنسان‮ ... ‬من جهة أخرى،‮ ‬تسوية‮ "‬ملف السلفيين أتت بعد‮ "‬تقدم‮" ‬اليسار القاعدي‮ ‬الراديكالي‮ ‬في‮ ‬الجامعات،‮ ‬ولخلق توازن‮ ‬يأتي‮ ‬العمل على‮ ‬يسار إسلامي‮ ‬متفاعل مع واقعه للحد من الدعوة إلى إسقاط النظام‮.‬
ثانيا،‮ ‬العفو على الكولونيل قدور طرزاز أتى بعد عودة الجنرالات المتقاعدين وفتح صفحة جديدة مع الجيش،‮ ‬وملاحظة الجميع لتحالف العسكريين في‮ ‬مصر وتونس مع المتظاهرين،‮ ‬ودخل هذا الإجراء لاحتواء‮ "‬اتفاقيات أمريكية‮" ‬مع الجيش المغربي‮ ‬قد تكرر في‮ ‬المغرب رد فعل المؤسسة العسكرية في‮ ‬مصر وتونس‮.‬
قرار الإفراج عن هذا الكولونيل اتخذه الملك قبل‮ ‬20 فبراير‮.‬
ولحركة‮ ‬20 فبراير فضل كبير لا‮ ‬ينكر،‮ ‬على الأقل أوضحت أن الشباب له دوره،‮ ‬وإن لم‮ ‬يتبلور،‮ ‬ويصبح قوة ضاغطة،‮ ‬لصفقات كثيرة جرت بفضلهم‮. ‬فقد انتصروا في‮ ‬توضيح المواقع لأجل إصلاح عميق لا‮ ‬يتأدلج أو‮ ‬يتخذ الدعوة إلى الإصلاح،‮ ‬فزاعة أو كلام إنشاء في‮ ‬أدبيات الحزب‮.‬
الصفقة شملت الجميع سوى أولئك الطُّهْرَانِيِّين وذوي‮ ‬النوايا الحسنة‮. ‬الذين جسدوا ويجسدون نبل الضمير المغربي،‮ ‬الخاسر الأكبر في‮ ‬رهان الصفقات المحموم الذي‮ ‬طبع التاريخ السياسي‮ ‬للمملكة،‮ ‬من جهة‮ :‬
‮-‬ حولت حركة‮ ‬20 فبراير ما‮ ‬يدعوه حزب الهمة ثورة حداثية إلى ثورة مضادة‮.‬
‮-‬ كشفت حزب بنكيران قائد الردة‮.‬
‮-‬ أوضحت طغيان القيادات الحزبية على الشبيبات‮.‬
وأن التعددية منعت‮ "‬التوحد والوحدة‮" ‬التي‮ ‬حررت مصر وتونس من الديكتاتورية وحزب الدولة‮.‬
حزب الدولة‮ (‬الهمة‮) ‬لن‮ ‬يحتكر كامل اللعبة،‮ ‬وسيحاول أن‮ ‬يكون عصبها‮.‬
لن‮ ‬يكون في‮ ‬وجه بنكيران،‮ ‬بل في‮ ‬وجه العدل والإحسان ؟‮!‬،‮ ‬هل هذا‮ ‬يكفي‮ ‬لنكون ؟)كما قال في‮ ‬كواليس مجلسه الوطني(
أولا،‮ ‬حَكَمَ‮ ‬الهمة المغرب وراء ستار جطو وعباس الفاسي،‮ ‬ولم‮ ‬يظهر مباشرة،‮ ‬ويمكن أن‮ ‬يرضى بموقعه كحكومة ظل في‮ ‬أي‮ ‬حكومة جديدة‮.‬
ثانيا،‮ ‬أن اليأس من الإصلاح قد‮ ‬يسبب في‮ ‬كارثة‮.‬
ثالثا،‮ ‬أن تجربة القذافي‮ "‬الدموية‮" ‬كشفت وجهاً‮ ‬آخر للأنظمة،‮ ‬ولملك ملوك أفريقيا والمساعدة الدولية عاجزة في‮ ‬انتظار تطورات أصعب وأفدح،‮ ‬وتأكد للجميع أن الجيش صانع الثورات إلى جانب الشعب‮.‬
رابعاً،‮ ‬أن‮ ‬يفوز حزب الهمة في‮ ‬انتخابات‮ ‬2012 يعتبر خطاً‮ ‬أحمر لأمن المملكة‮.‬
خامساً،‮ ‬أن احتواء حزب الهمة للحركة الشبابية جزء من عمله‮.‬
سادساً،‮ ‬أن دخول الحزب في‮ ‬حالة كمون جزئي‮ ‬يستهدف توسيع سبل احتواء الشباب‮.‬
المغرب‮ ‬يعلن‮  ‬إصلاحاته بحجج إقليمية
لا‮ ‬يمكن الاعتراف بحزب الملك أو‮ ‬حزب الدولة وكل الأحزاب أحزاب المجتمع،‮ ‬فالثورة الشبابية في‮ ‬صالح الوحدة،‮ ‬فاليمن تدعو إلى إسقاط النظام ووحدة الوطن،‮ ‬وهو ما‮ ‬يحتاجه المغرب الذي‮ ‬يمكن من خلال شبابه تعزيز الوحدة عبر الملكية البرلمانية التي‮ ‬أصبحت مطلب الشارع بامتياز بعد‮ ‬20 فبراير،‮ ‬وإجهاض هذه الحركة‮ ‬يتم عبر الاعتراف بأعراف ديمقراطية جديدة و دسترتها والذهاب نحو ما سميته‮ (‬الملكية البرلمانية العرفية‮)‬،‮ ‬حيث البرلمان‮ - ‬عبر ما‮ ‬يدعى المنهجية الديمقراطية‮ - ‬يرشح الوزير الأول من الحزب الأول،‮ ‬ويسقطه فقط من ملتمس الرقابة‮.‬
حَل الديمقراطية ارتبط بحل الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬بعد اقتراح الحكم الذاتي‮ ‬الذي‮ ‬يفرض تعديل الدستور ويحتوي‮ ‬كل اقتراحات الشارع،‮ ‬إذ‮ ‬يمكن من خلال تثوير النظام لأدواته أن‮ ‬يبدأ ثورته لتجتاح الإقليم‮. ‬الجزائر والبوليساريو‮ ‬ للإشارة‮ ‬ لا ترغبان في‮ ‬إقرار المغرب لتغييرات‮ (‬جذرية‮) ‬في‮ ‬نظامه قد تؤثر على أمنهما،‮ ‬فمن جهة،‮ ‬يحاول المغرب‮  ‬اعلان‮  ‬إصلاحاته بحجج إقليمية وترابية،‮ ‬ومن جهة أخرى‮ ‬يعمل الجزائريون والمغاربة والموريتانيون على استقرار‮ "‬أوضاع الأنظمة‮" ‬قبل أي‮ ‬شيء آخر‮.‬
كريستوفر روس أدرك هذه الحسابات،‮ ‬وباشر الجولة الجديدة بين جبهة البوليساريو والمملكة في‮ ‬مالطا،‮ ‬لأن من المهم ألا تزيد حالة التقوقع في‮ ‬المنطقة،‮ ‬لأن الأطراف المباشرة‮ (‬الجزائر،‮ ‬المغرب،‮ ‬موريتانيا‮) ‬في‮ ‬قضية الصحراء قليلة التوتر‮.‬
القراءة الرسمية تقول بضرورة مواصلة الإصلاحات،‮ ‬أي‮ ‬الانتقال إلى‮ "‬جيل آخر‮"‬،‮ ‬وبالتالي،‮ ‬يكون تراجع‮ (‬حركة‮ ‬20 فبراير‮) ‬مدعاة لخروج الأحزاب والقول بإصلاحات جديدة،‮ ‬فحركة‮ ‬20 فبراير لم تتجاوز سقوف هذه الأحزاب،‮ ‬ولابد من تراجع حركة‮ ‬20 فبراير لإعطاء المساحة لهذه الأحزاب لإعادة تبني‮ ‬كل هذه الخيارات‮.‬
الحال أن القصر لن‮ ‬يغير‮  ‬نتائج الانتخابات،‮ ‬ومن أراد أن‮ ‬يغير عليه أن‮ ‬يلجأ إلى صناديق الاقتراع،‮ ‬ويغير كما‮ ‬يشاء،‮ ‬فتنتقل الحرارة من الشارع إلى الانتخابات‮.‬
الخوف من اتهام الأحزاب لأي‮ ‬حكومة تكنوقراطية بتزوير الانتخابات
العائق الرئيس‮ ‬يتمثل في‮ ‬إشراف أي‮ ‬حكومة تكنوقراطية على الانتخابات،‮ ‬لأن الأحزاب لا‮ ‬يمكنها أن تعطي‮ ‬شبكة الأمان لأي‮ ‬استحقاق إن لم‮ ‬يكن تحت إدارتها‮.‬
والحالة هذه تتطلب إما‮ : ‬حكومة وطنية واسعة تأتي‮ ‬من خلال تعديل حكومي‮ ‬واسع‮ ‬يضع صعوبات جديدة في‮ ‬طريق تعيين‮ "‬وزراء السيادة‮" ‬المنسوبين إلى الملك‮.‬
وفي‮ ‬حال حكومة مصغرة‮ (‬وتكنوقراطية‮) ‬يمكن أن تدعمها الأحزاب ويمكن أن تلجأ الأحزاب إلى الشارع وتزيد من راديكاليته،‮ ‬فيكون الملك وحكومته في‮ ‬مقابل المجتمع وأحزابه ونقاباته‮. ‬وهذه الخيارات احتواها خطاب‮ ‬9مارس‮ ‬
فصل الأحزاب عن الشارع لن‮ ‬يكون دون مشاركتها في‮ ‬الحكومة،‮ ‬وفصل النقابات عن الشباب لن‮ ‬يكون دون منحها حق التفاوض مع الملك،‮ ‬فالتعاقد الحالي‮ ‬ليس مع الأحزاب السياسية كما حدث في‮ ‬1998? بل التعاقد اجتماعي‮ ‬جديد مع النقابات ؛ واتصالات القصر مع الجسم النقابي‮ ‬في‮ ‬جزء منه خوفاً‮ ‬من تكرار النموذج التونسي،‮ ‬خصوصا أن حزب الهمة‮ ‬يطمح أن‮ ‬يكون حزب الدولة،‮ ‬ويمكن أن‮ ‬يؤمن وجوده في‮ ‬حال حوار القصر مع النقابات،‮ ‬وحدث هذا طبعاً‮ ‬مع المعتصم مستشار الملك،‮ ‬ومعلوم أن الاتحاد النقابي‮ ‬في‮ ‬تونس حضن ثورة الشباب،‮ ‬وحماها الجيش،‮ ‬والجيش والنقابات عمل عليهما القصر العلوي‮ ‬بذكاء واحتواء حادين فتقلصت حركة الشباب المغربي‮ ‬إلى حدودها العادية،‮ ‬وزاد من الأمر ضيقاً‮ ‬أن الأحزاب بقيت في‮ ‬مواقعها الحكومية‮. ‬الخطة كما‮ ‬يظهر خادعة وحادة جعلت مثلث الثورة معزولاً‮ ‬عن بعضه،‮  ‬وقدم في‮ ‬الاخير‮  ‬النظام للشعب‮ "‬تنازلات‮" ‬مكشوفة،‮ ‬لكنه فكك مثلث الرعب والثورة وهذا ما جسد القول‮ : ‬أن المفاجأة جزء النجاح الكبير‮ (‬والأكيد أن معرفة المصريين بشعبهم والجيش وبإقصاء الأحزاب من انتخابات مجلس الشعب جعل الثورة تنجح في‮ ‬القاهرة‮).‬
التقديرات التي‮ ‬يرمي‮ ‬إليها المغاربة والجزائريون تستدعي‮ ‬إعادة خلط الأوراق بما‮ ‬يصعب معه الوصول إلى أهداف‮ ‬واضحة،‮ ‬تطرح معها سؤال‮ : ‬تفكيك اللغم هل‮ ‬يعني‮ "‬خلق أمن جديد‮"‬،‮ ‬أم أن ما‮ ‬يجري‮ ‬من فورة‮ ‬يعزل الجزائر والمغرب وموريتانيا عن تونس‮ ‬ ليبيا‮ ‬ مصر،‮ ‬وهذا المعطى‮ ‬يؤكد على تحول في‮ ‬الجغرافيا السياسية وفي‮ ‬رؤية الأنظمة إلى نفسها،‮ ‬حيث الأمن‮ ‬يحكم لفترة أخرى،‮ ‬لان الوضع لم‮ ‬يتطور إلى‮ :‬
‮-‬ فصل الأمن عن السياسة بفصل حزب الهمة عن الدولة،‮ ‬وإن بقي‮ ‬ابن النظام،‮ ‬في‮ ‬وقت فصل فيه الشباب عن النقابات وتحوَّل إسقاط النظام إلى إسقاط الفساد،‮ ‬وبالأساس فساد اللعبة ولوبيات الإفساد‮.‬
‮-‬ إلى ملكية برلمانية،‮ ‬وتحديد خطوات لأجل الوصول إليها‮.‬
من جهة ثالثة،‮ ‬أراح الملك رجال الأعمال بأن سمح لهم بتقليص نفوذه المالي،‮ ‬وبين تنازلاته لصالح الجيش ورجال الأعمال والنقابات،‮  ‬و الشعب اخيراً‮ ‬و بهذا كَرَّسَ‮ ‬محمد السادس نظامه الحالي‮.‬
ومن جهة رابعة،‮ ‬خفف‮ "‬قبضته الأمنية ضد الإسلاميين‮" (‬ما لاحظناه في‮ ‬جامع المعتصم‮) ‬وفي‮ ‬تغيير المجلس الاستشاري‮ ‬إلى المجلس الوطني‮ ‬لحقوق الإنسان لتسوية جديدة لمن هم داخل السجون‮.‬
المربع اكتمل لتفكيك‮ "‬انتفاضة شعبية كبرى‮" ‬ضد النظام،‮ ‬وعندما نزل الشباب وجدوا‮ "‬تاكتيكات اللعبة‮" ‬تنسحب باتجاه آخر حيث‮ ‬يتم احتواء الحركة نفسها من أطراف تحت حسابات أخرى مع النظام‮.‬
الكل اتخذ لنفسه قناة مع الحكم،‮ ‬لأن أوراق اللعبة خدمت في‮ ‬جزء منها وضع الشبيبات الحزبية تحت‮ (‬روموت كنترول‮) ‬القيادات،‮ ‬وداخل الكتلة الشبيبية وجدنا كل حزب بما لديه من شبيبة فَرِحٌ‮ ‬وضاغط ومستنفر‮.‬
الاحتواء الهرمي‮ ‬المتبع عمل على خدعة تقول‮ : ‬النظام لم‮ ‬يقدم تنازلات لكنه قدم كل التنازلات ولصالح كل الأطراف،‮ ‬و‮ "‬التنازلات الدستورية‮" ‬هي‮ ‬المهم،‮ ‬وعمل على احترام ما‮ ‬يسمى بالأعراف الديمقراطية‮ : ‬المنهجية الديمقراطية،‮ ‬إتمام الولاية التشريعية لكل حكومة وسمح لنفسه باقتراح تعديل الدستور‮ .‬
التاكتيك الأردني‮ ‬عين وزيراً‮ ‬أولاً‮ ‬جديداً‮ ‬وأدار طيلة الأزمة حواراً‮ ‬حول المناصب الحكومية،‮ ‬والتاكتيك المغربي‮ ‬الذي‮ ‬كشفنا عنه عزل أضلاع أي‮ ‬تحرك شعبي،‮ ‬ليكون الشباب‮ ‬غير مهيكل،‮ ‬وغير حزبي،‮ ‬وغير نقابي‮ ‬يعزل كل الفاعلين عنه،‮ ‬ويقبل بتأطيره من خلال‮ (‬منظمات حقوقية،‮ ‬فكان النهج الديمقراطي‮ ‬والقاعديون والعدليون مكشوفين في‮ ‬كل التظاهرات إلى جانب شباب‮ ‬20 ‮ ‬فبراير‮.‬
الزخم والحاضنة الشعبية لحركة الشباب لم تتحقق،‮ ‬والاحتواء الهيكلي‮ ‬تم بشكل قاسٍ،‮ ‬ورغم كل ذلك استطاعت الحركة أن تنطلق‮. ‬ويعلن حزب الأصالة والمعاصرة عن تحويل مقراته إلى‮ "‬مداومات‮" ‬لمتابعة هذه التظاهرات‮.‬
المخيف ليس ما كان،‮ ‬بل ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتطور عنه الوضع الجديد،‮ ‬فالتجربة الليبية زادت من‮ ‬يأس بعض الإصلاحيين،‮ ‬لأن الجيش إن لم‮ ‬يكن إلى جانب الشعب تحول البلد إلى مجزرة،‮ ‬وبعض الأنظمة تريد أن تفشل الثورة في‮ ‬ليبيا لإيقاف كل الزخم في‮ ‬باقي‮ ‬المنطقة‮.‬
الجزائر نجحت في‮ ‬جعل الدرس الليبي‮ ‬درسا‮ ‬يخيف الجزائريين من عودة الحرب الأهلية،‮ ‬ورفع قانون الطوارئ هدية لشعبها لنجاح الثورة التونسية والمصرية،‮ ‬والمغرب الذي‮ ‬عانى من أحداث العيون التي‮ ‬عمقت من شعور التمييز الخطير بين الشماليين والصحراويين‮ ‬يسير باتجاه زرع آخر للتمييز بين الشباب وباقي‮ ‬الأحزاب والمنظمات والوضع بعد أحداث العيون وإجراءات احتواء حركة‮ ‬20 فبراير قسمت الشعب،‮ ‬وسيزيد الأمر سوءاً‮ ‬إن لم‮ ‬يقدم النظام إصلاحات جذرية قبل انتخابات‮ ‬ 2012 و القصر‮  ‬ادرك الموقف وقدم‮  ‬خطاب‮ ‬9‮ ‬مارس‮ ‬. 
إن إعلان القصر حزمة من الإصلاحات العميقة إلى جانب احتواءه‮ "‬المتعدد والمحسوب‮" ‬هو وحده الكفيل بإخراج الوضع السياسي‮ ‬من السلبية الشديدة والانتظارية المقيتة،‮ ‬وإلا فإن المفاجأة ستكون من حيث الحسابات التي‮ ‬تقدم للقصر على أنها نجاحات ؟‮! ‬وهي‮ ‬في‮ ‬الأصل‮ "‬أم الهزائم‮" ‬مستقبلا‮.‬
و الخطير‮ ‬
قيادة ثورة مضادة تكون ضد اصلاحات محمد السادس،‮ ‬وروحها المنفتحة،‮ ‬فالوزير الأول لايمتلك أي‮ ‬سلطة على النظام الأمني‮ ‬للملكة و الذي‮ ‬يمثله حزب الدولة حزب الهمة،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب وقف أي‮ ‬امتداد امني‮ ‬في‮ ‬السياسة،‮ ‬وأن تعلن الحكومة أن خطاب‮ ‬9مارس وثيقة دستورية لإدارة الوضع الحالي‮ ‬من دون أي‮ ‬ارتداد‮ ‬يأسر روح التحول‮. ‬

ماوراء الحدث عدد 19 ل 11/3/11 ص 3  عبد الحميد العوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق