عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 مارس 2011

في آخر عدد من لوموند دبلوماتيك الجذور العمالية لانتفاضة مصر


عدد كبير من الإضرابات هيأ لحركة 25 يناير قبل سقوط حسني مبارك. العمال طالبوا بتحسين شروطهم الحياتية وحقهم في التنظيم، حيث أشار المبعوث الخاص لجريدة لوموند دبلوماتيك Raphael Kampf إلى شعار الجميع : كفى ! لن نحتفل دائماً. علينا أن نبني البلد. علينا أن نعمل. بهذه الكلمات عبر أحدهم وراء مقوده على بعد خطوات من ميدان التحرير، والآخرون أتموا ليلة فرحهم يغنون وصادحون على مختلف آليات الإيقاع. هذا السبت 12 فبراير في صباح قصير تستيقظ مصر من ليلة طويلة دامت ثلاثين سنة. حسني مبارك غادر إلى شرم الشيخ والسلطة انتقلت إلى المجلس الأعلى. أهم مطلب للمتظاهرين تحقق : الرئيس رحل؛ والثورة بدت منتهية.
السيد سعد يمتلك "مصنعاً صغيرا للملصقات الصناعية في حي فقير في القاهرة العتيقة" مستعملاً منتوجاً أمريكيا. وفي صباح الثورة، خمسة عشر من العمالأغلبهم من النساء الصغيراتبدؤوا في العمل والمدير موجود في مصنعه، إنه مسرور بهذه الثورة. ويثق بأن بلده سيصبح أكثر جدية وأكثر تنظيما، وهؤلاء العمال سيصبحون أكثر مسؤولية. وسيكون الوضع أقل فساداً. في الماضي كان يعطي بقشيشا لمفتشي الدولة الذين يراقبون أوضاع الشغيلة، وأحوال العمل ويظهر أن عماله انضموا إلى حملة إسقاط النظام ومهتمين أكثر بأجورهم التي ارتفعت إلى 500 جنيه مصري (62 يورو) للشهر، بعيداً عن الحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه (149 يورو) والذي تناضل لبلوغه الحركات اليسارية -.
هذا المطلب لا يدخل في برنامج الثورة كما كتب الروائي خالد الخميسي صاحب رواية (طاكسي) : هذه الثورة كان لها هدف واحد : إسقاط مبارك. تعديل الدستور، حل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات نزيهة. يعترف بأهمية الحركات الاجتماعية، خاصة إضرابات العمال في آخر هذه السنوات، حيث المطالب أكثر اجتماعية واقتصادية أكثر منها سياسية، هناك ترابط وديمومة بين هذه الحركات وثورة 2011.
جمعة 11 فبراير، في مقهى على بعد أمتار من ميدان التحرير، بعد الصلاة وقبل إعلان رحيل مبارك، مجموعة صغيرة من المثقفين يناقشون هذه الوضعية، علاء شكر الله طبيب في الخمسينات، مناضل طلابي سابق ومناضل في المنظمات غير الحكومية، يقرأ الصحيفة بصوت عال، ويذكر لائحة المصانع والمقاولات التي دخلت في الإضراب : عمال السكك، البترول، وعمال وزارة الزراعة، والماء والحافلات.. قبل أيام، العمال يلتحقون بالحركة بعد أن سمعوا أو لم يسمعوا نداء رفاقهم من العمال المصريين يوم 9 فبراير المنضوين في منظمات اليسار من أجل مطالبتهم بالعدالة الاجتماعية، الحد الأدنى والعادل للأجور، ديمقراطية العمل، الحرية النقابية وغيرها، معبرين : أيها العمال المصريون. أنتم جزء من هذه الثورة العظيمة لشعب مصر، نضالاتكم ومعارككم هذه السنوات الأخيرة هيأت أرضية هذه الثورة.
بالنسبة للمحامي خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "ليس العمال من أطلقوا حركة 25 يناير، لأنهم لا يملكون بنية قادرة على تنظيمهم. لكن (في إحدى مراحل هذه الثورة لم يتم تجاوزها إلا بعد أن بدأوا يحتجون، وصبغوها بلون اقتصادي واجتماعي بالإضافة إلى المطالب السياسية.

 لا أقل من ثلاث محطات احتجاجية كل يوم في 2010
تحليل لا يشاطره شباب الطبقة الوسطى يقول أحمد ماهر أحد أبطال الثورة في الإعلام، ومهنته مهندس، والمنسق العام لحركة 6 أبريل : العمال لم يلعبوا أي دور في الثورة. كانوا مهتمين. حركته التي أتت بمطالب على العموم سياسية وديمقراطية أشعلت شرارة المسار منذ 2009 نظموا مظاهرة كل 25 يناير، وهو يوم عيد الشرطة من أجل فرض الليبرالية السياسية، وفي 2011 كانت حاسمة.
بالتأكيد، هذه الحركة دعت يوم 6 أبريل 2008 إلى إضراب كل العمال، بشركة مصر للنسيج في المحلة الكبرى في وسط النيل. في هذا الوقت شباب القاهرة التقوا العمال وقرروا إطلاق حركة 6 أبريل، والحركة أبعدت المطالب الاجتماعية من أجل التركيز على المسألة الديمقراطية.
نضالات العمال لعبت دورا حاسماً في السنوات الأخيرة، أدخلوا ثقافة النقد والمطالب في كل القطاعات. حسب علي : لم يمر يوم في 2010 دون أن يشهد 3 احتجاجات على الأقل في البلد، وحسب كمال عباس، عامل سابق ومدير لمركز الخدمات النقابيين والعمال : هذه الحركات زرعت فكرة أننا يمكن أن نعمل على إضراب عام.
في 16 فبراير، ورغم بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة عبر التلفزيون والهواتف المحمولة والداعي لوقف المظاهرات، مصنع مصر للنسيج توقف عن العمل. العمال أقاموا خيامهم داخل العمل كما الأمر في ساحة التحرير، وناموا، والمطالب المكتوبة على الحيطان : رحيل فؤاد عبد الحليم حسن، رئيس الشركة والمتهم بالفساد...

 عسكري
أمل تتقاضى 300 جنيه للشهر، وآخر يتقاضى 290 جنيه لنصف شهر وثالث عمره 39 سنة يتقاضى ضعف الأخير تقريباً. ويطالب بتطبيق قرار المحكمة الدستورية للحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه للشهر، والمحكمة الإدارية طالبت مجلس الدولة بحد أدنى للأجور يمكن من حياة كريمة.. هذا الوضع جعل الصحافة تطلق (حرب الأجور)، في عدد الأهرام يوم 16 فبراير 2011. الحكومة لم تطبق التوصية وتبقى "هدفا" لنضالات المجتمع.
العسكريون فاوضوا عمال المحلة وتم تغيير رئيس الشركة...
الشرطة نفسها تظاهرت، وصدى أحد شعارات ميدان التحرير : حسني مبارك قل لنا أين أموالنا ؟
الخبراء يؤكدون في حواراتهم على صفحات الجرائد أن الحال مبكر لإعادة توزيع الثروة، و(إضرابات العمال.. خطر يتهدد الاقتصاد المصري).

 أمل أن يحدد الدستور "الحد الأدنى للأجور"
لم يكن ممكنا فعل شيء قبل الثورة بسبب رجال أمن الدولة. اليوم هناك الحرية والجيش يحمينا. قبل، من المستحيل أن نلتقي رئيس مجلس إدارة المصنع. حاليا، نعم ! قبل الثورة قليل من الناس يتحدثون. الآن يمكننا أن نتحدث، نجلس ونتحدث عن مشاكل مجتمعنا. ليس من الشك أن نتحدث عن "حرية التعبير". 
في 19 فبراير محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اجتمعوا إلى السلطة العسكرية التي تدير البلد لمناقشة الحد الأدنى للأجور والذي يمكن دسترته من أجل تقليص الفوارق. حسب الخميسي (الثورة لم تنته. الثورة بدأت).

جميع الحقوق محفوظة لجريدة ماوراء الحدث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق