عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

بعد إعلان إصلاحات دستورية في كل من المغرب و الجزائر لعبة بوتفليقة في الرد الاستراتيجي على محمد السادس


بعد إعلان إصلاحات دستورية في كل من المغرب و الجزائر 
لعبة بوتفليقة في الرد الاستراتيجي على محمد السادس

كما لاحظ الجميع خاطب بوتفليقة شعبه  على نفس ما كان عليه محمد السادس قبل شهر: إصلاح دستوري بإصلاح دستوري، جهوية بجهوية وإصلاحات سياسية بأخرى ليدخل البلدان الجزائري والمغربي في دائرة الخيارات الحرجة.
من جهة، تأتي دعوات الاصلاح ضربات استباقية من هذه الأنظمة : 20 فبراير في المغرب، و تظاهرات السبت في الجزائر ، وفي أجواء إقليمية جربت الانتفاضة قبل تونس في العيون، وسوقت الإصلاح كأفكار عامة مع كثير من الضباب دون أن يتأسس على ضوءها " خارطة طريق ".
أيضا لم يحدد بوتفليقة أجندة زمنية لإصلاحاته، لأن هدفها لم يكن الداخل فقط بل الجوار أيضا ، وسيكون تطور الإصلاحات في المغرب صانعا للمعنى الجزائري وبعده ومداه.
استطلاع جريدة الخبر الجزائرية يؤكد عدم استجابة خطاب بوتفليقة لانتظارات الشعب. ف 58 في المئة منه أكدت على هذه القناعة، و اعتبر أكثر من متابع أن الهدف لم يكن الداخل ، لأن شعب الجزائر لا يزال جرحه نازفا من الحرب الأهلية، و " أنا " الرئيس مجروحة بدورها للمرض، وسيطرة الجيش على القرار. لقد صاغ العسكريون بشكل استراتيجي رؤية الإصلاح وخطواته حسب تطورات الوضع الإقليمي، لذلك خرج الخطاب من دون مواعيد واضحة، من جهة أخرى، تمرير المرحلة إلى سبتمبر بدون إصلاحات سيدفع إلى خفوت و خفض الصوت الإصلاحي في الشارع - كما تقول التقارير - وهذه الرؤية تقتنع بها مراكز النفوذ و الأمن في الجزائر والمغرب.
=== أوراق سرية للرد الاستراتيجي على " إصلاحات " محمد السادس: احتواء الحكم الذاتي وقتل حلم الصحراء
أولا ، الحكم الذاتي سيكون متجاوزا بعد إعلان دسترة الجهوية في المغرب وتوسيع ودسترة المحليات في الجزائر كأشكال فيدرالية بمستويات متقاربة.
ثانيا ، مستوى معين من حكم المحليات ( أو الجهوية ) في الجزائر هو احتواء لمطالب " الصحراء الشرقية " كيانا ذاتيا في المغرب بعد تقطيع لجنة عزيمان ، والذي يجر معه أراضي يعتبرها الجزائريون جزءا من دولتهم. فما يسمى " الغرب الجزائري " الذي ينتمي له بوتفليقة، يعتبر حساسية مفرطة عند الرئيس و الجيش، خصوصا بعد أن عملت خارطة  الجهات الجديدة في المملكة على توحيد استراتيجي وتاريخي للصحراء الشرقية من فكيك إلى ورزازات على طول الحدود المغربية - الجزائرية.
ثالثا ، مستوى جزائري متقدم لحكم المحليات سيساهم في احتواء مطالب سكان الحدود ( حسب وثيقة رسمية ).
 إن ما تعيشه المنطقة يتمثل في حالة اكتفاء و إشباع، و الجزائر لا تفتقر إلى الحرب أو السلام  مع المغرب أو مع نفسها بعد الحرب الأهلية - بنص وثيقة من الكونغرس -.
خطاب بوتفليقة اعتبرته باريس " متوافقا " بشأنه بين الرئاسة و الجيش، و أنه يخدم سياسة دولة و ليس انقاذ نظام ، لأن الرئيس أعد ورقة قبل خطاب محمد السادس بيومين، ودامت المشاورات لأيام مع بعض الجنرالات - في الكواليس - و مع عبد العزيز بلخادم المؤهل عند أكثر من طرف لقيادة هذه الإصلاحات.
لقد أراد بلخادم تبني كل ما وافق عليه الجيش من إصلاحات تكون في الأغلب الأعم التفافية لابقاء الوضع على ما هو عليه، لكن مواجهة إغراءات الجهوية في المغرب ببرلمانها المستقل ضغط كي لا يستفرد الجار الغربي بالصحراء الشرقية التي يعتبرها حزب الاستقلال الحاكم إحدى ثوابته ( على الأقل من الناحية التاريخية ) .
إن عودة أجيال شابة استقلالية تؤمن بعلال الفاسي سيضع الصحراء الشرقية و الغربية على أجندة الحزب مجددا. و هذا الرهاب أو الخوف من الجهوية انتقل إلى موريطانيا. فالجنرال عبد العزيز تخوف في مكالمة مع بوتفليقة مما دعاه " مشروعا لا يخدم مصلحة المنطقة " إلا أن الرئيس الجزائري فضل أن يبادر ويحتوي المشروع بمشروع جزائري مماثل، يركب موجة الإصلاحات المطلوبة من الشارع، ويخدم مصالح الجزائر الاستراتيجية اتجاه المغرب، لأن الأمر متعلق بالأمن القومي لبلده.
الواقع الإقليمي يذهب باتجاه الدولة الديمقراطية في تونس، و الدولة الدستورية وغير الممركزة في الجزائر و المغرب، ومن خلفهما الجيش.
يقول تقرير أجنبي ( إن اليقظة الدستورية و الحساسية اتجاه الغرب الجزائري أي الصحراء الشرقية بالنسبة للمملكة، والخشية من مفاجأة صحراوية في أراضي 1975 كما حدث في العيون ، أو أخرى في المخيمات ، هو السبب الرئيس وراء الاصلاحات). الشارع المغربي و الجزائري لم يكن العامل المركزي في إعلان هذه الاصلاحات . هناك أهداف أخرى تذهب إلى الدفاع عن وحدة الدول مع تغيير الأنظمة أو بدونها.و الردود واضحة، أن أمريكا التي تحمست للثورات السلمية العربية ، يقابلها التدخل الإيراني لحفظ النظام في سوريا، و التركي لحفظ نظام القذافي إلى جانب الدعم المطلق للطرفين ( الإيراني و التركي ) لبوتفليقة مع بعض الإصلاحات التي تدخل الاسلاميين في الحكم ( الجديد ).
النظامان الاسلاميان الاقليميان في أنقرة و طهران إلى جانب الرياض يخدمون الخارطة الحالية. لم يعد مهما سوى الدفاع عن امتداد المصالح  ووحدة  الإقليم بالنسبة لمن هم في الإقليم : انقلاب استراتيجي  لسياسة أوغلو من صفر مشكلات ، إلى تصفير الثورات، فإيران تضغط في البحرين لموقف إيجابي خليجي في سوريا ، وفي الجزائر، إيران مع الإصلاحات ولا ترغب في ثورة شعبية، لأن بوتفليقة و -عبد العزيز في موريطانيا - يمثلان ( الديمقراطية العسكرية ) التي تشبه إلى حد كبير حكم نجاد و الحرس الثوري. المهم ألا يتغير الإقليم المغاربي من خلال الدفاع الشرس لأردوغان عن النظام الليبي ،لأن بعد الخسارة الكبيرة لأنقرة في مصر بعد الثورة، وتركيا كانت حليفا مع مبارك ضد الامتداد الإيراني. حاليا لا يريد الأتراك في شمال أفريقيا ترك الأمور للفرنسيين من أجل هضم ليبيا. الصراع بين باريس و أنقرة قوي إلى حد لا يتصوره أحد نتيجة عرقلة ساركوزي انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، وحاليا تقاتل تركيا إلى جانب القذافي كي لا يدخل الفرنسيون منطقتها البديلة : العربية /الاسلامية.
تركيا و إيران مع الجزائر " الرسمية " التي تناهض التدخل الفرنسي في ليبيا ، و ترغب في حلول إقليمية و أممية للمشاكل العالقة، كما أن هاتين الدولتين ضد مصالح الغرب التي وجدت رهانا لها في الثورات - في مقابل مصالح مضادة -.
اللعبة تحمل أكثر من وجه ، أوله ، أن : 
1- تركيا تدعم إصلاحات بوتفليقة ومع إدارة هادئة للإصلاحات تزيل بعض الصلاحيات من الجيش تجاه الأحزاب ، وتبني الديمقراطية ب ( صفر - دم ) كما قال أحد صحفيي ( مليت ) ، و كما قال أحد المسؤولين : لا نريد قطرة دم بقطرة نفط، كما يحدث في ليبيا.
2- إن نقل التجربة التركية إلى الجزائر ورغبة بوتفليقة في تبنيها سيسهم في تسوية تحافظ على قوة الجيش وقوة الديمقراطية و الأحزاب معا دون أن تضعف الدولة.
هذه القراءة  بادلها نجاد و أردوغان في افتتاح المعبر الثالث على الحدود التركية - الإيرانية. طهران تريد حماية النظام السوري وتركيا ترغب في إدارة إصلاحات لاستيعاب المتغيرات، فلا تضعف الدولة و لا النظام ويتقوى الشعب من خلال إصلاحات يديرها الأسد.
التوافق التركي - الجزائري و نظرة إيران إلى بوتفليقة يشكلان حجر الزاوية. ظهور مثل هذا التحالف المساند للجزائر ، و الجزائر تساند ليبيا يكشف عن لعبة أخرى لاحتواء تأثير الثورة المصرية وموقع مصر على باقي العالم العربي.
الحصار يبدأ حاليا على القاهرة حتى لا تتزعم العالم العربي و تحاصر  مصالح تركيا و إيران، وعوض أن يتجه بوتفليقة بالجزائر، إلى ما كانت عليه علاقتها مع مصر جمال عبد الناصر في تحالف عضوي بين ثورة 1952 وثورة الجزائر، فضل من كان وزير الخارجية في عهد بومديان، أن يعمل على سياسة خاصة للجزائر في الإقليم المغاربي وإن تقاطعت مع تركيا و 
إيران وضد مصر الثورة .
التوجهات الجزائرية الجديدة لا تخفي احتواء الاستثناء المغربي، ليصبح " الاستثناء مغاربيا " يجسده البلدان، و إذا اعتبرت دوائر بوتفليقة أن إصلاحات المملكة ليست إلا مناورة، فإن إصلاحات الجزائر لا تخرج عن نفس  الإطار، لكن بمبادرة تبقى بيد الجيش و الرئيس، عكس المغرب الذي يدير ورشه بعيدا عن المؤسسة العسكرية، ووصول نجاد و أردوغان ( بإصلاحاته ) وبوتفليقة إلى ذات القرار لم يكن بدون موافقة الجيش أو مخابراته أو الحرس الثوري ( الوجه الحقيقي لجيش إيران ).
تحالف هذا الثالوث ضد الثورة المصرية وزعامة القاهرة للعالم العربي و المنطقة شكل فصلا بين مصر وشمال افريقيا انطلاقا من ليبيا و بإتجاه باقي دول المغرب العربي و التدخل الشرس ضد مصالح مصر في جغرافيتها السياسية كشف بوتفليقة، حيث يفضل بلاده على الإقليم ،و المصالح القديمة عن المصالح الجديدة التي صنعتها الثورة.
إن استمرار الصورة الليبية على الشاشات يمحو نصاعة ثورة العرب في مصر، ونجاح القذافي في الصمود الدموي بين ثورتين : التونسية و المصرية هو نجاح لتركيا و إيران و الجزائر.
الجزائر نفطية بدورها، أي البلاد النفطية تطرح إشكال المصالح، الثورتان نجحتا في بلدين سياحيين وغير نفطيين، وعندما اصطدم الوضع بالنفط ، كل عاصمة اتخدت سياسة خاصة بها.
=== بوتفليقة حاول أن يتمسك بثلاثة شروط :
1- اعتبار الإصلاحات " شأنا داخليا " و ليس نتيجة موجة إقليمية.
2- اعتماد سياسة مغاربية بالنسبة للجزائر ، يكون ركنها الرئيس : عدم التدخل الخارجي لأن هذا الأمر مسحوب على " مناطق اللجوء الصحراوي " فوق تندوف. فالأمر متعلق بالأمم المتحدة، وليس بأي دولة على حدة.
3- رفض بوتفليقة أن يكون العمق الجديد لفرنسا هو ليبيا، لأن هذا سيؤثر بشكل جدي على " الدور الجزائري " في شمال أفريقيا و على المتوسط. القذافي عندما هدد هدد كل المتوسط، و عندما تلقى الرد تلقاه من فرنسا التي تتزعم مبادرة المتوسط، وعندما أتت الحماية أتت من تركيا المناهضة لساركوزي.
الثمن لن يدفعه الليبيون ، بل ستدفعه الديمقراطية كذلك. لأن النظر إلى هذه الثورات يكون بمنظور إقليمي بحت، وقد خرج الشارع في مصر و تونس وفي غيرهما من دون أبعاد جهوية أو إقليمية بما فيها الصراع التاريخي مع إسرائيل، وفي تجاوز  " تركي و إيراني و إفريقي " لا يحترم تقرير مصير الشعوب العربية بأيديها.
الجزائر تستفيد من هذا الوضع ، وتضع إلى جانب المغرب إصلاحات مماثلة و منافسة له ، فإما أن تذهب الدولتان إلى ذات الأهداف أو ذات المناورة.
الوضع الجديد يخدم بوتفليقة في إحتواء إقليمي و داخلي لمبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء " الغربية " ، ومن جهة أخرى يقرأ الترتيبات على أساس عقيدة متوسطية بديلة ضد الساركوزية من خلال تحالف أنقرة - طرابلس - الجزائر العاصمة . الرباط أخذت دورها إلى جانب الغرب و باريس تحديدا، ولم تذهب إلى حد الإعتراف بالمجلس الوطني الإنتقالي في بنغازي، لظروف المغاربة العمال فوق الأرض الليبية وتحت سيف القذافي.
القرار المغربي تحت الإكراه بين معضلة الإستراتيجية لتحديد موقعه الجديد في شمال أفريقيا وبين معضلة عمالته في ليبيا. و هذا التصور لم يخدم في شئ بقاء المغرب استثناء بعد أن ذوبه بوتفليقة بإتجاه واحد : إما أن تربح الجزائر مع المغرب، أو يخسر المغرب وحده.
التعبير نقله فرنسي عن عبد العزيز بلخادم، مهندس هذه الإصلاحات إلى جانب الجيش، و الطامح أن يكون مكان الرئيس قريبا.
==== حلم بوتفليقة يناهض القصر العلوي
الرئيس بوتفليقة يريد أن يكون " الأب المؤسس " لإصلاحات الجزائر ونموذجا للمغرب العربي."لم يعد مهما منافسة مصر سوى في رفض تصدير نموذجها ".
الاستثناء المغاربي يعزل ثورة تونس بعد التدخل الغربي في ليبيا، فمرحلة ما بعد القذافي مؤثرة و خطيرة إن نجح النموذج الليبي الديمقراطي بصيغة فرنسية.
الجيش يخاف من التنافس المرضي بين بوتفليقة و المغرب، ومشروع المحليات ( ذات الإستقلالية العالية ) يرفضه الجنرالات. و يصر عليه بوتفليقة من أجل بقاء الغرب الجزائري في الجزائر.
و المحاولة تسير حسب وثيقة سرية باتجاه أن تكون جمهورية ثانية في الجزائر ترغب في أن تكون متوازنة و عملية حال ولادة ملكية ثانية في المغرب.
الجيش في الجزائر لم يرغب في تحديد جدول زمني لكل الإصلاحات التي يريدها الرئيس ، وقبل بكل اقتراحات الرئيس ( دون أن يعتمدها كقرارات ) إلا بعد ( وضوح الصورة في ليبيا والمغرب ) .
الجزائر تراقب تطورات الوضع في ليبيا و إصلاحات المغرب ، الآن ما يهم جيشها هو وحدة الأرض و قوة الدولة و الجيش. هذا الثالوث الموحد والقوي مهم لمؤسسة تقرأ مستقبلها من خلال : نزاع موضعي مع المغرب و نزاع جيوسياسي في شمال أفريقيا.
إصلاحات محمد السادس ستكون محددة لإصلاحات الجزائر . المبادرة تبقى مغربية، وإن بلخادم يريد أن يسبق جاره المغربي، و يأخد المبادرة منه  بما يكفي لجعل الجهوية خيارا عاديا في الدول المغاربية لا يشكل بأي حال تقرير المصير لشعب إقليم معين، و هذا ما يفرض على الرباط أن تتقدم بخطوة أخرى إلى الأمام..... حصار المبادرة جزء من تصفية الحكم الذاتي حلا ديموقراطيا في الصحراء " الغربية " بعد أن تكون مبادرات كل الدول المغاربية متجاوزة لهذا الإقتراح  بحكم المحليات أو النظام الجهوي في كل المنطقة.
                    
                         
         عبد الحميد العوني عدد 25 ص 3 ل 22 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق