عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

"قداسة" بنكيران تأتي على الأخضر واليابس "زنكة زنكة" في العدالة والتنمية


الأتباع والمستفيدين والحواريين يتهافتون على تنفيذ أوامر أولي النعمة
"قداسة" بنكيران تأتي على الأخضر واليابس "زنكة زنكة" في العدالة والتنمية

بعد المرور الأخير لعبد الإله بنكيران في برنامج حوار مساء الثلاثاء الماضي، وقبله المرور الموازي لمصطفى الرميد في برنامج نقاط على الحروف بالقناة الثانية، تأكد أعضاء العدالة والتنمية، ومن يتابعون وضع الحزب الإسلامي، أن قوة عبد الإله بنكيران أصبحت قدرا مقدورا، وأن من يجرؤ على قول لا، سيكون معرضا للتهميش والنفي وفقدان الامتيازات والمناصب.
ومن أجل توضيح ما نسعى تسليط الضوء عليه، ما دامت جريدة بنكيران (التجديد) لن تنشر هذا الرأي، يجب أن نبدأ خطوة خطوة، و"زنكة زنكة"، كما جرى خلال الأسابيع الأخيرة.
وسوف نبدأ بسليمان العمراني، وهو قيادي في حزب العدالة والتنمية، كان إلى وقت قريب أستاذ التعليم الثانوي، في إحدى مدن المغرب غير النافع، وأصبح اليوم نائبا برلمانيا، وعضوا في الأمانة العامة للعدالة والتنمية، كل هذا بفضل التدخل الشخصي والمباشر للأمين العام الحالي الذي يتحكم في مقاليد التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية وجريدة التجديد ونقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ومنظمة التجديد الطلابي، ومنظمة تجديد الوعي النسائي، إلى جانب محمد يتيم وعبد الله.
إن هذا كلام توقفت عنده ما وراء الحدث في أكثر من مناسبة، وجاء التأكيد اليقين من لحسن الداودي، العضو في الأمانة العامة، يوم الثلاثاء ما قبل الأخير، الماضي، عندما فجر المسكوت عنه في دواليب الحزب، أمام أعضاء الأمانة العامة في لقاء حزبي بالرباط، واستنكر تسلط ممارسات هذا الثلاثي، أمام صمت بنكيران وبها وأمام ذهول باقي أعضاء الأمانة العامة، لأنهم تعودوا على التنديد بهذا التسلط، ولكن ذلك التنديد كان في الكواليس، فالكل يخشى من سطوة الرجل الأول ولكنهم لم يتعودوا على ترديد هذا التنديد أمام عراب الحزب.
ولكن، لماذا الحديث اليوم عن سليمان العمراني، باعتباره المشرف على الهيئات المجالية؟
على هامش صدور نشر عضو في المجلس الوطني للحزب (مصطفى الفرجاني) في موقع هسبرس على شبكة الإنترنت، نشر صاحبنا مقالا عنوانه "ردا على القواعد الذهبية الثلاث للعدالة والتنمية"، وكانت المفاجأة، أنه عوض أن يتحدث المسؤول الذي عينه بنكيران مسؤولا صوريا عن على الهيئات المجالية (تماما كما يعين مدير التجديد أو رئيس منظمة التجديد الطلابي وباقي المناصب..)، توقف فقط عند قضية جزئية وثانوية في مقال الفرجاني، وتتعلق بموضوع نزاع المكتب المحلي للعدالة والتنمية بالعرائش من جهة مع الكتابة الإقليمية ورئيس الجماعة المنتمي لنفس الحزب، واعتبر أن الأمر لا يعدو أن يكون "قراءة جانب فيها صاحب المقال الصواب في نظرنا، لمجموعة من الاعتبارات"، ليس مهما التوقف عندها جميعا، قبل أن يختم مقاله بالتأكيد على أن "ما ذكره صاحب المقال من نزاع بين الكتابة المحلية والكتابة الإقليمية هو موضوع متابعة متواصلة من قيادة الحزب، والحسم فيه ينبغي أن يتم داخل المؤسسات، أما نشره على الملأ وبمعطيات غير دقيقة فلا يخدم القضية".

+++ هل يفعلها بنكيران أخيرا ويعترف بخطئه؟
ليس هذا عنوانا من عناوين المادة اخترناه لها من جانبنا، وإنما هو في الأصل، لا يمكن أن نقرأه في جريدة بنكيران (التجديد)، مع أنه صدر عن عضو في العدالة والتنمية وليس عن عضو في الأصالة والمعاصرة أو في جريدة يسارية أو أمنية أو معادية للحركات والجماعات الإسلامية، وذلك بالرغم من أن الجريدة الإسلامية التي ترفع شعارات الأخلاق والإسلام والدعوة، ترفع أيضا شعار التميز دون التحيز، بما في ذلك التحيز للأمين العام، إلا عندما يكون الأمر يتعلق بالأمين العام الحالي، ولذلك قال لحسن الداودي: كفى، اللهم إن هذا منكر.
هذا عنوان مقال حررته أمينة ماء العينين، وهي عضو في الحزب الإسلامي، وصدر يوم الأحد 27 مارس الماضي بموقع هسبرس وسوف نترك أهل مكة يتحدثون عن شعابها وذلك لكي لا يؤاخذ علينا أتباع بنكيران في التجديد، التقول على عراب الحزب: "إن الغضب المتزايد اليوم داخل العدالة والتنمية، وهذا كلام أمينة ماء العينين، والذي يتم تصريف احتقاناته إعلاميا، نبئ عن تخييب بنكيران لظن مريديه قبل منتقديه. لقد ألبس الحزب لبوس التهافت الممجوج على المؤسسة الملكية لاعتبارات مردودة عليه في مجملها، ذلك أن أطروحة النضال الديمقراطي التي تبناها المؤتمر، والتي أطلق عليها بنكيران بموقفه الأخير من حركة 20 فبراير رصاصة الرحمة، لا يمكن أن تستقيم بالترويج المتواصل لملكية تنفيذية بصلاحيات لا محدودة، أما المرجعية الإسلامية التي ينطلق منها الحزب، فتكمن عظمتها وعدالتها في نزع القدسية عن الأنبياء بله الحكام والقادة، غير أن بنكيران يصر كل مرة على خيانة هذه المرجعية حينما يصرح أن احترامه للملك يمنعه من مجرد التعليق على كل ما يتعلق باختصاصاته، في حين أثبت شباب 20 فبراير أنهم أكثر احتراما للملك من كل الزعامات الحزبية حين طالبوه حضاريا بحماية الملكية بديمقرطتها وتكريس انفتاحها، فكان تفاعل الملك سريعا بشكل تجاوز سقف مطالب بنكيران الذي صرح مؤخرا أنه مستعد للمشاركة في حكومة يترأسها وزير أول يعينه الملك حتى لو تصدر حزبه نتائج الانتخابات". فهل من مزيد في مقالا من سابع المستحيلات أن تنشره التجديد ذات الخطاب الإصلاحي والأخلاقي والإسلامي والدعوي والوسطي..
وتضيف أمينة ماء العينين، أن "بنكيران أخطا التقدير حينما ابتخس حركة 20 فبراير وشكك في مراميها كاشفا عن قصور كبير في قراءة المتغيرات السياسية، ومسببا إحراجا كبيرا لأعضاء حزبه حينما فرض عليهم "التولي يوم الزحف" وليس ذلك من شيم الأحزاب الكبرى في شيء" لتوجه رسالة نصح إلى من يهمهم الأمر في العدالة والتنمية، أي الثلاثي بنكيران ويتيم وبها، قائلة: "أما حان الوقت إذن للاعتراف بالخطأ و استعادة زمام المبادرة؟ بنكيران وحده يملك الجواب كما يملك الجواب عن سؤال آخر: لماذا تحول موقع الحزب إلى نسخة رديئة من وسائل الإعلام الرسمي التي لا تنشر إلا ما يرضي أصحاب القرار؟ ففي النهاية ليس الشقيري ورباح وحدهما من كتب بخصوص موقف بنكيران من 20 فبراير. لابد من إخراج الحزب من الشرنقة التي تكبله حاليا ليفسح المجال أمام النقاش المصيري الذي يقف المغرب على أعتابه بدل استنزاف الجهد في مناقشة قضايا تنظيمية داخلية لا يعتبر الظرف ملائما للتنازع حولها".

+++ الدفاع السياسي والديني للشقيري ورباح
إن تأكيد أمينة ماء العينين على أنه "في النهاية ليس الشقيري ورباح وحدهما من كتب بخصوص موقف بنكيران من 20 فبراير"، يغذي ما نريد التوصل إليه من هذه المقالة، والذي جاء مختصرا في عنوانها: "هكذا يساهم عبد الإله بنكيران في الموت البطيء والأكيد لبعبع العدالة والتنمية"، ومن لم يقرأ ما حرره هذا الثنائي الشقيري ورباح عن بنكيران وموقفه من حركة 20 فبراير، سيجد لا محالة، صعوبات كبيرة في فهم حقيقة ما يجري في الحزب، وسيساهم في خدمة مشروع الذين يسعون إلى تصفية ما تبقى من مصداقية حزب أصبح، حسب رأي أمينة ماء العينين، "نسخة رديئة من وسائل الإعلام الرسمي التي لا تنشر إلا ما يرضي أصحاب القرار"، وهذا ما أغضب الرميد والشوباني وحامي الدين، قبل أن يتراجعوا عن موضوع الاستقالة.
ما قام به عبد العزيز رباح، وذلك على هامش التعقيب وتبرير موقف بنكيران من حركة 20 فبراير، كان دفاعا سياسيا عن موقف عراب الحزب، لا أقل ولا أكثر، وهذا أمر قد يتفهمه كل منخرط في العمل السياسي، حيث يتطلب إكراه الانخراط في العمل السياسي في دولة مثل المغرب الكثير من المراوغة والتحايل، هذا هو وضعنا، و"الغالب الله".
ولكن ما قام به أحمد الشقيري الديني، يعتبر أهم مما قام به عبد العزيز رباح، ليس فقط لأنه كان أن يجعل من عبد الثلاثي المتحكم في الحزب، صحابة الزمن السياسي المغربي الراهن (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، وإنما ـ وهذا أخطر ما في الموضوع ـ لأنه قام بالتأصيل الشرعي لموقف بنكيران من الحركة.
في الحركات الإسلامية الجهادية أو الإرهابية، يتم تأصيل أي فعل يقومون به، ولو كان شن الحرب على شعوب مسلمة، وفي حركات إسلامية دعوية، يقومون بنفس التأصيل، أي تأصيل العمل الدعوي، ومع الأحزاب الإسلامية، يأتي أمثال الشقيري لتأصيل ما يقوم به سادة الحزب، وسدنة الهيكل الإسلامي، مهما كان موقف السدنة، سواء خطأ أو صوابا، المهم، هو أن التأصيل جاهز، وبـ"قال الله سبحانه وتعالى وقال الرسول صلى الله عليه وسلم"، ويتم نشر التأصيل في جريدة العراب وفي موقع التوحيد والإصلاح على شبكة الإنترنت، أما القيادات والقواعد التي لا يروق لها التأصيل، فأرض الله واسعة، والبركة في مواقع شبكة الإنترنت، للفضفضة قليلا، وللتحذير، من أن مثل هذه الأفعال، تؤكد بالفعل، أن الحزب أصبح "نسخة رديئة من وسائل الإعلام الرسمي التي لا تنشر إلا ما يرضي أصحاب القرار". (ومن المقالات التبجيلية الأخرى التي نشرها أحمد الشقيري الديني، على غرار ما ينشره الأتباع والحواريين في التجديد، مقال مرتكزات الخطاب السياسي لعبد الإله بنكيران، وهل نحن في حاجة للتحذير من أن أعضاء في الأمانة العامة للحزب، تلتقي بهم "ما وراء الحدث"، اقتربوا من الصراخ وقول اللهم إن هذا منكر، نحن منه أبرياء إلى يوم الدين؟)
المهم، ما الذي حرره أحمد الشقيري الديني، وكان أن يجعل من بنكيران ومن معه، أنبياء وصحابة هذا الزمان (المغربي الفاسد، ماداموا يمثلون الإصلاح والنقاء والطهرانية والتقوى والورع)؟
جاء ذلك في مقال "بين الخطأ والخطيئة"، وجاء فيه، على سبيل المثال: "إن موسى عليه السلام لم يكن مطلوبا منه رأيه في خرق السفينة أو في قتل الغلام أو في إعادة بناء الجدار، كان مطلوبا منه الصبر والتزام الصمت حتى يحدث له الخضر من ذلك كله ذكرا، كذلك أعضاء الحزب من خارج الأمانة العامة، لم يكن مطلوبا منهم رأيهم في الخروج لمسيرات 20 فبراير من عدمه، كان مطلوبا منهم التزام القرار فحسب حتى يأتيهم تأويله، لأن الوقت لا يسمح بتوسيع دائرة الاستشارة، ولولا هذا الانضباط لما قامت للتنظيمات قائمة.لكن لا نقول لمن خالف القرارات الملزمة إنه ارتكب خطيئة، بل ارتكب خطأ أو ذنبا، والفرق بين الذنب والخطيئة شاسع!"
أما أبلغ رد على هذا التهافت الإسلامي، فقد جاء في تعليق لأحد القراء: "قرار مجموعة من أعضاء الحزب المشاركة في مسيرة 20 فبراير ليس خطأ ولا خطيئة. إن مجرد مراجعة قرار الشبيبة والضغط عليها من طرف الأمين العام يعد خرقا سافرا للاستقلالية الشبيبة. بنكيران وحواريوه يريدون الالتفاف على الخطأ بنقاشات جانبية ومحاولة تحميل المسؤولية للأعضاء الذين شاركوا".

+++ أحلام وتطلعات الأجيال المقبلة
لنختتم هذه الرسالة بصراحة العضو في الحزب، مصطفى الفرجاني، كما جاء في مقاله "القواعد الذهبية الثلاث للعدالة والتنمية"، حيث أكد على أن "الأحزاب السياسية ومن ضمنها حزب العدالة والتنمية مطلوب منها إن لم نقل مجبرة على اتخاذ خطوات أكثر جرأة في مسار دمقرطة  مؤسساتها ودمقرطة مساطر اتخاذ القرارات، ولئن كان الإسلاميون المشاركون بالمغرب قد تفوقوا ديمقراطيا في زمن الاستبداد فإن المرحلة المقبلة في المغرب وفي كل البلاد العربية ليست كسابقتها، وقد قدم حزب العدالة والتنمية درسا ديمقراطيا خلال آخر مؤتمر وطني له، فمطلوب منه أن يكون مدرسة ديمقراطية للأجيال المقبلة وأن يفتح أفقا جديدا للديمقراطية الحزبية وأن يضيف إلى اجتهاداته السابقة اجتهادات جديدة على مستوى آليات تدبير المنظمة الحزبية، وهو التنظيم الذي راكم تجربة سياسية وتنظيمية أكسبته احترام الأعداء قبل الخصوم. فهل سيكون في مستوى تطلعات الأجيال المقبلة؟".
المؤشرات المتوفرة حاليا، تقول أن احتمالات الفشل قائمة أكبر من احتمالات النجاح في هذه المهمة، وإلا، ما الذي يدفع عضو في الحزب، وليس عضوا في حزب منافس أو متحامل إيديولوجي أو فاعل أمني استئصالي، للتأكيد على أن العدالة والتنمية، على عهد بنكيران (وليس على عهد سعد الدين العثماني، لأنه شتان ما بين الرجلين)، أصبح إذن "نسخة رديئة من وسائل الإعلام الرسمي التي لا تنشر إلا ما يرضي أصحاب القرار".

خليل العلوي عدد 23 ماوراء الحدث ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق