عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

الملك في المغرب والأردن ومعهما إسرائيل ؟!


النظام يخاف الثورة والشباب يخاف الثورة المضادة، مثل هذا الرأي يظهر على السطح صحيحا في المغرب، ببساطة، لأن ملكه اختار أن يقود ويقود دائما، محافظا بعد الحسن الثاني وحداثيا الآن. ملك الأردن في الشرق غير مختلف ؛ قاد بلده محافظا، ويحمي الشباب الداعي للثورة. هذه المواقع وهمية وغامضة أكثر في المملكتين وأتساءل كغيري لماذا ؟
الكل يستخدم اصطلاحات تؤكد أنك أمام شيء مختلف. الملك يقود تيار المحافظين والدولة، وتراث الآباء، ويريد أن يقود تيار المناهضين والحداثيين على أن يبقى على عرشه، هل هذا ثمن معلوم عند المتظاهرين والقامعين معا، أم أن البيت الواحد الذي يجمع ملك الأردن والمغرب يجمع في تاريخه الثورة (على الأمويين) والحكم، أحدهم نقل إلى هذا المعنى المنسوب للصحافي محمد حسنين هيكل.
لا فارق ربما بين حسنين والحسين (في الأردن) والحسن (الثاني) في المغرب، وقد أرى نفس هذه الشحنة في حسين أوباما أب الرئيس الحالي حين قبل أمريكا ورفضها، وغرس في ابنه الحد الذي يجعل بلده جنة ممكنة.
هل يتفق الجميع في بمنطقة الشرق الأوسط والعرب عند هذه النقطة، حين أرادوا الكرامة بأي ثمن.
العرب فاجأوا الأمريكيين إلا أوباما، وهم يقاتلون لأجل الحرية. الرئيس الأمريكي رأى سوهارتو يسقط في صغره، ويرى سقوط بن علي مبارك والقذافي.
لم يدرك الغرب أن الحرية خاصية سامية منذ انعتاق موسى من فرعون. لم يرد الأجداد طعام السماء بقدر رغبتهم في حريتهم. عانوا التيه من أجل هذه الحرية.
الذين يخافون في إسرائيل من هذه الثورة لا يقرأون ثوراتنا، إننا مجرد ثورة ضد الفرعون. والمصريون قالوا إن آخر فرعون هو مبارك. وآخر فرعون لوبي يسقط مع القذافي.
اللوبي من ليبيا في اصطلاحنا العبري، وقد عرفنا لفظ (لوبي) من الشرق ؛ واللوبي – لمعرفتنا - شعب حارب بجسارة رغم النبوءة إلى جانب ملكهم. إنهم يكررون الدرس مع القذافي.
مفارقة تستحضر التاريخ والواقع طويلا، فاللوبي يعيش في لبنان ويمثله حزب الله ويعيش في إسرائيل باسم (شاس) ويعيش في مصر في جسد الإخوان، لكن الحرية تصنع معهم الاستقرار.
زميلي روجر كوهين أشار إلى ثلاث دول تتميز باستقرارها رغم هذه العاصفة : تركيا، لبنان، وإسرائيل، لأن في هذه البلاد يمكن للمواطن أن يذهب ويدلي بصوته.
الديمقراطية شيء نقبله كاملا أو يترك مطلقا. لا يمكن أن تكون ديمقراطيا بعض الشيء كما لا يمكن أن تكون المرأة حاملا بعض الشيء. إنه معنى عميق لروجر كوهبن لمن يرغب في أن يكون حرا. لا يمكن أن تكون ثوريا وضد الحرية، ولا أن تكون مستبدا وتلد الحرية، إلا إن اقتنعنا أن الأسد يلد أرنبا.
طفلي يرفض هذا المنطق رغم هوايته للعب. نفس الشيء في عالم الكبار، الشباب العربي يقبل اللعبة ولا يقبل المناورة. ذكاءه شديد وآلي ومباشر. هل يكفي ذلك لمعرفة وضعنا ؟
نصف تحديث الذي قام به بعض الرؤساء والملوك العرب أكمل دائرته بطرد المستبدين والمستبدين المتنورين من السلة، وقد اختار الليبيون الفوضى وتحطيم البلد لإعادة بناءه على أن يبقى الشباب تحت قيادة القذافي : نصف نبي مزيف ونصف مجنون حقيقي ونصف قاتل حقيقي ونصف ضحية (زائف) ؟!
إسرائيل تستثمر آخر انشغالات العالم العربي بنفسه لتقتل ! هل نتنياهو لا يتورع أن يرسم نفسه إلى جانب القذافي، أم يريد أن ينتقم منه الجيل الذي طحن قادته من أجل أن يقود، وقد يطحن إسرائيل غدا من أجل أن يقود المنطقة.
القيادة التي لم تعد وحيا ولا فكرة، بل جهدا وعملا هي تربية صعبة لا يعرفها من يحكم في إسرائيل. الوطن اليهودي ليس نوسطالجيا وليس دراما ؛ إنه جزء من عقيدة كل مؤمن يعرف المبكى ويعرف المشنا. لكن أن يكون نتنياهو ذكيا – حسب ما أسر لي صديق مشترك بيننا – إلى الحد الذي يريد فيه أن يتماهى مع طائرات الحرية التي تحرر ليبيا من القذافي ليحرر هو غزة من حماس ! إني مقتنع بأن أي تصرف غير محسوب سيكون مكلفا.
الشعوب العربية بعد تحررها من الحكام، قد تلتفت للأرض، صحيح أن دعوات التغيير غير متطرفة، ويجب معها تهييء الحكم لجيل تكون معه صفقة التاريخ والحرية، حيث يعود الإسرائيلي إلى أراضي 1948 ويكون الفلسطيني إلى أراضي 1967 دون نزاع ولا اتفاق.
نتنياهو ليس ديمقراطيا ولا استراتيجيا بالشكل الكافي والجيش تسلمه متطرف، وهذه رسالة جيدة إلى حزب الله وسيئة إلى الأجيال الثائرة.
تل أبيب تعرف كيف تدير الاحتلال "الطيب" في الضفة والخبيث bad في غزة، في نظر الإسرائيلي، لكن قراءتي أن الذي يريد أن يلعب على الحبلين والتيارين لن يفيد أحداً. فأن تكون مع الاحتلال وضده كأن تكون مع الحرية وضدها. فهل يدرك من يحمل المنطق وضده أن الشرق الأوسط تغير جذريا، لان سيكولوجيا الخوف، بما فيه الخوف من المجهول لم تعد قائمة، فالعرب يتحررون في أقطارهم وسيتحررون من الاحتلال لذلك على إسرائيل أن تتحرر بدورها من الاحتلال وتنتهي إلى فهم الدرس العربي، وهو درسنا السامي. منطقة الشرق الأوسط حبلى، وعلينا ألا نقتل ما تلده، وإلا خرجنا منها كما يخرج الديكتاتوريون الآن. ببساطة عندما نعاكس التاريخ نخسر دائما ؟!

جون فنهارت عدد 23 ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق