عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

السبت، 12 مارس 2011

في آخر عدد من New Internationalist من يدير خيوط السياسة ؟




في عدد يناير 2011 لمجلة New Internationalist (المُعَوْلَم الجديد) أو الإنسان العالمي الجديد نقرأ تحت عنوان (من يدير خيوط السياسة) آثار اللوبيات في صناعة الحدث واستقرار العالم، لأن التوجهات الجديدة لا ترمي إلى "صناعة بدائل"، بل إلى صناعة لوبيات لكل مرحلة، لوبي الطاقة الذي حول العالم إلى "جيوسياسة أو حيو بولتيك الأنابيب" بتعبير manière de voir، ولوبي السلاح، صانع الحرب قبل أداتها (رصاصها)، وفي هذه السيرورة فإن المتحكم في الاقتصاد هو القادر على إدارة الوصول إلى المصادر الطبيعية، والمستهدف : الطبقات المتوسطة (المستهلكة) أو الشديدة الاستهلاك.
إدارة الثراء وإدارة الاستهلاك يتم عبر لوبيات تتحكم في كل شيء للوصول إلى أسواق عالمية وبالتالي، فإن اللوبي صناعة مصلحوية من المتحكم في المادة الأولية وإلى استهلاك المادة المصنعة. فاللوبي من جهة "وليد المصلحة" والقادر على إدارتها، والمستفيد من آمال السنوات القادمة، فهل العولمة مجرد "جيوبولتيك اللوبيات العابر أو العابرة للقارات ؟ والعولمة الناتجة عن هذه الوضعية، تتضمن من جهة وجود لوبيات عابرة للقارات وجيوبولتيك كوني، وفي الإطارين نجد امتداد المصالح عبر القارات، وامتداد المستفيدين في نفس الاتجاه.
الشيء الذي يطرحه هذا المحدد (اللوبي) إلى جانب الشركة، أن اللوبي يحمي نفوذ الشركة، والشركة تتوسع لمستهلكين إضافيين.
وفي الإطار الجيوسياسي : اللوبي يحمي المصدر الطبيعي من المصنع في أوروبا أو أمريكا إلى السياسي والقبلي الذي يحمي هذا المصدر في أفريقيا، أو في منطقة فقيرة من العالم.
الشيء الرئيس في عرف هذه اللوبيات أنها تغني وتقتل وتعمل كل ما يكون في صالحها. هذه الصورة تستمر وتنمي ما يعتبر مصلحة قريبة وبعيدة المدى على حد سواء، واللوبيات صناعة كل عولمة من Pax Romana إلى Pax Americana في انتظار (Pax) أسيوي من الصين، فبكين لا تصنع أنظمة موالية، بل عملاءها من الدرجة الثانية في كل نظام لتتمتع الصين في حال التحول من البقاء قريبة من المصادر الطبيعية، بأقل الوسائل، وبأغلى الأثمنة اتجاه من يشرف على هذه المصادر.
كيف نصنع لوبيا هو السؤال الرئيس الذي يزيده اعتباراً ما وقع لأمريكا عندما تفردت بالعالم بعد 2001 ثم تخلت عن أيديولوجيا بوش نحو تحالف دولي جديد، والمعنى الاستراتيجي للوبي في هذه المرحلة : صناعة توافق أوروأمريكي وروسي أمريكي وصيني أمريكي، ولم تعترف الخارطة بالقوى الجديدة : البرازيل، تركيا، ودخلت واشنطن في مفاوضة الهند. التطور يحكم على اللوبي بالتوسع أو بناء لوبي في قلب أي علاقة ثنائية، وهذا التوجه يرمي إلى تكثيف شبكة مصالح بين طرفين أو أكثر.
هل اللوبي عنصر تميز أم عنصر إدماج ؟ الحقيقة البارزة : أن العولمة كلما زاد نفوذها خصوصاً من خلال الانتشار الأفقي للأسواق تأكدنا من العنصر الإدماجي للوبي، وفي غير هذه الحالة، وفي كل انتشار عمودي نرى اللوبي أداة تميز عن غيره.
هذا الرأي قد يكون نسبيا إلى حد بعيد، ويقرأ المخالفون أن أي انتشار أفقي أو عمودي للسوق تستوجب كشرط من شروط الوجود والتوسع : وجود لوبي. وقد تنشئ كل سوق لوبيها، أي كل ما يمكن أن يشكل مجموعة مصالح لفئة معينة منسجمة في حدودها الدنيا.
قراءة الواحد والعشرين توسع اللوبيات، وتقرأ الصورة من خلال شبكة مصالح متداخلة تنسق بين الفاعلين وتدير أجندة دولية لحماية اللوبي وحماية المصالح المشتركة، من خلال الدول، ومن العملاء في الأنظمة الحاكمة. الشركة ليست لوبيا في هذه الحالة ويمكن أن تكون مجموعة من الشركات لوبيا، كما أن اللوبي يصنع شركة أو مجموع شركات، وهذا الجدل "تقدمي" - إلى حد بعيد - إلا إن استثمر اللوبي في أعضاء فاسدين أو دورة فساد.
الإدارات الجديدة للشركات العابرة لا تؤثر في الدول وفي الأنظمة، بل ترغب في بسط نفوذها لصناعة سياسات تنتهي عولميا بالتأثير الجيوسياسي على نظام معين، ومن ثم يتأثر اجتماعيا وسياسيا، وهذا يؤكد على حضور يطابق لفظ "الكوني" والجيوسياسي، وتأثير اللوبيات يأخذ بهذه الإشارة.
الأمل في أن تقرأ الوضع عولميا لن يتم دون قراءة اللوبيات التي تسيطر على كل العالم وبالتالي، يتجه التحول البعيد المدى إلى التحكم في إدارة كل الكميات القادمة من تحت الأرض، لأن في زيادة تداولها أو في نقصه تتضرر البورصة. والحقيقة المالية تقول : إننا بمجرد أن نكون نافذين نحدد قيمة الدولار، وعندما تتقرر الآمال تتجه الخلاصة إلى : أن اللوبيات سادة العالم، ببساطة لأنهم فكرة، قوة وشبكة.
وهذا يخدم في الجزء الرئيس منه معاني أن تكون قوياً وأن تسيطر على من ينتج المادة التي تحتاجها، وأن تثقف الذي ينتج مثلك.
خطورة تحول العالم إلى لوبيات تزيد باتجاه يضمن تحول اللوبي إلى منظمات إقليمية، فالشركات تجتمع كلوبيات، والدول تجتمع في منظمات إقليمية وقارية، وتداخل المصالح يجعل التحالفات في جزء منها تقني، وفي جزء آخر منها عامل على التطور. فالتكتيل يؤدي إلى لوبيات وإلى منظمات إقليمية، وإلى سياسات حكومية "بديلة" من خلال لوبيات مضادة. إنها دورة الاقتصاد من معناها التكتلي.
فهل اللوبي فعل أخلاقي ؟ الواقع أن المعنى الأخلاقي لكل ما هو سياسي يحدد مدى أخلاقية هذا اللوبي أو ذاك. فالسؤال يقرر مرجعيته من "مشروعية المصلحة ومن طرح التساؤل عن مشروعية تكتيل معين. الشيء الرئيس في هذا الخضم : أن اللوبي حق لكن أن يتحول التحالف إلى أفق احتكاري أو يتجاوز الحدود لضمان المصلحة من المنبع إلى المستهلك في دورة غير تنافسية ولا شفافية، فالأمر غير شرعي، لأن المنظمات الإقليمية والدولية تسقط الحدود، واللوبيات تتبع هذه الصورة بما يفيد أطروحة أن اللوبي تحول إلى مجرد "آلية" أي ميكانيزم يجد في تطوره التغول الذي يتجاوز الدولة للوبي النظام، ويتجاوز القانون الدولي لصالح "لوبي" معين، وفي الاقتصاد اللوبي اجتراح لعملاء في محاولة للسيطرة على كل المادة من مصدرها الطبيعي إلى تصنيعها، وآفاق التطوير، والتصدير والتوجه إلى جعل مادة معينة سيدة السوق، فاللوبي يحتكر ويحتقر في نفس الوقت.


كل الحقوق محفوظة لما وراء الحدث





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق