عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

لمن يقبل يد الملك


لمن يقبل يد الملك


احتجاجات لم تكن ارتجاجات أو صحوة النظام لم تكن سطوة، والكل يخاف الكبوة. هل هذا ملخص ما نعيش؟ ربما، الجميع ترحك من مواقع شتى تحت الملكية وفوق سقف النظام التنفيذي، المفلس والمتكلس.
صراع المغرب بين الرغبة والمقدرة، رغبة في الإصلاح تجمع الشباب والشعب والملك في ثالوث واحد، لكن المقدرة قدر مشبوب على النار.
الذين يتظاهرون فتية آمنوا بالإصلاحات، والحكم والحكمة صنوان وأمران لا يفترقان والإصلاح والفلاح شرطان كفئان لحمل الأمانة.
فشيخوخة النظام أكثر بلية من شيخوخة حاكمه، وتجديده لتمديده حرص عليه، الآن تحكم بروح هرم أشد على الأمة من الوصول إلى عين الهرم.
وغريب المغرب أن تجد اللغة سواء والفعل خواء! والقصد الحكيم أن نجد الفعل على القول كالقدم على القدم يمين ليسار ويسار ليمين ليستقيم المشي والسعي. لأن عمل المحدثين أن ربطوا الصحة إلى الديموقراطية، فقالوا قديما: بنيان النظام واليوم "الصحة الديمقوراطية"، وهو اصطلاح يشمل تجديد الأمل  بالعمل، وقال حكيم في زمانه: إن كان شيء فوق الحياة فالصحة، وإن كان شيء مثل الحياة، فالغنى، وإن كان شيء فوق الموت فالمرض وإن كان شيء مثل الموت فالفقر.
ولنفكر هل النظام فوق الموت أو ميت؟ فقره الديموقراطي يعترف به الحاكم فيقرر استبدال الوصفة الدستورية علها تنقد الوضع وتمنح غير المرغوب فيه، النظام فوق الموت لأنه مريض بدون دورة ديموقراطية تكون دورته الدموية إلى جانب فقر الدم،و سرطان الفساد، وترقق الهياكل وتضخم القلب: المركز، وكل أمراض الشيخوخة تراها على الوجه.
ومن عظيم السنن أن نجد الإصلاح لا ثمن له، وإن كان مرا على النفس الآمرة الكاسرة أحيانا، فلكل زمان رجاله وحاله، فإن بقي الحال على غير الرجال مرضت الدولة، وإن حكم الرجال بغير الحال خرج النظام على النظام ( نحو الفوضىوالخطير على الأمير أن يستشير رجالا مضوا أو قضوا في أمر جديد نريد، أو يحمل الأمر إلى غير أهله إلا أنهم رأوا ما يراه فالهوى إن خالط الحكم هوى.
والصدق دليل العليل إن أراد صواب السبيل وما أحسن ما قيل
عليك بالصدق ولو أنه              أحرقك الصدق بنار الوعيد
وابغ رضا المولى فأغبى الورى    من أسخط المولى وأرضى العبيد
والصدق في الحاكم أنفع وأقنع وأروع، وفي المحكوم منجاة لأربابه، وقربة تدني من الرب. قال أرسطو، وقد تباهى بتعريب كلامه أهل الشرق جميعا: الموت مع الصدق خير من الحياة مع الكذب. فكيف تكون مطلوب الاستشارة كاذبا على الله والوطن والملك؟
وكيف يمتدح عزيز إلا بعزة أن تقول له ما يجب، وقد رأينا معركة تقبيل يد الملك قد ضغطت على كل النقاش السياسي، وترك الناس الجوهر، فلا وجوب ولا مندوب ولا فرض ولا أمر ما لم يكن مكتوبا وكتاب الأمة ( الدستور) يتخالفه ويعمل عليه الواحد والجماعة. فترك كتاب الأمة لسلوك الأمير ليس  بالأمر الأمين. وإنا نرى أن مخالفة الهوى في الرأي وفي تقبيل يد وفي غيرهما أوجب، على أن وضع الحد للحق عز ومجد كما يقول خاتم ذي تره.
وفي هذا الأمر امتدح ابن ميادة جعفر بن سليمان فأمر له بمائة ناقة، فقبل يده، وقال: والله ما قبلت يد قرشي غيرك إلا واحد، فقال: أهو المنصور؟ قال: لا والله قال: فمن هو؟ فال الوليد بن يزيد قال: فغضب، وقال: والله ما قبلتها لله تعالى، فقال: والله ولا يدك ما قبلتها لله تعالى، ولكن قبلتها لنفسي، فقال: والله لا ضرك الصديق.
فمن أراد تقبيل اليد لنفسه ولمرة واحدة في العمر، ما ضره أمر، لكن أن يكون لغير ذلك فالأمر نفاق سواء بين القدم،وتلك كارثة تحرق المستقبل.

القلم المعاكس عدد 24 ل 15 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق