عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

السبت، 12 مارس 2011

كما سقط الاستعمار فلنسقط الاستحمار ؟!


الديمقراطية زينة الأرض، وفقر دمها رأس كل بلاء ومَذْهَبَةُ كل حياء ؛ هي ليلى العصر، كلٌّ يدعي وَصْلاً بها، وأغلب المدعين كذّابٌ أو قَصَّاب (جزار).
كل ماشٍ وعاطل عن العمل بها، يقرن اسمه بها، فهي السلاح لمن أراد قتالاً، وهي اللسان لمن أراد وصالاً. الكثيرون قاهرون باسمها داعرون بذكرها، يخافون بيتها فكلما انقلبت يوماً بها انقلبوا، وإن تحركوا لأجلها طُلِبُوا، وإن قفزت يوماً على الطاغي بما تشتهي، كل قومها وثبوا...
الخائفون منها ذاكرون لها، فالحمد لله على ذلك، قد أجمع الناس على ذمِّها، وما أرى منهم لها تاركا.؟!
هي الحسناء العذراء ! بين طهارتها ودعارتها يزيد لمعان السراب، فكل حاكم يدعي عليها بما يقول ويقال، وبما لا يُسْألُ ولا يُعْقَل ؟
سفاح طرابلس ديمقراطي والجالس على كل عرش ديمقراطي، والمنتخب ديمقراطي، والانقلابي ديمقراطي والسارق ديمقراطي والفاسد ديمقراطي. الله. كل اليافطات لا تحمل غير هذه العبارة القيثارة، وأراها الأكثر استعمالاً واستغلالاً من عهد الاستعمار إلى عهد الاستحمار، وبعدهما وبينهما يدخل الحاكم في مرحلة الاستغفار فيموت الشيخ ويأتي الشاب يجرب الاستكبار وعلى المحكوم أن يقبل ويبقى في عصر الحمير ولا يرى أميره سيد الحمير ؟!
الأمير لا يرفعه غير شعبه والأمير فقير بغيره، إذا قَلَّ حال الشعب لانت قناته، وهان على الأدنى فكيف الأباعِدُ ؟
فقراء الديمقراطية أغنياء الفساد، يفسدون الوجه وشعاع الشمس، الفساد ارتداد ؛ والفساد سرقة الناس والماس والراس، فلا عقلٌ ولا عدل ولا حملُ... الأمانة فيهم أن يكونوا حيث العرش خانوا، وحيث القِرْشُ والفِلْسُ كانوا.
صاحب الفلوس يسوس، وكم كريم أزرى به الدَّهْرُ يوماً، ولئيم تسعى إليه الوفود، إنما قوة الظهور النقود، بها يسرق الفتى ويسود ؟!
عصر السرقات ومنها المكرمات، يسرق ذات الشمال ويكرم ذات اليمين، ويقسم أمام كل حاكم يمين اليمين !!! وأغلط الأيمان أن يترك الرئيس يعبث ويرفث في الأرض حيا كأنه الصنم.
أَبْدُوا صفاءً بإمعانٍ فقلت لهم، أذنبت ذنبا فقالوا ذنبك العدم
مبارك في العدمِ وزين في الألمِ وقذافيٌّ بالدمِ.. وكلهم محاصر والويل للمرء إن زلت به القَدَمُ
الشعب نار قد تحرق عماد الحكم ؛ إن دان للضعف ضعف واستكان وإن تقرب للقوة استعان بآخر الأرض لصنع الزمان.
القذافي قالها صراحة لشعبه : جرذان وكلاب، ولا أرى الآخرين أقل منه في نظرتهم لنا، منهم من يعتبرنا أقل من الحاكم فهما، وعلما، والشعب قاصر وله وحده مناصر. كان محقا أو مقامر ؟! ما الفارق أن تكون من الجرذان من غير فصيلة الإنسان أو تكون الإنسان من غير حقوف الإنسان ؟ ما الفارق أن نكون من الكلاب ننصر الحاكم وإن أطعمنا السراب أو الخراب ؟ ما الفارق أن يرى الحاكم شعبه دون المستوى ؟ وأن نرى الحاكم شكلا دون محتوى ؟
من يقطع هذا الفراغ المميت، ويعلن أننا أهْلٌ لأن نكون في عصرنا، وأن العوام على قدر الحكام سواء، فلا خير في أمير يرى كل شعبه حمير، ولا خير في حمير ترى من خارجها الأمير.
وعذراً للحمار فهو أذكى وإن صوته أنكى، فهو شعار من يحكم العالم، والرمز الحزبي لأوباما يرى ثورة من رآهم غيره حميراً، فكان لهم نصيراً.
وقد وصفه القذافي بالإنسان الطيب ووصفه مبارك بالذي لا يعرف عقلية مصر، إلى أن أتى نصر مصر فكانت عن حق محروسة وذهب النحس والمنحوسة ؟!
فما بالنا والفقر في عظامنا : فقر في الخُلْقِ، فقر في الشهامة والشجاعة... والفقر سعير في كل صعيد، والفقير في مملكة الحمير إن كان شجاعاً سمي أهوجاً، وإن كان مؤثراً سمي مفسدا، وإن كان حليماً سمي ضعيفاً، وإن كان وقوراً سمي بليداً، والأمير في مملكة الحمير فرعون القصر في مصر أو غير مصر، وبعد الثورة يصبح الضعيف شريفاً والبليد مفيداً والأهوج ثائراً والمؤثر بطلا. فسبحان مقلب الأحوال والأقدار في كل الأقطار ؟ 
بين تونس قبل سنة وأخرى بعد شهور وقبل أيام في مصر وبعد سرور... انفجر العرب طالبين الحرية كاسرين الأسر والخُسْرَ والهوان يعلنون حقهم أن يكونوا الإنسان
والعصر، إن الحاكم لفي قصر، وإن الشعب لفي خُسْر إلا الذين آمنوا وعملوا الإصلاحات وتواصوا بالحق ليتواصوا بالنصر ؟!


افتتاحية ماوراء الحدث ل 11/3/2011 عدد 19 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق