عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

إشارات خطيرة بعد نفي القاعدة مسؤوليتها عن تفجير مراكش ؟


بعدما أعلن برنار سكارسيني رئيس القيادة المركزية للاستخبارات الداخلية الفرنسية أن فرنسا هي الهدف الثاني للقاعدة بعد الولايات المتحدة ، و التنظيم - كما هو معلوم - يشن حربا على حياة الفرنسيين ،  أتى  نفي القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي للقطع مع هذه الممارسة ، كاسرا للعبة القائمة بينه و بين الأجهزة الأمنية التي تحاربه ، و قد أقر في بيان له ( أنه يختار المكان و الزمان الذي لا يتعارض مع مصلحة الأمة في تحركها نحو التحرير المنشود ) و هذه فتوى لمشاركة عناصره في هذا الحراك ، و محاولة انجاحه ، و هذا لا يخدم أكثر من جهة سخرت الحرب على الإرهاب كجزء من الحرب على معارضي النظام .
لم يكن البيان مفاجئا بعد مقتل بن لادن ، فالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خرجت من الجماعة السلفية للدعوة و القتال بعد فشل وصول جبهة الانقاد الجزائرية إلى الحكم ، و هي كفرت المجتمع لأنه تراجع عن حقه ، و حق الاسلاميين في الحكم . فالتنظيم له جذور في مباركة " الحراك الشعبي "  الذي شكك ضريف في بيان القاعدة لاستعماله هذا المصطلح ؟!
المحتمل أن تعود القاعدة بعد مقتل بن لادن إلى سابق عهدها قبل بيعتها له ، و إن كانت قد بايعت أولا الظواهري قبل أن تستدرك و تبايع بن لادن .
القاعدة أربكت الحسابات الأمنية باتجاهين :
أ - رفض العمليات القتالية في المغرب الاسلامي التي لا يوافق عليها تنظيم القاعدة زمانا و مكانا ، مما يجعل العمليات القادمة بتوقيع مسؤول من التنظيم .
هذا التطور يفصل في الالتباس الموجود فيمن يقف خلف التفجيرات ، و يزيد من طرح الظلال على ما يعرفه الوضع ، و قد عانت الجماعة قبل أن تبايع القاعدة من اختراق الأجهزة الجزائرية . و تدير اللعبة حاليا بعد مقتل بن لادن ، بحساباتها أكثر من توقعات المركز ، حيث ظهر بن لادن قائدا و بمركز قيادة - كما يقول تقرير البنتاغون - .
ب - رسالة إلى فرنسا أن قتل الفرنسيين لم يعد مهما بعد تصفية بن لادن ، و ستكون العمليات القادمة كبرى تعبر عن الثأر لتصفية الزعيم ، و تكون أهداف أمريكا في المقدمة كما قال سكارسيني ، و هناك كما يقول في جريدة لوموند : احتمال في أن تتسارع الأمور .
من جهة ، قد تعطي القاعدة لفرنسا بعض الراحة ، لأن الأهداف المتوقعة : أمريكية و كبيرة لإعطاء الانطباع أن موقع بن لادن " كبير " بدوره .
من جهة أخرى ، بيان القاعدة قد يعطي نوعا من التراخي يكون فرصة للقاعدة من أجل تنفيذ عملياتها و الأهداف الحالية :
أولا ،  الافراج عن متشبعين بهذا الفكر ، فالنصرة تسبق القدرة ، في ظل الانفراج الذي تفرضه تطورات الإصلاح و حركة 20 فبراير .
ثانيا ، التوجه إلى مصالح أمريكية فوق تراب الدول التي يمكن أن يصل إليها تنظيم القاعدة ، و لا بد من البقاء على رفع حالة التأهب التي أعلنها أوباما بعد مقتل بن لادن ، و في نظر الفرنسيين  يستمر الحذر - بتعبير سكارسيني - .
أهداف القاعدة ظهرت في 100 أسطوانة مضغوطة ، و آلاف الوثائق و الاوراق و الملفات  ، و 10 أجهزة تخزين إلكترونية ( هارد دريفر ) و 5 كومبيوترات ، و يجري تحليلها في مقر الاستخبارات الأمريكية C.I.A في فرجينيا ، و في مكان آخر سري في أفغانستان ، و كان لزعيم القاعدة كابل من الألياف الضوئية يستخدم عبره الأنترنت من نقطة إلى أخرى - كما نشرت الواشنطن بوست - .
القاعدة في المغرب الأسلامي التي تهاجم في مسيراتها الأهداف الأمريكية ، للموقف المشهود لواشنطن في أزمة الانقاذ و الجيش بتسعينات القرن الماضي ، هي اليوم مضطرة لأحد أمرين :
أ - السكوت عن بيعة خليفة بن لادن ، خصوصا بعد أن ظهر نعيه بتوقيع : الإدارة العامة . واقع قد يدفع إلى الاعتقاد بوجود خلاف في القيادة ، أو أن الصدمة كبيرة و غير متوقعة  دفعت إلى إعلان النعي باسم جماعي في انتظار الأيام المقبلة ، و السلفيون يخلفون بعضهم أميرا عن أمير .
و قد تكون فرصة القاعدة في المغرب الاسلامي ذهبية للعودة إلى ماكانت عليه قبل البيعة .
ب - إن استهداف الأمريكيين أصبح ضرورة بعد مقتل من بايعوه . فتكون القاعدة في المغرب الاسلامي خارج سياقها و أهدافها التي ركزت على فرنسا الداعمة منذ القرن الماضي لمؤسسة الجيش الجزائري و لا تزال .
و القصد من بيان النفي عن عدم مسؤولية القاعدة عن تفجير أركانة في مراكش ، هو إيصال رسالة إلى فرنسا - التي تبنت التحقيقات الجارية - مفادها أن تعيد النظر في هذه التحقيقات .
القاعدة تستهدف علاقات التعاون الأمني المغربي - الفرنسي ، و هو في جزء منه شديد الحساسية ، و حاليا يمكن لباريس إعادة قراءة الجريمة النكراء بمراكش .
 ظلال جديدة و أبعاد خطيرة لبيان القاعدة تؤكد أن اللعبة لم تنته ؟!

ماوراء الحدث عدد 28 ص 11 دولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق