عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

تفاعلات الإسلام السياسي والميديا هكذا أصبحت وسائل الإعلام الرقمية أداة هامة من أدوات الإسلام السياسي


حظيت الحركات الإسلامية بنصيب كبير من الدراسات على مستوى العالم، ركز غالبيتها على المذاهب الإسلامية، الأيدولوجيات المختلفة، المسارات السياسية التي سلكوها، علاقاتهم مع السلطة، مشاركتهم في المجتمع السياسي وانتشارهم العابر للحدود. ولكن لم تستطع كل هذه الدراسات الكشف عن العديد من أسرار هذه الظاهرة وذلك لأنها ظاهرة متطورة ومعقدة مثل العديد من الظواهر الإجتماعية الأخرى.
لذا فقد خصص المركز الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط أحدث إصداراته البحثية لتناول موضوع الإسلام السياسي والميديا، وهو من الموضوعات الهامة التي لم يتم تناولها إلا بشكل ضئيل، فمنذ أحداث 11 سبتمبر وانهيار النظام العراقي، أصبحت وسائل الإعلام الرقمية أداة هامة ميزت الإعلام العربي والعالمي وكانت في الوقت نفسه أداة من أدوات الإسلام السياسي وظفها من أجل نشر معتقداته وللتصدي للحروب العدائية التي تشن ضده. إضافة إلى أن المشهد الإعلامي العربي خضع منذ منتصف 1990  لتغييرات كبرى لابد أن نأخذها في الاعتبار.
قدم هذا الكتاب العديد من إسهامات الباحثين، والحاصلين على الدكتوراه والصحفيين، الذين اعتمدوا في تحليلاتهم على الدراسة الميدانية، والذين قدموا وجهات نظر جديدة من أجل الكشف عن كيفية استخدام الإسلاميين للإعلام ومعالجتهم للصراعات والنزاعات التي تكون الحركات الإسلامية طرفا فيها، كما يلقي الكتاب الضوء على حقيقة الإصدارات السنية والشيعية، واستخدامهم للمشاهد المرئية والسمعية من أجل تحقيق التعبئة وللتأثير على العالم الخارجي.
وتحاول مساهمات الباحثين أن تكشف عن وسائل الإعلام الغير مألوفة التي لجأ إليها العالم العربي من أجل التعبئة السياسة، فلم يقتصر الأمر على القنوات الفضائية أو مواقع الانترنت بل كذلك الأساليب المنهجية من أجل تحفيز الناس وذلك من خلال الفيديو كليب والإعلانات.
اتسع مجال الدراسات التي يحتويها الكتاب لكي تشمل الجهات الإسلامية المختلفة بالإضافة إلى توضيح الآراء المختلفة حولها سواء كانت سنية أو شيعية المنخرطة في الحياة السياسية سواء كانت داخلية أو عابرة الحدود، منظمات مسلحة، تيارات سياسية. كما تكشف هذه الدراسة المتنوعة (من حيث مناهج الدراسة أو الأساليب المستخدمة للتحليل هذا الموضوع) عن الأساليب الجديدة للمشاركة الإسلاميين وتثير التساؤلات حول كيفية تطور الإسلاميين والأزمات الإجتماعية من انشقاقات تسببها هذه الجماعات مع تقديم العديد من المنظورات التجريبية.
يضم الكتاب عددا من الأبحاث، اهتمت المجموعة الأولى بظاهرة الإسلام السني، خاصة في مصر التي تعد حقلا لظهور العديد من القنوات الدينية المختلفة، وتنقسم هذه المجموعة إلى ثلاثة مقالات مختلفة:
الدراسة الأولى لوائل لطفي (كاتب وصحفي) وتدور حول القنوات الفضائية التي تمثل الدعاة الجدد، حيث ربط الكاتب هذه الظاهرة بالسياق السياسي والاجتماعي في مصر في آخر 1990، في الوقت الذي كانت تبحث البرجوازية المصرية فيه عن مشروع سياسي واجتماعي وأيضا شكل جديد من التدين أكثر طمأنينه وكان النموذج المقدم هو عمرو خالد.
وجاءت الدراسة الثانية التي قدمها حسام تمام (باحث في الحركات الإسلامية وصحفى) حول الزحف السلفي في السنوات الأخيرة في العالم العربي. تناول الكاتب مسألة انتقال الوعظ من مؤسساته التقليدية أي المساجد إلى التلفزيون الذي يعد وسيلة حديثة تتمشى مع متطلبات العصر حيث تحكمها قانون السوق، وقد اتخذ قناة الناس نموذجا في تحليله.
في الدراسة الثالثة تناولت الباحثة في المركز الفرنسي للشرق الأوسط ألفا لملوم مجالا آخر من مجالات الدراسة وهو موقع إسلام أون لاين الذي يمثل الإسلام المعتدل قبل نقله مؤخرا من مركزه في القاهرة وتغيير سياسته، حيث كان يمثل نقطة توازن غير مستقرة بين عدة ديناميات مختلفة من الإسلاميين وغير الإسلاميين من جانب وكونه شكلا جديدا للالتزام الإسلامي.
ثم جاء بحث ميشيل ثابت (دكتوراه في علم الأنثروبولوجيا البصرية) مختلفا عن المجموعة الأولى السنية، آخذا حزب الله ممثلا للشيعة في لبنان حيث برز كعنصر فاعل لا يمكن تجنبه سواء على المستوى الديني وقدرته العابرة لحدود للوطن. وبتحليل الكاتب للفيديو (لن تمحو ذكرانا) الذي قدمه حزب الله توصل إلى أن الأساس الذي يقوم عليه هذا الحزب هو الصهر بين التعبئة الدينية خاصة الشيعية والتعبئة السياسية والعسكرية التي يدعو إليها حزب الله.
أما المجموعة الأخيرة فقد عكست التصوير المتضارب للصراعات وتقديمه بأشكال مختلفة وذلك من خلال الفيديو الكليب الذي قدم فيه كل من بودوان دوبريه (باحث بمركز الدراسات الاجتماعية لعلوم السياسة) وكلاوس إنريكي (الحاصل على دكتوراه) وصفا تحليليا مقارنا، فالفيديو كليب الأول أخرجه حزب الله تحت عنوان "لا للإرهاب" والثاني أخرجته قناة المنار تحت عنوان "نجسوا الأماكن المقدسة" والذين يمثلوا دعوة ضد الإرهاب.
جاءت المساهمة الأخيرة لفابريس ويسمان الذي تولى قضية الحروب في دارفور كما عكستها وسائل الإعلام فى فرنسا وذلك من خلال البحث وراء الأطر التفسيرية التي تم تناولها في تقديم هذه القضية عبر الإعلام.

ماوراء الحدث عدد 23

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق