عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الاثنين، 9 مايو 2011

أول نجاح لجبهة البوليساريو و أكبر نكبة للمغرب في الصحراء " الغربية "


تزامن إطلاق التامك ( و من معه ) و مناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء " الغربية " . بل إن التأخير الذي طرأ على إطلاق المعتقلين السياسيين بعد أن تسرب إلى الصحف التي نشرت نبأ الإفراج ، شغل نفس المهلة التي تأخر فيها صدور التقرير عن موعده المقرر سلفا.
الدفعة شملت إلى جانب التامك سلفيين و إسلاميين معتدلين لتأكيد أن قرار الافراج " محلي و بشروط محلية " ، على أن الواقع غير ذلك حيث علمت واشنطن بخبر الإفراج قبل أيام و قررت سفارتها استقبال التامك و توضيح الخلفيات الأمريكية التي ساهمت في دعم الاقتراح المغربي ، حيث تعهدت الرباط بضمان حرية مجلس حقوق الانسان الأممي في الصحراء " الغربية " في مقابل عدم توسيع اختصاصات المينورسو لمراقبة حقوق الانسان في الاقليم .
 " قرار الرباط توسيع لعمل الأمم المتحدة في الصحراء -الغربية - " حسب مصدر أمريكي و الأوراق الخفية للقرار 
   لم يعد عمل الأمم المتحدة في الصحراء " الغربية " قاصرا على بعثتها ( المينورسو ) بل فتح المغرب بابا آخر عندما وضع الإقليم تحت رقابة مجلس حقو ق الإنسان الأممي ، و هذا يعني : 
أ - أن لجن التحقيق الدولية الموجهة إلى الإقليم يشكلها المجلس فورا ، فالمراقبة أوتوماتيكية . لأن المغرب قرر ضمان الوصول دون عوائق - و من أي نوع - لفرق المجلس كما تضمن كل الاجراء ات الخاصة التي يقررها دون مناقشة.
إن قرار المملكة " توسيع لعمل الأمم المتحدة في الصحراء - الغربية - " بشكل يجعل أجهزتها تعمل كاملا في الإقليم . فتكون المينورسو لمراقبة وقف إطلاق النار ، وفي مراقبة حقوق الإنسان يتولى مجلس حقوق الإنسان الأممي المسؤولية ، و سيسمح هذا الإجراء إن تكرر مثل حادث مخيم أكديم إزيك بنقل الملف إلى المفوضية السامية للاجئين ؟! 
وضع دفع إلى بناء مخيمات جديدة على غرار تجربة مخيم أكديم إزيك في الأيام الأخيرة وهذا الرهان حقيقي بالنسبة لجبهة البوليساريو في الداخل.  
هذا التوسيع البنيوي لعمل الأمم على أرض الصحراء " الغربية " يؤثر على السياسة العامة للمملكة. فمخيم أكديم إزيك و قبل الموعد القانوني لتحوله إلى مخيم لاجئين قررت القوات العمومية التدخل حتى لا تصير الأمور في غير سكتها من  منظور الرباط . و لهذا رأينا دعما فرنسيا لما قام به المغرب .
ب - أن الالتزام المغربي شمل " كل الاجراء ات الخاصة  للمجلس " ، مما يجعله الجهة التي تحقق فورا ، و بدون أي اعتبار يدخل في باب السيادة ، و في كل مراكز الشرطة و الاحتجاز و حسب ما يراه بضمان كامل لأمن المحققين ، توفره المملكة ، و في تعذره سيضمن مجلس الأمن الحرية و العمل لوفد المجلس.
لقد تحولت فرق المجلس في منطوق التوصية إلى فرق تفتيش بضمانة من مجلس الأمن ، و أراها رقابة مباشرة من مجلس الأمن على ملف حقوق الإنسان في الصحراء " الغربية " تكرر ما سبق من تجارب ، حيث يمكن تأمين وصول هؤلاء المراقبين - إن خرج المغرب عن التزامه - بقوات تابعة للأمم المتحدة ، لأن ضمان سلامة المراقبين قد يستدعي إعمال الفصل السابع ، لأن الرباط قبلت أن تكون مراقبة المجلس بشكل دائم ، فهروب المغرب من " المراقبة الدائمة للمينورسو " أسقطه بلفظ تقرير بان كي مون في المراقبة و ( بشكل دائم ) للمجلس الأممي لحقوق الانسان  مع كل  انتهاك للحقوق ، و ليس الانتهاكات الجسيمة التي تستدعي فرق التقصي . لا أحد يعلم لماذا المغرب قبل " بكل الاجراء ات الخاصة لمجلس حقوق الانسان " و بشكل دائم في الصحراء " الغربية " ؟ 
المغرب في هذه الحالة رفع من المراقبة الأممية ليكون لجهازها المختص في حقوق الانسان حرية العمل على أرض الإقليم . فلم إذن عدم قبول توسيع بعثة المينورسو ؟ 
ما الفارق بين توسيع البعثة الخاصة وبين توسيع عمل الأمم عبر كل أجهزتها في الصحراء . و الصدمة ستكون عندما يقرر مجلس حقوق الانسان فتح مكتب له في الصحراء " الغربية " لسماح المغرب بكل آلياته الخاصة وبعمله الدائم فوق " كل " الصحراء ، مما يعطي هذه الجهة الحق كاملا في فتح مكتب دائم  في الإقليم ، حالة ما يرى الطرف الآخر ذلك . و هذا يعني أن أي تطور سلبي لحقوق الانسان في الصحراء " الغربية " قد يؤدي إلى مثل هذا القرار فورا ، و يضمن المجلس تعاون المينورسو في استطلاعها الميداني ، حيث يرى التقرير ما يدعى ( التوظيف الكامل لآليات مجلس حقوق الانسان ) ، و هذا التوظيف يفتح الوضع على تعاونه مع كل الأطراف و الأجهزة المصاحبة أو العاملة على الأرض.
التوظيف الكامل لكل آليات المجلس تعني " المراقبة الشاملة " للأمم المتحدة لحقوق الانسان في الصحراء " الغربية " حيث يكون حضور المراقبين فوريا ولا يحتاج لأي قرار محلي أو دولي.
قرار المغرب ضمان حرية حركة مجلس حقوق الانسان يشمل المراقبة الدائمة و قرارته موجهة إلى مجلس الأمن 
قرار المملكة ضمان حرية حركة مجلس حقوق الانسان يشمل "  الحركة الدائمة " و يعني المراقبة الدائمة للأمم المتحدة بكل الوسائل و الآليات المعتمدة و " الخاصة " و هذا اللفظ الأخير لا يستعمل إلا في حال اعتبار المنطقة " منطقة نزاع " ، و للأمم المتحدة السيادة على وسائلها بما يفيد عمل مجلس الأمن على الأرض.
أولا ، يمكن لمجلس حقوق الانسان رفع تقاريره مباشرة إلى مجلس الأمن ، و المغرب لا يحق له الطعن فيها .
ثانيا، أن مجلس الأمن يمكن أن يتعهد بضمان حرية حركة المجلس حال عدم التزام المغرب بها .
ثالثا ، أن تقارير مجلس حقوق الانسان في مناطق النزاع تشكل دائما دعما لحقوق ثابتة، من جهة يعني دعما غير مباشر لحق الصحراويين في الاستفتاء ، كما يعني في حال اعتماد الحكم الذاتي استمرار هذه الآلية الأممية ضمانة دولية للصحراويين في إقليمهم تحت سيادة المملكة .
رابعا ، أن الأمم المتحدة تعمل على أكثر من آلية في الصحراء ، و تمس لأول مرة حقوق الصحراويين بضمانات دولية ، فحماية المدنيين لم تعد  آلية لوقف إطلاق النار  تعطل الحرب ، بل كذلك في حماية " حقوق " المدنيين تحت الإدارة المغربية ؟!
إن قراء ة الضمانات المغربية لمجلس حقوق الانسان في الصحراء " الغربية " : يكشف على وجه آخر لتقدم الإدارة الدولية للإقليم ، أو على الأقل ( الإشراف الأممي على الإدارة المغربية للصحراء الغربية ) و هو مخطط المرحلة .
 مخطط روس " الخطير " : الإشراف الأممي على الإدارة المغربية للصحراء " الغربية "
أولا ، يضمن مجلس حقوق الانسان الأممي قضايا حقوق الانسان في الصحراء . لقد غالط بعض الإعلام المحلي بطريقة ما بين مجلس حقوق الانسان الأممي و المجلس الوطني لحقوق الانسان الذي أقره الملك أخيرا. إن مجلس حقوق الانسان يمكن أن يذهب بعيدا إن ضمنت له القوى الكبرى ذلك ، كما يمكن أن يكون تعامله مستقلا و محترفا أكثر من أي آلية تابعة للمينورسو . لكن تعدد المتدخلين عبر الأجهزة الأممية المختلفة قد يزيد من صعوبة إدارة الإقليم " على الطريقة الكلاسيكية " التي عمل عليها الحسن التاني في مقابل وعده باستفتاء الساكنة على تقرير مصيرها.
ثانيا ، روس يناقش الحكامة و حاجات السكان في مفاوضات المغرب و البوليساريو . و سيكون أي اتفاق بين الطرفين مدعاة لنقل جزء آخر من الإدارة المغربية إلى الإشراف الأممي قبل الاتفاق على الحل النهائي .
ثالثا ، أن تشرف الأمم المتحدة على " تأسيس مجلس انتقالي للصحراويين " ممن اعتبرهم التقرير " ممثلين محترمين للسكان في داخل المنطقة الصحراوية و خارجها في مناطق اللجوء ، و هذا الميكانيزم قد يزيد من سيطرة الأمم المتحدة على " ادارة السكان و حقوقهم في الاقليم " و من ثم التفكير في مستقبلهم .
 ما دعاه بان كي مون " تدهورا أمنيا في الصحراء " يستدعي آلية دائمة لمجلس حقوق الانسان على الأرض
لقد مهد الأمين العام للأمم المتحدة لعمل دائم لمجلس حقوق الانسان على أرض الصحراء " الغربية " لحديثه عن " تدهور الوضع الأمني لغياب اتفاق بين المغرب و جبهة البوليساريو ". مما يعني أن هذا التدهور غير ظرفي بل يرتبط بعدم توصل الطرفين إلى اتفاق سلام.
وضع يقرر من خلاله بان كي مون المبرر لضمان المغرب لحرية حركة ( دائمة ) لمجلس حقوق الانسان الأممي في الصحراء ، و كما يضمن عبر نفس المجلس مراقبة الأمم المتحدة لكل الاتفاقيات الجزئية الناتجة عن التفاوض.
من جهة يعتبر عمل المجلس تحريرا لحركة الصحراويين في إقليمهم ، مما يسمح لهم بإدارة مستقلة لشؤونهم ، و سيكون أي اتفاق بخصوص الحكامة وحاجات السكان إعمالا للحكم الذاتي دون ربطه بالوضع النهائي .
و من جهة أخرى يكون المجلس قادرا على حماية ما يسمى بانفصاليي الداخل في الحركة و المبادرة و المراقبة عبر جمعيات صحراوية مستقلة و مجتمع مدني نشيط.
 إن نقل المراقبة إلى الجمعيات تم بمجرد قبول المغرب لالتزامه ، فالمجلس يعمل بكل الآليات التي يمكن أن يكون فيها " العمل الميداني الصحراوي جزء ا هاما و قويا و ديناميا في توصل المجلس إلى قناعات عميقة و أكثر وضوحا على الأرض ".
 تدهور الواقع الأمني يبرر العمل الدائم لمجلس حقوق الانسان ، ومشاركته بكل آلياته يسمح بعمل صحراوي رقابي على صعيد الحقوق و ليس الانتهاكات فقط ، و بالتالي نرى وضع آلية لحقوق الانسان في الصحراء عبر المجلس شيئا محسوما لما اعتبره التقرير ( إجراء ا خاصا ) للمجلس فوق أرض الإقليم .
إن البحث عن توافق سياسي و بالأساس صحراوي - صحراوي من خلال البوابة الحقوقية  و تدويل المراقبة ، واليوم عبر أكبر جهاز أممي لحقوق الانسان هو نجاح لمقاربة البوليساريو المنطلقة من حل الاستفتاء كحق من حقوق الانسان الصحراوي.
ربط العمل الحقوقي بتدهور الأمن في الصحراء و اعتبار المقاربة الحقوقية أساسا لمقاربة الحل السياسي نجاح لجبهة محمد عبد العزيز.
 الدعم الفرنسي لروس " مهمة عظيمة " بعد قرار المغرب القبول الكامل لآليات مجلس حقوق الانسان الأممي 
ساركوزي عمل على إقناع الرباط بقرارها قبول " الحرية المطلقة " لمجلس حقوق الانسان في الصحراء " الغربية " . بل وتقرر عبر الفرنسيين إطلاق التامك بشكل متزامن مع مناقشة بان كي مون لتقريره المتضمن ليس لقبول المغرب فقط ، بل و التزامه بضمان الوصول دون عوائق لكل الاجراء ات الخاصة ، أي لكل ما يقرره المجلس بإتجاه الصحراء " الغربية ". 
إنه تطور صادم يتجاوز وضع آلية للمراقبة ، لأن الالتزام يتضمن ذلك حال ما يراه المجلس ( ضروريا ) على الأرض ، و هذا لا يعني في شئ : أن يتحرك مجلس حقوق الانسان الأممي عبر المجلس الوطني لحقوق الانسان ، لأن التزام الرباط كامل بضمان الاجراء ات الخاصة للمجلس الأممي . و هذا يتجاوز بموجبه و  بشكل كلي مجلس الصبار و اليزمي .
و يمكن أن يوظف كل ما يراه في المغرب إن قرر ذلك .
الواقع الجديد دقيق إلى حد بعيد ، حيث عملت باريس على الضغط على المملكة بشكل غير مسبوق من أجل تبني الرباط لمقترح آلية المراقبة إلى مجلس حقوق الانسان.
لقد اعتبر الأمريكيون ما قامت به باريس " دعما عظيما " لاستراتيجية روس التي تقضي بتعزيز تدريجي لتواجد الأمم المتحدة في الصحراء " الغربية " ، و من ثم يمكن العمل على " تمكين الصحراويين " لإيجاد أرضية مشتركة تجمعهم كوثيقة تؤهل للحصول على موافقة السكان بغرض الوصول إلى  اتفاق نهائي يتم التوصل إليه .
بان كي مون ربط بين تجديد ولاية المينورسو وعمل مجلس حقوق الانسان و الوضع الأمني في الصحراء ، إنه يواجه تحديا واضحا في هذا الإقليم اعتبره ( متدهورا ). و البحث عن اتفاق سلام تدريجي جزء من خطة روس التي تدعمها فرنسا، بسبب توافق بين أوباما و ساركوزي للعمل على حل نهائي غير محدد بسنة معينة في الاتفاق ، و أن يكون الاتفاق على أساسين : انهاء عمل المينورسو لن يكون دون التوصل إلى اتفاق سلام ، و استمرار حركة مجلس حقوق الانسان في الإقليم ليس محددا بالتوصل إلى اتفاق من عدمه ، إنه عمل متواصل في أي ظرف ، و تحت أي شكل يقود فيه الاقليم نفسه أو يقرر بموجبه مصيره.
قراء ة قانونية لقرار الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد على " استمرار هذه المراقبة الدولية تحت أي ظرف " . و بذلك يكون الغرب قد فرض الديمقراطية على الاقليم - أيا تكون حكومته - و هو الهدف المركزي لباريس وواشنطن في رسم مستقبل الصحراء " الغربية " .
                  
             
عبد الحميد العوني ماوراء الحدث عدد 26 ل 29 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق