عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

الملك‮ ‬يسقط عقيدة‮ ‬قواته‮ ‬ويعلن‮ ‬ دفاع الجيش المغربي‮ ‬عن الديمقراطية


المغرب‮ ‬يشارك في‮ ‬قمة باريس لمساندة الشعب الليبي‮ ‬لثلاث اعتبارات‮ :‬
‮-‬ التعاون الاستراتيجي‮ ‬مع ساركوزي‮. ‬فالاستجابة أتت بفعل دعم باريس لخطوات المملكة وسياساتها من أزمة العيون وإلى التعاطي‮ ‬مع إصلاحات أطلقها العاهل محمد السادس أخيراً‮.‬
‮-‬ أن الرباط تدعم توسيع النفوذ الفرنسي‮ ‬في‮ ‬العمق الليبي،‮ ‬لأنه عمق جديد للكتلة المغاربية‮ ‬Le grand maghreb ‮ ‬فتعزيز ساركوزي‮ ‬لدوره في‮ ‬ليبيا عمل فرنسي‮ ‬لجعل شمال أفريقيا‮ "‬منطقة ديمقراطية‮" ‬بعدما اعتبر بوتفليقة رفع الطوارئ خطوة أولى في‮ ‬طريق الإصلاحات،‮ ‬ويعمل محمد السادس على إصلاحات‮ "‬تؤدي‮ ‬إلى ملكية دستورية‮" ‬لأول مرة في‮ ‬تاريخ المملكة،‮ ‬كما قال آلان جوبيه في‮ ‬مجلس الأمن‮.‬
ما‮ ‬يعتبره ساركوزي‮ "‬توحيد شمال أفريقيا‮" ‬من مصر إلى المغرب على أساس الديمقراطية والإصلاحات‮ ‬يؤسس لمنطق آخر،‮ ‬وهارمونية بديلة‮ ‬يقف أمامها القذافي‮ ‬كحالة استثناء‮ ‬يجب التخلص منها،‮ ‬بل ننشر مقطعاً‮ ‬من وثيقة‮ (‬سرية‮) ‬للإليزيه‮ ‬يعتبر فيها مشاركة الأردن‮ "‬إتماما‮" ‬لحلقة الجنوب المتوسطي‮ ‬المناهض للديكتاتورية من المغرب إلى إسرائيل‮.‬
وجود القذافي‮ ‬يعتبر استثناءً‮ ‬مضراً‮ ‬بالمنطقة،‮ ‬وبتحولها الديمقراطي‮ ‬من جهة،‮ ‬كما‮ ‬يعتبر‮ "‬مهدداً‮ ‬لاستقرارها‮" ‬بعد تدخله في‮ ‬تونس وفي‮ ‬الجزائر وفي‮ ‬مصر رافضاً‮ ‬ما‮ ‬يجري‮ ‬على الأرض في‮ ‬هذه الدول‮.‬
فرنسا‮ ‬ التي‮ ‬تضع المغرب نموذجها الملكي‮ ‬في‮ ‬التحول والديمقراطية‮ ‬ وأمريكا‮ ‬ التي‮ ‬تضع الأردن مثالها في‮ ‬المنطقة بعدما دعته‮ (‬الطريق الخطأ لمملكة البحرين‮) ‬ تستدعيان الرباط وعمان لحضور قمة باريس‮.‬
أولاً،‮ ‬لقطع الطريق كاملاً‮ ‬عن أي‮ ‬ممارسة ضد المدنيين أو المتظاهرين في‮ ‬المملكتين،‮ ‬واحتواء كل الجنوب المتوسطي‮ ‬في‮ ‬الجو الجديد الذي‮ ‬خلقته الثورة العربية بعد نجاح كل من مصر وتونس في‮ ‬تجاوز المرحلة الأولى،‮ ‬والدخول في‮ ‬مرحلة التعديلات الدستورية،‮ ‬فمصر عرفت استفتاء على هذه التعديلات والمغرب‮ ‬يدخل في‮ ‬التهييء لنفس الاستحقاق بعد تعيين لجنة المنوني‮ ‬التي‮ ‬تطابق في‮ ‬مهمتها ما قام به البِشْرِي‮ ‬في‮ ‬مصر‮.‬
‮-‬ تبييض ملفِّها ضد المحتجين من أحداث العيون وإلى العنف ضد بعض عناصر حركة‮ ‬20 فبراير‮.‬
ومن الناحية الاستراتيجية ؛‮ ‬يقطع المغرب مع العمق الليبي‮ ‬المتأرجح في‮ ‬دعم جبهة البوليساريو،‮ ‬ويعتبر التحول الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬ليبيا إلى جانب كل المتغيرات في‮ ‬شمال أفريقيا مدعاة لحل ديمقراطي‮ ‬لتسوية قضية الصحراء‮ (‬الغربية‮). ‬فضرب الاستثناء الليبي‮ ‬جزء من أمن الديمقراطية والحالة الجديدة لشمال أفريقيا ويفيد خطة حكم ذاتي‮ ‬موسع لحكم الصحراويين لأنفسهم‮.‬
تقول الوثيقة‮ (‬القذافي‮ ‬سيفجر الديمقراطيات الليبرالية الجديدة في‮ ‬شمال أفريقيا‮).‬
بمشاركته في‮ ‬قمة باريس المغرب لا‮ ‬يمكنه مطلقاً‮ ‬أن‮ ‬يستعمل طائراته ضد المخيمات في‮ ‬تندوف
الرباط خسرت بفعل هذه التحولات وبمشاركتها في‮ ‬قمة باريس‮ :‬
‮-‬ إمكانية استعمال الطائرات لضرب المخيمات في‮ ‬تندوف‮.‬
‮-‬ تكرار ما جرى في‮ ‬العيون‮.‬
‮-‬ استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين‮.‬
التطورات تفرض في‮ ‬انسجام مع الديمقراطية التي‮ ‬تتوسع وتوحد منطقة الشمال الأفريقي‮ ‬والجنوب المتوسطي،‮ ‬أن‮ ‬يكون الحل ديمقراطيا في‮ ‬المقام الأول لقضية الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬وأن‮ ‬يستبعد الجميع‮ (‬الخيار العسكري‮).‬
هذه الشروط في‮ ‬عمومها لصالح المملكة وإن حرمتها من امتيازها الجوي‮ ‬في‮ ‬حال شن البوليساريو لحرب،‮ ‬فالجبهة لا تمتلك طائرات،‮ ‬وتحييد السلاح الجوي‮ ‬المغربي‮ ‬هو السيناريو الأقرب إلى المنطق في‮ ‬عهد أوباما،‮ ‬وساركوزي‮ ‬بعد تطورات الملف الليبي‮ ‬وقرار مجلس الأمن‮ ‬1973.
أجواء جديدة تضع في‮ ‬الحسبان‮ (‬الحل التفاوضي‮ ‬والديمقراطي‮ ‬لحل قضية الصحراء‮). ‬وتستبعد الحل العسكري،‮ ‬لذلك أفاد بان كي‮ ‬مون بعد أيام من جولة مالطا أن ما جرى خطوة إلى الأمام‮. ‬وتعتقد مصادر أممية أن التقدم لم‮ ‬يكن في‮ ‬الجولة،‮ ‬بل في‮ ‬الأجواء الإقليمية التي‮ ‬تغير كل الخارطة في‮ ‬شمال أفريقيا وجنوب المتوسط ويمكن أن تساهم بشكل جدي‮ ‬في‮ ‬الانفراج‮.‬
هذه الأجواء الجديدة‮ ‬يهددها تواجد القذافي،‮ ‬خصوصا بعد أن أكد مدير أوباما للاستخبارات الوطنية جيمس كلابر‮ (‬إن نظام القذافي‮ ‬سينتصر بعد أن وصل إلى بنغازي‮)‬،‮ ‬ولن‮ ‬يترك‮ (‬القذافي‮) ‬الأجواء الإقليمية سالمة بعد إعادة سيطرته على كل ليبيا،‮ ‬لأن طموحه وعمله في‮ ‬أفريقيا وفي‮ ‬الشمال سيؤثر على تونس ومصر المدعِّمتين للثوار‮.‬
يقول مارك تيسين في‮ ‬الواشنطن بوست‮ (‬إن تبعات ترك القذافي‮ ‬ينتصر قد تمثل كارثة للأمن القومي‮ ‬الأمريكي‮) ‬الشأن نفسه مع فرنسا التي‮ ‬اعترفت بمجلس بنغازي‮ ‬ممثلاً‮ ‬وحيداً‮ ‬للشعب الليبي،‮ ‬ولن تسلم مصالحها بعد ذلك،‮ ‬كما سيكون الوضع مؤثراً‮ ‬على مصالح المغرب،‮ ‬مما قد‮ ‬يقلب المعادلة في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬ويكون ضد العمال المغاربة في‮ ‬ليبيا،‮ ‬لأن عودتهم بشكل كامل إلى المملكة‮ (‬100 ألف‮) ‬سيزعزع أمنها الاجتماعي‮.‬
انتصار القذافي‮ ‬خطر على أمن المغرب في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬وفي‮ ‬الداخل‮.‬
القذافي‮ ‬اعتبر أن الغرب خانه،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يبقى وفيا له،‮ ‬وقد تعامل معه في‮ ‬السابق بلطف وسلم أسلحة الدمار الشامل التي‮ ‬لديه ونبذ الإرهاب‮.‬
عودة الكولونيل سيكون‮  ‬عودة قاتلة إن اتجه إلى عمله القديم حين فجر‮ "‬بان أم‮ ‬103" وقتل‮ ‬270 ‮ ‬شخصاً،‮ ‬ودمر طائرة فرنسية فوق النيجر وملهى‮ "‬لابال‮" ‬الليلي‮ ‬في‮ ‬برلين،‮ ‬وتآمر لقتل قيادات داخل السعودية،‮ ‬وتشاد ومصر والسودان وتونس وزائير‮. ‬
وسيكون‮ ‬ حسب التقرير الاستخباري‮ ‬ القذافي‮ ‬حال إخماده للتمرد‮ (‬غاضباً‮ ‬وأكثر جرأة‮) ‬مما‮ ‬يعد مزيجاً‮ ‬خطيراً‮ ‬ضد المصالح الغربية،‮ ‬والفرنسية الموجودة في‮ ‬المغرب إحدى أهم أهدافه،‮ ‬وسيغير من خارطة الصراع في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬رغم أن الجبهة لن تكون أداة سهلة في‮ ‬يده،‮ ‬ومصالح‮ "‬الشعب الصحراوي‮" ‬في‮ ‬المفاوضات‮ ‬يتجاوز خياراً‮ ‬يختلط فيه انتقام القذافي‮ ‬وصعوبة الحل مع المغرب‮. ‬ساركوزي‮ ‬يعد الصحراويين بقرب الحل‮.‬
أوراق سرية أخرى،‮ ‬منها تقرير كلابر
فرنسا اتصلت بجبهة البوليساريو،‮ ‬ووعدت بتشجيع المفاوضات على أساس ما أكده آلان جوبيه‮ : ‬احترام رغبة الشعوب،‮ ‬فباريس ستنصت للصحراويين،‮ ‬وتدعم الحل السياسي‮ ‬في‮ ‬ظل الأجواء الجديدة‮.‬
إدارة ساركوزي‮ ‬رغبت في‮ ‬اتصالاتها أن تحاصر أي‮ ‬مد للقذافي،‮ ‬وأن تعمل على بناء الديمقراطية الشاملة لشمال أفريقيا‮. ‬لأنها صاغت مصالحها على هذا الأساس‮. ‬آلان جوبيه‮ ‬يدعم من جهة انتقال المغرب إلى ملكية دستورية ومن جهة أخرى‮ ‬يحترم‮ "‬إرادة الشعوب‮"‬،‮ ‬وهذا التوازن‮ ‬يخدم بناء استقرار ديمقراطي‮ ‬في‮ ‬المنطقة،‮ ‬واستقرار إقليمي‮ ‬يقبل حلولاً‮ ‬جذرية لكل المشاكل بما فيها‮ "‬الصحراء الغربية‮"‬،‮ ‬وقد كان التصريح المتأخر حول جولة مالطا نتيجة ما اتفقت عليه الأمم المتحدة وفرنسا لتسوية كل النزاعات والاستثناءات في‮ ‬شمال أفريقيا‮.‬
اليوم،‮ ‬دعم ساركوزي‮ ‬لجهود كريستوفر روس‮ ‬غير مسبوق،‮ ‬وهذه الإشارة حركت الطاقم المشرف على المفاوضات بين البوليساريو والمملكة لصياغة المقترحات شبه المقبولة لعرضها في‮ ‬الجولة الرسمية‮.‬
إدارة فرنسا تتقدم بما‮ ‬يفيد أمن تشاد والصحراء الجزائرية ومنع القذافي‮ ‬من عمقه‮ (‬الافريقي‮) ‬لتحصين الديمقراطيات الناشئة،‮ ‬وتوحيد الجنوب المتوسطي‮ ‬في‮ ‬إطار مبادرة المتوسط التي‮ ‬يعيد هيكلتها جذريا بعد ذهاب شريكه مبارك وضرب القذافي‮ ‬المعارض لهذا المشروع‮ (‬الامبريالي‮) ‬في‮ ‬نظره‮.‬
وخوف ساركوزي‮ ‬واضح من تسليم القذافي‮ ‬لإرهابيين وللقاعدة‮ ‬غازات الخردل والسارين وغيرها من الغازات الكيمائية،‮ ‬أو تحول المواجهات إلى كيميائية قاتلة‮ (‬حسب مكالمته مع أوباما كما نقل صحافي‮ ‬برازيلي‮) ‬الواقع الجديد فرض‮ ‬ للحسابات التي‮ ‬ذكرناها ولحسابات أخرى‮ ‬ الحرب على القذافي،‮ ‬لأن نظامه سيبقى مترنحاً‮ ‬ولن‮ ‬يحقق انتصاراً‮ ‬حاسماً،‮ ‬ويعني‮ ‬ذلك مأزقاً‮ ‬يؤدي‮ ‬في‮ ‬حال بقائه إلى تعريض كل المنطقة لخطر الصوملة‮.‬
القاعدة لم تدخل على الخط ولا ترغب،‮ ‬وربما‮ ‬يغيب القانون عن شرق ليبيا وتصبح منطقة‮ ‬غير خاضعة لحكم جهة معينة‮. ‬وضع‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى زعزعة‮ "‬أمن‮" ‬الصحراء الغربية في‮ ‬مصر،‮ ‬والحدود الجزائرية‮ ‬ الليبية‮.‬
التدخل حسب هذه التقارير أتى‮ :‬
‮-‬ كي‮ ‬لا‮ ‬يتحول زعماء التمرد إلى عناصر راديكالية‮.‬
‮-‬ كي‮ ‬لا تتحول البؤر النصف باردة إلى ساخنة‮ (‬الطوارق والصحراويون الغربيون‮).‬
‮-‬ كي‮ ‬لا‮ ‬يدخل تنظيم القاعدة على الخط‮.‬
وإذا تمكن القذافي‮ ‬من البقاء،‮ ‬على الرغم من مطالبة أوباما برحيله،‮ ‬فإن ذلك‮ ‬يرسل إشارة ضعف أمريكي‮ ‬في‮ ‬شمال أفريقيا والعالم الإسلامي‮ ‬ حسب نفس التقرير‮ ‬ مما استدعى التدخل‮.‬
الضغوط الأمريكية‮ ‬ في‮ ‬هذه الحالة‮ ‬ لن‮ ‬يكون لها مردود كبير،‮ ‬إن تصور الجميع تحفظ أوباما على استخدام القوة لأسباب أخلاقية،‮ ‬وسيعني‮ ‬الوضع في‮ ‬ليبيا استثناءً‮ ‬في‮ ‬موجة الثورات العربية،‮ ‬وليس انتكاسة،‮ ‬فمن جهة،‮ ‬لا‮ ‬يخدم الأمن القومي‮ ‬الأمريكي‮ ‬ضعف تأثير الأمريكيين أو ضعف الثورة الديمقراطية،‮ ‬خصوصا في‮ ‬دول دخلت انتقالاً‮ ‬دستوريا‮ (‬المغرب‮) ‬أو سياسيا‮ (‬في‮ ‬باقي‮ ‬الدول‮) ‬ويكون ضعف التأثير الغربي‮ ‬عاملاً‮ ‬مساهماً‮ ‬على الانتكاسة‮. ‬إذن إن جر المغرب إلى قمة باريس‮ ‬يستهدف الوصول إلى‮ ‬غايتين‮ :‬
1 حماية الانتقال الدستوري،‮ ‬وضغط الشارع لإنجاحه دون خسائر‮.‬
2 التوجه إلى حل ديمقراطي‮ ‬وجذري‮ ‬في‮ ‬مشكل الصحراء‮ (‬الغربية‮).‬
ساركوزي‮ ‬يعتقد بتقدم دستوري‮ ‬في‮ ‬المغرب‮ ‬يساهم في‮ ‬تقدم تفاوضي‮ ‬في‮ ‬ملف الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬فالملكية المتقدمة لجهوية متقدمة في‮ ‬المملكة‮ ‬يخدم في‮ ‬جزء كبير منه التحول الجاري‮.‬
أمريكا لم‮ ‬يضعف دورها في‮ ‬المغرب العربي،‮ ‬ولذلك بدأت العمليات ضد طرابلس في‮ ‬اتجاه إدارة بريطانيا لفجر أوديسة‮.‬
تصور الضعف الأمريكي‮ ‬سيسبب حسب تقرير‮ (‬انتربريز‮) ‬في‮ ‬هجمات القاعدة‮. ‬ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتكرر مثل هذا السيناريو‮. ‬ويضيف التقرير‮ : ‬السماح للقذافي‮ ‬بأن‮ ‬ينتصر سينتج المزيد من الإرهاب وصناعة القلاقل،‮ ‬والبوليساريو أداة في‮ ‬الوصول بالاضطراب إلى المتوسط‮.‬
الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية في‮ ‬مساعدة المتمردين الليبيين لإزاحة القذافي‮ ‬من سدة الحكم‮.‬
جيمس كلابر‮ ‬يعتقد أن لدى القذافي‮ ‬قوة تكنولوجية كبيرة،‮ ‬ويمكن أن‮ ‬يوزعها،‮ ‬لن‮ ‬يوزعها على مواطنيه فحسب،‮ ‬بل‮ ‬يعتبر أي‮ ‬أفريقي‮ ‬مواطناً‮ ‬ليبياً‮ ‬في‮ ‬قياس الأهداف‮.‬
الخطر الشديد في‮ ‬دفع البوليساريو إلى الحرب،‮ ‬أو تسليحها من جديد ؛ وتقرير كلابر لتحديد جولة مالطا‮ ‬يعتبر تحديا للقذافي‮. ‬لأن واشنطن قررت مواصلة المفاوضات بين البوليساريو والمملكة ومواصلة دعم ثورات الشعوب نحو الديمقراطية والمساواة‮.‬
الحالة تستدعي‮ ‬إما تسليح القذافي‮ ‬للبوليساريو والطوارق والقاعدة أو تسليح الأمريكيين للمعارضة،‮ ‬وقد ساعدت الولايات المتحدة الكونترا في‮ ‬الإطاحة بالساندينية في‮ ‬نيكاراغوا،‮ ‬وساعدت المجاهدين الأفغان لإخراج السوفيات،‮ ‬ويمكن أن تساعد المتمردين الليبيين للإطاحة بنظام القذافي‮ (‬تقرير لمعهد أنتربريز المحافظ‮) ‬وسياسة أوباما لم تخرج عن معالم السياسة المشتركة للحزبين الجمهوري‮ ‬والديمقراطي‮.‬
المغرب لا‮ ‬يشارك بطائراته،‮  ‬يسمح بأجوائه وبالمساعدة في‮ ‬العمليات العسكرية ضد القذافي
واشنطن ترغب في‮ ‬إنجاح أهدافها الثلاثة‮ :‬
1 قيادة أفريكوم‮ ‬100 في‮ ‬المائة لكل العمليات في‮ ‬ليبيا،‮ ‬وتعتبر هذه أول مرة تقوم بها أفريكوم بعملية كاملة قيادة ونيران‮ ‬100 في‮ ‬المائة لحظر جوي‮ ‬محدود فوق دولة أفريقية،‮ ‬وسيترك أوباما قيادة العمليات في‮ ‬المرحلة الثالثة لإنجلترة،‮ ‬وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬دور المغرب إذ تعتبر أجواءه مفتوحة لأي‮ ‬عمليات ضد القذافي،‮ ‬كما نرى‮ :‬
‮-‬ أن مشاركته في‮ ‬تأمين معبر جبل طارق إلى جانب إنجلترة من الأمن البحري‮ ‬للعمليات ضد القذافي‮.‬
‮-‬ قراره السماح بتطبيقات وصلت‮ ‬90% لاتفاق بناني‮ ‬ وورد‮.‬
‮-‬ أن المغرب لا‮ ‬يزال مرشحاً‮ ‬لقيادة أفريكوم،‮ ‬إن نجحت دول شمال أفريقيا في‮ ‬انتقالها الديمقراطي‮ ‬وتحالفها مع أمريكا‮.‬
النجاح في‮ ‬ليبيا‮ ‬يخدم كل الحسابات المغربية إلى جانب الفرنسيين والأمريكيين معاً‮.‬
2 التدخل‮ ‬غير البري‮ ‬في‮ ‬حرب تسقط نظاما،‮ ‬كما تقول وثيقة موجهة لأوباما‮.‬
3 الدفاع عن البديل الديمقراطي‮ ‬للديكتاتوريات عبر مجلس الأمن‮.‬
الآن،‮ ‬يمكن القول إن حماية الشعوب جزء حقيقي‮ ‬من‮  ‬سياسة الدول،‮ ‬وأن السيادة الداخلية أصبح أمرا متجاوزا في‮ ‬الشرق الأوسط‮. ‬لقد انفتحت الشعوب العربية على مفاهيم أخرى بعد نجاح الثورتين في‮ ‬مصر وتونس‮.‬
‮ ‬تقرير كلابر حول شمال أفريقيا‮...‬
لم‮ ‬يعد ممكنا أن‮ ‬يتراجع المغرب في‮ ‬إصلاحاته التي‮ ‬أعلنها،‮ "‬والتي‮ ‬لن تكون نهائية‮"  ‬حسب الفرنسيين الذين‮ ‬يعدون‮ :‬
1 بملكية دستورية شاملة‮ ‬يقودها محمد السادس بنفسه،‮ ‬وقد استأثر هذا الملك بقيادة حقوق المرأة،‮ ‬والآن حقوق شعبه‮.‬
2 أن مفاوضات الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬سيكون لها ملمح إقليمي‮ ‬في‮ ‬الجولة الرسمية‮.‬
3 أن بريطانيا ستكون فاعلاً‮ ‬جديداً‮ ‬في‮ ‬ليبيا،‮ ‬وفي‮ ‬أمن جبل طارق والصحراء‮ (‬الغربية‮).‬
لندن تقرأ الوضع الجديد من خلال عودة أنجلو‮- ‬فرنسية‮. ‬
انطلاقا من ليبيا مرورا بتونس والجزائر إلى المغرب في‮ ‬إطار استفراد أمريكي‮ ‬بمصر‮. ‬وهذا الدومينو‮ ‬يتخذ وجهاً‮ ‬آخر عندما نقرأ الأوضاع من زوايا متعددة‮ :‬
1 الديمقراطية في‮ ‬المغرب والجزائر قد توقف ما تدعوه وثيقة أمريكية‮ (‬خلافاً‮ ‬بارداً‮) ‬بين بوتفليقة ومحمد السادس حولته وثائق ويكيليكس إلى خلاف‮ (‬إيجابي‮ ‬يتنافس فيه الطرفان على التكيف الذكي‮ ‬مع الأحداث الإقليمية‮).‬
2 الحل المبني‮ ‬على خيار الشعب الصحراوي‮ ‬جزء من سياسة الجزائر،‮ ‬والحل المؤسس على إرادة هذا الشعب والسيادة الوطنية‮ ‬يدخل ضمن السياسة المغربية‮. ‬وهذا المنطق في‮ ‬شقه الجزائري‮ ‬والمغربي‮ ‬يخدم الحل الديمقراطي‮ ‬المتفاوض عليه،‮ ‬ويتجاوز تراث القذافي‮ ‬المتشنج والإرهابي‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮.‬
البوليساريو تجاوزت إلى جانب الجزائر أي‮ ‬أهمية لليبيا في‮ ‬صراع الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬وكل الأطراف تجاوزت لعبة القذافي‮ ‬الإقليمية لعدم اهتمامه بالشمال الأفريقي،‮ ‬وركزت على كل القارة،‮ ‬وثانيا،‮ ‬لأنه اعطى‮  ‬كل أوراقه للغرب ولم‮ ‬يرغب في‮ ‬تبني‮ ‬منهجه،‮ ‬وثالثاً،‮ ‬لأن منع القذافي‮ ‬من قوته حالياً‮ ‬يهدف إلى عدم عودة المنطقة إلى الحرب الباردة،‮ ‬لذلك من أمن النظام المغربي‮ ‬سقوط القذافي‮.‬
والدعم الغربي‮ ‬لا‮ ‬يتجاوز في‮ ‬نظر المؤسسات‮ : ‬التعامل مع الثقافة الجديدة في‮ ‬المنطقة،‮ ‬وتحصينها دون أن تنزل إلى حرب باردة بين ديكتاتوريات باقية وديمقراطيات ناشئة‮.‬
توحيد المنطقة جزء من الأمن في‮ ‬شمال أفريقيا،‮ ‬لأن من المهم ليس فقط بناء مؤسسات ديمقراطية بل بناء أجهزة أمن حديثة من الداخل،‮ ‬وبناء منظومة أمن إقليمي‮. ‬هذا الأمن‮ ‬يفيد حل مشكل الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬بشكل صحيح‮. ‬قولك‮ (‬صحيح‮) ‬لفظ مستحدث في‮ ‬إدارة أوباما‮ ‬يكشف عن تطور‮ ‬يدعو إلى مفاوضات‮ (‬صحيحة‮) ‬لتكسب موقعها وتحولها إلى حل‮ (‬ناجح‮).‬
ضمان أن‮ ‬يكون التدخل الدولي‮ ‬صحيحا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬أن تكون المفاوضات جوهرية‮ ‬يخدم الأمن الإقليمي‮ ‬الجديد‮.‬
ما سيستفيده المغاربة أن تكون قاعدة التفاوض صحيحة لتكون جوهرية والأمن الإقليمي‮ ‬المؤسس على حماية الديمقراطية وخيارات الشعوب‮ ‬يمكِّن من الوصول إلى الحل السياسي‮.‬
إنها ثقافة التفاوض بشكل صحيح‮ ‬ حسب الوثيقة‮ ‬ والمغرب قد‮ ‬ينخرط في‮ ‬العمليات العسكرية ضد القذافي‮ ‬لحماية الشعب الليبي‮.‬
الفرنسيون‮ ‬يعلقون على محمد السادس وما‮ ‬يعلقه الأمريكيون على الملك الأردني‮  ‬الذي‮ ‬يقف رهانه على حرية الصحافة،‮ ‬إذ تم تعليق العمود الأسبوعي‮ ‬للكاتبة راندا حبيب في‮ ‬جوردان تايمز،‮ ‬وتظاهر‮ ‬200 صحافي‮ ‬في‮ ‬عمان للمطالبة بحرية الصحافة‮. ‬على الملك عبد الله الذي‮ ‬يرغب في‮ ‬الإصلاح أن‮ ‬يتبنى هذه القضية عوض أن‮ ‬يحاربها‮ (‬كما‮ ‬يقول مقال إغناتيوس في‮ ‬الواشنطن بوست‮) ‬وعلى الملك المغربي‮ ‬أن‮ ‬يحترم حرية التظاهر‮.‬
الملكان اللذان‮ ‬يرغبان في‮ ‬الإصلاح‮ ‬يحتاجان إلى تسويات إيجابية لصالحهما الأول في‮ ‬الضفة الغربية والثاني‮ ‬في‮ ‬الصحراء‮ (‬الغربية‮).‬
هل‮ ‬يمكن ذلك في‮ ‬ترتيبات الأمن الإقليمي‮ ‬الجديد ؟ أمريكا تعتبر أن أمن شمال أفريقيا سيكون دون القذافي‮ ‬من أجل مفاوضات ناجحة بين البوليساريو والمغرب،‮ ‬لأن الحرب على فرنسا ستكون عبر الصحراء‮ (‬الغربية‮) ‬ومن خلال المغرب‮.‬
الرباط لن تستطيع أن تدفع مثل هذا الثمن،‮ ‬ولذلك دخلت ضمن الدول التي‮ ‬تساعد في‮ ‬العمليات العسكرية ضد القذافي‮ ‬بموجب مصالحها المذكورة والتزاماً‮ ‬بالاتفاقيات الموقعة بين فرنسا والمغرب،‮ ‬والمغرب وأمريكا‮.‬
إشارات فرنسية خطيرة‮...‬
لقد ثبت لواشنطن أن الجيش المغربي‮ ‬لا‮ ‬يزال تحت القرار الفرنسي‮ ‬بعد مشاركة الرباط في‮ ‬قمة باريس لحماية الشعب الليبي‮. ‬وأن الضغط على المؤسسة العسكرية في‮ ‬هذا البلد لن‮ ‬يكون دون تفاهم‮ "‬فرنسي‮ ‬ أمريكي‮" ‬ينطلق من ليبيا ولا‮ ‬يقف في‮ ‬كل دول الشمال الأفريقي‮.‬
وتأكد فعلا أن الضغوط على الجيش المغربي‮ ‬ستكون مثمرة جداً‮ ‬إن قررت كل من باريس وواشنطن الذهاب بعيداً‮ ‬في‮ ‬هذه الضغوط،‮ ‬ليس فقط لإنجاح التحول الدستوري‮ ‬في‮ ‬المملكة،‮ ‬وإنما كذلك لإنجاح الحل في‮ ‬الصحراء‮.‬
إخراج الجيش المغربي‮ ‬عن العمل داخل حدوده والقيام بدور إقليمي‮ ‬ضد القذافي‮ ‬خطوة في‮ ‬طريق دعمه للديمقراطية داخل بلاده وفي‮ ‬شمال أفريقيا‮.‬
هل الأمر متعلق بقناعة ملكية انعكست على جيشه وهو قائده الأعلى الذي‮ ‬طرح انتقالاً‮ ‬دستوريا في‮ ‬المغرب،‮ ‬أم أن الجيش له دور واقعي‮ ‬في‮ ‬التحول الذي‮ ‬تعرفه المملكة الشريفة‮.‬
هذا السؤال‮ ‬يزعزع مراكز البحث،‮ ‬لأن من المهم أن‮ ‬يكون الملك مصلحاً‮ ‬حقيقيا،‮ ‬ويكون الجيش إلى جانب الشرعية الشعبية لإنجاح دور الملك المحوري‮ ‬في‮ ‬الإصلاحات‮.‬
إننا أمام أمريكي‮ ‬من أصل أفريقي‮ ‬وابن لرجل مسلم،‮ ‬وهو شخص‮ ‬يحمل في‮ ‬سلوكه وأسلوبه في‮ ‬الحكم قبوله للنصح‮ ‬ بجمل إغناتيوس‮ ‬ وهو ما‮ ‬يجعل الديمقراطية تؤتي‮ ‬ثمارها خارج أمريكا‮.‬
أوباما‮ ‬يدرك أن الجزء الواسع من السياسة حمايةُ‮ ‬مصالح لا تختلف عن مبادئنا،‮ ‬لأن من المهم أن‮ ‬يكتب المغرب قصته الخاصة اتجاه ملكيته الدستورية وديمقراطيته الجديدة والمتسامحة،‮ ‬والأهم أن‮ ‬يكون خطاب جديد في‮ ‬القاهرة‮ ‬يجعل أمريكا إلى جانب التغيير،‮ ‬وأن‮ ‬يقوم ساركوزي‮ ‬بخطاب آخر في‮ ‬البرلمان المغربي‮ ‬ليس لدعم مساواة المرأة للرجل في‮ ‬المملكة،‮ ‬إنما لدعم خطوات المملكة اتجاه ملكية دستورية تُحْمَى فيها سيادة الشعب،‮ ‬وبخيار أن تكون لهذا الشعب حكومة‮ ‬ينتخبها ويحاسبها ككل الشعوب الأخرى‮.‬
إن مشاركة المغرب في‮ ‬الحرب على القذافي‮ ‬جزء لا‮ ‬يتجزأ من مصالحنا الاستراتيجية في‮ ‬شمال أفريقيا،‮ ‬لكن ألا‮ ‬يطرح ذلك تعبيراً‮ ‬داخلياً‮ ‬على رفض كل ممارسة تشبه القذافي‮ ‬أو تتشبه به‮. ‬بكلمة واحدة،‮ ‬المغاربة لن‮ ‬ينجحوا خارج موجة الديمقراطيات الناشئة في‮ ‬شمال إفريقيا ؟‮!‬

عبد الحميد العوني ماوراء الحدث عدد 21 ل 25 مارس 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق