عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

الموظفون السامون سامُّون ؟


ليس فقط لأنهم رهون في بنك المسؤولية المخزني، بل لأنهم يرثون مقاعدهم كما يرث الملك عرشه، فهل دخلنا عصر العروش وليس العرش الواحد للمملكة الواحدة ؛ وعصر القِرش قبل العرش أحيانا. والترف والخرف أحيانا عظمى !
المال قبل عموم الحال منطق كل الناس، فلا يرى القصي فينا والدَّني – إلا من رحم الرب العلي - سوى ما أخذه من مال في كل قضية. فكل قضية تسوية، وفي كل تسوية خدعة علنية أو خفية ؟
ومن حكمة العجم قديماً : أسد يقود ألف ثعلب خير من ثعلب يقود ألف أسد، أما وقد صار كل امرئ ثعلبا، فالحكم في هذا الحال أشد الهم والغم ومانع النوم.
قال بعضهم : خير للحاكم الخصم الشجاع، على المختال المختار، يأخذ من خير الحاكم فيما يتجه للمحكوم، وينافس المحكوم في سب الحاكم على غير مرئى منه، فيسعى إلى بقاء الحال لجني المال ورجله مع الرجال ليكون مع انقلاب الحال.
هل الحكمة – هنا – ما قاله شبيلات وأكثر من صديق : مستعدون لتقبيل رِجْل الملك وهو سيدنا و"تاج راسنا"، لكن ليعلن إصلاحات كبرى تعلن أنه يسود ولا يحكم.
إننا نجازي الملك بتقبيل يده، وإلى الأبد، إن أعلن لشعبه بوضوح تبنيه خيار الملكية البرلمانية.
هل المشكلة في تقبيل يد بيضاء تعطينا إصلاحات تاريخية ؟
أم المشكلة فينا، حيث صراعنا مع الزيت والخبز أقوى من صراعنا مع التاريخ.
لم يعد مهما أن نبني بلدنا وثروتنا وسلطاتنا من جديد، همنا أن نعيش حياة الديك أكثر منه : أكل وشرب ونكاح، وفي عمومه سِفَاحٌ ورَاحٌ ومنصب مرتاح.
أبناء المقاومة يرثون وأبناء الفوسفاط يرثون.. وأبناء الشرطة يرثون مقاعد آباءهم، وأبناء المستشارين والبرلمانيين يرثون، كل مقعد بما لديهم فرحون.
هل هذا مغرب الكفاءات، هل هو الحق مع صاحبه حيث دار، أم دار دار القذافية تقتل ما عدا النفس لأجل الفِلس والإفلاس.
صحيح عند القوم أن من أحب نفسه صان فِلسه، ويضيعه عن قريب في شح يفني العظام والقوام والشرف والمعرفة والقدر والاقتدار، مدركين أن الشجاعة ما ينقص المسؤول، والمغرب يحمل في شعاره الأسدين، وقد أرى فيهما الحسن والحسين، أسد في دماثة الخلق وآخر في شجاعة منقطعة النظير، وقد خاطب محمد الخامس وريثه كيف يدير أمور حكمه ؟ فشَبَّهَ شعبه بالأسد، والمغاربة رأوا الأسد في ملكهم وبينهما يسود الحكم وإن علا، فهل يتقن الأسدان شارة الميزان ؟
الامتحان أعلنه الشعب والملك الآن، إن تبادلت شجاعة ملك بشجاعة شعب في بيان واحد، ورهان واحد.
فالخير في الجماعة إن تميزت بالشجاعة، والخير في القائد إن زاد النفل على الفرض.
والتاريخ لا يرحم من لم يتجرأ على يومه لاحترام لقومه فيسلك الرهان وقد رآه جليلا ! وقد قالوا : لا تعجبوا لو كان مَدُّ قناته مِيلاً إذا نظم الفوارس مِيلاَ.
الشر كله في النفاق والشقاق، والخير كله في الاتفاق.
أما إن الأمر صَدْرٌ في العالمين، أو القبر، ونأمل مصائرنا من مِثل تحققه إن ساعد القدر، القول يعرف عزمي عند قوته، والأمر من حزم والله، لا وَطرا.
الشجاعة رأي، ومن مارس شجاعته مارس حقه، والمغرب يحتاج في نواة تحوله إلى تأكيد المصير الواحد للديمقراطية والعرش معا، لأن منطق العصر والتاريخ يسيران من حيث لا ندري في كل صوب جنبا إلى جنب.
القوة مع الحق للملك، والحق مع القوة للشعب، وفي إدراكنا لهذا البعد إدراك من غير استدراك لماضي يمتزج بحاضره نحو تقدم واقع ما له من دافع.
الشعب المغربي يجب أن يعيد أخلاقه إلى العمل وأجياله إلى الأمل، في دفقة ودفعة واحدة قلباً وقالباً لإنجاح الأهداف المتوقعة.
علينا أن نترك ما أفلس فينا، وما تعارض مِنا، والتاريخ أخلاقنا ورهاننا إلى تمييز تصير معه الأمور أيسر وأعظم، فلا يكون النفاق خصلة في جوار الحاكم الحازم.
وقد يصرف الحاكم من المال الكثير ومن الخير الوفير مع غير أهله، فينتقل القريب إلى الجانب الآخر مرة واحدة، حيث يرى عدم الوفاء جزءا لا يتجزأ من السياسة والنفاق جزء من الدبلوماسية ! 
الكثير حالياً ملكي أكثر من الملك لأجل مال، أو منصب وجاه، والصدق أن يكون الصاحب كملكه على الأكثر.
كتب سويد إلى مصعب :
فبلغ مصعباً عن رسولي ** وهل تلقى النصيح بكل وادِ
تعلمْ أن أكثر من تناجي ** وإن ضحكوا إليك هم الأعادي.
فهل الرسالة وصلت ؟!

القلم المعاكس عدد 23 ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق