عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

Jean Pierre Sereni يكتب عن البترول الليبي في يد كلب مجنون ! عشرة آلاف دولار لكل نسمة ليبية سنويا ؟! منذ 1979


Jean Pierre Sereni  يكتب عن البترول الليبي في يد كلب مجنون !
عشرة آلاف دولار لكل نسمة ليبية سنويا ؟! منذ 1979

المقال ظهر في لومند ديبلوماتيك تحت عنوان البترول الليبي من يد إلى يد، ووصف فيه زعيم ليبيا ب " القذافي البترولي " أو قذاف البترول حيث لا يمكن أن تصده بالنار لأنه يشتعل، واليوم يقتل من أجل " أن يبقى مشتعلا"، ومنذ البدء هو ظاهرة غير قابلة للتفسير، ولا يمكن توقعها، إنه غير منطقي و FANCY عند كثير من الأمريكيين.وهو شخص مزخرف ووهمي في آن واحد.
الصورة قريبة من لباس القذافي وعباراته وطموحه إلى السماء من خيالات خاصة، في 1986 تعامل معه ريغان ككلب مجنون في منطقة الشرق الأوسط ووصفه بنفس العبارة على CNN  يوم 21 أبريل 1986 قبل أن يرسل المدمرات إلى شواطئ ليبيا.
العالم لم يفهم عبارة ريغان إلا في 2011 عندما يقتل القذافي شعبه في مصراته. العقيد أعاد ليبيا إلى الغرب من خلال صفقات البترول التي أعادته غنيا ومنطقيا في عالم الصفقات والتسويات السياسية الداخلية منها والخارجية.
المفارقة أتت من بعيد في 1951. ليبيا أطلق عليها العالم ولوقت طويل : مملكة الفراغ التي دخلت عصر الاستقلالات العربية من مصادفة كانت ثمرة تراجع الامبريالية البريطانية والجماعة الصوفية الصحراوية ( السنوسيون) الملك منهم. وتجارتهم (خوردة) الحديد من مواقع القتال التي شهدتها الحرب الكونية الثانية. دراسات المهندسين الايطاليين في 1930 والتي تابعها الأمريكيون أكدت على وجود النفط في مليون و700 ألف كيلو متر مربع. قانون البترول في 1955 شكل قطيعة للماضي ووصلا لهذا البلد مع الشرق الأوسط، الأنجلو-إيراني في إيران، وأرامكو في العربية السعودية، والعراق. واليوم كما يقول Ruth First في كتابه الصادر في 1974 والمعنون : The  Exlusive Revolution   ليبيا  لم تكن مفتوحة إلا لخمس سنوات ، ومحدودة في الاستثمار.
الاكتشفات بدأت عبر 12 شركة، ست منها بدأت في 1961. إكسكسون EXXON شرعت في مرسى البريقة، وفي أقل من خمس سنوات : الإنتاج تجاوز عتبة المليون برميل في اليوم، حيث لم يكن مسبوقا مثل هذا الحدث ، 19 شركة في 1962 منها إكسكسون، شيل ، و إني ENI و صلت في 1968 إلى 39 شركة. نموذج عالمي بترولي جديد يولد في ليبيا ومنها انتقل إلى سائر العالم.
=== الشيخ الاحمر يلعب بالشركات ، بعضها ضد بعض.
مع وصوله إلى السلطة عقب انقلاب 1 شتنبر 1969، العقيد معمر القذافي أخذ المبادرة ، ورفع ثمن البرميل.
الشيخ الاحمر كما نعته مبعوث الملك فيصل (1964-1975 )، عبد الله تريكي، لعب بالشركات بعضها ضد بعض.المعركة الأولى ضد ESSO ونقل على إثرها نصف المداخيل إلى الميزانية الليبية وتتابعت المسيرة مع سبع شركات هي الأكبر في العالم سميت بالشقائق السبع، أربع منها ممثلة في العربية السعودية في أرامكو (إكسون ، موبيل ، شيفرون و تكساكو ) وهي للإشارة شركات أمريكية تضاف إليها أخرى : غولف والشركتان البريطانيتان : Shell و  B.P .الجميع رفض أن يترك للقذافي برميلا واحدا. والشركات استولت على كل شئ . لأن كل البيض في سلة واحدة كما قال المفاوضون الليبيون نقلا عن دانييل يرغن في كتابه المعنون الجائزة : تحقيق أسطوري حول البترول ، المال والقوة.
الغرب لم يترك بريملا واحدا لليبيا ، الكارتيل ( المؤسس بين 1929 و1932 والموزع لأنصبة السوق العالمي بين الشركات البترولية ) رفع يوم اغلاق السويس كل الضرائب إلى 20 في المائة دفعة واحدة حسب نفس المرجع.
الدرس الذي لقنته الشركات للقذافي انتقل إلى الخليج وإلى كل الدول المصدرة للبترول. هذا الوضع كشف من جهة أن على الدول أن تعدد من استثمارتها . وأن تعمل على تعدد أخر في أسماء هذه الشركات. لأن مثل هذا التوازن طبيعي وضروري و بديل. المستقلون وشركات الدول الأوروبية على الواجهة في الساحة الدولية. من جهة أخرى : الرأسمال المتعدد والشركات المتعددة ثالوث يعمل على إعادة توجيه الصناعة البترولية والصناعة المالية في آن واحد. وهو ما يجعل كل الدورة في يد الغرب.
القذافي ومجلسه الثوري كان تحت أمر جمال عبد الناصر، وبروحه استطاع أن يقرر سياسات التأميم. الثورة الوطنية كجزء لا يتجزأ من مقدرات الأمة ومن الروح القومية للشعوب حسمت التصور العام في كل الوطن العربي.
استلهام روح جمال عبد الناصر لم يخل من استحضار مصير محمد مصدق الذي أطاحت به C.A.I في إيران لأنه تجرأ على المساس بالأنجلو -إيراني، الشئ نفسه مع الكولونيل الجزائري هواري بومديان الذي أمم الشركات الفرنسية في 1971.
طرابلس اتخذت منهجها من داخل تجارب سبقت على جوارها الجزائري والمصري، وعن بعيد الايراني حيث هاجم جنود الشاه في دجنبر 1971 جزر أبي موسى وطنب الكبرى والصغرى في الخليج عند ما قررت بريطانيا الانسحاب من الجزر الإمراتية. وتحت مبرر سماح بريطانيا لاحتلال إيران لهذه الجزر قرر القذافي تأميم الشركة البريطانية (بريتش بتروليوم )، وبعد معركة قضائية شرسة استعادت ليبيا ادارتها لحقل (سرير).
=== في سنوات تضاعفت عائدات النفط 500 في المائة.
كل مرة يكون فيها الرهان على القوة، يكون نفس السيناريو. التقنيون الأجانب يبدعون في التحرش بالبلد المنتج، العمل يتراجع على مستوى البنى التحتية والإنتاج يزداد.
غولف، فليبس أموكو، تكساكو، سوكال وشركات أخرى تركت حقولها وغادرت البلاد. الشركة العامة الليبية للبترول LNOC شركة عامة تأسست على الصيغة الأمريكية، وعملت على استغلال كل الحقول من دون تعقيدات، بعد عشر سنوات تماما تضاعفت العائدات المالية عن تصديرات هذه المادة 5 مرات ليكون لكل نسمة ليبية 10 ألاف دولار سنويا ؟! منذ عام 1979.
التعقيدات أتت من الجانب السياسي، في دجنبر 1979، الولايات المتحدة أطلقت لائحتها للدول المساندة للإرهاب. ليبيا أخدت موقع المقدمة بعد دعم طرابلس للمنظمات الفلسطينية المتطرفة. بعد قليل، أغلقت واشنطن سفارتها في ليبيا، ومنعت الامريكيين من شراء البترول الليبي . أخيرا في يونيو 1986 منعت امريكا التجارة مع الجماهيرية ( المنحوتة من الجمهورية والجماهير ).
عملية استهدفت بوينغ 747 (بان آم) فوق قرية لوكربي الاسكتلندية يوم 21 دجنبر 1988، وأخرى ضد DC 10 التابعة لشركة UTA الفرنسية عام 1989 ( يوم 19 شتنبر ) كانتا السبب في بداية عقوبات دولية ضد الصناعة البترولية الليبية.مما زاد من صعوبتها وخفض في المقابل النفط الخام.
الوضع الجديد والكتاب الاخضر - الذي قال بالفوضى الجمعوية Anarcho-collectiviste القريبة من اللادولة كطريق يحلم به صاحبه بين الرأسمالية و الماركسية ويعتبره الطريق الثالث في العالم - شكلا مأزقا حقيقيا للنهوض والنظام كرهان مركب.
الشركة الليبية وجدت في طريقها المتخم بالعقوبات أسواق جديدة في أوربا، تركيا والبرازيل لتعويض ما فقدته عبر الأطلسي.
الحصار حاصر وعرقل برامج الاستكشاف، والبتروكيمائيات والبحث عن الغاز. كل ما يصنع في امريكا ممنوع في ليبيا . وفرق خاصة تعمل من داخل تونس ومصر لا ستمرار الحصار على هذا البلد، وبثمن مكلف للجميع، على ضفتي المتوسط. حيث أصبح ثمن أصغر برغي في آلة خمسة أضعاف ما كان عليه قبل 1986.
العقول شاخت، والنظام نفسه شاخ. الفترة  بين 1992 و 1999 مؤلمة جدا. التطور الاقتصادي أقل من 1 في المائة ( 0.8 كل سنة )، و العائدات تراجعت ب 20 في المائة، اليأس زاد، وتفجرت الانتفاضات وتضاعفت الانقلابات ( التي فشلت و إن بلغت رقما قياسيا : 80 محاولة ) .
 على القذافي أن يترجل ويرضخ لشعبه، كما رضخ لبريطانيا في قضية لوكربي، و لأمريكا بعد 11 شتنبر 2001 لتناهض طرابلس الارهاب، وفي 2003 قرر أن يتخلى عن برنامجه النووي، في 13 نونبر من نفس السنة رفعت واشنطن اسم ليبيا من لائحة الدول المدعمة للارهاب. القذافي الذي سعى لمضاعفة إنتاج بلاده إلى 3 ملايين برميل لليوم لتكون ليبيا بنفس إنتاج إيران يواجه حاليا شعبه الذي انتفض لتغيير النظام نحو الديمقراطية.
120 شركة أعلنت اهتمامها بليبيا، منها شركات امريكية وبريطانية غادرتها عام 1986 دون أن تكون السلطات قد أممتها. 11 من أصل 15 " تجمع صناعي" أمريكي أو يتعاون مع الامريكيين ( شيفرون تكساكو، أميراداهيس، أوكسدونتال) سيطروا.
الأهمية كلها لم تكن لغير البتروليين الأطلسيين الذين كانت لهم علاقات مع الشركات الاوروبية أثناء الحصار. يقول Dirk Vandewalle في كتابه ( تاريخ ليبيا المعاصر) الصادر عن جامعة كمبريدج عام 2006 : إنها شراكة جديدة  أطلسية-أوربية.
133 مليون دولار أعطيت للقذافي و 300 مليون دولار تكلفة الحد الأدنى من ميزانية الاستكشاف. و المردود ضعيف، في انتظار غد آخر، وحسب المحترفين نقلا عن الصحافي Sereni : لم يبقى لهذه الشركات سوى 38 بالمائة من الانتاج، 10.8 بالمئة بشكل مضمون. إذن لماذا هذا الحب الشديد لبترول ليبيا ؟ أولا ، الخام الليبي ذو جودة عالية يعمل في مصافي خاصة في ايطاليا و ألمانيا، وقريب من أوربا وهو الأن يشكل 15 بالمئة من الاستهلاك الفرنسي و 10 بالمئة من استهلاك الاتحاد الأوروبي.
عائلة القذافي ( ستة أبناء وبنت ) تأخد أكثر من كل شئ ، رغم أن عملهم لا يتجاوز حدود ليبيا، و ليبيا بدون القذافي أو معه تبقى بلد النفط؟!

ماوراء الحدث عدد 25 ص 4 ل 22 ابريل 2011 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق