عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الأحد، 27 فبراير 2011

هل تعني الديكتاتورية الفقر ؟ اقتصاد الثورات الجديدة في تونس ومصر يفيد التقدم المالي


مصر مبارك عرفت مخاطر سياسية في ظل الفساد وقوانين ضعيفة، وسبَّب هذا الوضع في عدم الثقة. وبمجرد خبر تنحي الرئيس المصري انخفضت تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري من العجز عن السداد وإعادة الهيكلة لمدة خمس سنوات بمقدار 25 نقطة أساس (حسب مجموعة ماركيت لخدمات المعلومات المالية الدولية)، وصعدت أسعار سندات الخزينة الأمريكية ليصبح العائد 3.65 في المائة، وارتفع سند السنتين 0.83 كما تخلت أسعار الذهب عن خسائرها، وصعدت الأسهم الأوروبية وأغلق "يوروفرست 300 بارتفاع 5.57 نقطة.
هذه الصورة تعني أن الديكتاتورية تحجب الثقة الدولية وتحجم النمو حسب مصالح نظام معين وليس مصالح الوطن، وأن النظام غير الشعبي بيروقراطي وليست له رؤية جيدة للمستقبل. لأن التفكير يكون في مستقبله الذي لا يعني سوى "بقاءه" في السلطة. وهذا لا يحرك العجلة إلى الأمام. من جهة يحافظ على "بيروقراطية" باسم المستفيدين، ويقرأ الأوضاع من خلال بقائه، والاستقرار في هذه الحالة يعني "التكلس والجمود".
النظر إلى التنمية وليس النمو هو وجه الديمقراطية الذي يقابله في الديكتاتورية : النمو عوض التنمية. هذه المقولة اقتصادية ويمكن تأكيدها أكاديميا.
الخطوة الأولى أن الأنظمة العربية زرعت "فهما مشوهاً" على الأجيال الجديدة، وظهر أن المستقبل ليس أكثر من عمر الحاكم وجيله، وأن هذا الجيل إن غاب سيتوقف الاقتصاد والعمل والتقدم.
هذه الخرافة سقطت مع الثورة التونسية والمصرية، وأصبحت الأجيال منفتحة على بعضها البعض، في انتظار صهرها بما يناسب صناعة المستقبل.
الأمل والثقة جزء حقيقي من الرأسمال ودورته في الأسواقكما يقول فوكوياماووضع البلد في حالة مصالحة مع المحيط ومع الأجيال يفيد وضع الوطن على سكته الصحيحة.
تخفيف البيروقراطية كجزء من المستقبل في خدمة النظام، كما أن (اقتصاد الفساد) خطير إلى الدرجة التي تحد من حركية الأسواق، على أن شفافيتها مصدر قوي لإنجاح المشاريع.
انتقال المستثمر إلى نفس المناخ عندما يأتي من بلده إلى ديمقراطية أخرى إشارة إلى أن الديمقراطية جالبة للاستثمار، وهي ضد اللوبيات، ومشجعة لاقتصاد العمل ولاستيعاب التكنولوجيا والسياسات الجديدة.
الأموال تلتزم بقوانين الدولة ولا تتدخل في السياسات لكن هذه السياسات تصنع المناخ الاقتصادي، ومصر إلى جانب بنكها المركزي وسياستها المصرفية ستضيف (مناخاً استثماريا) يساعد على قبول دفقات مالية قوية وسريعة، ويمكن أن تصنع آفاقا أخرى تتمثل في صناعة اقتصاد اجتماعي يحتوي على طاقة تنافسية ومعنى ملموس لتقدم الدولة بتوزيع الثروة على بعض الفئات المسحوقة.
لم يكن يعرف الفرد المصري قبل الثورة قيمة بلده، ولا قيمته في تغيير سياسات الوطن. ظهر تأثير قناة السويس على كل اقتصاد العالم، وتونس أثرت بأحداثها على رؤية السائح إلى إن الديمقراطية لا تطلب الاستقرار فقط بل التقدم وتأمين أوضاع وأجيال في دورة العمل والحياة.

في أعقاب تفاقم المخاوف من دين جديد وزيادة العجز
المغرب لا تمكنه خطة مزوار من مواجهة الأزمات مطلقاً

خاص : استبدال مزوار ضرورة قصوى لإبقاء بعض التوازن المالي في مستوى معقول.
لم يعد ممكنا لباقي أعضاء الحكومة والبرلمان معرفة (البيانات المالية) الحقيقية لتمويل صندوق المقاصة والتصرف المالي في العجز، واستمرار "ميزانية الاستثمار" دون بيانات حجم الاتفاق لترقيع المالية.
قد يكون كشف كل التفاصيل الإدارية لوزير المالية الحالي في حجم الاتفاق وتغطية صندوق المقاصة دليلاً على فوضى، من جهة، البرلمان بعيد عن التفاصيل الدقيقة، والمحللون الاقتصاديون مهتمون أكثر بالماكرو اقتصادي دون اعتبار للجزء المالي من العمل الحكومي.
تقارير أجنبية تثير هذه النقطة (الشديدة الحساسية) على صعيد المركز والمالية تحديداً، حيث الإصلاح المالي توقف في عهد الوزير الحالي، ويعمل على حزمة (طوارئ) غير مسبوقة.
إن عرضاً وافياً لمزوار أمام البرلمان ضرورة قصوى لأمن المغرب وأمن نظامه، لأن ظلال الأرقام تجاوزت ما يمكن أن يعتبر أخطاء تقديرية.
سياسات مزوار قد تدفع للإفلاس، لذلك لابد من صياغة أخرى لخطة الأزمات، ومن المهم عاجلاً :
1 – خفض حجم الحكومة.
2 – تجنب المواجهة مع الشارع يتطلب تعليق عمل الحكومة ضمن الشهور القادمة، لأن من المتوقع صعوبة الإقرار بخطوات (محترفة واستراتيجية) للأزمة، لذلك من المهم 
3 – خفض ميزانيات الإنفاق سريعاً
4 – الدخول في خطة أخرى لمواجهة الأزمات.
ويمكن لأي اقتصادي ذي باع أن يؤكد أن تخفيضات مزوار (صورية) وأنه لابد من المزيد ؛ بما يكفل عدم رفع أثمان المواد الأساسية وإبقاء "ميزانية الاستثمار" في معدل معقول لاحتواء البطالة.
العمل بخفض الضريبة دون خفض الإنفاق يشجع على "جمود" عمل الدولة، فمن المهم أن تبقى الدولة حاضرة أمام مواطنيها وباتجاه الطبقة الوسطى، لأن إعفاءاتها الجزئية تذهب إلى الفئة الشديدة الثراء، والتي تتحكم اليوم عبر البوابة السياسية في المالية العامة. زبناء النظام يدفعون لإفلاسه. إنهم بلا قلب ويستنزفون بما يكفي لصنع "تمرد" الفئات المحرومة.
تحديد خطة الإنفاق عصب رئيس لاستقرار النمو وتشجيع التنمية، لذلك فخفض نسبة معقولة من ميزانية الإنفاق تسير باتجاه العمل المتوازن والفاعل، لذلك فخفض ميزانية الحكومة، ومن ثم ميزانية الإنفاق هو الجزء الذي يتفق بشأنه الاقتصاديون والمحاسبون على حدٍّ سواء.
إذن لا مغزى للتعبير عن الوفاء لكل المتطلبات دون إعادة تقدير للتعهدات.
الميزانية تستحق لأول مرة أن تكون (متوافقاً) عليها. ميزانية توافقية بين الحكومة والمعارضة، جزء لا يتجزأ من (الأمن الاقتصادي) الجديد. إذ بات مقلقاً حقاً أن يلعب عدم خفض ميزانية الاتفاق وعدم التمكن من الضريبة العالية في صعوبات الأمن، فالتقشف يصيب الإجراءات التي تمس الطلبة وصغار الموظفين ولا تمس كبارهم وكبار الدولة والجيش وباقي الأجهزة الأمنية.
الأمن الفوقي أصبح أكثر ثمنا من أمن الطبقات الفقيرة التي يمكن أن تجدد تحالفها مع شباب الطبقة الوسطى لإنجاح ثورة لا تزال ساخنة في مخيالهم الجمعي بعد تونس ومصر.
المسؤولية تتجلى في محاربة الركود واستخدام ميزانيات الاستثمار، والإنفاق الزائد، فالإنفاق يجب أن يعود قبل إجراءات التقشف وإعلان ميزانية الاستثمار ميزانية تحفيز اقتصادي، والدين يموِّلُ خطة إنقاذ، وفي غير هذه الحالة نحن أمام كارثة متوقعة.
بل أرى أنه لابد للبرلمان من خطة واضحة لتمويل الحكومة، تكون تحت المراقبة الشديدة وتحت حراسة اقتصادية عالية، بحيث لا تكون الحكومة الخصم والحكم، وتقبل التحكيم والشفافية لإنجاح الأهداف العامة.
وإنشاء مكتب محاسباتي تابع للبرلمان قد يراقب كل ما يمكن أن يكون بعد الصرف مرة أخرى تحت المراقبة، لأن من المهم ألا تقود المرحلة نظرة محافظة إلى حد بعيد، كما لا يمكن المغامرة لترك الأمور على ما هي عليه.
ويجب في هذه الحالة إقرار تخفيضات حقيقية في مستويات معينة غير حساسة، لأن هذا الحساب (المكروه) هو ما يجب عمله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
البرلمانيون لا يعرفون تعقيدات الميزانية وإدارة وزارة المالية، لذلك لابد من مكتب يعمل داخل البرلمان لهذه الغاية. ولابد في هذا الإطار من خطة شاملة لمواجهة الطوارئ.
التوتر الذي يخيم على أرقام المالية التي يديرها مزوار تتطلب تحقيقاً سيصدم الجميع. وعلى البرلمانيين أن يجازفوا بكل شيء من أجل الشجاعة وطلب هذا التدقيق "التفصيلي".
ولا يمكن أن يقرر وزير المالية في دقائق "مصير الوطن" ونحن ندرك أن صيغة محاسباتية يجب أن تكون مع الصرف لإنجاح الأهداف وعدم الغرق في المغطس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق