عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

إعادة بيع المملكة ودين بمليار دولار كل سنة في عهد محمد السادس كروغمان وتقشف حكومة عباس الفاسي


عباس الفاسي يعلن التقشف سياسة لحكومته، وكل عمله في الوزارة الأولى مجرد إعانات، وكأننا أمام حكومة في جانبها للإعلانات والإعانات في جانبها الآخر، إنه بذخ على الأسر القائدة، فهل نعيش التقشف ووهمه في آن واحد.
المغرب يصدر أوهاماً عن الديمقراطية والمحاسبة وحكم القانون ضد الفساد، والتقشف وكلها أوهام. بول كروغمان يعتقد بوهم التقشف في مقترحات البرتغال، وفي سندات إيرلندا وتوقعات العجز في بريطانيا، ويتساءل في مقاله بنيويورك تايمز : ما الرابط بين هذه الأحداث ؟
يعتقد هذا الاقتصادي أن تقليص الاتفاقات لمواجهة معدلات البطالة قرار خاطئ. عباس الفاسي يؤمن بذلك بطريقة أفقية، ويطالب بالتقشف كإجراء مهم في نقض النفقات الزائدة، بلغة دقيقة : تقشف في النفقات وليس تقشف في الإنفاق، بمعنى أننا لا نمس الميزانية، ونتقشف في المصاريف الزائدة، أي بسترة التمويل بما يناسب الفعل المناسب. خفض النفقات يعيد إلى الأذهان صورة للثقة، فعباس الفاسي لا يريد من إجراءاته الدعائية في التقشف سوى إعطاء صورة ما من الثقة فيه وفي حكومته. هل حقا هذا ما يريد ؟ 
أنصار خفض النفقات يقولون بالتأثير الضئيل على النمو والوظائف. لكن ذلك ليس صحيحاً على الأقل عند أكثر من اقتصادي.
في الدول المتقدمة لاحظنا مواجهة تفاقم معدلات البطالة ووجود عجز ضخم بالموازنة (وهما معاً من تداعيات الأزمة المالية)، وظهر أن تدبير المشكلات بشكل منظم ومرتب هو أساس أي توجه لخلق الوظائف – كما يقول غروكمان – ترتيب المشكلات وإدارتها هو العامل الرئيس لخلق الوظائف إلى جانب استراتيجية طويلة المدى لحل عجز الموازنة.
الواقع أن تقليص العجز لا يجب أن يكون قرارا فوريا، لأن الزيادات الضريبية والنقص في الإنفاق الحكومي سيزيد من تفاقم البطالة، ومن ثم الكساد الاقتصادي، وفي نظره دائماً فإن تقليص النفقات في اقتصاد كاسد يعني تعميق أزمته، فمن المنظور المالي الخالص يكون أي ادخار وليد تراجع في العائد وانكماش اقتصادي عام.
في هذا التقدير نرى أن المزيد من الإنفاق وحده رفض الادخار المساهم في الانكماش، وبالتالي فحل البطالة من زاويتين : قصير المدى وبعيد المدى، والأخير متعلق بالماكرو اقتصاد، وبالأساس من الحد في معدل العجز.
هذه النيوليبرالية التي تعتمدها حكومة عباس وصايا خارجية، لكن يجب تطبيقها من خلال :
1 – استراتيجية صائبة correct في مكافحة البطالة ومكافحة العجز، وهذه الاستراتيجية شفافة، غير حزبية، عامة وذات رؤية، وتم التخلي عن هذا الربط من أجل مخاطر وهمية وضيق في الأفق. والمغرب أمامه خيار اليونان العاجز عن الاقتراض سوى بمعدلات مرتفعة. الرؤية النيوليبرالية متكاملة، لأن البعض يعتقد بأن القشف المالي سيسهم فعليا في خلق وظائف عبر تعزيز الثقة.
والواقع أن الثقة تأتي عبر الشفافية، والمزيد منها وحده يكرس (وظيفة الدولة) حتى لا تكون غائبة أو مغيبة. الدولة ليس تقاسماً لنفقات تدار من خلال تقشفها أمام الرأي العام بإعادة توزيعها. والتساؤل يدور حول : ما يجري فعليا في المغرب ؟
عباس الفاسي سياسي يعتقد بإعلان تقشف حكومته لرفع معدل الثقة، وهذا الوضع سيكون له تأثير إيجابي على سوق العمل والرأسمال. من جهته الجواهري (بنك المغرب) يخاف من عجز الموازنة المفرط، ويحذر من معدل الفائدة، لأنه يحرص على عدم ارتفاع هذا المعدل، لأنه مؤشر - في نظره - على أن السوق تحول ضد الحكومة.
تثبيت نسبة الفائدة يزيد من أزمة السيولة، وتعميق اليأس في الدورة الاقتصادية. من جهة ثالثة، مزوار بدون رؤية vision، وهو إداري يجد قناعته في الدورة المتذبذبة لكل المتدخلين ولا يرغب في أي حرب على الفساد تؤثر على ميكانيزم السوق. مثل هذا الخيار يعني أن نصل في سرعة نهائية إلى استنساخ تجربة اليونان.
حكومة الفاسي أعطت انطباعاً في الداخل قبل الخارج أن الاقتصاد الوطني ضعيف، وليس بإمكانه تفهم المشكلات البعيدة الأمد. هذا الأمر معقد إن قلل الاستثمار الأجنبي من تواجده بفعل الحرب الإعلامية عليه، والرغبة في استعادة الرأسمال الوطني لقيادة الوضع الانتقالي، لكن الرأسماليين يعدون ولا ينفذون. المهم أن تكون لصالحهم السياسة العامة، لا أن يكونوا لصالحها.
إن حكومة عباس الفاسي تتعاطى مع الوضع في المملكة، كأن أحداً ببابها يريد أن يشتري ديوننا. إنها الكارثة. فالإحساس بأنك قوة عظمى يسير باتجاه يكون ضد الريح في الإقليم والعالم.
2 – حكومة عباس لا تعاقب نفسها ولا ترغب في ذلك. فهي تعتقد أنها قوية إلى حد بعيد. هل هذا هو الحل في جعل الثقة جزءاً من "الماركوتينغ السياسي". مزوار نفسه يقود جريمة تجعل ميزانية دولة تسير باتجاه تعزيز هذا الماركوتينغ.
الآن، نرى الصعوبات غير محدودة على المدى المتوسط، ولا نعرف أن عدم المساس بالنفقات على المدى القصير عملية إعادة بيع للمملكة.
حالياً المؤامرة لديها منطق السوق، ولا تمتلك منطق الدولة، حتى الملكية دخلت هذا السوق، وقام الملك بإعطاء بعض الثقة حول إعادة انتشار رأسماله.
3 – البنك المركزي يقدم للأبناك إعانات مالية، هل نريد طمأنة السوق من خلال تدخل بنك المغرب أم الواجب إجراءات تقشف قاسية على المواطنين العاديين.
حاليا، السياسة المالية تمول الأغنياء لطمأنة السوق، وتمول الفقراء (عبر صندوق المقاصة) كي لا تكون ثورة. الدولة تنفق مرتين ولا ترد. والمغرب في هذه الحالة يثير إبداء عدم الشعور بالمسؤولية المالية. لم أر حكومة في العالم بمثل هذا الاستهتار. لأننا إن لم نذهب بخطى محسوبة في سداد ديون المملكة، نكون قد كرسنا الأزمة باعتبارها "أزمة هيكلية" قد تنتهي بارتفاع في معدلات فائدة الديون، وسيكون شراءها صعباً إن لم تكن هناك خطة.
فعهد محمد السادس أعطت في كل سنة ديناً بقيمة مليار دولار – حسب الإحصائيات الرسمية - المغرب فقد داخليا وبشكل كبير الثقة في حكومته، لكن أن يتحول الرأسمال إلى هذه القناعة هو الصعب.
الوفاء بالالتزامات يوفر الثقة لصنع مساحة لاتباع استراتيجية لخلق وظائف. حكومة بريطانيا (كاميرون) تعمل على هذه الثقة كساحرة (بتعبير غروكمان) لتجاوز الأزمة. إننا أمام صورة صعبة في إطار التوقعات، لذلك فإقرار خطة مالية جادة يفرض إجراءات "محصِّنة" لإنفاق الدولة على المدى القصير للعمل على استراتيجية بالمقابل تكون ذات رؤية على المستوى البعيد.
إذن الثقة ساحرة، ونورانية إن عرفنا كيف نكون شفافين إلى أبعد مدى.

ماوراء الحدث ص 9 عدد 23 ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق