عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

بين خطاب الملك وحُجاب الملك ؟


هل المغاربة في خوف كامل بين خطاب الملك وحجاب الملك ؟ هذا واقع الحال ونتمناه غير المآل بعد هذا المقال

لو رأينا الصعوبة لقرأناها فيما بينهم وبين ملكهم من حجاب ولو نقلنا خوف نخبهم لقالوا الخشية من المنوني أو المعتصم، فيمن الأول ولا يعطي حق ما أراد المحكوم من الحاكم ! أو يعصم الثاني عن نقل ما يريد الشعب !وقد قيل قديما : لا شي أضيع للمملكة وأهلك للرعية من شدة الحجاب، وقال الفرنسيون بعدها، ضياع القضايا من تأسيس اللجن، وقيل : إذا سهل الحجاب أحجمت الرعية عن الظلم، وإذا عظم الحجاب هجمت على الظلم.
وقد روي في السير عن ميمون بن مهران، قال كنت عند عمر بن عبد العزيز فقال لحاجبه : من بالباب ؟ فقال : رجل أناخ أناقته الآن، يزعم أنه بلال مؤذن رسول الله (ص) فأذن له أن يدخل، فلما دخل قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله (ص) يقول : من ولي شيئا من أمور المسلمين ثم حجب عنه حجبه الله عنه يوم القيامة، فقال الخليفة لحاجبه : الزم بيتك، ورفع بعدها نظام الحجابة في عهده. وظهرت لأول مرة قيادة بلا حجاب ومعها نصح بلا سباب وخروج بلا خراب، وظهور على الأمير باللسان والسماع.
وخوف المغاربة الكامن بين أمرين : أن تكون الأمور دعاية، والإصلاح تسويف وبعده تصريف وغده تخويف. فيكون بعد المعتصم وامعتصماه، وبعد المنوني وامناه ؟
والأصل معلوم، أن يجرأ الوسطاء في النقل وللإمام أن يتحفظ عن هذا المطلب أو ذاك، لا أن يكون الوسيط خليط السهل والقول، فيكون الشعب بلا حاجة، ليتمتع بحاجته ويزيد منها غيضا وفيضا، ويعمق بين الحاكم والمحكوم رفضا، وتلك – وربي – أخس همة وأنذل مهمة، لأن الواجب بين الحاكم والمحكوم أن يكون حكيما، فإن جمعنا الحكيم إلى الحاكم والمحكوم زاد الشعب في أمره وتطوره، وزاد المواطن في صفته وثقته خصوصا بعد أن حملت المرحلة شعار : الملك المواطن، ولا يكون ذلك دون تساوي ضمن فيه المواطن أن يلاقي في القصر مواطنا، بلا تزلف أو طاعة في تخلف، أو تكلف ؟ والسبيل إلى ذلك قدرالعصر حتى لا يصبح المغرب كله في خسر وقد قال سيد العلويين علي : إنما أمهل فرعون من دعواه الألوهية لسهولة إذنه وبذل طعامه، وقال عمرو بن مرة الجهني لمعاوية سمعت رسول (ص) يقول : ما من أمير يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة (الفقر) والمسألة إلا أغلق الله أبواب السموات دون حاجته وخلته (فقره) ومسألته، وأرى أن صدق الملك الإمام إن قلل من الحجابة لتزيده المهابة.
والأمر كله أمانة في الحكم، وأمانة في النقل والوصل فإن استقاما قامت الدولة وإن اختلا اختل السلطان في أقوى الزمان، وزماننا صعب المراس في إدارته، فلا يسهل للوسيط التخريف أو التحريف إلا إن قصد، والمغرب كله على باب القصر والعصر إن فتحا كانا إنا فتحنا للمغرب والمغاربة فتحا مبينا، وإن أغلق صفق الدهر واستوطن القهر في أمرنا وبئس المصير.
اتهام المتظاهرين لمحيط وأصدقاء السلطان ذكاء يعطي للملك موقعه إلى جانب شعبه، ومرت التحية بأحسن منها أو مثلها، فتركت للحجابة القدر الأمين والأمر المكين في تسوية ما علق، وبين ما اختلف واتفق علها تصيغ بالقلم الأمل لا الألم، فتزيد من رؤية القرب إلى الشعب، وفي هذا القرار حكمة من يعمل كي يكون المستقبل أوجب، لأنه العقل كله والأصوب.
وفي ذكر التاريخ، من لا يكون أي علوي على سنته، فقد استأذن سعد بن مالك على معاوية، فحجبه، فهتف بالبكاء، فأتى الناس وفيهم كعب (بن جعيل بن عجرة التغلبي) فقال : وما يبكيك يا سعد، فقال : ولم لا أبكي وقد ذهب الأعلام من أصحاب الرسول (ص)، ومعاوية يلعب بهذه الأمة ؟ فقال كعب : لا تبك، فإن في الجنة قصرا من ذهب يقال له عدن أهله الصديقون والشهداء، وأنا أرجو أن تكون من أهله فنظم بعضهم :
في كل يوم لي ببابك وقفة أطوي إليه سائر الأبواب
وإذ حضرت رغبت عنك فإنه ذنب عقوبته على البواب
والواقع أن كل الذنب سيكون على البواب الذي يرسل كل مملكة إلى الخراب اليباب، دون أن ندرك أن فعله لحفنة مال أو تحسين حال أو إرضاء بال ؟!
والمغاربة لهم كل الحق في تخوفهم من البوابين وقد كثروا، فيخرج الملك بما يتجاوز نصحهم، وقد كان ذلك مع عزيمان الذي يذكرنا بعبد السلطان، يكسر في الأمر جرأته وجدته وقوته، في الدستور كما في مشروع الجهة، وهو جهة لم يستحق الجهة ؟! فكيف يستحق أن يصيغ سيد القوانين ؟!
صناعة التاريخ سياق لا يحتاج إلى نفاق، وقدره الواسع الشاسع أن يصل فيه الحاكم والمحكوم إلى اتفاق، من غير جفوة ولا كبرة ولا هفوة. اتفاق يزيد من البيعة فتكون ميثاقا غليظا ليحكم الشعب أمره بشديد المحاسبة والمراقبة تذهب بالوزير ورئيس الوزير إلى القضاء ! ويختار الشعب حكومته كما يود ليحاسبها كما يجب، فيكون للجماعة الإصابة وتغيب الحجابة حتى لا نسمع ما قال الآباء.
وقد رأيت باب دارك بقوة، فيها لحسن صنيعك التكدير ! فما بال دارك حين تدخل جنة وبباب دارك منكرونكير ! وأرى بغيرهما قائلا : وبباب دارك قائم ونصير ؟!

القلم المعاكس عدد 22 ل 4 أبريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق