عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 20 مارس 2011

حتى لا يكون حلمنا مستحيلا ؟!


ما سمي بزمن "الثورة الدستورية" بدأ بجروح وشهيد واحد في صفرو، والمسير طويل، فعلى قدر فضل الأمة تأتي آمالها، وبآلامها الصبرُ نفسُه يَصْبِرُ، والحاكم من يدرك بذكائه مراد شعبه، وإن قل فيما يرتجيه نصيبه.
من الآن ظهر أيتام المرحلة يبكون، يطغون، ويتهمون الشعب بالقصور وهم من القصور يحكمون ويهتفون : النظام يريد إسقاط الشعب والشعب لا يستحق ما قدم له، عسى أن يخمد الحراك لسنوات وعقود وعهود، الجميع بين غير مصدق لوعود النظام في أوساط مريديه، وغير واثق من الآمال الموضوعة على الإصلاحات... قرؤوا أن الخروج اضطرار لإملاء القرار، كأن الدولة تفرِّق إخوانها وتفقد حبيبها : دستور كتبته ووثقته واحتكرت فيه كل الهوى والهواء، من تنفس تنفس المخزن، ومن رفض دخل المخزن لأن يد الخلافة لا تطاولها يد، ويد الزمان يعقبها غد، وبين اليد والغد ألم المخاض الدفين، من خطب رمانا به الزمان الأنكد، فكم صارع الحسن الثاني من أجل ملكية مطلقة وكم حارب من حارب الاستعمار من أجل دستور يستحق المغرب.
هل سينتصر التاريخ، وقد زاد مُلك سليمان فعَاوَدَهُ، والشمس تنحط في المجرى وترتفع.
هل يثق المغاربة في هذه اللحظة ! وقد خنق أهل القرش العرش والمال أدار الحال ! وقد رأى البعض أن المناورة أقوى من الحق ! غير مدركين أن للنجم من بعد الرجوع استقامة، وللشمس بعد الغروب طلوع. وإن نعمة زالت عن الحر وانقضت، فإن بها بعد الزوال رجوع... الكل سيعود للشعب، وزوال ما عداه سريع، إن بعد كل جيل عسراً، إن مع الشعب سِرّاً ويُسْرَا.
القرار قرار الشعب وفي الحديث : عند تناهي الشدة يكون الفرج، وعند تضايق البلاد يكون الرخاء. واليوم في المغرب حَالُ من بكت للتاريخ شاهداً، وبين الشاهد والمارد تتحدد صورة الوضع.
على المنوني أن يكتب التاريخ قبل أن يكتب الدستور باسم محمد السادس، وباسم الشعب يكتب تقرير مصيره بعد دهر لا ينثني عما يهم به، قد أوسع الناس إنعاماً وإرغاما.
الحسن الثاني أتقن التعاطيل إلا في آخر أيامه، والأمور في القرب والبعد، هي سَواءٌ فاغتنم لذة المبادرة دون مكابرة أو مداورة أو مناورة.
التاريخ يأذن لأهله حالياً، فمن ركب قطاره وصل، ومن تأخر انكسر أو انفصل، والقصد أن يكون الملك من أولي العزم وأن يكون شعبه عَزْمُ، وليس بينهما وهم.
فالتغيير أمر الله والتاريخ ينتظر، والشعب بعد الله هو القدر.
المغرب إن قاد ثورته الدستورية بأقل المتظاهرين والمحتجين وفورة الشباب العاطلين كان الاستثناء عن حق وصدق، والخوف من تكرار ما سبق فيما لحق، فيكون الاستثناء للاحتواء، وكله على المعلوم خواء... والشعب بقسمه حَرُّ فَحُرُّ فَحُرُّ، والحر حُرُّ وإن مَسَّهُ الضرُّ فالمعاتبة سِرُّ وهي في الشارع كَرُّ وفَرُّ... وبين العانتين القائمين رغبة في الفساد، وفي الحاكمين لوثة قهر العباد، وفي اتفاقهما الموت والمَنُونُ، فهم مِنْ صَدَى المقابر قاموا، يقتلون كل خير، فإن نزلت قوتهم هاموا. والقدر المبين أن يكون بين الشعب والملك كتاب هو العقد بَيْنَهُمُ... وهذا تطور العصر من رغبة الشعب والقصر، فإن اختلفا ضاع ما بينهما وقد اشتغل كثير لِبَيْنِهِمُ، وظهرا من يوم الفراق كأنهما على وعد، والخلاص إن ترفق الملك وتعمق في إصلاحه فيزيد الأثر من رؤية البعد، وإلا فتعثرنا أقوى، وأبشع في الأبصار من رؤية اللحد.
القرار قرار شعب ينتظر وإن قام ينتصر، فيكون ما علاه كجلمود صخر حطه السيل من علٍ، وقد اكتوى بزمن طويل، والصبر في قدراته قيد العوالم هَيْكَلُ.
الشعب يريد إرادة حركت الأزمان والأركان والهوان في كل إنسان، فرأينا شعوباً تنتصر وشعوباً تُذْبَحُ ولا تنكسر، وأخرى تنتظر، وبين هذه الشعوب لغة واحدة رفض دفين أن تكون متخلفة تحت درس التكليس والتكريس والتدليس وقد يقتل القذافي بذبحه لشعبه كل صوت... 
لكن لسان الحال يقول ضاع الحياء في الرؤساء، فكأن من علينا مجرم مستتر، ذبَّاحٌ أو جزار مسيطر، لا يصنع المعروف ويقتل الملهوف ويفرض نفسه عسفاً وكرهاً. فأي جريمة تسود وهي تعود من بطون الوحشية والبربرية التي عفا عليها الدهر ؟!
الفرعون الأخضر في ليبيا يقتل ليرى نفسه سام أهل الأبطح... قَتْلُ النار على الطريق الأوضح. الله في أبرياء وأمهات ليبيا، والخوف على المغرب قائم غير زائل ! وإن صحيح أن بين الثورة البربرية للقذافي، والثورة الدستورية لمحمد السادس، ما بين هولاكو والقرن الواحد والعشرين، لكن بلدي ليس بعيداً عن العنف ومنظريه من وراء ستار وفي دوائر القرار، والخوف عظيم في اختلاط الأوراق والأعناق.
من بين رغبة المفسدين في إرباك خطوات الإصلاح، ومن يرغبون في خطوات أعمق في المسار، وآخرون ساكنون صامتون خائفون، ولأن الثورة إن بقيت خوفا ومنحة، دون أن تنطلق حركة وتكتمل، فإنها قد تسير في غير اتجاه، فالمؤامرة صحيحة على الإصلاح، من الفوق بربح الوقت والمناورة، ومن تحت بالمغامرة ومن الوسطاء بالمقامرة، والخوف أن تهتز أرض المغرب طلباً للإصلاح والحاكمين فوقها يريدون أرباحاً خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان ! يكذبون ويكذبون ليكون المربع مستطيلا... وحق الشعب الذي لا يعرف المستحيلا، أن يكون في المغرب تغيير عميق أو يكون التاريخ عناَّ مستقيلا !!

افتتاحية ماوراء الحدث عدد 20  ل 18/3/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق