عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

العسكرتاريا في Foreign Affairs تدفع أمريكا للخطر مقال لويليام بفاف


في مجلة (فورين أفرز) كتب وليام بفاف مقالاً حول صناعة اللاأمن : العسكرتاريا تدفع أمريكا للخطر، في ظل الوضعية الرمادية للأمة الأمريكية بتعبير وزير الدفاع روبرت غيتس في 6 يناير الماضي. 553 مليار دولار الميزانية السنوية المرتقبة للبنتاغون عام 2012. ميزانية الدفاع ترتفع والأزمات قد تزداد. 
ثورة تونس أكدت على ضرورة أن تبقى القواعد الأمريكية عاملة في كل أركان الكون، انطلاقا من وعي اللحظة ومتطلبات النظام الدولي الذي هيمنت عليه واشنطن ويضمن أمن أمريكا. التطورات الأخيرة أعادت إحياءه ووضعه من جديد، لأن التهديد تركز على احتمال دولة مارقة في إيران، أو الصين أو روسيا التي تولد وتنهض من جديد. والسيناريو الذي يجد مبرراته في الأرض يتمثل في إكراهات أصوليين يمكن أن يغيروا أنظمة قريبة من إسرائيل في الشرق الأوسط. بكل تأكيد. أغلب الحكومات كانت سلطوية، وواشنطن اعتبرت ذلك أمراً طبيعيا في العالم العربي، إلى أن أخذت الأمور بيدها في العراق وأفغانستان.
صيغة التحرك الديمقراطي، الشعبي وغير الديني في الحركات العربية الاجتماعية تتجه نحو الإصلاح السياسي، حيث عزلت الإسلاميين وفاجأت الغرب.
يظهر أن المتظاهرين في تونس أو القاهرة خجلوا من مواقف واشنطن التي لم تقرر يوماً أن تتدخل عسكريا لحماية الأنظمة الصديقة. بما فيها البحرين التي توجد بها قاعدة بحرية أمريكية، وفي حالة أوباما سيكون الأمر غير مقبول في بنتاغون الولايات المتحدة.
إعادة الانتشار الحالي للقوات الأمريكية لم يأت ثمرة اللاوعي، بل على أساس خارطة استراتيجية شديدة النضج، وبعد تفكير طويل، والمسؤولية لبيروقراطية غير متحكم فيها.
في نهاية الحرب الكونية الثانية لاحظنا عشرات العائلات تدور حيث يدور الجيش في القواعد حول العالم خصوصاً في مراحل الحرب.
وعبر العالم لاحظنا أن تأثير الجنود يتجاوز تأثير السفراء، والجيش الأمريكي يدير الأنظمة الإقليمية أكثر من أي شيء آخر، لأن كل قيادة مستقلة عملياتيا وباتجاه لعب دور القيادة في السياسة الخارجية الأمريكية. وكما يظهر تأثير الضباط على الرؤساء الجهويين (Cin Cs) سياسي وعسكري في البلاد التي تدخل ضمن نطاقات التوجيه حيث يتجاوز تأثيرهم تأثير السفراء الأمريكيين على رؤساء الدول.
مع وصول جورج بوش دونالد رمسفيلد أراد أن يعيد سيطرة القيادة المدنية على العسكريين، وفي اجتياح أفغانستان أخذ المبرر لإعمال عقيدته. هذا المسار أوقفته التطورات التي أوحت بحرب باردة أخرى.
وقبل أفغانستان رأينا التدخل في فيتنام من قواعد أمريكية في آسيا، وكانت الهزيمة. الفرق الأمريكية رأت أن مهمتها هي حماية أوروبا ومنع اجتياحها من طرف الاتحاد السوفياتي. عقيدة جديدة ظهرت حالياً : حرب واضحة على ضوء قاعدة عسكرية تقول بوسائل ساحقة وأهداف محددة، وخروج فوري بعد العملية لإبقاء السند الشعبي إلى جانب أمريكا.
البنتاغون رفض إعادة الانتشار في يوغوسلافيا السابقة إلى حين أن عجزت أوروبا عن وقف المذابح في البوسنة وكوسوفو، ودائما عبر الناتو، وكما يوضحه كتاب دانابريست : المهمة the mission : waging war and keeping peace with America's military الصادر في واشنطن عام 2004 : ارتفاع أو مضاعفة القواعد الأمريكية كان تحت رقابة الشعوب والصحافة، وأظهر في فقرات التأثير القوي للجيش على البيت الأبيض، وعلى الدبلوماسية وCIA.
العسكريون يمثلون الحلول السهلة والفعالة، ويعتقدون بقوة الصورة في الداخل والخارج...
في العراق رغم مذهب الصدمة والترويع الذي مكن الجيش الأمريكي من إدارة هذا البلد، فإنه دفع البنتاغون إلى الهزيمة، وأنتظر البنتاغون من 2003 إلى 2010 لتظهر استراتيجية دافيد بترايوس في العراق ولا تؤتي نفس الثمار في أفغانستان.
هدف مضاعفة القواعد الأمريكية في الخارج حماية مصالح أمريكا في العالم تحت شعار (دعم الديمقراطية) التي تحتوي سياسة واشنطن منذ الرئيس ولسن. وفي 1993 رأينا صمويل هتنغتون في (فورن أفرز) يقرر شكل (الحرب الكونية القادمة) ليس ضد أمريكا بل بين الحضارات استباقاً لحرب أمريكية مع العالم الإسلامي حول من يدير العالم، دون أن ينسى الكاتب الصين الكونفوشية التي تصطف مع العالم العربي الإسلامي.
الرسالة خاطئة كذلك في 2001 مع بوش، حيث فسرت الإسلاموية كره المسلمين للحريات الغربية. وفي الواقع تصاعد القوة الأصولية الإسلامية يستخلص الأزمة الداخلية للإسلام. وهدف الإسلاميين طهرانية الأعمال الدينية للمسلمين من خلال إبعاد التأثير الغربي.
هذه الحركة تقوت لعدة عوامل : عدم وصول البلاد العربية إلى وحدتها في أمة تعوض الإمبراطورية العثمانية منذ الحرب العالمية الأولى، وإنشاء دولة فلسطين عقب الاحتلالين الفرنسي والبريطاني.
السياسة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية تحالفت مع العربية السعودية وشاه إيران...
وحسب المؤرخ Andrew Bacevich، العسكرتاريا الأمريكية ليست سوى صيغة من الاغتراب السياسي : فكرة النوايا الحسنة، والمثالات الديمقراطية لواشنطن والتي تظهر في عيون العالم كله. والصورة من ركنين : رغم قوتها النارية الولايات المتحدة لم تكن منحازة إلى القوة العسكرية. وثانيا، صحيفة أو ميثاق الحقوق Bill of rights أضيف إلى الدستور عام 1787، وباستعراض لمواد الدستور نجد مواد تقرر الحد من استخدام القوة، وبالنتيجة : الدستور وثيقة عميقة مناهضة للعسكرتاريا، أي الدستور لا عسكرتاري؛ وهو ما يظهر من خلال معارضة الشعب لكل تواجد بريطاني مسلح في كل المستعمرات التي تتبع التاج. وحتى منتصف القرن العشرين لا يزال في أمريكا شعور معادٍ للجيش، إذ في الحرب العالمية الثانية لم يتجاوز عدد الجنود الأمريكيين 175 ألف عسكري، وإلى 1970 الجيش الأمريكي كان "مواطناتيا". جيش مواطن ما فتأ يقوى مع المركب الصناعي العسكري.
قبل قرنين ونصف كتب ميرابو عن أقوى دولة في أوروبا قال : بروسيا ليست دولة تمتلك جيشا، بل جيشاً خلق أمة. هذا التعبير يصلح أكثر للولايات المتحدة، بين بدايات الحرب الباردة والحرب الحالية في أفغانستان، الولايات المتحدة خسرت أكبر من فرصة لأجل القانون، ومن حرب فيتنام إلى الغزو الثاني للعراق ثم أفغانستان، لم تكن سوى حرب الخليج الأولى ناجحة ومتطابقة مع أهدافها.
أمن أمريكا سيكون قويا ومؤمناً إن طوت واشنطن صفحة التدخل بعد السنة الخمسين من استخدامه، فهل تنقص المسؤولين الإرادة والقدرة السياسية والأيديولوجية لتحقيق ذلك ؟

ماوراء الحدث ص 4 عدد 22

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق