عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الجمعة، 6 مايو 2011

كيف تنظر لوموند دبلوماتيك إلى الإخوان المسلمين ؟


في مقال للبرفسور (جيلبر أشقر) من جامعة لندن حول الإخوان المسلمين بجريدة لوموند دبلوماتيك نرى العنوان يوحي بأن هذه الجماعة تؤمن بالانتقال (أو التغيير) من داخل الاستمرارية خصوصا بعد أن تقرر إنشاء حزب العدالة والحرية الذراع السياسي للإخوان من أجل التأثير في مستقبل مصر. 
ثورة مصر التي شارك فيها وقادها تحالف قوى من الأحزاب والجمعيات والمواقع الاجتماعية للانترنت، كانت بهيمنة علمانية أو ديمقراطية. تنظيمات الحركة الإسلامية، أو أعضاءها شاركوا باسمهم الشخصي كأفراد في هذه الثورة. على قدم المساواة مع التكوينات الرئيسية للهامش. قبل بداية الانتفاضة، رأينا مجموعات قريبة من عالم الأوروبيين الشرقيين بعد 1989 وأحزاب جماهيرية، وفاعلين تقليديين من الثورات الاجتماعية، فبعد وفاة ناصر ورئاسة السادات عاد الإخوان إلى المشهد السياسي ليوازنوا ثقل اليسار (الناصري أو الجذري) فساهموا في سياسة الانفتاح الاقتصادي التي بنت نفسها على خطأ الناصرية، مما جعل الإخوان في موقع المؤثر في البورجوازية المصرية الجديدة.
الإخوان أنشأوا في حركتهم السياسية رجعية دينية، ترى مهمتها الوحيدة أسلمة المؤسسات السياسية والثقافية المصرية، وتقديم الشريعة مصدراً للتشريع. برنامج يمكن اختصاره في الشعار الشهير : الإسلام هو الحل.
من جانبه السادات لم يتوان في اللعب بالورقة الدينية من أجل الشرعنة الايديولوجية لسلطته لتغطية اتفاق سلام مع إسرائيل في مارس 1979 أي بعد ستة أسابيع من الثورة الإيرانية، حيث عَدَّلَ الدستور في السنة التي بعدها لتكون "الشريعة المصدر الرئيس للتشريع" في مقابل أقلية مسيحية قبطية.
هذا التنازل لم يدفع الإخوان إلى تأييد اتفاق كامپ ديفيد. وقرر بنفسه وقف تأثير تنظيم البنا. في 1981 بعد شهور اغتيل الرئيس من طرف جماعة إسلامية متطرفة عرفت حملة أمنية واسعة ضد أعضاءها.
بعد السادات جاء مبارك كرئيس معتدل، فسعى إلى تركيب بين وضعية الإخوان الشعبية ونظام الحرية المراقبة الذي قاده السادات، والهدف الحفاظ على التقدم الاقتصادي.
علاقات الإخوان والنظام تمتد إلى 1991 السنة التي شاركت مصر فيها إلى جانب الولايات المتحدة ضد عراق صدام حسين في حرب الخليج.
هذا الصراع عرف من جهة تحولا في موازين القوى لصالح واشنطن وحليفها السعودي، ومن جهة أخرى، تشكلت موجة إقليمية من الأصولية السنية (المعتدلة) دعمت الأحزاب ذات القاعدة الجماهيرية في الجزائر، مصر وتونس.
جزء من القيادة السعودية زرعت علاقات مع الإخوان لمعارضة الحرب، لأن الرياض سهلت إعمال الضغوط على التواجد الأمريكي في المنطقة.
في العشر سنوات الأخيرة عاش الإخوان النزعة المحافظة لبعض قادتهم المتقدمين في السن، والشباب وبعض الأطر النشطة طالبوا بالحريات السياسية. فهم لم يرغبوا في إقفال النافذة أو جر كل خيوط النظام بأيديهم، وهم يشاركون في مطالب الحركة الديمقراطية والوطنية. بعضهم شارك في حركة كفاية التي ولدت مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتطورت مع معارضتها لحرب 2003 ضد العراق قبل أن تتحول إلى قوة مناهضة للطابع الديكتاتوري للسلطة في معارضتها الشديدة للتوريث.
المناضلون الأكثر شجاعة مدعومون من طرف حزب العدالة والتنمية التركي (AKP) الذي اختار البرلمان في 2002 لتغيير النظام العلماني في أنقرة بعد القطيعة الدموية التي قام بها الجيش الجزائري ضد المسلسل الانتخابي في الجزائر وشهر يناير 1992 وبعد الإقالة تحت الإكراه – التي مارسها الجيش التركي ضد أربكان في 1997.
التجربة الجديدة في تركيا أشرت إلى تغيير في نظرة واشنطن والاتحاد الأوروبي، فبارك الطرفان "ما يجري في أنقرة". إذ بعد ذوبان الحجة الرسمية في اجتياح العراق تحت مسمى (أسلحة الدمار الشامل) قررت واشنطن عام 2004 دعم الديمقراطية كجزء من سياستها في الشرق الأوسط. وبتشجيع من التطور الآمن للتجربة التركية، تعالت أصوات من أجل حوار أمريكي مع إخوان مصر، وبضغط من أمريكا، أدخل مبارك المزيد من التعددية إلى انتخابات 2005 وسلم مقاعد إلى المعارضة التي احتل فيها الإخوان نصيب الأسد.
بعد أشهر فازت حماس في الأراضي المحتلة، فأوقفت دعم أمريكا للديمقراطية في المنطقة، وفي مصر تحديداً.
وفي خلافة أوباما لبوش، ظهر خطاب القاهرة في 4 يونيو 2009، والذي أيدت فيه أمريكا دمقرطة الشرق الأوسط.
وفي بعض ترددات مبارك نحو الديمقراطية دخل الإخوان في تحالف مع البرادعي في فبراير 2010.
بعد شهور من تجاهل أصوات المعارضة الليبرالية التي قاطعت الانتخابات البرلمانية شارك الإخوان في الدورة الأولى وقاطعوا الدورة الثانية.
44% من الشعب المصري يعيش بدولارين في اليوم إلى جانب بورجوازية تنافس إمارات الخليج التي جعلت من مصر (ملعباً) تحول إلى صندوق بارود انتظر إشعال فتيله غربا من تونس. الإخوان شاركوا في الاحتجاج وفي دعوة الجيش إلى التدخل لإزاحة مبارك بعد أن عين نائبا له (عمر سليمان)، وقد جالسته الجماعة قبل أن يعلن الشارع إسقاط النظام. إن الجماعة الإخوانية دعت بدورها إلى انتقال منظم للسلطة orderly transition قالت به واشنطن. عصام العريان في نيويورك تايمز قال في 9 فبراير الماضي (نحن لا نريد دوراً مهيمناً في الانتقال السياسي. ولن نرشح أحداً في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في شتنبر) الإخوان يرغبون في دولة ديمقراطية ومدنية وكان مقال what the muslim brothers want رسالة مكشوفة ضد الدولة الدينية ومع الدولة المدنية بمرجعية دينية وقد يكون لفظ (مرجعية) حاملا لمعنى ثيولوجي – ديني – وقانوني.
طارق البشري انتقل من الروح الناصرية إلى فكرة الهوية الإسلامية لمصر، والقرضاوي في ميدان التحرير دعا إلى وقف الإضرابات وإعطاء الجيش الفرصة للتغيير.
إنه (تغيير من داخل النظام) اجتمع عليه الإخوان، والجيش المصري وأمريكا.

ماوراء الحدث ص 4 عدد 23 ل 8 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق