عدد رقم 50 ل 18 - 11 - 2011

عدد رقم 50  ل 18 - 11 - 2011

الخميس، 5 مايو 2011

ثلاث وثائق خطيرة تكشف أزمة حوار الفاسي الفهري وكلينتون


في أجواء لقاء وزير الخارجية المغربي وكلينتون طرأت تطورات أثارت مخاوف الرباط، أولا، إن تسلم الحلف الأطلسي (الناتو) قيادة العمليات ضد ليبيا لتطبيق قرار من قرارات مجلس الأمن، سيؤدي مثل هذا الوضع إلى توسيع دوره في كل المنطقة المغاربية، بما يؤهله أن يعمل في الصحراء (الغربية)، والمملكة احتاجت إلى بعض التطمينات من الخارجية الأمريكية حتى تتجاوز مخاوفها. فمن جهة، واشنطن لا ترغب في دور قيادي لها في المغرب العربي، وتحافظ على مصالحها بما يكفل لها الوصول إلى أهدافها "كاملة".
ثانيا، فرنسا ترغب بوضع كل الصلاحيات تحت تصرف "مجموعة الاتصال"، وذلك لقطع الطريق على تسلم الحلف الأطلسي قيادة العملية العسكرية، ومن أجل الاحتفاظ بهامش واسع من المناورة وتحديد الأهداف السياسية (كما تقول إحدى وثائق الإليزيه) ومدى مطابقتها لما ورد في القرار الدولي. تراجع أوباما عن قيادة قواته للعمليات ضد القذافي، وتركها للحلف الأطلسي عارضها ساركوزي الذي يرغب في عدم قيادة أمريكا لهذه العمليات ونقلها لفرنسا وبريطانيا ؟!
إنه خلاف عميق وصل حد قلب الحقائق، ففيما قالت المصادر الأمريكية أن الاتفاق تم على أن يلعب الحلف الأطلسي (الناتو) دوراً محوريا، أذاع قصر الإليزيه بيانا مختلفاً جاء فيه أن الرئيسين الأمريكي والفرنسي اتفقا على أشكال تستخدمها القيادة التابعة للحلف الأطلسي في عملية دعم التحالف، وهذا بعيد كل البعد عن (الدور المحوري).
الخوف من دور متنامٍ للحلف الأطلسي في شمال أفريقيا يقرب الناتو من إدارة أي مرحلة انتقالية أو نهائية في (الصحراء الغربية)، هو ما يحرك المغرب، وساركوزي يدافع عن (خفض مهمات الحلف الحالية في ليبيا كي لا يكون له انعكاس على باقي القضايا في المنطقة) حسب الوثيقة.
ساركوزي لا يريد أن يفقد دوره أو أوراق ضغطه في الصحراء (الغربية)، وباقي الملفات العالقة في المغرب العربي. وتتحرك باريس لتأكيد أن ليبيا من عمق المغرب الكبير، ومن منطقتها الخاصة. حيث أعلن آلان جوبيه، وزير الدفاع أمام البرلمان أن وسائل الاستطلاع الفرنسي نشطت في السماء الليبية منذ الخامس من مارس أي قبل 15 يوماً من انطلاق العمليات العسكرية.
المغرب لا يريد أن يدفع ثمن الخلاف الأمريكي الفرنسي في ليبيا واستراتيجية كل منهما في المنطقة، ولذلك حاول فتح حواراً مع كلينتون، فقرر :
أن يكون إلى جانب فرنسا، وأن يكون في الموقف إلى جانب واشنطن التي لا تريد قيادة وهو لا يريد مشاركة عملياتية متقدمة.
لا يرغب في مشاركة عسكرية ضد القذافي خوفا من أي انتقام ضد جاليته في ليبيا، وفي نفس الوقت مع العمل الدولي لحماية المدنيين، وما دام الهدف هو حماية المدنيين فإن المشاركة الرسمية في العمليات قد تحرم المدنيين المغاربة في ليبيا من الحماية.
هذه الصورة تفهمها الأمريكيون قبل لقاء الفاسي الفهري لكلينتون، على الرغم من إدراك الجميع أن آلان جوبيه هو العقل السياسي للعملية الدولية ضد ليبيا، ويقطع مع أمور ثلاثة.
استخدام الجيوش لضرب المدنيين، ولن تسمح فرنسا بأي تغطية جديدة بعد أحداث العيون لاحتمال تورط الأجهزة المغربية في العنف ضد المدنيين. فساركوزي الذي ناور لعرقلة إرسال لجنة تحقيق دولية إلى العيون، قابله تصور آلان جوبيه الذي ساند استصدار قرار البرلمان الأوروبي لإرسال هذه اللجنة ؟! والطرفان اليوم يتحركان من ذات الحكومة.
رفض ضرب المتظاهرين من طرف الجيش النظامي في المملكة.
آلان جوبيه وساركوزي اتفقا على رفع أي استخدام مفرط للقوة يشتبه في ارتكابه لجرائم إلى مجلس الأمن، ويقصد بالحرف : المغرب والجزائر.
إنه تغير كبير في عقيدة الفرنسيين الذين عرضوا في وقت سابق على زين العابدين بن علي مساعدته لقمع التظاهرات والانتفاضات التي عرفتها تونس.
هذا التحول يخيف الرباط والجزائر العاصمة، وقد يؤدي في حال تعمق الخلاف بين باريس وواشنطن إلى (تشدد الموقف الأمريكي) ضد تصرفات نظامي محمد السادس وبوتفليقة، ولذلك طار كل منهما إلى إدارة أوباما لاستجلاء الأمر وتوضيح نظرتهما للتطورات وأخذ التطمينات لأن وثيقة سرية للبنتاغون كشفت عن تحولات ثلاثة.
أن فرنسا تختار ليبيا لتكون مركزها في إقليم المغرب الكبير في مقابل اختيار أمريكا للجزائر، لما تعرفه العلاقات الأمريكية – الفرنسية من تطور، من غير استحضار لظلال التاريخ الاستعماري الذي يمنع من تقدم علاقات باريس والجزائر العاصمة، ويمنع إيطاليا من أي دور في الموضوع الليبي كما نبه إلى ذلك أوباما في حواره مع ساركوزي قائلاً : لا نريد أن يكون ما مضى (بين طرابلس وروما)  معرقلاً لتحول عميق يطمح إليه شعب ليبيا.
أن فرنسا تسمح لتقدم أمريكي انطلاقا من الجزائر اتجاه الصحراء (الغربية) والغرب المغاربي في مقابل تقدم فرنسي اتجاه ليبيا. هذا التحول قد يؤثر جذريا على صورة الحل في الصحراء (الغربية) ومستقبل نظام المملكة عموما، وأمريكا عراب عدم تحرك إيطاليا في مقابل ضمان كل مصالحها في ليبيا الجديدة، ومع تحول يقوده النظامان في الجزائر والمغرب لإنجاح التحول، وحوار الفاسي الفهري مع كلينتون وإن لم ينفذ إلى البحث عن تسوية إقليمية شاملة، فإنه حمل تطمينات لجعل التحول في صالح الديمقراطية، وبالتالي حل ديمقراطي في الصحراء (الغربية).
هذا التقدير يعمل عليه المغاربة. إنهم يريدون ثمناً إقليميا لتحول نظامهم إلى الديمقراطية. فالنظام يتصرف على أن الديمقراطية حاجة إقليمية، وليست حاجة داخلية. وهذا الأمر مرفوض.
تقول الوثيقة (لا ثمن إقليمي يمكن أن يدفعه الأمريكيون أو الفرنسيون) هل وصلت رسالة المغرب بشكل خاطئ.
أن أوباما يقرر سياسة الصمت اتجاه المغرب والجزائر، ويترك لمجلس الأمن، البنتاغون والناتو تقرير العمليات وحدودها. الواشنطن بوست طلبت من الرئيس الأمريكي الصمت بشأن ليبيا نفسها (مقال آن أبلباوم) وهي خلاصة الكونغرس قبلها، والسيدة كلينتون كررت المقدمات والمواقف التي يعرفها الجميع في لقائها مع وزير الخارجية المغربي.
إنها سياسة الصمت التي يبدع في تحريكها أوباما في المغرب العربي.

+++ أمريكا تعمل طائراتها لأول مرة من المغرب إلى ليبيا مرة واحدة دون توقف – حسب البنتاغون –
والصمت سياسة ضرورية في الصحراء (الغربية) بمصطلح أوباما
لم تكرر كلينتون سوى مواقف سابقة لبلدها في (الصحراء الغربية) بمقررات مجلس الأمن، ولا ربط بين الحكم الذاتي وإصلاح الدستور في المملكة. لأن الصحراويين لم يطالبوا بدسترة الحكم الذاتي، والمراقبون ينتظرون. أوباما إلى جانب الدعم المطلق لكريستوفر روس، فجولة مالطا لم تكن أكثر من عزل قضية الصحراء (الغربية) عن سياسات الدول باتجاه تعميق دور الأمم المتحدة، وتفعيل كل الاتفاقيات التي وقعت لحرية جولان الطائرات في الجزائر والمغرب، والموقعة في سياق الحرب على الإرهاب لتكون مفتوحة ضد النظام الليبي، ولأول مرة يحدث أن الطائرات الأمريكية تعمل دون توقف أو حدود مرة واحدة من المغرب إلى ليبيا.
إنها سياسة لا ترغب :
في ربط الحكم الذاتي في المملكة بالإصلاحات التي أعلنها الملك محمد السادس.
أن المبادرة التي أعلنتها الرباط في البداية مبادرة مغربية، ثم مبادرة أممية تعتبر جوهرية وليست نهائية.
أن الحل لن يكون خارج الأمم المتحدة.
استعجال الثمن الإقليمي لإصلاحات داخلية من أجل المزيد من تجذيرها فصل الموقف الأمريكي إلى أمرين : الدعم المطلق لهذه الإصلاحات التي تراها الرباط من اختيار النظام أكثر منها من ضغوط الشارع. والدعم المطلق لجهود كريستوفر روس لحل قضية الصحراء (الغربية). تقول وثيقة ثالثة : إن أول تفجر للوضع كان في مدينة العيون قبل تحرك تونس ؛ ونذكر جميعاً روس عندما قال في الجزائر : إن الوضع لا يطاق، وكان يقصد وضعاً إقليميا غير بشكل مفاجئ نظام تونس خارج أي تسوية، وخطورة ما حدث : أن ما يجري في الرباط والبيضاء لا يعني كثيراً أهل العيون، لأن ما جرى في العيون لم يعنِ باقي المدن في حينه.

+++ كلينتون في حوارها مع الفاسي الفهري لم تدعم دسترة الحكم الذاتي الموسع (في الدستور الجديد) لحل مشكل الصحراء (الغربية)
الدعم الأمريكي لم يكن اتجاه الدسترة من عدمها، بل اختارت كلينتون تكرار ما ورد عن مجلس الأمن في وصف المبادرة بالحرف، دون أن يتمكن الفاسي الفهري من انتزاع أي دعم أمريكي لهذه الدسترة.
كلينتون قالت ما قاله مجلس الأمن وأعلنت دعمها لمجهود كريستوفر روس.
الخطر أن يكون الرد المغربي سلبيا، وضد تجذير إصلاحاته ليعلن الدستور الجديد دستوراً (محافظاً).
المغرب اختار أن يطلب التمويل من فرنسا من أجل تفعيل هذه الإصلاحات، ويطلب الدعم السياسي لخطواته الإصلاحية من أمريكا، فيما يتعلق تحديداً بدسترة الحكم الذاتي في مقابل دعم المبادرة حلا لقضية الصحراء (الغربية).
هذه المشاورات تؤكد على أن إصلاحات المملكة نتيجة قرار سياسي لنظام حاكم يحاول أن لا يفقد المبادرة وأن يحول المبادرة في أي لحظة إلى مناورة حسب الحسابات.
كلينتون تدرك جيداً كيف تدير الأهداف المركبة من خلال تصريحات متوازنة اعتبرت متناقضة في أمر البحرين، بعد أن تحولت مطالب الإصلاح الداخلي في هذه المملكة إلى ورقة إقليمية ضد إيران، وفي عمق الأمن القومي السعودي، وهو نفس ما عمل عليه المغرب عندما قرر تحويل إصلاحاته إلى ورقة إقليمية لربح قضية الصحراء (الغربية) وفي عمق الأمن القومي المغربي.
هذه الصورة لم تبهج الأمريكيين، وتعاملوا مع الوضع على أساس المناورة، وهو ما يريده المغاربة تماماً.
الجزائريون اعتبروا أن قضية الإصلاحات ورفع الطوارئ قضية داخلية، وليس لها أي بعد أو حساب إقليمي، وهذا يشجع التقارب الأمريكي الجزائري إلى حد بعيد. فالحساسية الفرنسية اتجاه الجزائر انتهت لتتسلم باريس دوراً آخر في ليبيا، وتترك الجزائر لأمريكا. بوتفليقة الذي أغلق مجاله الجوي أمام الطائرات الفرنسية، لما يذكره من ماضٍ استعماري لهذا البلد، يفتح الأجواء أمام طائرات أمريكا ؟!
التذبذب الأمريكي مقصود لدفع المغاربة إلى دستور جديد جذري وقوي إن حمل دسترة الحكم الذاتي دون أن يؤثر ذلك على مسار المفاوضات ومن غير اعتماد هذه المبادرة "حلا نهائياً" لقضية الصحراء (الغربية).

+ بوتفليقة لم يتراجع عن عزل إصلاحات المملكة ...
كان بوتفليقة واضحاً في عزل إصلاحاته عن الموجة الإقليمية، واعتبر المغرب نفسه استثناءً، رغم أنه ربط بعض إصلاحاته بهذه الموجة. وهذه الصورة تخطط إلى مزيد من "تدويل" إصلاحاته، لأن مجرد ربطها بثمن ما يعني تدويلها بشكل أكبر، فهل الأمر لا يتعدى أن يكون جسّاً للنبض بعد أن تحرك المغاربة لتجاوز ما ظهر من خلاف بين واشنطن وباريس لأنهم، ببساطة، لا يريدون دفع ثمن عدم الاتفاق الأمريكي الفرنسي، في وقت تتجه فيه الحسابات لتكريس خطاطات أخرى تفكر في قلب باقي الأنظمة، فالجيش في الجزائر يمكن أن يغير بوتفليقة، وأمريكا لا ترغب في هذا السيناريو، كما أن العسكر يخاف من تجدد عدم الثقة العميقة بين الجيش والشعب الجزائري، لأن جيشي مصر وتونس حميا الديمقراطية الناشئة، على أن الجيش الجزائري وأد ديمقراطية الصناديق في 1992.
الجيش الجزائري غير مؤهل لإدارة الانتقال الديمقراطي في الجزائر، ويربح بوتفليقة هذا الرهان، ليكون تغييره فقط من الشارع، بانتخابات رئاسية مبكرة. لكن شروط نزاهتها تصعب في كل الظروف.
الجيش المغربي يدافع عن الديمقراطية والمدنيين في ليبيا، وقد تكون هذه القفزة في خدمة تطور شبكة أمان لإصلاحات الملك التي يدعمها الجيش، من مبادرة الحكم الذاتي وإلى تغيير الدستور.
الموقع الاستراتيجي، لأنظمة ديمقراطية مغاربية تخدم خيارات وحدة السوق ووحدة الرؤية لحل كل المشاكل العالقة، يسير باتجاه :
البحث عن دعم جامعة الدول العربية، فوزير الخارجية المغربي لا ينظر شرقاً، لكنه مضطر لذلك، وأوباما يحرص بعد أزمة ليبيا على إشراك جامعة الدول العربية.
البحث عن معادلة إقليمية جديدة تخدم الحل المغربي في الصحراء (الغربية)، والخوف كبير من بناء هذه المعادلة على معارضة مصالح الرباط. فالحل في تجذير الديمقراطية ما دامت حلاً داخليا وإقليميا وجهويا وعربيا وأمريكيا في هذه اللحظة.
انهيار الدولة البوليسية للقذافي (بتعبير ماكس بوت في نيويورك تايمز) يعني نشاطاً مفتوحاً لجهاديين محتملين، لكن هذا التخوف لا يأخذ به أوباما لأنه يعتقد بأن الديمقراطية الجذرية ستستوعب الجميع، خصوصاً بعد أن تأكد أن التهديد بالقاعدة – كما قام به القذافي – يكون مثل قتل النظام البوليسي تماماً.
تغير الشمال الأفريقي يحمل مخاطر أقل من العراق أو أفغانستان، والديمقراطية ستستقر قريباً في هذه الجهة من أفريقيا التي تحتضن جذور أوباما، وخطاب القاهرة وأفق حرب الأفكار على تنظيم القاعدة. حرب المغرب على القاعدة لم تعد قناعة استراتيجية، حيث أصبحت إصلاحات المملكة "في مثل هذا المكان" (بتعبير الوثيقة).
الأجواء الديمقراطية تبعد البوليساريو عن التحالف مع القاعدة، وتنقل الحل إلى سكان الإقليم، وليس لجبهة أو قيادة. وهذا البعد دقيق في استراتيجية كلينتون وأوباما.
نقل إدارة إقليم إلى الثوار كما يحدث في ليبيا، سيناريو يمكن أن يقرره الغرب بالنسبة للبوليساريو أو معارضيها. إذن تمكن الثوار من الحفاظ على القانون والنظام جزء من تمرين قد يتوسع إقليميا إلى الصحراء (الغربية)، وعلى المغرب أن يدفع بإصلاحات كبرى وجذرية لاستيعاب هذه التحولات.
ومثلما هو الحال مع دول أخرى بفترات ما بعد الصراعات مثل كوسوفا وتيمور الشرقية الاحتمال الأكبر لليبيا ما بعد القذافي. أن تحتاج طرابلس لقوة حفظ سلام دولية، نفس الاقتراح في منطقة أخرى قبلية في الصحراء (الغربية). هذا التقييم الصعب لمجلس العلاقات الأجنبية بالولايات المتحدة يقرر سيناريو الحلول التي قد يستبقها المغرب بإصلاحات جذرية تعطي هوية وكيانا للصحراء (الغربية) لتحديد مصير ساكنتها في إدارة ذاتية واسعة الاختصاصات.
الرهان على تعديل الدستور قد يشجع الحل لتجميد الصراع، كما قد يحمد الحل لتوليد مرحلة أخرى من الصراع.

+++ معادلة العمل الإقليمي الجديدة : توافق مجلس الأمن، الناتو، جامعة الدول العربية
هل يمكن أن نقرأ هذا التحول ؟ في نظر عمرو موسى هناك : قفزة في الوعي ورؤية جديدة لأوضاع الإنسان العربي بعد الثورة في مصر الحاضنة لجامعة الدول العربية.
أوباما يدرك الحساسية العربية المفرطة للتدخل الخارجي بعد درس العراق، ويعرف "الناتو" الذي يجمع مصالح كل المتدخلين الغربيين، وهناك جامعة الدول العربية. وتحالف مجلس الأمن والجامعة والناتو يؤكد على ثالوث عمل آخر، قد يقلب كل المعادلة، ويوصلها إلى تحديد أساليب التدخل والتفاوض وصناعة الحلول للأسباب الاستراتيجية والإنسانية (بتعبير ماكس بوت في نيويورك تايمز) والحل في الصحراء (الغربية) لن يكون دون هذه الأسباب.

+++ يجب أن يكون تعديل الدستور المغربي لأسباب استراتيجية ....
العامل الاستراتيجي لا يعني الإقليم بقدر ما يعني الوطن، والتخطيط لبوليساريو ما بعد عبد العزيز شيء محتمل، وغير استراتيجي في نفس الوقت، فالتحول إلى ديمقراطية وأحزاب في المخيمات والشتات بداية لإدارة ذاتية قد تقبل حكماً ذاتياً في صفقة المهد (أي في البداية)، وقد تكرس نقل الدولة من المنفى إلى الإقليم.
قراءة تحول البوليساريو إلى ديمقراطية كاملة إحراج للمملكة التي تعد بدستور متقدم، وهذه الورقة تديرها البوليساريو في أوروبا كإحدى خياراتها لمرحلة الديمقراطية العربية.
تعديل الدستور في المغرب قد يبلغ نفس الأهداف، فوزير الخارجية المغربي جعل تعميق إصلاحاته بثمن إقليمي، ودعم واشنطن مطلوب لمزيد من تقدم الديمقراطية. على أن أوباما يرى أن "البعد الداخلي لهذا التقدم هو الذي يجب أن يفهمه الجميع" أي الشعب والقيادة في بلد مثل المغرب.
أمريكا تدعم استعداد الشعب لخيار التغيير، فهي تدعم تحرك الشعب وليس تحرك الحكومات لإعلان إصلاحات مقبولة وإيجابية وجوهرية في تقييم برنز، لكنها لم تمس في مصر العلاقات مع إسرائيل، ولا في تونس العلاقات مع فرنسا.
التحول الديمقراطي من دون أبعاد إقليمية مباشرة، وواشنطن تعي ذلك جيداً. فحركة 20 فبراير المغربية :
لم تدع إلى دسترة الحكم الذاتي
لم تقترح حلا في قضية الصحراء
لم تدع إلى فتح الحدود مع الجزائر أو غيرها من المطالب أو تطلب علاقات مع دولة أو قطعها مع أخرى. إنها مطالب شعبية لتعميق الديمقراطية وأسلوب الحكم وتداول السلطة، وتعديل الدستور بما يفيد فصل السلطات وتوازنها.
وسعي وزير الخارجية المغربية لإيحاء حكومته بأي ربط بين الإصلاحات وبين التحولات الإقليمية لا يسير بالاتجاه الصحيح.
أما بخصوص عمل الناتو في شمال أفريقيا بعد دوره في ليبيا، فأمريكا تعتقد أن التطورات تدفع إلى مثل هذا الخيار، إذ يبقى مفتوحا لحماية الشعوب في هذه المنطقة، كما وقع تماماً ضد القذافي، فبعد التأكد من عدم الفعل من جانب تنظيم القاعدة ضد قصف ليبيا، في أفغانستان أو المغرب الإسلامي أصبح ممكناً أن يقود الناتو عمليات مباشرة فوق سماء ليبيا ضد كتائب القذافي، ونفس القرار سيكون من طرف رجال بن لادن إن قررت أمريكا محاربة نظام آخر في شمال أفريقيا.
عندما تسقط الديكتاتوريات لصالح الشعوب ليس مثل أن تسقط الشعوب طواغيتها، وبمساعدة ما من الخارج. التحول كبير بين 2003 و2011 ويمكن الوصول إلى نقط :
تغيير قيادة محمد عبد العزيز في البوليساريو سيكون "مسكوتاً عليه" من طرف تنظيم القاعدة.
أن تغيير بوتفليقة أو ما يحدث في المغرب سيكون ضمن نفس المسكوت عنه، لاستمرار النظامين في اعتقال المنتسبين للتيار السلفي. وحرية عمل السلفيين جزء من اللعبة المخيفة في مصر، والتي يمكن في نظر CIA احتواءها، كما يمكن احتواء إطلاق سلفيين في المغرب. وتأسيس حزب لهم في الجزائر ؟!
إن حوار كلينتون والفاسي الفهري لم يكن له ملامح استراتيجية هذا يعني صعوبة في علاقات أمريكا والمغرب التي ترغب واشنطن أن تكون (جوهرية) قبل أن تكون (استراتيجية) ولن تكون كذلك دون ديمقراطية بإصلاحات جوهرية في المملكة تمكن الرباط من انسجام إقليمي يهيئها لحل معضلاتها المعروفة ؟!


عبد الحميد العوني عدد 22 ل 4 ابريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق