عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 4 مارس 2011

كيف يقرأ بعض الأمنيين تظاهرات 20 فبراير التحول الممكن وعناد البيروقراطية !


كيف يقرأ بعض الأمنيين تظاهرات 20 فبراير 
التحول الممكن وعناد البيروقراطية !

استعد عباس للاستقالة قبل انطلاق الاحتجاجات، وهو ما نقلناه في حينه في جريدة ما وراء الحدث التي كشفت أن الدولة أرادت مظاهرات 20 فبراير تحت السيطرة وساعدت في ذلك وأدارت الأجواء المصاحبة للوصول إلى هذا الهدف. ويتساءل المراقب هل ينتظر الأمر مزيداً من التعقيد للاستجابة لهذه المطالب ما دام كل شيء في العالم العربي يأتي بعد ضغط شديد يسيل معه الدم.
اليوم أصبحنا نعيش حالة انتقال بحكم ما نعيشه في المحيط الإقليمي أو ما نعيشه من حمى اجتاحت مملكة محمد السادس بتعبير فرانس 24.
الرسالة وصلت القصر، لكن من يجيب ؟
في وقت سابق عاش الصحراويون أزمة العيون ببساطة لأن الجماهير دخلت سيكولوجيا الحكم الذاتي، وأرادت أن تغير الوالي جلموس. وبعد الدم والخسارة المدوية في البرلمان الأوروبي أقالت الداخلية الوالي المذكور، وعينت صحراوياً والياً مكانه.
إن سيكولوجيا الجماهير لا تتحمل بعقلها الجماعي أن تقترح السلطات شيئاً وتجمده، أو تسمع الدولة ولا تستجيب، فهذا الوضع يعقِّدُ المطالب ويزيد من راديكاليتها وجذريتها. لم يحدث إنزال، لأن الكل يريد أن تصل الرسالة من دون استفزاز والشارع ينتظر الرد.
الأجهزة أرادت إنجاح "تظاهرات سلمية" للمطالبة بالإصلاح دون أن تطالب بإسقاط رمز النظام، وهذا عرفه الجميع والتزم الجميع السقف الموضوع.
الرسالة الأخرى أن تعامل الأمن في الرباط والبيضاء وسائر الأقاليم جيد، لنقول إن العيب كله في الناشطين الصحراويين، والمأزق كله أن أحداث العيون فصمت الجنوب عن الشمال. وكان يجب أن تجد مطالب بإسقاط والي نفس الآذان التي تستمع إلى مظاهرات تطالب بإسقاط الوزير الأول؟
الأكيد أن الجماهير كسرت القبضة الأمنية، والعناد لعبة القادة، بعد ثورتي تونس ومصر حالياً، بدأت وانتهت المفاوضات لإنجاح مشروع إصلاح النظام الملكي من خلال دستور جديد وبرلمان منتخب بصلاحيات تمكن الحكومة التي يريدها الشعب أن تحكمه، ويمكن أن يسقطها. حكومة عباس الفاسي إن أسقطها الشعب ستكون بداية المحاسبة.
والبيروقراطية لا تريد لا محاربة الفساد ولا بداية المحاسبة.
دخول المغاربة أجواء "الإصلاح" لن يقبل النكوص. فبعد صدمة حكومة اليوسفي، وتراجع التفاؤل لسنوات لا يمكن أن يتحرك الشارع إلا إلى تحقيق أهدافه، وإلا انفجر عنفاً في مستقبل الأيام.
المسألة لا تتعلق حالياً باحتواء ظرفي لمطالب شبابية بل يجب أن يتخذ المسؤولون ما يجب وأن يجيبوا على أسئلة الإصلاح، وأن نعرف معهم : كيف توقف "المسار الانتقالي للدولة والنظام بعد الحسن الثاني" ؟
حركة النظام الانتقالية في 93 و1998 لم تنجح لوجود آلية أمنية أدارها البصري، ودَمَّرَها المصريون مع إقالة (العادلي) والتونسيون سجنوا وزير داخليتهم حالياً.
الحسن الثاني دخل نظامه المرحلة الانتقالية دون أن يمس "علبته" الأمنية، وبعد وفاته، تحولت العلبة ولم يتقدم النظام سياسيا. هذه الفترة قد نقول عنها : انتقال نظام، انتهى بموت ملك وتعميد آخر، لكن ما يمكن أن نعيشه اليوم هو انتقال مجتمعي the transitional society.
انتقال المبادرة من النظام إلى المجتمع دفع بن علي ومبارك إلى المغادرة.
هل رسالة المتظاهرين بإبقاء الملك في مكانه وإقالة الحكومة إعلان على قبول الملك لإدارة المرحلة إلى جانب شعبه.
الخيار واضح وعقلاني وينتظر الرد الصريح الذي لا يتحمل سوى إعلان سياسة للتغيير political change يكون فيها الملك إلى جانب جيشه لقيادة تغيير للدستور وإعلان انتخابات مبكرة في هذا العام وتوسيع صلاحيات الوزير الأول. وهذه فرصة ذهبية تحدد بشكل نهائي سلطات الوزير الأول كي لا يضغط المجتمع الدولي لتعديلها في أفق تطبيق الأمم المتحدة لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء (الغربية).
حالياً، لا يوجد تبشير غربي بالإصلاحات، لأن بعد تونس ومصر تشكل التاريخ الخاص لحركة الشعوب العربية من المغرب إلى البحرين، والأفكار القيادية معلومة لانتقال مجتمعي حر.
النخب الحداثية يجب أن تدعم الحرية بشكل كامل، وأن يتحرك الشعب من داخل حركته التاريخية، والمهمة الأولى، إقرار حق الشعب في انتخاب حكومته ومحاسبتها وأن تحارب الدولة الفساد، وأن تحترم التحولات السياسية التي يمكن أن تتشكل عبر حراك الشعب.
المهمة الثانية، أن يتجاوز النظام السياسات التي تمس العلاقات المجتمعية (المساواة) والاقتصادية (الليبرالية الاجتماعية) والحكومية (الديمقراطية) لذلك، فمعنى التحول يجب أن يسير باتجاه لا يجعلنا نزن خيار الشعب، بل أن نقبله كما هو لأنه مصدر كل الشرعية.
القرار الذي فرضه الداخل والواقع الإقليمي أن يدخل المغرب في تحول يقوده المجتمع بعد فشل النظام في تحوله في 1993 وفشل في 1998 بسبب تردده، وبعد 1999 بسبب عدم إقراره التنمية السياسية إلى جانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيما دعاه : الأوراش الكبرى.
المجتمع التعددي يقبل الصفقة بسرعة فبعد حصار العدالة والتنمية قبل بتسوية مع الداخلية لم تسمح للحزب ولشبيبته بالمشاركة في الاحتجاجات الشعبية، ومن جهة ثانية لم يرغب الإسلاميون في أي قيادة للشارع الذي لم يرفع شعارات ضد حكومة الظل أو حكومة القصر، بل أراد أن يبني الدستور الجديد على أسس أخرى تطوي صفحة الجميع، وتبقى الخطورة في مسيرات متتالية لتحقيق الأجندة المعلنة في 20 فبراير، لأن الطريق إلى تحقيقها لا يتطلب شجاعة التظاهر فقط بل شجاعة التضحية غداً.
هناك إعلان مغربي في 20 فبراير عن الإنسان الانتقالي the transitional men، ويشمل إقرارا بأننا في مفترق طرق لن يكرر عمل أمريكا اللاتينية التي اختارت الديكتاتورية عوض الديمقراطية ثم اختارت التقدم الديمقراطي عوض التوليتارية (أوسكار لويس).
القطيعة مع الديكتاتورية جزء حقيقي من روح الثائرين من البيضاء إلى المنامة، كما أن قيمة الحرية تسيطر على كل تقدم. والحالة المغربية تأتي بين قرار النظام أن يساير شعبه نحو انتقال ديمقراطي لا يعني التناوب، بل العمل على مسار سياسي جذري ينتخب فيه الشعب حكومته ويحاسبها.
الشعب العربي قطع مع "تحرير فلسطين" قبل إقرار الديمقراطية في البلد، والشعب المغربي قطع مع إكمال الوحدة الترابية قبل إقرار الديمقراطية.
فقر الديمقراطية من الأساس سبب في مشكل الصحراء، ويزيده تعقيداً الغياب القسري لمسار ديمقراطي مؤسس وحقيقي في المملكة.
مبررات عدم الحرية لم يعد له شأن عند الأجيال الجديدة، لا يمكن أن تضيع أجيال أخرى في البحث عن نفسها تحت أي مبرر.
حاليا يجب أن نعترف بتكلس النخب الحزبية ونهايتها، وأن الإجماع الذي يخدمه الحزبيون الحاليون شكلي وغير شعبي كما أنه غير قوي لخدمة الوحدة والديمقراطية معاً.
الشعب المصري تحرر من تكبيل التفاصيل في اتفاقية كامب ديفيد، والسيادة للشعب على أرضه في سيناء، ولهذا ساعد الجيش الثوار لشرعية أخرى يديرها بما يكفل تحسين الشروط التي يعيشها باتجاهحلايب - مع السودان وسيناء مع إسرائيل.
ثورة الشعوب تحرر المؤسسات وتصنع توافقات أخرى، لحل مشاكل الاستقرار من خلال الواقعية التي تميزت بها مطالب الثورتين في مصر وتونس، لأنها لم تكن "أيديولوجية". ومطالب المغاربة في 20 فبراير تدخل ضمن نفس السياق.
المغاربة دخلوا في "سيكولوجيا" الانتقال، ولابد من تحقيق المطالب المعلنة، ليس مهماً أن يثير الحاكم مشاكل الوحدة والإجماع الوطني، لأن التظاهرات ذهبت اتجاه إجماع شعبي يخدم أهداف الأمة المغربية وليس الدولة والنظام فقط، كما أن الاستقرار الحكومي جزء من الصعوبات الواقعية لإدارة سياسية ناجحة وناجعة.
وفي باقي نقط الانتقال يمكن الحديث عن مشكل القيادة والجماهير، والشارع أصبح وسيلة ثورية، أو ناقل للمطالب السياسية أي وسيلة إصلاح، لذلك ففك الارتباط بين المواقع الشبابية وبين الأحزاب الكلاسيكية سيخدم التحول الجذري، لأن حركة الشارع حركة شعب له كل الشرعية في إنتاج قياداته الميدانية، وبناء تاريخها بما يناسب عطاءها وتضحياتها.
الشعب المغربي كسب الشرعية من خلال الدستور الحالي، لأنه 
لم يخرج عن الإجماع والوحدة.
جعل تحركه اجتماعيا وسلميا، مطالباً بدستور ديمقراطي، وهذا حق سيادي لكل شعب، كما أن التوجه نحو تغيير الدستور تحت سقف الدستور الحالي هو تثبيت للقول أن سيادة الأمة nation building ببناءها ما تشاء، فهي البنية التي تنشئ ما تريد.
لم تخرج المطالب عن استمرار نفس المؤسسات وتغيير كل الممثلين داخلها. فإسقاط الحكومة وحل البرلمان حق الشعب، فالتظاهرات لو تجاوزت عدد الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الحاكمة أسقطت الحكومة.
المخيف أن يسير النظام باتجاه يدق القطن في أذنيه، وأن يترك تفاعله مع الشارع يتجه إلى غير ما يريده الجميع.
الإصلاحات ضرورية خرجت المظاهرات أو لم تخرج، أما وقد خرجت، فإن "شرعية" إضافية امتلكها الإصلاحيون، وعليهم أن يقرروا ما في صالح الشعب.
التظاهرات "تنفيس" في حسابات الأمن، وعدم تحولها إلى اعتصامات في خدمة الوضع الحالي، لأن التخوف كان "مرعباً" لو خرج الناس إلى الشارع دون سابق إنذار، فهل دخل الشارع في التدجين المخزني ؟.
بل والتدجين الأمني : لماذا لم يحدث الشغب إلا في مدن يحكمها "البام" وحزب الفاسي الحزب الحاكم والاثنان عرفا كيف يكونان تحت الطلب ؟! وتحت الحسابات الأمنية تماماً.
الأكيد أن صعوبات تواجه من أطلق المبادرة وكيف يدير مرحلتها الثانية. النظام أمامه "إصلاح جذري" أو شارع يمكن أن يصبح راديكاليا مع الأيام. والوصول إلى هذه المرحلة يكرهها العقلاء. استثمار مظاهرات تجتاح العالم العربي لإرسال رسالة من المغرب تقول إن أمنه ليس على الصورة التي نقلها الإعلام الدولي عنه في أحداث العيون.
هذا المعطى إيجابي، لكن الخطوة الثانية تصنع التحدي أمام الجميع. كيف يدير المغرب "تحوله" من دون نقطة دم. لقد سقط جرحى في اشتباكات النهج الديمقراطي والأمن في فاس تضامنا مع ثورتي تونس ومصر الداعيتين إلى إسقاط النظام. لكن من "غير المساس" بالملك والمطالبة بتقليص سلطاته تكون 20 فبراير قد أبلغت رسالتها بما يعني "التغيير الراديكالي" الممكن في هذه المرحلة، وكل مراحل التظاهر في تونس ومصر لم تبدأ بما انتهت إليه لأن الدم سقط.
أحداث العيون أصبحت دموية لأن الطفل الكارح سقط في المخيم. العنف لا يولِّد سواه ولا يلد غيره. شباب المغرب يدخلون في مرحلة أخرى، ولا يجب بأي حال تصوير الوضع "بالعادي". لأن المطالب تتصاعد كلما لم تكن الاستجابة. صورة العمل الشبابي قد يتجه إلى الدخول في مرحلة أخرى من التسييس ومن الحركة، والمتابعة، أولاً أن يتحول المجتمع الشبابي إلى مجتمع يعيش الانتقال ويريده وثانيا، أن يتوسع النسيج "الفايسبوكي". احتضان الشباب من طرف فاعلين جمعويين وحقوقيين ومنظمات كشف على نفس المطالب. لكن هناك ساعي بريد يسمح له النظام أكثر من غيره. الشباب قناة جديدة لطرح مقترحات سابقة، لكن أن تتحول هذه المطالب إلى الجماهيرية، فهو ما يكشف عن صعوبة التجييش إلا بمطالب أكثر راديكالية. ولا يمكن لأي عاقل أن يدخل شعبه في هذه المغامرة. على الإصلاح السياسي أن يخرج من الكوما ؟ أو يخرج المغرب إلى الشارع ليكشف عما يريد مواطنوهوهذا ما حدث -

إسرائيل خائفة جدا
ونصر الله يجعلها جبانة أكثر ؟!

تل أبيب تتنفس خوفاً بعد إسقاط مبارك، واستثمر حزب الله هذه الوضعية الحزينة لإسرائيل ليجعلها جبانة أكثر.
أرى كيهودي أن الأحداث تكشف عن شجاعة الشعب المصري نحو سلامه الداخلي وتحرير نفسه والانتقال إلى الديمقراطية، والشعب الإسرائيلي يجب أن يتمتع بنفس القدر من الشجاعة ويعلن السلام كاملا في انسحاب إلى الأراضي الشرعية لدولة اليهود في الشرق الأوسط.
التغيرات يجب أن تكون في صالح السلام، لأن الخوف في إسرائيل من الحرب، وما على كل المنظرين في هارتسليا إلا أن يقرروا ما قرره شارون في غزة لأن الانسحاب هو السلام.
انسحب بن علي ودخلت تونس في مرحلة سلام مع نفسها، كما انسحب مبارك ويدخل السلام مصر شيئا فشيئا. لابد لإسرائيل في هذا الزلزال كما يقول نتنياهو أن تنسحب من أراضي 1967 فيكون العالم العربي مجبراً على احترام مبادرته، وإلا سقطت في الماء كما يسقط الرؤساء الموقعون عليها.
المبادرة العربية لم تكن اتجاه إسرائيل فقط، بل اتجاه كل يهود العالم. يجب أن يموت الاحتلال وتموت الديكتاتورية معا في الشرق الأوسط الجديد. أدعو العقلاء أن ينتبهوا إلى أن إسرائيل خائفة فلا تجعلوها مهددة والفلسطينيون سينتفضون إن لم يكن في الغد بعد الغد.
نتنياهو يراقب ولا يريد أن يتقدم. الحفاظ على جزء من الضفة قد يذهب بالجليل وما بعد الجليل. هل يضع نتنياهو إسرائيل على حافة الضياع لتضعضع الأنظمة في الأردن والسعودية كما يقول رئيس الموساد الإسرائيلي أفرايم هليفي في جريدة يدعوت أحرنوت.
الكلمة الأكثر تداولاً في كل المنشورات العبرية في هذه الأيام هي (الخوف) هل يعي المسؤولون : أن هذه الوضعية تقهقر إسرائيل إلى حد بعيد، وتصيب (تساحال) : الجيش في مقتل ؟
الزلزال في العالم الشرق أوسطي " قوي" ويجب أن تكون تل أبيب ذات مبادرة لوضع نفسها تحت سقوف الاتفاقيات الإقليمية والقانون الدولي بشكل نهائي. أعرف حاليا أن الإسرائيلي ومنهم نتنياهو يفكر بطريقة مبارك أكثر مما يفكر كأمريكي تربى هنا ؟
الضرورة الوحيدة لأمن إسرائيل انسحابها من باقي الضفة فلا تجد القيادات الديمقراطية والثورية الجديدة في العالم العربي معنى لعداء اليهود، كما يفتح صفحة جديدة من وجود إسرائيل في جوار ديمقراطي تتناسق فيه الحقوق والحرية واحترام الآخر.
ونصيحتي لنتنياهو أن يكون ذكيا ورائداً من أجل إسرائيل لإقفال صفحة العداء في هذه منطقة متوترة، وتدير توترها بذكاء شديد.
أرسل أوباما آخر إشارة إلى نتنياهو من أجل أن يبادر. استعمل الفيتو لصالح تل أبيب لكنه يريد ثمناً.
الخوف في إسرائيل من أمرين : أن يدير أوباما ظهره إلى إسرائيل كما أداره إلى مبارك. رسالة أوباما أنني فقط أريد ثمنا وليس الآن. الأمر الثاني، أن الرئيس الأمريكي لا يريد تعميق الخوف في إسرائيل، لأنه يريد أن تكون مبادرة. هل هذا التاكتيك كافٍ للبيبي (نتنياهو) ؟
أحد المقربين من رئيس الوزراء الحالي قال لي من تل أبيب : هناك شيء لا يجب تصديقه هو أن يصل الزلزال إلى إسرائيل ! مثل هذه الرؤية خطر على السلام، وعلى روحنا اليهودية التي نشأت لأجل الحق وموسى في مصر، هل تذكرون ما يقوله التلمود وكل الآباء.
هذا الحق زعزعه ضعف خطير يواجهه ادعاء القوة.
الخارطة التي وعد نصر الله بتغييرها أمر المؤمنين في الحزب بتنفيذ الأمر.
الجليل تحت التهديد، والجولان تحت مطالب سورية، ولن يكون تغيير في دمشق إلا في حالة واحدة : أن يقرر الإسرائيليون تسليم الجولان لقيادة "ديمقراطية" تأتي مكان الأسد.
تغيير النظام في سوريا له ثمن فادح، وتل أبيب تريد الديكتاتورية في دمشق إن بقي الجولان على وضعه الحالي. هل الديكتاتورية ستعيش استثناءً في الشرق الأوسط  ؟ والخوف كامن من شن الديمقراطيين بعد ثورتي تونس ومصر والديكتاتوريين على رأسهم الأسد "حرب وجود" على إسرائيل، لأن الديمقراطيات الجديدة ستسمح "بالانتماء الوطني ليهود إسرائيل في المناطق التي أتوا منها". الهجرة المضادة قد تزيد يا نتنياهو بعد استقرار الأوضاع الديمقراطية انطلاقا من مصر واتجاه كل إسرائيل.
على نتنياهو أن يبادر لاحتواء الزلزال، لا أن ينتظر شبح الإخوان المسلمين يطرق بابه، وقد فعل ! فتجزيء المشاكل بهذه الحدود لا تبشر بشيء.
دولة الإخوان المسلمين في غزة ودولة "حزب الله" في لبنان واعتبار جندي قتل فتيات يهوديات بطلا في الأردن تحول يستدعي وضع إسرائيل تحت القانون، إن وُضِعَ العالم العربي تحت الديمقراطية. هذا هو الجدل الذي يجعل شجاعة إسرائيل "قريبة" من العقل.
القرار في تل أبيب بين أن يكون الجيش شجاعاً أو تكون القيادة السياسية أشجع. أعرف أنه بعد مبارك وموت الحسن الثاني لم يعد لإسرائيل أصدقاء كبار. وعليها أن تصنعهم. وعندما تريد ذلك لابد أن تكون شجاعة مع نفسها وليس شجاعة فقط مع الآخرين.
الاستعداد للحرب الشاملة كما يقول رئيس الأركان السابق هو الحل لكني أرى السلام الشامل بديلاً لهذا الاختبار الوجودي لإسرائيل، بين الحرب الشاملة أو السلام الشامل على نتنياهو أن يختار محيطنا ! سيتعاطى معنا جيرانُنا كما نتعاطى مع أنفسنا، لا ننسى كلمة حققت جزءاً من عقيدة السلام السابقة نذكرها جميعاً : سلام الشجعان، هذا السلام حلٌّ جذري للمشكلة المطروحة والجيش وحده لن يصنع الحدث ؟!

جريدة ماوراء الحدث عدد 17  ل 25/2/11   ص 20   عبد الحميد العوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق