عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

الإصلاح بين المناورة والمغامرة...


الإصلاح بين المناورة والمغامرة...

لاحظنا بعد تونس، في ثورة مصر نصر؛ وكل ثورة بدأت بمناورة النظام ومغامرة الشارع على طرفي نقيض، إلى أن كسرت المغامرة المناورة، وكشفت أن الحاكم كلما ناور وقامر، ضحى الشباب وغامر. سلوك الحاكم رأيناه من تطبعه، وسلوك الثاني من طبعه، والخوف من تكرار الدرس بين السياسي الذي احترف الثعلبية وريح ثعلبة ! وبين اليافع في الشارع الذي آمن بحقه وصبره وأقسم بعصره أن تكون طريقه التضحية وإن كان الضحية.
وغريب اللحظة أن الرؤساء الساقطين واللاحقين لم يسترشدوا بقول قديم قاله أبو بكر الصديق: ثلاث من كن فيه كن عليه، البغي والنكث والمكر، فخصلة الظلم ثابتة لطول مددهم في الحكم وتكلسهم على كراسيهم ورغبتهم في كل ما يريدون دون حسيب أو قريب، وخصلة النكث بالإصلاح شيء طري في الأذن والعودة عنه قرار ندي في القلوب، والمكر خاصيتهم. وقد اجتمعت في اليوم الواحد: يظلمون فيضربون، ويعدون  فينكثون، ويمكرون ويمكر ملك الملوك والله خير الماكرين، يقول الرب : فمن نكث  فإنما ينكث على نفسه، فيكون الرئيس أو الحاكم ضحية نفسه ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
نفس الظلم والنكث والمكر يسود سوريا بعد اليمن، نجد المرحلة الأولى ظالمة رامية تصل إلى الشهادة،ويزيد البغي سواءََ، ويزيد الحكم خواء في الضمير واستواءََ على العرش، يعد بالإصلاح بتفاصيل ملاح، وينكث عن معناها الأول فيُحَوِلُ و يُأَوِلُ، ويقلب ويشذب ويهذب لتخرج الوعود بلا لون ولا طعم بل بويل و سقم،  فيكون المكر والغدر ثالث الأثاقي يخرج البلد من الاستقرار إلى المشافي.
إن اجتماع البغي والنكث والمكر في حال ويوم واحد في الحكم وفي أمرمن تثعلب كثعلبة فساءت عاقبة غدره، وذاق وبال أمره، ووسم بسمة عار  قضت عليه بخسره، وأعقب ما فعل نفاقا يخزيه، فأي خزي أرجح من ترك الوفاء بالميثاق، وأي سوء أقبح من غدر سيوق إلى النفاق، وأي عار أفضح من نقض العهد،  وإن كان في الحكم اشتد واحتد، لأن سقوط عهد الحكام سقوط لعروشهم وإن تأخر الزمن. وكما يقال في الأثر: لم يغدر غادر إلا لصغر همته عن الوفاء، فلو أغز الأسد ما وعد به في 2005 ما قام له ثائر، ولو أنجز مبارك ما وعد قبل سنين ما كان المصير سجنه، ولو أوفى زين العابدين بما صرح به منذ حلافته لبورقيبة،ماتشرد و لتفرد، لكن حب النفس للإمارة المطلقة تطلق النفس في مهاوي الفلس إلى الإفلاس.
من وعد المحكوم ولم يف بما وعد ثقب أولى الثقوب في سفينة حكمه ،وقد خرقها ليغرقها بمكره.
إن التأخير مقام التقديم والتقديم مقام التأخير من صفة العقلاء، أما صفة الحكماء، فوضع كل أمر نصابه بدون تأخير ولا تقديم يضر، ولا مكر وقَصر يفيد قصوراََ لأمر سبق.
ويقولون: حاطب الحكم بليل تاركه بفضيحة. فالوفاء بالعهد أصل يقطع حال قطعه الحكم وإن تأجل. فأعجل الأشياء كما قال الرسول عقوبة البغي. فإن زاد عنه المكر والخيانة ذهب إلى النار حيا، يقول الله تعالى: إنما بغيكم عل أنفسكم. وقد أوقع القدر في المهالك من غدر، ومن نكث عن الإصلاح بالأقداح، ضاع ما كان له، والأصل في تجارب رؤساء سقطوا شر سقطة لأنهم غيرو الدستور بعدما كتبوه بأيديهم لقاء سنوات تضاف إلى حكمهم ، وخير ما يستوثق به المرء في عصرنا  هذا الكتاب المكتوب بين الحاكم والمحكوم. فيغدر الحاكم بالميثاق بالأعناق والأرزاق، دون  وجه حق. ومصيره الآن يملأ حس الزمان والمكان. من اختار المكر والمناورة اختار غيره المغامرة وقد أثبت الجميع أن الشعب يربح المغامرة؟!
القلم المعاكس عدد 25 ل 22 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق