عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 15 سبتمبر 2011

لماذا وقعت حماس و سلطة عباس اتفاقا تحت رعاية القاهرة ؟


حماس هربت إلى سلطة أبي مازن في رام الله خوفا من انهيار نظام بشار الأسد ، و اليوم نعيش حالة  إضعاف لمحور إيران في المنطقة العربية . فسلطة غزة لم تعد تستطيع  أن تنتقد حكومة الثورة ، و أمامها بشار غير قادر على الوقوف  بدون إسقاط الدماء .
و مع ذلك نجد أن نظام الأسد متأرجح في لبنان لأن حكومة ميقاتي لم تر النور ، و التشكيلة السريعة في دمشق بعد انتفاضة الشارع ليست مستقرة ، لأن الجيش و مليشيات ماهر الأسد و ابن خال بشار يقودان الطوارئ المرفوعة قانونا و الظاهرة في كل شوارع المدن السورية ، فهل يمكن أن يفكر الأسد في الحرب ؟
شخصيا ، لا يمكن أن أرى ذلك لأن الرئيس السوري في موقفه متأرجح ، و  نظامه في حالة تعادل مع خصومه .
إننا أمام عقلية تاكتيكية حادة ، تقبل شعارات المتظاهرين و تقتلهم و تترحم عليهم و تعتبرهم شهداء . هل هناك أكبر من هذا الهدوء المصطنع و القاتل و المهدد لأمن المنطقة .
إسرائيل استفادت من إضعاف المحور الإيراني ، بعد مشاركة طهران في قمع شعب عربي ، و اتفاق حماس و السلطة الفلسطينية و التراجع في لبنان .
إن منطق التحالف بين إيران و سوريا انتقل من الاستراتيجي إلى المنطق الزبوني و هذا لن يخدم بأي حال التوجهات الكبرى لحلف طهران ، دمشق، حزب الله و غزة .
الشئ الذي أدركته الولايات المتحدة في إطار توقيع الاتفاق بين حماس و سلطة عباس .
أولا ، أن هذا انتصار لمخابرات مصر بعد ثورة 25 يناير .
ثانيا ، أن التنسيق بين تل أبيب و القاهرة تراجع إلى حدود قياسية .
ثالثا ، أن مصلحة مصر في غزة عادت بقوة لتجعل قرار انسحاب شارون من القطاع له معنى تاريخي ، و ليس استراتيجي كما كان في حينه .
رابعا ، أن ما يجري إضعاف لإيران في مناطق القتال ضد إسرائيل .
فهل على تل أبيب أن تدعم هذه الخطوة لأنها إضعاف لإيران ، أم يتمسك نتنياهو بالخوف من السلام ، و يقطع احتمالات التفاوض .
منظمة التحرير الفلسطينية لا تزال في نظر حماس جهة التفاوض الوحيدة مع الشعب الفلسطيني ، كما لا يزال في اسرائيل من يعتقد بمفاوضة حماس . و لنا اليوم فلسطينيون بجناح راديكالي على نفس ما عند الإسرائليين  تماما .
كانت الضربة قاضية لليبرلمان ، لأن  مثل هذا الاتفاق اعتبره فشلا كبيرا لإسرائيل . 
الثورات استطاعت أن تهمش ليبرمان ، و اتفاق حماس و فتح عزلته .
تقول " يديعوت أحرنوت " أن إضعاف الأسد مكسب نقي  لإسرائيل ، فتحول مصر في صالح طهران و ما تشهده دمشق في صالح تل أبيب . توازنات جديدة في الخارطة . على أي حال في الصورة الإقليمية الشاملة نقرأ توازنا آخر بعد ثورة مصر و تظاهرات سوريا .
لا يمكن لإسرائيل أن تضع الإخوان المسلمين مكان الأسد ، و لا أن تحيط نفسها بديمقراطيات وراء ستارها أنصار حسن البنا الذي قاتل في القرن الماضي إسرائيل و أحفاد تنظيمه ينشطون في حماس . 
الشئ المؤكد أن واشنطن ستعاني من انعدام الاستقرار الإقليمي الذي أتقنت تل أبيب لعبته . و اليوم سقطت الديكتاتوريات و في بعض الدول سقطت هيبتها ، و بالتالي نقرأ صيغة جديدة للمعادلة الإقليمية .
إسرائيل لا تريد الفوضى الشاملة ، و لا تستطيع إلا أن تكون ضحيتها . في نفس الوقت آلفت تحريك الوضع الإقليمي بمبادرة منها أمام جمود الديكتاتوريات من حولها .
حاليا ، البديل صعب لأنه عدو وجودي ( الإخوان المسلمون ) بعد الثورات على نفس ما كان عليه حزب الله قبل الثورات ، وفي ديمقراطية لبنان . هذه الديمقراطية في بيروت انتجت عدوا صلبا هو حزب الله و الديمقراطية في القاهرة و في غيرها من العواصم ستنتج أحزاب سنية على نهج حزب الله .هل ستفرخ الديموقراطيات أحزاب سنية تؤمن فقط بموت إسرائيل . الحل هو ذهاب بيرز إلى السعودية و القبول بمبادرتها التي تنجح في اليمن و البحرين .... و قد تنجح مع إسرائيل .
بشار الأسد حافظ على رئاسته لأنه لم يطلق رصاصة واحدة في الجولان . فهل يمكن خرق هذا الخط الدفين و السري المعلوم بين عواصم الإقليم في شرق المتوسط . الحرب قد تكون هروبا لنجاد الذي فشل في تغيير وزير استخباراته و الأسد الذي فشل في تغيير سياسات أخيه ماهر ، و مشعل الذي يريد أن يعود إلى غزة ليعلن الحرب على إسرائيل . هذا السيناريو ممكن ، و يكون اتفاق فتح و حماس مناورة . أما إن كان نتيجة ضعف المحور ، فإسرائيل تربح في قطع خطوط الإمداد ، لكن أمامها نفس الجنود و الرقعة .
واشنطن ، من جهتها ، لا تريد سوى تغيير السلوك في دمشق و طهران ، أوباما يتعاطى مع الدولتين على أساس واحد . و نتنياهو يريد أن يتعاطى مع إسرائيل بهدف واحد يراه هو و لا تقرأه نظارات واشنطن .
الخطورة على الأمن إن لم يتمكن الجميع من صناعة رؤية جديدة ....

ماوراء الحدث عدد 27 جون فنهارت ص 20

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق