عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

في أجواء مصالحة بين الأمير الأحمر ومحمد السادس مولاي هشام قرر السكوت بعد الدستور القادم


أكد استجواب الأمير مولاي هشام لمجلة ( ليكسبرس ) الفرنسية أن معركة الأسرة المالكة هي مستقبل الملكية ، و ليس تفاصيل تفجير إرهابي معزول في مراكش . و هذا المستقبل في المغرب و في باقي الملكيات العربية هو الشغل الشاغل للجميع ، بعد أن نظر مولاي هشام ، و في كل كتاباته ، إلى هذه الملكيات العربية كتلة واحدة و مصالح واحدة ، و هو مااستجاب إليه مجلس التعاون الخليجي بعد سعيه لضم كل من الأردن و المغرب إلى نادِ واحد للملوك العرب بتوصية فردية و اقتراح فردي من الملك السعودي - يقول المصدر- .
إن مجهود مولاي إسماعيل في السعودية تطابقت مع المجهود النظري لأخيه مولاي هشام الداعي لتوحيد مبادئ المنظومة الملكية العربية في القرن الواحد و العشرين تحت عنوان الإصلاح لتكييفها مع شروط العصر .
الأخوان - مولاي إسماعيل و مولاي هشام - في مسعى واحد ، و أبناء عم الملك أول جنوده في دول الغرب ، و في السعودية لتمرير جزء من الاصلاحات و اعتبارها كافية في الدستور الجديد . و الملاحظ هو دعم أولاد مولاي عبد الله ووقوفهم إلى جانب أبناء و بنات الحسن الثاني على حد سواء ، لمعركتهما الواحدة في ظل زلزال الثورات العربية .
الأجهزة الأمنية المغربية إن كانت ترى مستقبل بعضها رهينا بمعركتها ضد الإرهاب كمعركة وجود في ظل قرار ملكي قضى بدسترة توصيات هيئة الانصاف و المصالحة ، فإن مستقبل الملكية و تحديد سلطات الملك هو الجزء الرئيس الذي تهتم له الأسرة المالكة .
أولا ، محمد السادس فتح الحوار مع أسرته ، و مع كل الأمراء حول الإصلاحات التي تخص النظام الملكي في المغرب ، و هناك - حسب المصادر- توحيد للنظرة و الحوار بطرق مباشرة و غير مباشرة حول مدى الإصلاحات التي يجب أن يقرها الملك . الحوار لم يكن مع كل فئات الشعب فقط ، بل مع كل الأمراء و أفراد و توجهات الأسرة المالكة حول المستقبل .
ثانيا ، إجماع الأسرة الملكية على سقف - واحد - من الاصلاحات هو الجزء الرئيس من معادلة الأمن و الاستقرار ، من جهة ، ومن جهة أخرى ، هناك رغبة في أن يكون التوجه الأخير للإصلاح في المؤسسة الملكية استراتيجي ، كما يريد الأمير مولاي هشام .
في حواره مع ليكسبريس يرفض دعوة 20 فبراير و العدل و الإحسان إلى مجلس تأسيسي في مقابل توجهات إصلاحية عميقة يدعو لها ، و تتلخص في ملكية برلمانية بتقاليد مغربية ، لأن القراءة تؤكد أنه في حال عدم اعتماد إصلاحات قوية يكون استدعاء المجلس التأسيسي من طرف الشارع ، و هو ما يعني نهاية النظام الملكي - كما يقول الأمير باللفظ - .
الرسالة واضحة أن المجلس التأسيسي دعوة و مطلب لجماعة العدل و الاحسان ، و قد تحركت العدالة أخيرا لتحدد جلسة لمحاكمة نجلة ياسين التي فضلت النظام الجمهوري على النظام الملكي .
الرسالة واضحة : من يدفع الأوضاع إلى التأزيم و إعلان المجلس التأسيسي يرغب في نهاية النظام الملكي . وضع يتقرر معه القول : إن تحالف مولاي هشام و العدل و الاحسان صعب إن لم يكن مستحيلا في المستقبل ، خصوصا بعدما وضع الأمير الجماعة في خانة الداعين إلى النظام الجمهوري . و أمام الجميع إما تنكر الياسينيين لابنة زعيمهم ، و في ذلك ربح لنظام محمد السادس ، و نقطة يسجلها مولاي هشام لصالح الملكية في بلاده . أو أن يكون الاصطفاف في الشارع واضحا : إن كل من يدعو إلى مجلس تأسيسي في المغرب جمهوري ، و تأتي حركة 20 فبراير في مقدمة من يجب عليهم الجواب . لأن تمييز هذه الحركة عن الجماعة هدف رسمي ، و الأمير مولاي هشام رمى بحجره إلى جانب هذه الحركة في مقابل الجماعة " الجمهورية " لياسين و أطراف اليسار الراديكالي الداعي لاسقاط النظام ، و دعاة التأزيم الأمني في صفوف معروفة حاربت الأمير نفسه بأسم الملك و ضد استقرار الملكية ، و قد أشار مولاي هشام بوضوح إلى محيط محمد السادس .
صراع الأمير مولاي هشام ضد العدل و الاحسان لم يكن متمثلا فقط في قوله : أن من دعا إلى مجلس تأسيسي لاعتماد دستور جديد للمغاربة جمهوري ، بل طالب بإضفاء البعد الأخلاقي على إمارة المؤمنين في المغرب ، حتى لا يكون لها أي بعد ديني  يشير إلى الخلافة ، و يرفضه عبد السلام ياسين ، كما يتحفظ عليه كل سلفي بعد أن قرر الملك السعودي رفض كلمة الملك فكيف بأمير المؤمنين ؟!
إن اعتبار مقام أمير المؤمنين أخلاقيا و ليس دينيا ، و لا قداسة للملك  صورة من صور العمل على خطوط دينية أقرتها السعودية ، لسحب البساط من تحت جماعة العدل و الاحسان ذات الدعوة " الجمهورية " .
=== بعد حرب مولاي هسام المكشوفة على جماعة  العدل و الاحسان و اليسار الراديكالي و الأمنيين المحافظين ، ظهر تحالف الأسرة المالكة .
الدستور الذي يقوم الملكيون بتعديله وضع الأسرة الملكية في خندق واحد ضد الدعوات الجمهورية بِلَبُوسِ ديني أو ماركسي لينيني ، وضد المحافظة الأمنية المتطرفة التي ترغب في تصفية الشارع من كل التظاهرات باسم الحفاظ على الاستقرار .
تحالف الاسرة الملكية في ظرف تجديد الدستور جمع كل الأطياف من الأمير الأحمر إلى جانب المحافظ أو الاصلاحي ، ووحدة الأسرة المالكة جزء من الرد على دعوات إسقاط النظام التي ارتفعت شعاراتها أخيرا بعد تفجير أركانة ، و تدخل مولاي هشام لتأكيده على :
- التمييز بين الاصلاح و اسقاط النظام الملكي .
- التمييز بين الراديكاليين الداعين لأن تكون  الاصلاحات عميقة ، و بين راديكالية تغير النظام إلى جمهورية .
- رفع قداسة الملك في مقابل رفع قداسة الأيديولوجيات و المعتقدات في الشارع .
- التوجه إلى إطار من الملكية البرلمانية بتقاليد و ثقافة مغربية .
تحالف الأسرة المالكة تحالف آخر لكل الملكيات العربية ، و هذا جزء صلب من استراتيجية مولاي هشام ، ليس بمنطقه الأول القاضي بالميثاق العائلي ، إنما بمنطق تحالفي لإيجاد إصلاح يحمي العرش .
إن التوافق مع الملكيات العربية الأخرى على سقوف الإصلاحات شئ ضروري ، فالملكيات سكتت على ما جرى في البحرين ، بل و دعمت ملكها ، و الصوت الإصلاحي في كل الأسر سكت بعد أن ظهرت دعوات لإسقاط النظام . فالخط الأحمر هو اسقاط النظام الملكي ، و يحترم عميد الأسر الملكية الملك السعودي اختيارات كل بلد ، على أن لاتصل الدعوات إلى التغيير الكامل لهذه الأنظمة الملكية .
أمامنا الملك الأردني الذي يفاوض أوباما للالتحاق بمجلس التعاون الخليجي ، و لذينا الرباط التي تحرص على مصالح فرنسا قبل إقرار هذه الخطوة ، لأن الجغرافيا المغاربية تفرض من جهة أن يكون هذا الالتحاق غير مؤثر على مصالح باريس وواشنطن في الإقليم ، و الدعوة في جزء منها للضغط على الجزائر لفتح حدودها مع المغرب تبعا لتوصية روس .
=== تحالف الملكيات العربية قناعة الأمير هشام قبل الثورات 
نظر مولاي هشام إلى تحالف الملكيات العربية استراتيجية حياة لأنظمتها ، و تأتي الثورات لتضع المنظومة الملكية في كتلة واحدة اتجاه مستقبلها ، في إطار التعاون الأمني و الاستراتيجي ، فمبادرة الملك السعودي بإلحاق الأردن و المغرب " خاصة " قررها بنفسه ضد محيطه لابعاد الجمهورية اليمنية ، و بعد أن سقطت مصر الثورة في أحضان إيران .
انتصار الحلف المقدس ضد إيران هو وقف لتصدير نمطها الجمهوري إلى البحرين و تعزيز قدرة الملكيات في الصمود ضد توسعها  الذي يصل الجزائر على حدود المغرب .
من جهة ، دعوة الملك السعودي ضغط إضافي على الجزائر، بتعاون مع أمريكا ، لتحقيق ما اقترحه كريستوفر روس أخيرا من تطبيع للعلاقات الجزائرية - المغربية ، ومن جهة أخرى ، و على جبهة الأردن ، يكون الاقتراح داعما لسلام عربي - اسرائيلي من خلال اعطاء عمق خليجي لاتفاقية عربية بين عمان و تل أبيب .
أوباما يحرك طمع الإسرائليين إلى السعودية من هذه البوابة ، و بالتالي نجد أن " تحالف الملكيات " متنفس إقليمي ضد إيران ، و غير مناهض للديموقراطيات و ثورات الشعوب هو القادر على إنتاج السلام بعد الديموقراطية التي يطالب بها الشباب في شوارع العواصم العربية .
إنتاج السلام بعد الديموقراطية جزء من سياسات واشنطن في الشرق الأوسط الجديد و تحالف الملكيات إن كان جزءا من السلام مع إسرائيل ، فهو جزء من مشكلات التحول الديموقراطي في العالم العربي .
و تحمي قراءة مولاي هشام في المغرب و الأمير الحسن بن طلال في الأردن توازنات تنقذ العرش في البلدين ، إذ يعمل الأميران على أن تكون الاصلاحات ضمن السقوف التي تحافظ على الاستمرارية و تقبل في نفس الوقت بالديموقراطية .
لقد أغرى التدخل السعودي في البحرين جميع الملوك العرب ، و هذا الهدف الأمني أو التأميني للملكيات عبر عمل الرياض قرر معه المغرب أن يرفض المساس بالمنامة و بنظامها الملكي ضد إيران ، و قد ساهم بمجهوده الأمني و العسكري ضد الحوثيين لحماية السعوديين ، و أخيرا لحماية البحرين . و هذه الرؤية الأمنية المشتركة للحماية و ضد إيران كشفت أن دمقرطة الملكيات العربية في ظل سقوف مقبولة لا تؤثر في إشعال مطالب و احتجاجات في السعودية أو إمارات الخليج الأخرى .
الرياض ترفض بطريقة ما نموذجا ديموقراطيا حادا تمثله الملكيات العربية خوفا على أمن نظامها الرافض لإصلاحات عميقة .
إن رفض مولاي هشام للمساس بالسلطة الملكية واضح عندما اعتبر الدعوة إلى مجلس  تأسيسي " نهاية لنظام المغرب الملكي " . هذا الرفض نهاية لصورة الأمير الأحمر . و قد فضل مولاي هشام في هذا الظرف نهايته على نهاية النظام الملكي .
هل انتهى الأمير مولاي هشام بعد أن وضع ملكية بلاده تحت سقف ما يقترحه محمد السادس على لجنة المنوني في توصيات خطاب 9 مارس ، و في إطار تحالف ملكية بلاده مع ملكيات الخليج بشكل كامل .
مولاي هشام عندما يدعو إلى استلهام روح الملكيات الأوروبية لا ينظر أمامه سوى إسبانيا التي أدخلت الاصلاحات الدستورية في المغرب ضمن أمنها القومي ، فالأمير  يرغب في أن تكون الاصلاحات متناغمة مع الملكيات الأوروبية للضرورة الإسبانية ، و في تحالف استراتيجي مع الملكيات العربية .
الخليج يمول الاستقرار في المغرب ، و لن يمول الإصلاحات ، على أن الأوروبيين قد يمولون فقط الإصلاحات بما يناسب الاتفاق المتقدم مع المغرب . و بالتالي تكون إدارة الوضع على أساس : 
أ - ضرورات الجوار : إصلاحات تهئ البلد لاستعادة سبتة و مليلية ، وربح الجوار في إطار تحالف الملكيتين المغربية و الإيبيرية . تحالف يخدم الشمال و الجنوب المغربيين .
ب - إن كانت ضرورات الجوار مع اسبانيا ضرورات الجغرافيا السياسية فإن ضرورات التاريخ تفرض الانضمام إلى منظومة الخليج العربي في إطار تحالف الملكيات العربية .
ج - ضرورات الإقليم يفرض التعاطي بشكل استراتيجي مع إقليم المغرب العربي ، و يرغب البرغماتيون في المغرب بأن تكون دعوة المغرب للانضمام إلى الخليج عامل ضغط على الجزائر لفتح حدودها مع جارها المغربي .
=== الأمير مولاي هشام في مصالحة استراتيجية مع أخيه مولاي إسماعيل إلى جانب محمد السادس 
قبل أن يستقبل الملك السعودي في حضور ابنه ، الأمير مولاي إسماعيل  استقبل قبلا مولاي هشام . فالرياض عملت على تقوية العرش العلوي في المغرب اقتصاديا و استراتيجيا ، و في لحظة رأى فيها ملك السعودية مطالب الليبراليين قوية في بلده قرر استقبال مولاي هشام رسالة إلى الداخل على أنه إلى جانب الاصلاحات أو أنه ملك إصلاحي .و في لحظة الدفاع عن الملكيات العربية كتلة واحدة و تحالفا واحدا في وجه الثورات استقبل مولاي إسماعيل قبل أن يطرح فكرة انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي .
من جهة ، تعبيرا من السعودية على دعم الرياض لمجهودات الرباط ضد الإرهاب ، وقد زار مولاي إسماعيل مع الملك مقهى أركانة التي أصابها تفجير إرهابي قبل أن بطير إلى السعودية .
و من جهة أخرى ، تعبيرا من الملك السعودي أن أبناء عمومة الملك المغربي أمراء لهم دورهم كما في السعودية . و الاشارة الأقوى أتت من محمد السادس عندما اصطحب مولاي إسماعيل إلى مكان الحادث و أرسله إلى الرياض .
تدخلات الأمير هشام في سير الاصلاحات ، وزيارات و أعمال الأمير مولاي إسماعيل تكشف أن دور الأسرة الملكية لم يعد محددا بالدائرة الضيقة ، بل بكل الأسرة ، و كأن موعدها مع التاريخ و هي تعمل على اصلاحات " كبيرة و في ظل محمد السادس و في شروط الثورة " .
=== أدوار لابناء عم الملك في أجواء الدعوة إلى تقليص صلاحيات محمد السادس
مولاي إسماعيل إلى الرياض في أجواء انضمام المغرب لمجلس التعاون الخليجي ، و عدم إسقاط صفة الأمير عن مولاي هشام ، و هو الذي اختار مرارا أن يوقع مقالاته بمحمد بن عبد الله العلوي ، تمسك أخيرا بلقبه في إحدى حواراته التلفزيونية ، و هو يدافع عن احتواء حركة 20 فبراير قبل أن يرد ملك البلاد على رغبتها  في 9 مارس .
هذه الأدوار لأسرة الملك في أجواء المطالبة بتقليص صلاحيات محمد السادس فرضت من جهة  أن يدعو الجناح الاصلاحي فيها إلى الذهاب إلى ملكية برلمانية مغربية ، و الجناح الآخر إلى اصلاحات حددها خطاب 9 مارس .
تحالف الأسرة الملكية قائم على خطاب 9 مارس و خطاب مولاي هشام بشأن الاصلاحات ، و قد يكون ما بينهما صورة من الحل الذي لا يضعف التدخل الملكي و لايقويه على الحكومة ،والأساس حاليا يذهب باتجاه : وحدة الأسرة الملكية بعد اقرار الدستور .
=== مولاي هشام مع وحدة الأسرة الملكية مباشرة بعد اقرار الدستور ، فهل يسكت الأمير الاحمر ؟
كشف مصدر غربي قريب من الأمير أن مولاي هشام لن يخاطب كأمير جمهوره في حال اعتماد الدستور ، و قد يواصل أبحاثه الأكاديمية باسمه الذي تعوده بعض قراءه .
إن عدم الاستجابة لبعض مطالب مولاي هشام ، لايعني الوقوف ضد إرادة الأسرة و تحالفاتها ، لأن " البعد الأخلاقي جزء حقيقي من التقاليد الملكية " .
الأمير مولاي هشام يعمل جاهدا من فرنسا على إرسال رسائله إلى أسرته و إلى الشعب المغربي ، و من خلال الفرنسية و ليس الانجليزية ، لأن الجزء الهام من مستقبل الملكية هو إصلاحها .
حاليا ، تحالف الملكيات العربية فيما بينها في ناد واحد يحميها ، لايجب - كما يقول أوباما للملك عبد الله الأردني - أن يكون ضد تعميق الإصلاحات ، وتوصية مجلس الأمن القومي الأمريكي ترى أن عدم التدخل في البحرين بما يكفي لحماية الشعب البحريني و الاصلاحات التي ينادي بها ، قد يدفع إلى تراجع في أجندة الاصلاحات التي قررتها ملكيات خارج الخليج ، وقد رأى الأردن أن الاصلاحات جزء من أمنه الخاص و لاتتعلق بتحالفاته الاقليمية - أي الخليجية تحديدا - فهل الأمر نفسه هو قرار المملكة المغربية ؟!     

ماوراء الحدث عدد 29 ص 3 بقلم عبد الحميد العوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق