عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

تقارير CIA الحساسة المغرب أمامه : ديمقراطية جذرية أو حرب أهلية ؟!


قال روبير بايير (خبير في العالم العربي ومستشار CIA سابقا) بجريدة باري ماتش : الآن يعيش العالم المسلم نهاية الامبراطورية العثمانية، فكأن الثورة العربية الأولى فشلت والثورة العربية الحالية تعلن نهاية هذه الامبراطورية. المعركة الجارية حاسمة وتجعل المغرب في المقابل يعيش اختياراً أو ضغطاً نهاية المخزن، لكن ألا تعني هذه النهاية صراعاً أمازيغيا – عربيا يوازي الصراع الشيعي – السني في الشرق.
كل العروش تحت بركان، والديمقراطية الجذرية وحدها الحل كي لا يكون هناك صراع ديني أو إثني في المنطقة.
خوف الأنظمة أدى إلى جنونها في ليبيا وتنزلق إلى نفس الجنون اليمن، والخوف يعطي المناورة في المغرب (تقرير CIA).
يقول التقرير : لا يجب أن يفقد الحكم الحالي المبادرة الديمقراطية، وإلا أصبحت الدعوى نحو الحرية بنفس إثني أمازيغي، في مقابل مساندين للحكم سينزلق نحو العائلة والشرفاء وأي استقطاب في هذا الاتجاه سيكون خطيراً جداً...
التحول في الملكيات يستدعي - كلما لاح في الأفق فشل الحوار - الصراع بين العشائر والفلسطينيين في الأردن، بين السنة والشيعة في البحرين، والمغرب ليس استثناء من هذه الملكيات العربية، لأن المهم أن نقرأ بوضوح : النظام إن فشل في إدارة التحول إلى الديمقراطية سيتحرك ما يدعى الأغلبية (الأمازيغية) لتطالب بالديمقراطية، فأي خروج عن الإطار المدني والمجتمع المدني سيكون بالفعل استدعاء للإثني والعشائري.
الصراع الخفي الذي تحاول ليبيا دفنه : القذافي يقول بالعشائر والقبائل والشعب ينفر من هذه الدعوة التي تطلقها (الديكتاتورية) المكشوفة وتلعب بكل أوراق النار.
الدم في ليبيا يصهر الشعب لأول مرة في ثورته ضد القذافي، وهذا يعرفه الأمريكيون.
ما قاله القذافي قاله ملك البحرين لقمع تظاهرات مدنية، والصراع في آخر أوراقه بين الطائفية التي يحملها الحاكم والديمقراطية التي يرغب فيها المحكوم.
علي عبد الله صالح يستدعي نفس الهاجس، والشعب يترك سلاحه ويلتحق بالساحات. هل المعركة تصهر الجميع، وتنقل المجتمع المدني إلى مرحلة أخرى.
العرش في المغرب ليس أمامه سوى الخيار الديمقراطي، ولا يمكنه بأي حال أن يلعب الإثنية لأنها ستُعَجِّل بإسقاط النظام.
الديمقراطيون في صف ضمني مع الملك ضد الإثنيين. ولا خيار للملك إلا أن يكون ديمقراطيا. قد يستثمر كل الزمن لتأخير الرهانات، لكنه مضطر لتقبلها بشكل مطرد.
الكل يرغب في أن يبقى الجيش صامتا والقصر ناطقا، وأن يكون الشارع مدنيا لا ينجر إلى دعوات راديكالية تسرع في الاصطدام مع العرش.
العرش حليف استراتيجي للشارع في هذه المرحلة الحساسة، من جهة ليبقى محمد السادس ملكا شعبيا ومستنيراً. وهذه الصفة تمنحه المبادرة والتقدم، وهو ما لوحظ في استقبال الجزائريين للمغاربة (في كرة قدم).
الديمقراطية في العالم العربي تصنع أجواء جديدة بين الشعوب تتجاوز بشكل نهائي الصراعات التي قادتها الأنظمة، وهو ما سيغير المعادلات الإقليمية.
الشعوب تجاوزت الصراع المفتوح مع الغرب (بعد ذبح القذافي للمدنيين وتدخل أمريكا والناتو لحمايتهم) والصراع المفتوح بين الشعوب العربية، فالأهداف الجديدة ليست لائحة قديمة، ومن تبنى شعار : الأردن أولا أو المغرب أولا مضطر اليوم أن يدفع ثمن أن يكون الوطن فوق الملك في الملكيات، والجمهورية فوق الرئيس في البلاد الأخرى. والتحول رغم دمويته شكل وضعاً جديداً. فسياسة الشيكات البيضاء في كل اتجاه انتهت بين الشعوب وملوكها أو رؤسائها، ومن جهة ثانية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبين واشنطن وأنظمة الاعتدال العربي.
وما تقوم به CIA كبير :
تعرقل ضرب حركات الشارع بجيوش لديها اتفاقيات مع أمريكا.
تعمل على إدارة متوازنة للمصالح بين الشارع والحاكم لحسم الصراع في سياق داخلي يحسم فيه الشعب ما يراه.
وترى أن المخيف في هذه المنطقة (إن توفي الملك عبد الله وخلفه مسنون منفتحون أكثر على الوهابية، وإن اتجه الملك محمد السادس إلى تعزيز ما يدعوه إمارة المؤمنين، وإن دعم الملك البحريني السلفية لضرب الشيعة، وقام الملك عبد الله الثاني بإقصاء جبهة العمل من الشارع بعد أن خرجت من البرلمان).
إن الشرعية التقليدية : الدينية والقبلية في مقابل الشرعية الديمقراطية رهان خطير لأنظمة صديقة قد تمس مصالح واشنطن.
طريق أردوغان وضع جديد أقصى الخمينية، وصراع الدين والأنظمة، إلى استثمار الشرعية الدينية في مقابل الشرعية الديمقراطية أو الثورية التي كفرها أو حرمها جملة من العلماء.
إن نتائج 50 سنة من القمع ليست ديكتاتورية الأنظمة بقدر ما هي "ديكتاتورية شاملة" انتفض الشعب ليزيلها عن روحه، ويسقط الأنظمة التي كرستها في السياسة والحكم.
الحسم في الشرق الأوسط بين إسرائيل بنفسها الإمبراطوري وبين إيران وتركيا، إنها امبراطوريات في التاريخ، والواقع، والشعوب العربية لن ترض بعودة العثمانيين الجدد لحكمها، ولا بقوة إيران، حيث حارب العرب مع العراق لثمان سنوات ضد إيران، وحيث تركيا لم تترك المنطقة إلا بثورة عربية أولى، والثانية الآن ضد "الغزو الصامت لأنقرة".
قد يكون الوضع ليس أزمة بالضرورة، بل مخاضا حقيقيا لإنجاح "وضع بديل، جديد، وآخر".
التحول سريع إلى الحد الذي يفاجئ الخبراء لذلك فإن طرح الملكيات والجمهوريات التي تحكم على أساس أقليات (سوريا بقيادة علوية أو البحرين بقيادة سنية) يجب أن يتجه نحو الديمقراطية، لأنها مسألة خيار يعيد اقتسام السلطة، ويجب أن يعي ذلك المغرب نفسه، إننا أمام اقتسام حقيقي للسلطة بين الملك والحكومة المنتخبة، وهو الجوهر الذي تنطلق منه الإصلاحات والاستقرار معا.


ماوراء الحدث ص 11 عدد 23 ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق